مدار: 06 أغسطس/ غشت 2021
كاترين ضاهر
قال اللبنانيون كلمتهم في الذكرى السنوية الأولى على جريمة انفجار مرفأ بيروت، ونزلوا بالآلاف إلى العاصمة بيروت، ليؤكدوا لهذه المنظومة الحاكمة أن المواجهة مستمرة..، وعلى الرغم من سياسات الترهيب والاعتداءات والقمع…، نزلوا ليعيدوا إلى ساحات انتفاضة 17 أكتوبر وهجها… وليأخذوا الثأر لبيروت والضحايا والشهداء والشعب…
لم يتركوا أهالي شهداء التفجير والضحايا وحدهم، كما فعل أصحاب القرار في “اللا دولة” تسمى لبنان…
المجزرة طالت الجميع وليس فقط العاصمة اللبنانية بيروت وسكانها. وهبّ اللبنانيون من مختلف المناطق والانتماءات مشددين على مطالبهم “من أجل المحاسبة ورفع الحصانات ورحيل المنظومة الحاكمة”.
احتجاجات شعبية…
عشية الرابع من آب/ غشت نفذت سلسلة اعتصامات ومسيرات شعبية أمام قصور العدل والسرايات الحكومية، ويوم الثلاثاء الثالث من آب/ غشت الجاري، في عشرات المناطق اللبنانية، تحت شعار “من أجل العدالة ورفع الحصانات”، من بيروت وطرابلس وصيدا وصور والنبطية وحمانا وبعقلين والبترون وجونيه وبشري وبعلبك وحاصبيا وزحلة وحلبا والهرمل وعدلون…
وحمل المتظاهرون لافتات ورددوا شعارات مطالبة برفع الحصانات ومحاكمة المتورطين بتفجير المرفأ في 4 آب / أغسطس 2021 ورحيل المنظومة الحاكمة، ومنها: “نواجه المنظومة اليوم، لنغير النظام غداً… المحاسبة حق وواجب للجميع”، “أعلى ما بحصاناتكم… اركبوا… سنسقطكم وسنبني الدولة”، “لن تلتئم جراح الوطن من جريمة 4 آب، إلّا بمحاكمة كل متورط متآمر مخطط ومنفذ من منظومة الفساد”…
“لرفع الحصانات والمحاسبة ورحيل المنظومة الحاكمة”
مضى عام على انفجار المرفأ وما زال أهالي الضحايا واللبنانيون ينتظرون حقيقة لغز باخرة النيترات ويطالبون بالعدالة والمحاسبة. وفي الذكرى السنوية الأولى للنكبة امتلأت شوارع بيروت بتظاهرات غاضبة احتجاجاً على تباطؤ التحقيقات والتمترس بحصانات واجتهادات عريضة وقعها مجموعة من نواب الأمة ويطلق عليهم الثوار وصف “نواب العار” ويرون أنها عريضة تهدف إلى وأد التحقيق في القضية والهروب من تطبيق العدالة، كما تدينهم بارتكاب الجريمة مباشرة أو بتواطؤهم بالتستر على المجرم الحقيقي “لغاية في نفس يعقوب” خلفها تسوية لمحاصصة جديدة.
مضى عام على “الجريمة”، وبعض أحزاب السلطة يستغل أوجاع الناس وحرقة أهالي الضحايا والدماء، بالشعارات السياسية والانتخابية، وأيضاً بالاعتداء الميليشاوية والترهيب والاستفزاز والضرب حتى لأهالي الشهداء.
غضب الشارع، وصرخات اللبنانيين في تظاهرات بيروت كان وقعها كدوي الصاعقة على السلطة التي خالت أنها ستفلت من العقاب وتطمس هذه القضية كغيرها… هي صرخة غاضبة واحدة: ارفعوا الحصانات ومزقوا العرائض، وليحاسب المجرم، وترحل المنظومة الحاكمة… صرخة تجتزأ بـ “العدالة للجميع”.
ميليشيا “القوات” تعتدي على التظاهرة الشعبية…
“الشارع” منذ انتفاضة أكتوبر بات يرهب السلطة وأحزابها… ويفشل سيناريوهاتها بالفتنة سواء عبر اعتداءات مناصريها من جهة، أو عبر استغلالها لأجهزة الدولة الأمنية وفرض القمع والسياسات البوليسية على الناشطين من جهة أخرى. ولم تسلم حتى تظاهرات الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت والوقفات التضامنية، من “التشبيح” الممنهج.
