معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي/ مدار: 18 تشرين الأول/ أكتوبر 20258*
فيجاي براشاد
صورة الواجهة: حقل النفط برقان الكبير، الكويت، 1991. © سيباستياو سالغادو.
عرف هذا الصيف أيامًا في المدن الاستوائية كان الخروج فيها تحت أشعة الشمس لا يطاق. ففي مدينة مانجو في توغو، على سبيل المثال، ارتفعت درجات الحرارة إلى 44 درجة مئوية في شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان. تظهر خرائط الحرارة عالماً يحترق، وألسنة لهب حمراء تلتهم الكوكب من خط الاستواء امتدادًا إلى الأطراف. إذا كانت درجة حرارة الهواء حوالي 44 درجة مئوية، فإن درجة حرارة الأسطح الإسفلتية والخرسانية يمكن أن تتجاوز 60 درجة مئوية. وبما أن حروق الدرجة الثانية تحدث في أقل من خمس ثوانٍ عند 60 درجة مئوية، فإن أولئك الذين يتعرضون لتلك الحرارة معرضون للحروق الجلدية. المشي في شوارع هذه المدن الملتهبة صعب بما فيه الكفاية مع الأحذية؛ تخيّل كيف سيكون الأمر بالنسبة لملايين الأشخاص الذين يفتقرون إلى الأحذية المناسبة ويُرغمون على العمل تحت أشعة الشمس خلال أشد فترات اليوم حرًّا.
عدد قليل فقط من البلدان – معظمها في شبه الجزيرة العربية وجنوب أوروبا – تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمنع الإجهاد الحراري. ولكن حتى في هذه البلدان، من الممكن رؤية عمال البناء وعمال النظافة مجبرين فيها على مواجهة الحر. يمكن أن يكون هذا مميتًا، مثل ما حدث في قطر أثناء بناء ملاعب كأس العالم لكرة القدم 2022.
يشير تقرير جديد صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومنظمة الصحة العالمية، بعنوان «تغير المناخ والإجهاد الحراري في مكان العمل»، إلى أن 70% من القوى العاملة العالمية – أي 2.4 مليار عامل – معرضون لخطر التعرض للحرارة المفرطة. ويشير التقرير إلى أنه مقابل كل وحدة فوق 20 درجة مئوية، تنخفض إنتاجية العمال بنسبة 2% إلى 3%. يعاني العمال الذين يكدحون تحت أشعة الشمس الحارقة من ضربات الشمس والجفاف واختلال وظائف الكلى والاضطرابات العصبية من أنواع مختلفة. اللافت للنظر أنه لا يوجد رقم دقيق للوفيات التي تقع في أماكن العمل العالمية بسبب الإجهاد الحراري.

من الأخبار المشجعة الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) أنها أنشأت لجنة لإنجاز التقرير الخاص حول تغير المناخ والمدن، الذي سيصدر في مارس/آذار 2027. الدراسة الرئيسية الوحيدة التي لدينا من الهيئة حول المراكز الحضرية هي الفصل السادس من تقريرها لعام 2022، بعنوان «المدن والمستوطنات والبنية التحتية الرئيسية». وكان اكتشافها الرئيسي أن المليار شخص الذين يعيشون في مستوطنات حضرية عشوائية في الجنوب العالمي يتواجدون في مناطق شديدة التعرض للكوارث الناجمة عن المناخ مثل الفيضانات والجفاف. وتُجرى خصخصة البنى التحتية الخضراء والزرقاء التي تخفف من الكوارث المناخية – مثل غابات المانغروف والأراضي الرطبة – أو البناء عليها وتدهورها، مما يقلل بشكل أكبر من القدرة التكيفية للمدن النامية.
بناءً على هذا البحث، يواصل المعهد الدولي للبيئة والتنمية دراسة موجات الحر الصيفية في المدن، حيث وجد في إحاطته الإعلامية بتاريخ 30 سبتمبر/أيلول 2025 أنه في أربعين من أكثر مدن العالم اكتظاظًا بالسكان، ارتفع عدد الأيام في السنة التي تجاوزت فيها درجة الحرارة 35 درجة مئوية بنسبة 26% منذ عام 1994. تمثل المدن 70% من الانبعاثات العالمية واستهلاك الطاقة؛ نأمل أن يأخذ تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ المقرر صدوره عام 2027 في الاعتبار الإجهاد الحراري الذي تتحمله الطبقة العاملة العالمية بشكل غير متناسب، وأن يثير مزيدًا من النقاش حول المدن وتغير المناخ.
