مدار: 18 آب/ أغسطس 2025
كما كان متوقعا، خسر اليسار في الانتخابات في بوليفيا، بعد أن دخلها ممزقا، وبالتالي توقفت تجربة 20 سنة من حكم “حركة نحو الاشتراكية”. في المقابل حقق اليمين نتائج أهلته إلى الدور الثاني لحسم المنافسة على الرئاسة.
وتأهل السناتور اليميني رودريغو باز إلى جانب الرئيس الأسبق خورخي “توتو” كيروغا إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في بوليفيا، بعد أن تصدرا نتائج الجولة الأولى التي جرت أمس الأحد، وفق النتائج الأولية.
ونال مرشح اليمين باز 32,15 بالمائة من الأصوات، بينما حل كيروغا المركز الثاني بنيله 26,87، بعد فرز 92 في المئة من أصوات الناخبين.
وعلى عكس التوقعات، احتل رجل الأعمال والمليونير صامويل دوريا ميدينا المركز الثالث بنسبة 19,86 في المئة، بعد أن أشارت استطلاعات الرأي سابقا إلى أنه المرشح الأكثر حظا في هذا السباق الانتخابي، وبالتالي فشل للمرة الرابعة في الوصول للرئاسة
أما المرشح اليساري الرئيسي أندرونيكو رودريغيز والذي يشغل منصب رئيس مجلس الشيوخ، فقد جاء في المركز الرابع مكتفيا بـ 8 بالمائة من الأصوات.
ولم يحصل مرشح “حركة نحو الاشتراكية” سوى على 3,2 بالمائة من الأصوات، في تراجع كبير للقوة السياسية الحاكمة، في سياق أزمة اقتصادية خانقة، وارتفاع الأسعار، ونقص الوقود، والانقسام الكبير في صفوف اليسار.
وللإشارة، فإن رودريغو باز، البالغ من العمر 57 عاماً، هو نجل الرئيس الأسبق خايمي باز زامورا، الذي تحالف بنفسه مع حزب الديكتاتور العسكري هوغو بانزر ليصل إلى الرئاسة.
أما خورخي “توتو” كيروغا فقد شغل منصب نائب الرئيس في عهد الديكتاتور السابق هوغو بانزر، ثم تولى منصب الرئيس لفترة وجيزة بعد تنحي بانزر عن منصبه لإصابته بالسرطان عام 2001.
أحد أهم العوامل التي ساهمت في هذا التحول الدراماتيكي كان الدور الذي لعبه الرئيس السابق إيفو موراليس. فبعد منعه من الترشح، دعا أنصاره إلى تسجيل غضبهم عبر الإدلاء بأصوات باطلة، وهي دعوة يبدو أنها وجدت صدى واسعاً، حيث بلغت نسبة الأصوات غير الصالحة 19 بالمائة، وهو رقم مرتفع بشكل غير عادي مقارنة بنسبة لا تتجاوز عادة 6 بالمائة.
ومن الواضح أن انقسامات اليسار والأوضاع الاجتماعية المعقدة التي يمر بها هذا البلد الغني بالثروات، ساهمت بشكل حاسم في صعود اليمين إلى السلطة، ونهاية 20 سنة من حكم “حركة نحو الاشتراكية”.
وهكذا، سيكون على البوليفيين الاستعداد للسياسات التقشفية التي يعد بها اليمين المتحمس لتعزيز علاقاته مع الولايات المتحدة، عكس النهج الذي اتبعه موراليس في توطيد علاقات لاباز مع الصين وروسيا.
ومع ذلك، فإن سقوط “حركة نحو الاشتراكية” في هذه الاستحقاقات الانتخابية لا يعني نهاية اليسار، فقواعده الاجتماعية الواسعة، خصوصا في صفوف الفلاحين والسكان الأصليين، معبأة ومؤطرة.
وتشير المؤشرات إلى أن هذه القاعدة الاجتماعية ستكون قطب الرحى في الحركة النضالية المستقبلية للدفاع عن المكتسبات الاجتماعية التي حققتها في حقبة إيفو موراليس ومواجهة السياسات النيوليبرالية التي التزم اليمين بتبنيها.