برازيل دي فاتو + مدار: 16 آب/ أغسطس 2025
لورينزو سانتياغو
أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، يوم الخميس، أنه بصدد إرسال قوات إلى جنوب البحر الكاريبي لتنفيذ عمليات عسكرية في المنطقة. وقال إن الهدف هو اعتقال مهربي المخدرات في أمريكا اللاتينية، رابطا إحدى هذه المجموعات بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
وقد شدد المسؤول الأمريكي، دون تقديم أي دليل، على رواية البيت الأبيض القائلة بأن مادورو هو زعيم “كارتل الشموس”، وهي منظمة إجرامية مزعومة. في 25 تموز/ يوليو، صنفت وزارة الخارجية الأمريكية هذه المجموعة كجماعة إرهابية دولية.
والآن، صعّد روبيو من لهجته، مؤكداً أنه يرسل قوات جوية وبحرية للسيطرة على الكارتلات التي تجلب “السم” إلى الولايات المتحدة. وأكد أن تهريب المخدرات يشكل تهديداً للأمن القومي الأمريكي، ووصف مجدداً حكومة مادورو بـ”المنظمة الإجرامية”.
وصرح قائلاً: “هذه المجموعات تنشط في المياه الدولية. العديد من الدول تتعاون معنا. بعض هذه المجموعات تجلب السم إلى الولايات المتحدة وستتم مواجهتها. إن ’كارتل الشموس‘ هو من أعقد المنظمات الإجرامية الموجودة. نظام مادورو ليس حكومة، بل منظمة إجرامية. لقد استولوا على أراضي دولة ويهددون الولايات المتحدة والدول المجاورة”.
ولم يقدم وزير الخارجية تفاصيل عن العملية، لكنه قال إن الهدف هو اعتراض تدفق المخدرات في المنطقة.
لا يعتقد عسكريون فنزويليون، تحدثوا لـ”برازيل دي فاتو”، أن الولايات المتحدة قد تشن هجوماً عسكرياً ضد البلاد. ورغم أن قطاعات في القوات المسلحة تؤكد عدم استبعاد أي احتمال بشكل نهائي، إلا أنها ترى أن إرسال الطائرات والسفن هو مجرد تهديد آخر واستعراض قوة من قبل البيت الأبيض.
ويأتي هذا القرار في أعقاب تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأسبوع الماضي، يقول إن ترامب كان قد وقّع أمراً تنفيذياً سرياً يوجه البنتاغون بالبدء في استخدام “القوة العسكرية” ضد بعض كارتلات المخدرات في أمريكا اللاتينية التي تعتبر إرهابية. ويجيز الأمر تنفيذ عمليات عسكرية مباشرة في البحر وفي دول أخرى.
يعزز هذه الفرضية هنري نافاس نييفيس، رئيس برنامج الماجستير في التاريخ العسكري بالجامعة العسكرية البوليفارية في فنزويلا، مؤكداً أن الولايات المتحدة تعلمت من حربي العراق وأفغانستان، وهما صراعان كلفا الأمريكيين ثمناً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً باهظاً.
وقال نييفيس لـ”برازيل دي فاتو”: “منذ عهد أوباما، برز نموذج جديد لحرب الولايات المتحدة ضد الدول النامية. لقد تخلوا عن المواجهات المسلحة المباشرة وأدركوا أنه كان من الممكن إسقاط معمر القذافي في ليبيا دون إنزال جندي واحد. وهم يطبقون هذا النموذج ويكررونه. إن استخدام قواتهم العسكرية الخاصة غير ملائم في هذه الحالات، لذا يلجأون إلى المضايقات والإجراءات القسرية أحادية الجانب”.
ويرى العسكريون أن منطق البيت الأبيض ينطلق من تحفيز الصراعات والهجمات التي تشنها جماعات شبه عسكرية واليمين المتطرف على الأراضي الفنزويلية.
هذا الأسبوع، أعلنت الحكومة الفنزويلية عن إحباط محاولة هجوم جديدة ضد منشآت استراتيجية في فنزويلا. وقال وزير الداخلية، ديوسدادو كابيو، يوم الثلاثاء، إن قوات الأمن كشفت عن خطط إرهابية نظمتها قطاعات من اليمين المتطرف بالتعاون مع جماعات شبه عسكرية.
