مدار + مواقع: 07 تشرين الأول/ أكتوبر 2020
انتفضت عدد من الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان والتنظيمات السياسية في تونس ضد مشروع القانون رقم 25 لسنة 2015، المتعلق بـ”زجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح”، لما تضمّنه من فصول اعتبرتها مخالفة للدستور، وتمس الحريات.
ونظم العشرات من المواطنين التونسيين وقفة احتجاجية أمام مقرّ مجلس نواب الشعب للمطالبة بسحب مشروع قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين، حيث رفع المحتجون شعارات ضد بعض الممارسات الأمنية، معتبرين أن هذا القانون سيجعل الأمنيين يفلتون من العقاب.
في هذا الإطار، أصدر اتحاد الشباب الشيوعي التونسي بيانا عبّر فيه عن رفضه هذا المشروع الذي يزجر الاعتداء على الأمنيين، وندد بالتدخل الأمني في حق المحتجين.
وذكر البيان أنه بدعوة من مجموعة من القوى المدنية والنقابية والسياسية والحقوقية المشاركة في حملة “حاسبهم”، انطلقت اليوم وقفة احتجاجية سلمية على الساعة العاشرة صباحا أمام مجلس المستشارين للتعبير عن رفض مشروع قانون “زجر الاعتداء على الأمنيين” الذي كان من المتوقع أن يناقشه النواب.
وقال البيان: “مرة أخرى تجابه الاحتجاجات والتظاهرات السلمية بعصا القمع الغليظة؛ فقد تمّ الاعتداء على المحتجين وإيقاف مجموعة منهم في مشهد نوفمبري قديم جديد، يبرهن على نزوع حكومة المشيشي إلى التراجع عن مكسب الحرية الذي تحقق بدماء الشهداء”.
وجددت المنظمة الشبابية رفضها بشدة لمشروع قانون “زجر الاعتداء على الأمنيين”، لما يمثله من “خطر على حرية التعبير وشرعنة للقمع البوليسي وللإفلات من العقاب بهدف إرساء دكتاتورية بوليسية جديدة”، كما طالبت بفتح تحقيق فوري لـ”إماطة اللثام عن كل من أمر ومن نفذ هذا القمع الهمجي في حق المحتجين بهدف محاسبته، لما يمثل هذا الفعل من تعدّ صارخ على الدستور”.
كما أصدرت منظمة “أنا يقظ”، الحقوقية، بيانا ذكرت فيه بموقفها الرافض لتمرير قانون زجر الاعتداء على الأمنيين، معتبرة أن هذا النص هو “نسخة مُشوّهة من أحكام موجودة في القوانين التونسية”، لذا لا ترى المنظمة داعيا لفرز الموظف العمومي الحامل للسلاح عن غيره من موظفي الدولة بقانون خاص لهذا القطاع؛ “بل إنه من الأجدر أن تسهر الدولة على تطبيق النصوص المتواجدة التي تكفل له الحماية الناجعة”؛ كما اعتبرت أن هذه المبادرة التشريعية تمثل “سابقة خطيرة يمكن أن تفتح الباب لكل القطاعات الأخرى للمطالبة بقوانين مماثلة، ما سيفرغ مبدأ المساواة بين التونسيات والتونسيين من محتواه”.
وحمّلت المنظمة المسؤولية للنواب والأحزاب في صورة المصادقة على هذا القانون، وذلك لما يمثّله من “مساس بالحريّات العامّة والخاصّة وتقنين للإفلات من العقاب”، مسجلة أن ما جاء في الفصل السابع “خطير، إذ يحد بصفة غير مبررة من المسؤولية الجزائية للقوات الحاملة للسلاح دون سواها، ما يشرع لعقلية الحصانة القطاعية ويرسخ ثقافة الإفلات من العقاب لدى الخاضعين لهذا القانون”.
وفي السياق نفسه روى فريد العليبي، الكاتب التونسي، على صفحته في “فايسبوك”، أنه كان قبل مدة كنت هدفا لاعتداء بوليسي، وزاد موضحا: “لا أعرف ما إن كان مبرمجا أم عفويا”، وأضاف: “وضعوا الأصفاد في يدي وتم دفعي بعنف.. تمزق لباسي وجرحت شفتاي وسال منهما الدم.. السيارة حملوها بسرعة البرق فوق شاحنة لا أعرف كيف جاؤوا بها ولا من أين.. يبدو أنها كانت كامنة قريبا من سيارتهم.. المهم في الأمر أنهم أخذوني في الأخير إلى السجن لتبدأ رحلة شيقة امتدت أسبوعا، والطريف أني عندما كنت أمام الباحث الابتدائي رن هاتفه ليطلب منه أحدهم ما هي التهمة التي سجلها ضدي فقرأ على من اتصل به ما في المحضر.. يبدو أن المتصل كان العون المعتدي الذي أقسم أنه سيدخلني السجن وأنه سيهينني ولو خسر شغله”.
وتابع المتحدث ذاته: “الطريف في بلدي أن وحوشا مثل الذي اعتدى على ذلك المواطن أو اغتصب شابة بعد افتكاكها من خطيبها أو جر شابة أخرى من شعرها في الشارع الخ …يمكن أن تنعم غدا بقانون يريدون تمريره في البرلمان عنوانه زجر الاعتداء على الأمنيين.. فإذا كانت تلك الوحوش تفعل ما تفعله دون عقاب الآن فماذا يمكنها أن تفعل غدا في ظل ذلك القانون؟”.
من جهة أخرى نشر “فايسبوكيون” على صفحاتهم رسائل لأمنيين وردت في بريدهم الخاص، يتوعدون من خلالها المحتجين أمام البرلمان بكلام فاحش لا يليق بأمنيين، وعلقوا عليها بسخرية: “هكذا يكون الأمن”.