أ ف ب: 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024
يساهم تغير المناخ في دفع عدد قياسي من الناس للفرار من منازلهم حول العالم، بينما يؤدي إلى تدهور ظروف النزوح التي تعد بالفعل أشبه بـ”جحيم”، وفق ما أفادت الأمم المتحدة الثلاثاء.
وفي وقت تجري محادثات المناخ في باكو، سلّطت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الضوء على كيفية تأثير ارتفاع درجات الحرارة وأحوال الطقس الحادة على أعداد النازحين وظروفهم، فيما دعت إلى الاستثمار بشكل أكبر وأفضل للحد من المخاطر.
وأشارت المفوضية في تقرير جديد إلى كيفية تفاعل الصدمات المناخية في أماكن مثل السودان والصومال وبورما مع النزاعات التي تشهدها هذه البلدان لدفع الأشخاص المعرّضين أساسا للخطر إلى أوضاع أكثر خطورة.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في مقدمة التقرير “في أنحاء عالمنا يسبب ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والفيضانات والحر الذي يشكل تهديدا لحياة الناس وغير ذلك من أحداث الطقس الحادة حالات طوارئ تتكرر بشكل مقلق”.
وأضاف “الناس الذين أُجبروا على مغادرة منازلهم هم على الخطوط الأمامية لهذه الأزمة”، مشيرا إلى أن 75 في المئة من النازحين يعيشون في بلدان معرّضة بشكل مرتفع إلى حاد إلى مخاطر مرتبطة بالمناخ.
وتابع “بينما يزداد حجم وسرعة التغير المناخي، سيواصل هذا الرقم ارتفاعه”.
120 مليون نازح
يعيش عدد قياسي من الناس يبلغ 120 مليون نسمة بالفعل في حالة نزوح قسري نتيجة الحروب والعنف والاضطهاد، معظمهم داخل بلدانهم، وفق ما أظهرت أرقام المفوضية في حزيران/يونيو.
وقال مستشار المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الخاص المعني بتغير المناخ أندرو هاربر لفرانس برس “عالميا، تضاعف عدد الأشخاص الذين نزحوا جراء النزاعات خلال السنوات العشر الأخيرة”.
تشير المفوضية في الوقت ذاته إلى بيانات صدرت مؤخرا عن مركز مراقبة النزوح الداخلي أظهرت أن الكوارث المرتبطة بالطقس دفعت حوالى 220 مليون شخص للنزوح داخل بلدانهم على مدى العقد الأخير وحده، وهو ما يعادل 60 ألف حالة نزوح تقريبا يوميا.
وقال هاربر “نشهد نزوح عدد متزايد من الناس”، مشيرا إلى نقص التمويل اللازم لدعم الأشخاص الذين يفرون والمجتمعات المضيفة لهم.
وأفاد “نشهد وضعا أشبه بالجحيم ويزداد صعوبة”.
وأشار إلى أن معظم مناطق إقامة اللاجئين توجد في البلدان ذات الدخل المنخفض في كثير من الأحيان “في الصحراء وفي المناطق المعرّضة للفيضانات وفي المناطق التي لا تحظى بالبنى التحتية اللازمة للتعامل مع التداعيات المتزايدة للتغير المناخي”.
ويرجّح أن يتدهور الوضع أكثر إذ يتوقع بحلول العام 2040 أن يرتفع عدد بلدان العالم التي تواجه مخاطر شديدة مرتبطة بالمناخ من ثلاثة إلى 65، بحسب المفوضية، فيما تستضيف معظمها نازحين.
حر خطير
وبحلول العام 2050، يتوقع أن تشهد معظم مخيمات وتجمّعات اللاجئين ضعف عدد أيام الحرارة الخطيرة المسجلة اليوم، بحسب التقرير.
وحذّر هاربر من أن ذلك قد لا يكون غير مريح وخطير بالنسبة لصحة الناس الذين يعيشون هناك فحسب، بل قد يؤدي أيضا إلى تلف المحاصيل ونفوق الماشية.
وقال “نرى خسارة متزايدة للأراضي الصالحة للزراعة في الأماكن المعرضة لظروف المناخ الحادة مثل النيجر وبوركينا فاسو والسودان وأفغانستان، لكن لدينا في الوقت ذاته زيادة هائلة في أعداد السكان”.
وتحض المفوضية صانعي السياسات المجتمعين من أجل مؤتمر “كوب 29” في باكو على ضمان وصول تمويل دولي أكبر بكثير إلى اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأكثر حاجة له.
وأشارت المفوضية إلى أن البلدان الأكثر هشاشة تحصل حاليا على نحو دولارين للشخص كتمويل للتأقلم سنويا، مقارنة مع 161 دولارا عن كل شخص في البلدان التي لا تعد هشة.
وأوضح هاربر أنه في غياب مزيد من الاستثمارات لتعزيز القدرة على الصمود والتأقلم في مواجهة التغير المناخي في هذا النوع من المجتمعات، لن يكون من الممكن تجنب نزوح المزيد من الأشخاص باتّجاه البلدان الأقل تأثرا بتغير المناخ.
وقال “ما لم نستثمر في السلام وما لم نستثمر في التأقلم مع التغير المناخي في هذه المناطق، فسينتقل الناس” منها.
وأضاف أنه “من غير المنطقي أن نتوقع منهم التصرف على نحو مختلف”.