وأعاد مشهد اعتداء حزب “القوات اللبنانية” واستغلاله للذكرى السنوية الأولى لتفجير مرفأ بيروت سياسياً لاستثمار دماء ووجع الشعب في صناديق الاقتراع، إلى أذهان اللبنانيين صورة الحرب الأهلية ولاسيما حاجز “البربارة” والاختطاف والقتل على الهوية، والآن انتقل على لباس “الكوفية”. أما الجيل الشبابي فقد استحضر قمع أنصار الثنائي الشيعي “حزب الله” و”حركة أمل” والاعتداء والتهجم على الناشطين في ساحات بيروت والجنوب خلال احتجاجات انتفاضة 17 أكتوبر 2019.
ولم يقتصر “التشبيح القواتي” على مشهد الاعتداء على المشاركين في ذكرى الانفجار، بالقرب من تمثال المغترب على المرفأ، وعدم احترامهم للذكرى وطلب عدد من أهالي الضحايا رفع العلم اللبناني فقط. بل افتعلَوا إشكالاً في شارع الجميزة، ونصبوا كميناً واعترضوا تظاهرة شارك بها أنصار الحزب الشيوعي والتحالف الاجتماعي، واتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني وهيئات نقابية ونسائية وطلابية…التي انطلقت من أمام خليج السان جورج وصولاً إلى المرفأ مروراً بساحة الشهداء وشارع الجميزة، ومن ثم الانطلاق نحو مجلس النواب.
وحاول “القواتيون” قطع الطريق على المتظاهرين، ووقع اشتباك بينهم وبينَ أنصار الشيوعي بالقرب من مخفر الجميزة، واستفزهم هتاف “كلن يعني كلن”، ونعت رئيس حزبهم “سمير جعجع بالصهيوني”.
الاعتداء على التظاهرة وقع أمام أعين القوى الأمنية التي لم تحرك ساكناً، إلّا بعد تطوره ووقوع عدد من الإصابات وأطلقت النار في الهواء، وقد نجم عنه ما يزيد على عشرة جرحى.
“القوات” طبقوا المثل اللبناني “ضربني وبكى، وسبقني واشتكى” وزعموا أن أنصار الشيوعي اعتدوا على مكتبهم، بالرغم من تداول فيديوهات تظهر الاعتداء على بعض المتظاهرين بنية القتل المتعمد بالعصي والسكاكين، ولاسيما على مازن أبو زيد والذي دخل إلى المستشفى بحالة حرجة، بعدما حاول إغاثة أحد المصابين ونقله إلى أحد المفارق، تعرّض بدوره للهجوم وضرب بالسكين في الرئة والكلية وقطع أحد شرايينه، بالإضافة إلى نزف داخلي وكسور في الوجه، مما استدعى إجراء عملية له وما زال في العناية الفائقة.
وفي سياق متصل، افتعل حزب الكتائب هو الآخر إشكالات مع بعض المتظاهرين، وقام بعض الكتائبيين بدفع متظاهرين بسبب إطلاقهم شعارات انتقدوا فيها “الكتائب”، مشدّدين على أنه من “أحزاب السلطة”.
“الشيوعي” شجب اعتداء “القوات” على المتظاهرين…
صدر عن المكتب الإعلامي للحزب الشيوعي اللبناني في الرابع من آب/ غشت بياناً أعلن فيه إدانته “للكمين المدبر والاعتداء الذي نفذته ميليشيات القوات اللبنانية ضد التظاهرة الشعبية التي دعت إليها لجنة أهالي ضحايا مرفأ بيروت في مناسبة 4 آب، والتي انطلقت من خليج السان جورج باتجاه المرفأ، بحجة مرورها في “منطقتهم” – شارع الجميزة – والذي ترافق أيضاً مع اعتداء آخر نفذته أيضاً هذه العصابة ضد أحد أهالي ضحايا المرفأ لرفضه رفع علم القوات في احتفال المرفأ.
وأضاف البيان “لقد سقط بنتيجة هذا الاعتداء عدد من الجرحى المتظاهرين بينهم رفاق لنا، وبعضهم في حالة الخطر، ونحن نتمنى الشفاء العاجل للجميع”.