في الوقت الحالي، أشجعكم جميعًا على تنزيل وقراءة ومشاركة ومناقشة أحدث ملفاتنا، «الأزمة البيئية أزمة رأسمالية». هذا النص، الذي كتبه فريقنا في البرازيل، يأتي في الفترة التي تسبق انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الثلاثين لتغير المناخ، أو «كوب 30»، في بيليم بالبرازيل، الشهر المقبل. وستتم مشاركته ومناقشته في الاجتماعات التمهيدية في جميع أنحاء العالم مع أولئك الذين هم جزء من معركة العدالة المناخية.
ثقتنا بمسار مؤتمرات الأطراف محدودة، حيث يبدو أن المنظومة بأكملها قد استولى عليه الرأسماليون الذين يمارسون الغسيل الأخضر الساعون إلى مواصلة الطرق القديمة بينما يتنكرون في هيئة المنقذين. على سبيل المثال:
- وفقًا لمنظمة «غلوبال ويتنس»، مُنِح 636 من أعضاء جماعات ضغط الوقود الأحفوري إمكانية الوصول إلى مؤتمر الأطراف السابع والعشرين (COP 27) في شرم الشيخ، مصر. وهذا يعني أن «عدد جماعات ضغط الوقود الأحفوري كان ضعف عدد المندوبين من الهيئة الرسمية للأمم المتحدة المعنية بالشعوب الأصلية».
- حسب ائتلاف «اطردوا كبار الملوثين»، حضر 2456 من أعضاء جماعات ضغط الوقود الأحفوري مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP 28) في دبي، الإمارات العربية المتحدة، مما جعل هذه المجموعة أكبر من جميع الوفود تقريبًا في الاجتماع.
- في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين (COP 29) في باكو، أذربيجان، كان عدد جماعات ضغط الوقود الأحفوري أكبر من جميع مندوبي البلدان العشرة الأكثر عرضة لتغير المناخ.
ومع ذلك، نرى أن مؤتمرات الأطراف ما تزال تساهم في تنشيط النقاشات الضرورية لتشكيل وعي الحركات الشعبية والحفاظ عليه.

من بين العديد من النقاط المهمة في ملفنا، أود أن أسلط الضوء على ثمانية مطالب من أجندة مواجهة الأزمة البيئية، وُضعت بالتعاون مع حركة العمال الزراعيين بدون أرض في البرازيل (MST):
- محاسبة الشمال العالمي عن الديون البيئية. لقد أساءت الدول الاستعمارية القديمة استخدام ميزانية الكربون وقدمت التزامات فارغة لصندوق المناخ الأخضر. لقد حان وقت دفع هذه الديون.
- وضع حد للغسيل الأخضر. رفض فكرة أسواق الكربون وخطط المقاصة التي تسلّع المشاعات (الهواء والتنوع البيولوجي والغابات).
- الدعوة إلى سيطرة مجتمعية، لا سيطرة الشركات، على السياسة البيئية.
- المضي قدمًا في الإصلاح الزراعي والدفاع عن أراضي الفلاحين ومجتمعات السكان الأصليين. فرض وتنفيذ إعادة توزيع الأراضي دستوريًا، والحقوق الجماعية في الأراضي، والسيطرة على البذور، وحماية التنوع البيولوجي.
- بناء السيادة الغذائية والمائية. استبدال الزراعات الأحادية الموجهة للتصدير بنظم غذائية زراعية–بيئية وتعاونية تضفي الطابع الديمقراطي على إنتاج الغذاء وتوزيعه. إعطاء الأولوية للحق في الغذاء على الحق في الربح من الغذاء.
- فرض إعادة التشجير تحت السيطرة المجتمعية. حماية الغابات المطيرة التي تُعد بالوعة كربونية كبيرة.
