مدار + برازيل دي فاتو: 20 آب/ أغسطس 2025
في الذكرى الخمسين لاستقلالها، أشعل رفع أسعار الوقود موجة احتجاجات واسعة في أنغولا، قوبلت بقمع دموي أسفر عن مقتل 30 شخصاً على الأقل واعتقال أكثر من 1500، كاشفاً عن عمق السخط الشعبي ضد نظام حكم لم ينقطع منذ نصف قرن.
وشكلت زيادة سعر وقود الديزل الشرارة التي ألهبت غضباً شعبياً متراكما على مر عقود، ليعبّر عن غضب الطبقات الشعبية من سياسيات النظام طوال 50 عاما.
ويواجه الأنغوليون تضخماً بنسبة 27.5 بالمائة، ويعمل ثمانية من كل عشرة أشخاص في القطاع غير الرسمي بأجور متدنية.
وقد تفاقم الوضع منذ عام 2018 بعد أن لجأت حكومة الرئيس جواو لورينسو إلى قرض من صندوق النقد الدولي، فرض حزمة من سياسات التقشف شملت خفض الدعم الحكومي عن المحروقات.
وقد تجسدت وحشية القمع في مقطع فيديو أصبح رمزاً للاحتجاجات، يُظهر سيدة اسمها آنا سيلفيا موبيالا وهي تسقط أرضاً بعد أن أُطلقت النار عليها من الخلف على يد قوات التدخل السريع. وبينما كانت تحاول النهوض والدماء تسيل منها، كان ابنها المراهق يصرخ “ماما!” قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، بعد أن كانت خرجت، بحسب شهادة ابنها، “لشراء مسحوق الغسيل”.
وفي تناقض صارخ مع معاناة الشارع، انتشر مقطع فيديو آخر يظهر حفلاً باذخاً أقيم بمناسبة عيد ميلاد زوجة مدير ديوان الرئاسة، حيث قدّم الكركند والجمبري وسط أبخرة الثلج الجاف للحضور.
بدأت الاحتجاجات في العاصمة لواندا في 12 تموز/ يوليو، لكنها سرعان ما امتدت إلى ست مقاطعات أخرى، وبلغت ذروتها مع إضراب سائقي سيارات الأجرة، الذين يشكلون عصب النقل الشعبي في البلاد.
وردت حكومة الرئيس جواو لورينسو باعتقال رؤساء أربع جمعيات لسائقي الأجرة بتهم تشمل “التحريض على العنف” و”الإخلال بأمن النقل”.
وتميزت هذه الموجة من الاحتجاجات بمشاركة شبابية واسعة وغياب القيادة المركزية.
ويشير المحللون إلى أن الأزمة الحالية هي نتاج تاريخ طويل من حكم الحزب الواحد، “الحركة الشعبية لتحرير أنغولا” (MPLA)، الذي استولى على السلطة عام 1975 ودخل في حرب أهلية دامية استمرت 27 عاماً.
ورغم انتهاء الحرب عام 2002، وتحقيق البلاد لعائدات نفطية ضخمة، إلا أن الثروة تركزت في أيدي النخبة السياسية التي تحولت إلى أوليغارشية اقتصادية.
وتغرق البلاد في ثقافة الفساد والإفلات من العقاب، حيث أصدر الرئيس لورينسو عفواً عن نجل الرئيس السابق، خوسيه فيلومينو دوس سانتوس، الذي كان قد أُدين بتحويل 500 مليون دولار بشكل غير قانوني.
وفي الآن نفسه، تم تعيين ابنة الرئيس الحالي، كريستينا جيوفانا دياس لورينسو، رئيسة تنفيذية لبورصة الديون والأوراق المالية في أنغولا.