وختم “إنّ الحزب الشيوعي اللبناني الذي شارك في هذه التظاهرة مع قوى وشخصيات سياسية وطنية وديمقراطية ومجموعات شبابية وطلابية يسارية ومستقلة من انتفاضة 17 تشرين إضافة إلى التحالف الاجتماعي واتحادات وهيئات نقابية ونسائية، يحمّل القوات اللبنانية المسؤولية الكاملة عن هذا الاعتداء الهمجي وما قد يترتب عليه من نتائج، كما يحمّل القوى الأمنية المسؤولية أيضاً، لجهة عدم تأمين الحماية للمتظاهرين، في الوقت الذي تقوم بحماية المنظومة السياسية الفاسدة المسؤولة عن جريمة انفجار المرفأ، ونهب المال العام، وتستخدم كل وسائل القمع المفرط ضد المنتفضين كما فعلت اليوم كعادتها”، مشدّداً على أن”هذا ليس الاعتداء الأول من قبل قوى السلطة في مختلف المناطق والساحات ولن يكون الأخير إلا أنه لن يثنينا ويثني المواطنين عن متابعة مواجهتهم مع قوى المنظومة الحاكمة ونضالهم لتغيير النظام ومنظومته”.
“الشباب الديمقراطي” يدين الاعتداء على رفيقين…
من جانبه، دان اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني اعتداء “القوات” على اتحاديين واختطافهما وترهيبهما لإجبارهما على تصوير فيديوهات… وقال “ميليشيا القوات اللبنانية تعتدي على الرفيقين جاك وجوني بركات خلال المسيرة الشعبيّة التي دعا لها اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني بذكرى مرور سنة على جريمة تفجير المرفأ.
الرفيقين جوني وجاك تعرضا للاعتداء والضرب الهمجي من قبل شبّيحة القوّات اللبنانيّة التي هي جزء لا يتجزأ من النظام الطائفي ومن السلطة والفساد السياسي، وذلك بعد شعارات هتفها المتظاهرون ضدّ المنظومة جمعاء ومنها “كلن يعني كلن وجعجع واحد منن”. إلّا أنّ هذا الشعار كان “المسّلة” تحت إبط مناصري القوات اللبنانية، التي تحاول منذ بداية تحركات 17 تشرين بجميع أركانها نوّاباً كانوا أو وزراء سابقين بستلّق أمواج الانتفاضة وحرفها عن مسارها وضمن أجندتها.
وبمشهد يعيد للأذهان ممارسات هذه الميليشيا إبان الحرب الأهلية، وأثناء عودة جوني وجاك بركات من التظاهرة الشعبية التي شهدت كمين منظم نفذته عناصر من ميليشيا القوات اللبنانية بحجة مرور التظاهرة في “منطقتهم” وبعد تمكن الرفاق من صد هذا الكمين انتشرت عناصر من القوات اللبنانية في زواريب الجميزة وقامت باختطاف الشابين القاصرين جوني بركات (16 عاماً) وجاك بركات (17 عاماً). حيث نكلت بجاك وتم ضربه بالعصي والسكاكين أمام أخاه مما استدعى نقله إلى المستشفى. ومن ثم قام عناصر هذه الميليشيا وعلى طريقة أسوء الميليشيات الفاشية وأسوء الأنظمة القمعية بتصوير الطفل فيديو وهو يُضرب بطريقة وصفت بالـ”بشعة جداً” كي يمجد بسمير جعجع قائد عصابات القوات اللبنانية”.
وأضاف البيان “لهؤلاء العملاء الصهاينة، المتخاذلين، أشباه الرجال الذين يعتدون على القاصرين والنساء والعجزة، ويدّعون الوطنية والذين تستفزهم عبارة “جعجع صهيوني عميل” نعدهم بأنّنا سنظل نرددها في وجههم وسنرد الصاع صاعين”.
وزاد: “نحن لكم بالمرصاد، كما اعتدنا دائماً أن نكون، وكما اخترنا مواجها نظامكم وحقدكم الطائفي والمناطقي. لكم تاريخكم الحافل بالقتل على الهويّة وماضيكم الأسود الملطخ بدماء الأبرياء ولنا النضال والمواجهة الدائمة”.
وختم “اعتداء أزلام السلطة على الرفيقين القاصرين لن يمر مرور الكرام سنستردّ حق رفاقنا وسنزداد إصراراً لمواجهة اليمين المتطرف بكل أذرعته”.
