معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي + مدار: 21 آب/ أغسطس 2025
فيجاي براشاد
صورة الواجهة: ألكسندر ألكسندروفيتش داينيكا (الاتحاد السوفيتي)، دفاع سيفاستوبول، 1942.
جولة في متحف حرب المقاومة الصينية ضد العدوان الياباني في بكين تجعل المرء يمقت الحرب وكل ما يتعلق بالعسكرة. يقع المتحف قرب جسر ماركو بولو، المعروف أيضاً بجسر لوغو، حيث بدأ الشعب الصيني حربه لتحرير بلاده من الاحتلال الياباني في الشمال. أكثر ما يلفت الانتباه في المتحف هو ما يُظهر عنف العسكرة اليابانية البشع، كمذبحة نانجينغ (1937-1938)؛ والحرب البيولوجية والكيميائية المروعة والتجارب البشرية التي لا توصف التي أجرتها الوحدة 731 في مدينة هاربين الشمالية الشرقية (1936-1945)؛ ومحتجزات “إيانفو” (نساء المتعة) التي أنشأها الجيش الياباني لاحتجاز نساء مستعبدات جنسياً لجنوده.
بينما تتجول في المتحف، يتضح أن ملايين المدنيين الصينيين قد ماتوا في أطول جزء من الحرب العالمية الثانية: الحرب بين العسكريين اليابانيين والشعب الصيني استمرت من 1937 إلى 1945. الأرقام صادمة: قُتل ما لا يقل عن عشرين مليون مدني وجندي صيني، وأصبح ثمانون مليون شخص لاجئين، ودُمر ثلاثون بالمئة من البنية التحتية في دلتا نهر اللؤلؤ بالقرب من كانتون، وهُدم أكثر من نصف شنغهاي، وتحول ثمانون بالمئة من عاصمة الصين نانجينغ إلى ركام. كانت سياسة “الكل الثلاث” التي اتبعها الجيش الياباني (أحرقوا كل شيء، اقتلوا كل شيء، اسلبوا كل شيء) إبادة جماعية بكل المقاييس (في عام 1942، في قرية بمقاطعة خبي على سبيل المثال، ضخ الجيش الياباني غازاً ساماً في نفق كان يختبئ فيه ثمانمائة فلاح، فقتلهم جميعاً).

لا يزال عدد ضحايا الحرب العالمية الثانية يثير الجدل والنقاش. ومع ذلك، لا يوجد خلاف يذكر على أن العدد الأكبر من القتلى جاء من الاتحاد السوفيتي (27 مليوناً – وهو عدد سكان أستراليا الحالي) ومن الصين (20 مليوناً – وهو عدد سكان تشيلي الحالي). تأتي الأرقام السوفيتية من مصادر عديدة، بما في ذلك اللجنة الحكومية الاستثنائية للتحقيق في الجرائم النازية (ChGK)، التي أُنشئت للتحقيق في جرائم الحرب عام 1942. تأسست أولى هذه المحاكم في كراسنودار (شمال القوقاز) بعد أن استعاد الجيش الأحمر نالتشيك من النازيين في 4 كانون الثاني/ يناير 1943. وجدت هذه المحكمة آلاف الجثث لأشخاص قُتلوا بالغاز السام في خندق مضاد للدبابات بالقرب من المدينة. قبل ذلك بعامين، سنة 1941، صاغت القيادة العليا النازية ما عُرف بخطة الجوع لتحويل الغذاء عن الاتحاد السوفيتي، مما تسبب وفاة 4.2 مليون مواطن سوفيتي.
نحن أمام أرقام تفوق قدرة العقل على الاستيعاب: مليون قتيل هنا، بضعة آلاف هناك، مئة ألف أخرى في مكان آخر. أي مكتب إحصاء يمكنه أن يحتمل سجل الموت المريع هذا؟

بينما نحيي الذكرى الثمانين لنهاية هذه الحرب ضد الفاشية والعسكرة (3 أيلول/ سبتمبر 1945)، تصدر مجموعة “لا للحرب الباردة” نداء سانتياغو، وهو نداء ضد الحرب ومن أجل السلام. نحثكم على توقيعه ومشاركته وحث الآخرين على توقيعه حتى نتمكن – كما حدث مع نداء ستوكهولم عام 1950 – من جعل الملايين يتبنون شعار “no pasarán” (لن يمروا) كشعار لنا. يمكنكم قراءته أدناه:
الحرب هي الخيانة المطلقة للإبداع البشري، وقيمة الحياة، والكوكب الذي نتشاركه.
قبل ثمانين عاماً، ألقت الولايات المتحدة أولى القنابل الذرية، مُوقظةً سلاحاً ذا رعب لا مثيل له ما يزال يهددنا جميعاً.
مات الملايين في سبيل هزيمة الفاشية والعسكرة؛ وكان من بينهم الشعبان السوفيتي والصيني اللذان قدما تضحيات استثنائية وتحملا أثقل الأعباء.
شجاعتهم تتطلب أكثر من مجرد ذكرى؛ إنها تتطلب عملاً.
إننا نرفض دوامة العنف التي لا تنتهي والتي تغذيها الإمبريالية والجشع.
إننا نطالب بمستقبل يسود فيه السلام والعدالة والرخاء المشترك – حيث تعيش الإنسانية في وئام مع الطبيعة، وتحمي الأرض من أجل الأجيال القادمة.
انزعوا السلاح الآن، أوقفوا العسكرة، وابنوا عالماً يمكن أن تزدهر فيه كل أشكال الحياة.

التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا بتاريخ 15 آب/ أغسطس. كان هذا أول لقاء من نوعه بين رئيسي روسيا والولايات المتحدة منذ سبع سنوات (كان آخر لقاء في عام 2018، عندما التقى بوتين وترامب في هلسنكي، فنلندا). لم يكن هناك أي اختراق، ومن غير المرجح أن يكون هناك أي اختراق لخفض التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا، أو في الواقع، بين الولايات المتحدة والصين. لكن هذه المحادثات مهمة. إنها عودة إلى الدبلوماسية، وهي عنصر أساسي في صنع السلام.
لا رغبة في المزيد من الحروب حول العالم، رغم أن المرء قد لا يدرك ذلك بالنظر إلى خريطة الشر الذي لا يزال يقض مضاجعنا (من غزة إلى السودان). خلال قمة بوتين-ترامب، قال البابا ليو الرابع عشر إننا “اليوم، للأسف، نشعر بالعجز أمام انتشار العنف في العالم – عنف يزداد صمماً وعدم حساسية تجاه أي ذرة من الإنسانية”. فكرة العنف الأصم والعنف الذي لا يرغب في الإصغاء هي فكرة واقعية؛ إنها موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواصل الإصرار على الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين.
فكرة العنف والصمت شديدة التأثير، خاصة بالنظر إلى ضجيج الحرب نفسها. لا عجب أن غينادي غور (1907-1981)، الذي عاش حصار لينينغراد (1941-1944) وكتب شعراً سريالياً عنه، انتهى به المطاف ليصبح كاتباً بارزاً في الخيال العلمي. الحرب تحمل عنصراً من الخيال العلمي، حيث تُستخدم أكثر التقنيات تقدماً لأكثر الوسائل همجية. إليكم إحدى قصائد غور من الحصار حيث مات الملايين دفاعاً عن العالم من الفاشية:
الجدول الذي سئم الكلام
قال للماء إنه لا ينحاز لأحد.
الماء الذي سئم الصمت
شرع على الفور في الصراخ مرة أخرى.
لن يمروا.