حادث “غامض” يثير قلق المغاربة حول الحالة الصحية للمناضل المناهض للتطبيع سيون أسيدون

مشاركة المقال

Share on facebook
Share on twitter
Share on email

مدار: 20 آب/ أغسطس 2025

أثارت الحالة الصحية للمناضل الحقوقي اليهودي المغربي سيون أسدون، المناهض للكيان الصهيوني، الذي يرقد منذ أيام في قسم الإنعاش بمستشفى الشيخ خليفة بالدار البيضاء، بعد حادث “غامض”، صدمة قوية وتفاعلات واسعة في الأوساط الحقوقية والسياسية بالمغرب. 

وعُثر على أسدون فاقدا للوعي داخل منزله بمدينة المحمدية، يوم الاثنين 11 آب/ أغسطس الجاري، بعد انقطاع الاتصال به في التاسع من هذا الشهر، وعليه آثار إصابات على رأسه وكتفه وصفت بأنها “غير طبيعية”.

وقد نُقل إلى المستشفى ليتبين أنه دخل في غيبوبة استدعت تدخلاً جراحياً دقيقاً على مستوى الدماغ، وإجراءً طبيا لإزالة تعفنات من الجهاز التنفسي.

وقد أعلنت العديد من المنظمات الحقوقية والسياسية المغربية تضامنها القوي مع هذه الشخصية البارزة، وطالبت السلطات بكشف الملابسات الكاملة لما حدث.

وبالإضافة إلى نشاطه الحقوقي في المغرب، يعرف سيون أسدون بانخراطه الكبير في حركة مناهضة الصهيونية والتضامن مع فلسطين، كما يقود العديد من حملات مقاطعة العلامات التجارية المرتبطة بالكيان الصهيوني، خصوصا في إطار حركة “بي دي إس” المغرب.

وأصدر الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، الذي يضم العشرات من المنظمات الحقوقية، بيانًا أبدى فيه “قلقًا عميقًا” حيال الحالة التي وجد فيها أسدون، مطالبًا السلطات القضائية بتوسيع نطاق التحقيقات وعدم الاكتفاء بفرضية السقوط العرضي. 

ودعا “الائتلاف” إلى ضرورة أن تشمل الفحوص جميع الاحتمالات الممكنة، بما في ذلك فرضية الاعتداء أو الانتقام، مع التأكيد على توفير رعاية طبية متطورة وتجنب أي إهمال قد يعرض حياة أسدون للخطر. 

وفي السياق ذاته، وصفت “الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع” ما جرى بأنه “حادث غامض ومثير للريبة” يستدعي كشف الحقيقة كاملة. 

وأكدت “الجبهة” أن القضية لا يمكن فصلها عن مسار مناضل اختار مواجهة التطبيع وفضح الاختراق الصهيوني للمغرب، داعية إلى متابعة دقيقة للوضع الصحي لأسدون وتقديم توضيحات رسمية بشأن هذه القضية، 

ونظمت الهيئة نفسها وقفة احتجاجية صامتة رمزية مساء 18 من هذا الشهر، أمام مستشفى الشيخ خليفة بالدار البيضاء، شارك فيها عشرات الفاعلين المدنيين للتعبير عن التضامن والمطالبة بالحقيقة.

وبعد أيام من الضغط السياسي والمجتمعي من أجل كشف ما آلت إليه التحقيقات بشأن وضعية سيون أسدون، أصدرت السلطات القضائية المغربية بيانا تسرد روايتها للأحداث.

‎وصرّح وكيل الملك (المدعي العام) لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بلاغاً رسمياً أمس الثلاثاء، كشف فيه أن الشرطة القضائية بمدينة المحمدية تدخلت يوم 11 آب/ أغسطس بعد إخطار من موظفين يعملان مع سيون شمعون حريم بروخ أسدون بسبب انقطاع الاتصال به واختفائه عن العمل، رغم أن سيارته ظلت مركونة أمام منزله. 

وبمساعدة مختص، يتابع البيان، تم فتح الباب ليُعثر على أسدون ممدداً على أريكة بالطابق الأرضي فاقداً للوعي لكنه لا يزال على قيد الحياة، ليُنقل على وجه السرعة إلى المستشفى.

‎وأفاد المصدر القضائي بأن التحقيقات الأولية كشفت عن وجود أدوات في الحديقة، مثل سلم ومعول ومقص ومنشار، بالإضافة إلى بقايا أعشاب مقصوصة وآثار على الأشجار. كما تم العثور على أغراضه الشخصية مرتبة بشكل طبيعي دون وجود أي مؤشرات على اقتحام أو بعثرة. 

بالإضافة إلى ذلك، يقول المدعي العام، أوضحت تسجيلات المراقبة أن أسدون دخل منزله بمفرده في صباح 9 آب/ أغسطس، وهو يرتدي نفس الملابس التي عثر عليها لاحقاً، في حين ظلت سيارته في مكانها حتى تدخلت الشرطة. 

وأكدت التحاليل البيولوجية أن جميع البصمات التي تم جمعها من الأدوات تعود له فقط دون وجود أي طرف آخر، بينما أفاد شهود من الجوار برؤيته في ذلك اليوم وهو يقوم بتشذيب الأشجار في الحديقة، نقلا عن المصدر ذاته، مضيفا أن التحقيقات لا تزال مستمرة، وأن النيابة العامة ستقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة عند استكمال الأبحاث.

ومع ذلك، لم تقنع هذه المعطيات الرسمية عدداً من الأوساط الحقوقية التي شددت على أن عناصر الملف لا تُغلق الباب أمام فرضيات أخرى، معتبرة أن ما جرى لشخصية بارزة في النضال الحقوقي ومناهضة  التطبيع يستدعي أعلى درجات الشفافية من قبل السلطات، خاصة وأن القضية تحولت إلى شأن وطني تجاوز حدود الخبر العابر لتصبح قضية رأي عام.

‎ويعتبر سيون أسدون، المولود بالدار البيضاء سنة 1948، واحداً من أبرز المناضلين الذين بصموا مسار الحقل الحقوقي والسياسي المغربي. وقد نشأ في أسرة يهودية مغربية، والتحق مبكراً بالحركة الماركسية–اللينينية، ليواجه الاعتقال السياسي خلال سنوات السبعينيات ويقضي سنوات طويلة في السجن. 

وبعد الإفراج عنه، واصل مساره كمدافع شرس عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، مساهماً في تأسيس هيئات مدنية مؤثرة. 

لكن بصمته الأوضح تجلت في دفاعه المستميت عن القضية الفلسطينية، حيث برز كأحد أبرز الوجوه المغربية في حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، وقاد حملات ناجحة ضد التطبيع الاقتصادي والثقافي والسياسي، مؤكدا أن دعم فلسطين جزء لا يتجزأ من الدفاع عن العدالة والكرامة الإنسانية. 

مشاركة المقال

Share on facebook
Share on twitter
Share on email

مقالات ذات صلة

فلسطين

فلسطين لا تحتمل الانتظار

غلوب تروتر + مدار: 20 آب/ أغسطس 2025 غييرمو ر. باريتو* لم تنتهِ الحرب العالمية الثانية بتسليم جزء من ألمانيا للنازيين. لن ينتهي الصراع بتسليم