“الشيوعي” يرد على افتراءات واعتداءات مليشيات “القوات”
رداً على افتراءات واعتداءات فاشيي القوات اللبنانية والتصريحات الكاذبة لقائدها سمير جعجع، أصدر المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني بياناً اليوم الجمعة، وقال: “في كمين محكم ومخطط له مسبقاً، انقضّت مليشيات القوات اللبنانية على التظاهرة الشعبية التي دعت إليها لجنة أهالي ضحايا المرفأ، والتي شاركت فيها قوى ومجموعات سياسية ونقابية وطنية وديمقراطية ومدنية من مكونات انتفاضة 17 تشرين، ومن بينها الحزب الشيوعي اللبناني، وكان مسار التظاهرة مقرراً ومعلناً عنه قبل أسبوع كامل، على أن تمر التظاهرة في الشارع الرئيسي من منطقة الجميزة، الذي لا وجود فيه لمركز للقوات اللبنانية، بعكس ما ادّعى سمير جعجع، وكانت هذه التظاهرة واحدة من بين تظاهرات عدة متزامنة تلتقي جميعها أمام مدخل المرفأ .
فما الذي حصل؟
لقد كانت ميليشيات جعجع متأهبّة ومجهزّة بكامل عتادها الظاهر من عصي ومفرقعات وسكاكين ومسدسات وحجارة للاعتداء على التظاهرة لدى وصولها إلى الكمين، فافتعلت استفزازا تطوّر إلى اعتداءات، دافع خلالها المتظاهرون عن أنفسهم، بكل شجاعة وقوة بالرغم من تدفق مجموعات قواتية مليشياوية ذات هرمية عسكرية منظمة ومنتشرة خلف وحَول وأمام التظاهرة، وهذا الطوق العسكري، موثق بالفيديو الذي يظهر ميليشيا القوات على آليات كبيرة بلباس عسكري ينتظرون وصول التظاهرة وبعضهم منتشر على أسطح الأبنية.
كل ذلك يفضح أكاذيب جعجع وافتراءاته بالصوت والصورة وبالوقائع التي لم تعد تنطلي على أحد، فالقرار السياسي والعسكري بالاعتداء على التظاهرة هو قرار مسبق ومبيت وانت يا جعجع المسؤول عنه ، في الإساءة أولاً ، لقدسية الذكرى الأولى لضحايا انفجار المرفأ الذي تتحمل مسؤوليته المنظومة السياسية الحاكمة وأنت واحد منها، وانت المسؤول ايضاً عن كل نقطة دم سالت من المتظاهرين والتي وصلت الى محاولة القتل المتعمد، وهو ما أثبتته الطعنة الجبانة والضرب بالعصي على الرأس الذي تعرّض له المتظاهر مازن ابو زيد الذي كان أحد وجوه انتفاضة 17 تشرين في ساحة النبطية، حيث اخترقت السكّين جسده وصولاً إلى رئته، دون ذنب ارتكبه سوى مروره في شارع الجميزة ورفعه الصوت عالياً ضد كل قوى السلطة الحاكمة”.
ودان البيان عملية اختطاف الشابين القاصرين من شبيحة “القوات” “أما الجريمة الثانية فكانت اختطاف الشابين القاصرين جوني وجاك بركات، وضربهما وتصويرهما وإجبارهما على قول عبارات هما أبعد ما يكون عنها تحت ضغط التهديد بالقتل، تماماً كما تفعل أجهزة الأنظمة القمعية والاستبدادية، هذا عدا عشرات الاعتداءات الأخرى التي تضمنت طعناً بالسكاكين وضرباً بالعصي. وإذا كان ارتداء الكوفية تعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني وإذا كان أيضاً الانتماء السياسي إلى انتفاضة 17 تشرين، يستدعيان هذا الخطف والترهيب واستعمال أساليب التصوير ونشره التي لم تعد تخيف أحداً، ترى، ألا يصحّ عندها وصف اللبنانيين لسمير جعجع أنّه مجرم فاشي عنصري، وان يعلنوا إدانتهم الشديدة ايضا للمنظومة الحاكمة التي أفرجت عنه وشرّعت لتاريخه الحافل بالجرائم؟”.
وأضاف “لقد أظهرت هذه الزمرة أنّها لا زالت مستمرة في ممارسات الحرب الأهلية التي اشتهرت بها من خطف وتعذيب وقتل على الهوية، مع أنّها جرت على يد جيل يفترض أنّه ولد بعد الحرب، لكنّ تربية القوات أشربته فاشيتها وإجرامها، وهو ما ندينه ونرفضه بشدّة، داعين كل اللبنانيين للنضال معا ضد هذا النهج الفاشي ولإسقاط نظام العنصرية والطائفية التي تستخدمه منظومته الفاسدة وسيلة لاستغلالها الطبقي عبر خطابها المذهبي بإشاعة الانقسامات والممارسات العدوانية. كما ندعوهم ايضاً للمضي معا على درب التغيير الحقيقي، درب بناء الدولة المدنية العلمانية الديمقراطية كمشروع انقاذي بديل لمشاريع الفدرلة والكنتنة. كما نحمّل القوى الأمنية مسؤولية عدم حماية أمن التظاهرة بينما هي تقوم بحماية أطراف المنظومة الحاكمة التي اعتدت على المال العام والأملاك العامة وارتكبت الجرائم وتسببت سياستها بالانهيار الشامل ونهب اللبنانيين وافقارهم وتهجيرهم ولا زالت ترفض رفع الحصانة عن المدعى عليهم، كما نحمّلها أيضاً مسؤولية جلب المعتدين على التظاهرة، الذين وثّقنا صور وجوههم وأسمائهم بوضوح لا لبس فيه، وليتحمل الجميع مسؤولية ما حصل بما فيهم ما تبقى من قضاء قادر على سوق المرتكبين إلى العدالة فوراً”.