ووفقاً له، تم ضبط متفجرات قادرة على إصابة أهداف على بعد يصل إلى 1.2 كيلومتر، كانت ستُستخدم لمهاجمة مستشفيات ومحطات وقود وشخصيات سياسية.
أحد الأهداف كان ساحة فنزويلا في وسط كاراكاس. وبحسب كابيو، كانت المجموعة تعتزم تفجير نصب النصر في الحرب الوطنية العظمى ضد النازية، الذي أُهدي إلى الاتحاد السوفيتي وافتُتح في النصف الأول من هذا العام.
يؤكد نافاس أن هذه التهديدات العسكرية الأمريكية الجديدة “لا يمكن تفسيرها”، لأنها تستند إلى اتهام لا أساس له، وهو أن مادورو ينسق منظمة إجرامية.
وقال: “في الواقع، وجهت الحكومة الفنزويلية ضربة قاصمة لتهريب المخدرات. هذه الإجراءات العدوانية هي أيضاً رد على العمليات الشرطية الفنزويلية ضد اليمين المتطرف، الذي حاول تنظيم أعمال إرهابية تم فضحها وتفكيكها من قبل قوات الأمن، بالإضافة إلى أطنان المتفجرات التي تم ضبطها”.
تصعيد التهديدات
منذ الانتخابات البلدية في 27 تموز/ يوليو، رفعت الولايات المتحدة من وتيرة تصريحاتها ضد الحكومة الفنزويلية. في مقابلة مع “فوكس نيوز”، قالت المدعية العامة الأمريكية، باميلا بوندي، إنه تم ضبط أكثر من 700 مليون دولار من ممتلكات مادورو. وقالت إنها “قصور وسيارات وطائرات ومجوهرات” تمت مصادرتها، لكنها لم تقدم أي دليل ولم توضح مكان هذه الممتلكات.
يرى نافاس أن هذا التصعيد في التهديدات هو نتاج أزمة عميقة تعيشها الولايات المتحدة، تشمل صراعاً بين أجنحة محافظة مختلفة على النفوذ في السلطة. بالنسبة له، تسعى مجموعة روبيو إلى تحقيق هذا التفوق حتى تستعيد “تعاطف” قاعدتها الداعمة في فلوريدا، حيث يتركز اليمين المتطرف اللاتينوأمريكي الذي يعيش في الولايات المتحدة.
وقال: “هناك فسيفساء من المصالح في الولايات المتحدة المتنافسة، وتسعى للسيطرة على القرار السياسي للبيت الأبيض. يقود روبيو إحداها، ويمارس ضغطاً على الحكومة لشن هجوم على فنزويلا في محاولة لإسقاط الحكومة. هذا تصعيد ورد على تقدم حكومة مادورو التي حققت انتصارات كبيرة في الانتخابات الإقليمية والتشريعية والبلدية الأخيرة”.
في الأسبوع الماضي، أعلنت الولايات المتحدة عن زيادة المكافأة إلى 50 مليون دولار مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقال الرئيس نيكولاس مادورو. وردت الحكومة الفنزويلية على الفور على هذه الرسالة. وقال وزير الخارجية، إيفان خيل، إن الإعلان هو “عملية دعاية سياسية سخيفة ومزحة”.
كما كان وزير الدفاع، فلاديمير بادرينو لوبيز، من بين الذين عبروا عن موقفهم. وقال إن هذا “غير أخلاقي”، وأكد أن الجماعات الإجرامية التي كانت تنشط في فنزويلا، مثل “قطار أراغوا”، قد تم “تفكيكها بالكامل”.
ورد مادورو أيضاً على الاتهامات وقال إن الرد الفنزويلي قد يكون “بداية نهاية الإمبراطورية الأمريكية”. ويوم الخميس، وصف الرئيس الخطوة الأمريكية بأنها “حرب تصريحات”.
كل هذا التوتر كان له صداه أيضاً لدى اليمين المتطرف الفنزويلي. حيث وجهت النائبة السابقة الليبرالية المتطرفة ماريا كورينا ماتشادو، يوم الخميس، الشكر للرئيس الجمهوري على “الضغط لهزيمة هذه المنظمة الإجرامية”.