- تجريم الإبادة البيئية. بناء أنظمة قانونية لمعاقبة الشركات العابرة للقارات التي تدمر الطبيعة ومحاكمتها في بلدانها الأصلية وحيث ترتكب الجرائم.
- تنفيذ انتقال عادل ومخطط له واجتماعي للطاقة. يجب أن تخضع أشكال الطاقة الجديدة لسيطرة ديمقراطية وألّا تُدار من أجل المضاربة المالية.
نحن متحمسون لمناقشة هذه النقاط في مجتمعاتنا في جميع أنحاء العالم. لا ينبغي أن تجري هذه المناقشات خلف أبواب مغلقة.
لتوسيع النقاش حول مؤتمر الأطراف الثلاثين، أنتج باحثنا خوسيه سيواني بودكاست باللغة الإسبانية بعنوان “Los pueblos frente a la crisis climática” (الشعوب في مواجهة أزمة المناخ) – يمكنكم الاستماع إلى الحلقة الأولى من ثلاث حلقات هنا.

الصور الفوتوغرافية في هذا الملف مأخوذة من المجموعة الرائعة لسيباستياو سالغادو (1944–2025)، وهو صديق لحركة العمال بدون أرض، أنشأ معهدًا لإعادة التشجير في مسقط رأسه في ميناس جيرايس. لا يعرف الكثيرون أن سالغادو بدأ حياته المهنية كخبير اقتصادي في المنظمة الدولية للبن، وهي وكالة تدعمها الأمم المتحدة. وكانت زياراته لمزارع البن حول العالم هي التي أثارت تقديره لقوة العمال. فاستبدل قلمه بكاميرا «بينتاكس» 35 ملم.

في 13 مارس/آذار 2024، ذهب خوليو سيزار سنتينو للعمل في ضيعات البرتقال والليمون المملوكة لمجموعة «ليديسما»، وهي واحدة من أكثر الشركات ربحية في الأرجنتين، حيث حققت إيرادات بلغت 823 مليون دولار في الأشهر الاثني عشر الماضية. تقع هذه الحقول في مقاطعة خوخوي شمال الأرجنتين في بلدة ليبيرتادور خنرال سان مارتين، التي سُمّيت على اسم أحد قادة حروب استقلال أمريكا الجنوبية ضد إسبانيا. في ذلك اليوم، تجاوزت درجة الحرارة في الحقول 40 درجة مئوية. بدأ سنتينو، المعروف أيضًا باسم «بينانو» (المعاني) و«بروخو» (الساحر)، يشكو من الإجهاد الحراري بعد وقت قصير من بدء يوم عمله في الساعة العاشرة صباحًا. ولكن لم تكن هناك أي راحة. أجبرت شركة «مان باور غروب»، وهي شركة أمريكية متعددة الجنسيات لتوفير العمالة المؤقتة، سنتينو على مواصلة صعود السلالم الطويلة لحصاد الليمون. بحلول منتصف النهار، أصيب بنوبة إغماء وفقد وعيه. استغرق وصول سيارة الإسعاف ساعة، وبعدها شقّت طريقها إلى مستشفى أوسكار أورياس الإقليمي. حاول الأطباء إنعاشه، لكنه توفي بسبب صدمة إنتانية (Septic Shock).
«ليديسما»، التي لديها تاريخ قبيح – حيث تسببت في اختفاء عشرات العمال خلال دكتاتورية الأرجنتين 1976–1983 – لم تتوقف. غير آبهة بوفاة سنتينو، أجبرت الشركة العمال – الذين يحصدون 500 كجم من الفاكهة يوميًا – على العودة إلى الحقول. أصدر الاتحاد الأرجنتيني للعمال الريفيين وعمال الشحن والتفريغ (UATRE) بيانًا تضامنيًا بعد يومين، لكن هؤلاء العمال المتعاقدين لا يملكون أي قوة حقيقية للضغط على الشركة.
موت سنتينو ليس معزولًا. هناك الكثير من قصص العمال الذين يُشغّلون دون حماية قانونية أو نقابية ويموتون بسبب الإجهاد الحراري – يحترقون أحياءً من أجل الربح.
*نشرت هذه المراسلة لأول مرة باللغة بالإنجليزية بتاريخ 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2024.