كما شدّد “الشيوعي” على “أن القوات اللبنانية هي جزء لا يتجزأ من التحالف الحاكم ومن السلطة العميقة التي جمعت أمراء الطوائف والاحتكارات وقوى الأمر الواقع، وهي بقيت وتبقى كذلك رغم فشلها في ركوب موجة الانتفاضة. وجعجع هو أحد حراس هذا النظام الطائفي، إلى جانب أطراف السلطة الآخرين. وهو شريك في جريمة إفلاس لبنان وإفقار الشعب وتهجيره. وهو شريك أساسي في الصراع على الحقائب الدسمة والزبائنية والتعيينات والتسويات الرئاسية والحكومية والموازنات التفقيرية. هو المحرّض على المذهبية والانقسامات وعلى تأبيد هذا النظام. هو من جاهر بدفاعه عن المصارف ورؤوس المال، وهو من يدعي السيادة وينام على عتبات السفارات المتآمرة الأميركية وانظمة التطبيع العربي، ويربط نفسه بمشاريعها في لبنان والمنطقة.
لقد أطلق سمير جعجع العنان لبلطجيته لتفجير الفتنة والانقضاض على انتفاضة 17 تشرين في ذكرى جريمة المرفأ الأليمة، كما فعلت مراراً وتكراراً قوى السلطة الأخرى في ساحات عدة من قبل، وهو ما يعبّر فعلياً عن فشل القوات المزري في الركوب على موجة الانتفاضة وانفضاح دورها السلطوي الأساسي والفرز الواضح من قبل قوى الانتفاضة التي لفظته منها تماماً وكانت آخرها في انتخابات نقابة المهندسين، فقررت الانتقام الجبان والعودة إلى خطابها الأساسي القائم على شد العصب الطائفي التقسيمي المناطقي “.
وتابع “إلى سمير جعجع وقواته نقول: إن الشيوعيين والوطنيين اللبنانيين، ليسوا كانتوناً ولا طائفة ولا ميليشيا، بل هم لبنانيون، من كل لبنان ولكل اللبنانيين. هم شرايين وحدته الوطنية الممتدة في كل منطقة ومدينة وقرية وحي وشارع. وهم الذين ناضلوا بقيادة أمينهم العام الرفيق الشهيد فرج الله الحلو ضد أنظمة الاستبداد والتبعية والأحلاف العسكرية واستشهد تحت تعذيبها، وهم الذين لبوا نداء امينهم العام الشهيد جورج حاوي لمقاومة الاحتلال الصهيوني يوم كانت القوات اللبنانية معه، مطلقين جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية بندائها وبدلالاتها الوطنية الكبرى، وهم الذين واجهوا المنظومة الحاكمة وزرعوا بذور انتفاضة 17 تشرين وكانوا في قلبها منذ البداية، وهم مستمرون اليوم بكل تصميم وارادة ووحدة لتحويلها إلى ثورة وطنية ديمقراطية تطيح بهذه المنظومة ونظامها السياسي القاتل”.
وختم “كما حمينا الانتفاضة من أجندات خارجية لا مصلحة لشعبنا فيها، سنبقى نحميها بأرواحنا واجسادنا في مواجهة كل أحزاب المنظومة وفي ساحات الانتفاضة في كلّ المناطق . سنكون لكم بالمرصاد، سنواجهكم في السياسة وفي الإعلام وفي الشارع والقضاء، وسنمنع عصابتكم من تحقيق أهدافها التقسيمية التخريبية الانعزالية. لبنان لكل اللبنانيين، وكل المناطق مناطقهم وكل الساحات ساحاتهم، ومشروع التغيير الوطني العلماني الديمقراطي سيطيح بمشاريعكم الرجعية المتخلّفة ويحيلها إلى مزبلة التاريخ”.