معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي + مدار: 07 آب/ أغسطس 2025
فيجاي براشاد
صورة الواجهة: باية محي الدين (الجزائر)، موسيقى، 1974.
تناولت وجبة الغذاء، في تموز/ يوليو، مع ميراي فانون مينديس-فرانس، بعد أيام قليلة من الذكرى المئوية لميلاد والدها فرانز فانون. علّقتُ على أن فانون مات شابًا، في التاسعة والثلاثين، فصحّحت لي ميراي: “لا، بل في السادسة والثلاثين”. حتى ثلاث سنوات إضافية كانت لتكون هدية له، لأنه ربما كان سيتمكن من إنجاز أعمال أخرى وقضاء المزيد من الوقت مع عائلته، ولنا لأننا ربما كنا سنحصل على الكتاب الذي كان سيأتي بعد معذبو الأرض – ربما كتاب حول كيفية بناء مشروع وطني لا يقع في شرك القومية الضيقة. لكن ذلك لم يتحقق.
فكرت في حديثي مع ميراي وفي الإرث الذي تركه والدها، فطلبت من فريق معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي مساعدتي في إعداد قائمة للقادة والمفكرين الثوريين الذين ماتوا قبل بلوغهم الأربعين. تدفّقت الأسماء، وقبل أن أدرك ذلك، كانت أمامي عدة صفحات، نصب تذكاري رقمي لأشخاص اغتيلوا بسبب آرائهم، وانتقلت القائمة من جوزينا ماشيل من موزمبيق (25 عامًا) إلى تشي جيفارا من كوبا (39 عامًا). راودتني الرغبة في نشر نسخة مختصرة من القائمة في هذه المراسلة، لكني تراجعت. كيف يختصر المرء قائمة غير كافية أصلاً، حيث أن الكثير من الناس، قادة ومفكرين، في العديد من المناطق، قد اغتيلوا على يد أدوات القمع الهائلة التي أقامها النظام الإمبريالي؟

بدلاً من إنتاج قائمة غير كافية، سنبقى للحظة مع فانون، الذي نشر كتابين خلال حياته القصيرة: بشرة سوداء، أقنعة بيضاء في عام 1952 ومعذبو الأرض، الذي نُشر في عام 1961، قبل وفاته بأشهر قليلة. نُشر كتابان آخران، الاستعمار يحتضر، الذي كُتب عام 1959، ونحو الثورة الأفريقية، وهو مجموعة من المقالات كتبها بين 1952 و1961، ونشرت سنة 1964 بعد وفاته.
يستحيل أخذ هذا العمل والقول بأن هذا هو فانون، وأن هذا هو كل ما كان سينتجه، وأن كل ما فعله – ممارسته للطب النفسي، ونضاله في حركة التحرير الجزائرية – هو كل ما كان سيساهم به. يتعامل الباحثون مع إرث فانون على أنه مكتمل، لكنه في الواقع لم يكن قد بلغ ذروته بعد. فتح وضوح الحجج في كتابه الأخير آفاقا جديدة من البحث كان سيتابعها بعد عام 1961 لو امتد به العمر – خاصة في ضوء الأدلة التي ظهرت بعد ذلك حول القيود الداخلية والخارجية المفروضة على دول ما بعد الاستعمار.
نشر معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي قبل خمس سنوات، ملفًا عن فانون بعنوان بريق المعدن (آذار/ مارس 2020)، والذي قدم طرحًا أوليًا لفكر فانون حول التحرر الوطني. لكنه مجرد طرح أولي – فقد ظلت نظرية فانون غير مكتملة في لحظة وفاته المبكرة.
تتضح عناصر الكتاب الذي كان سيأتي بعد معذبو الأرض في المقال الذي كتبه فانون بعد اغتيال باتريس لومومبا البالغ من العمر خمسة وثلاثين عامًا في 17 كانون الثاني/ يناير 1961. تُختصر الحجة في مقال “موت لومومبا: هل كان بإمكاننا التصرف بشكل مختلف؟”، الذي نُشر في أفريك أكشن في فبراير 1961، في فقرة قوية واحدة:
كان خطؤنا، الخطأ الذي ارتكبناه نحن الأفارقة، هو أننا نسينا أن العدو لا ينسحب بصدق أبدًا. إنه لا يفهم أبدًا. إنه يستسلم، لكنه لا يغيّر طبيعته.
خطؤنا هو أننا صدقنا أن العدو قد فقد ضراوته وقدرته على القتال. إذا كان لومومبا عائقًا، فسيختفي. لم يكن التردد في القتل سمة الإمبريالية قط.
إن الإمبريالية، في الواقع، ليست كريمة أو إنسانية مطلقا.

يذكر فانون في مقاله عن لومومبا أيضًا اسمين لكنه لا يتعمق فيهما: “انظروا إلى بن مهيدي، انظروا إلى مومي، انظروا إلى لومومبا”.
كان محمد العربي بن مهيدي (1923–1957) أحد الأعضاء المؤسسين الستة لجبهة التحرير الوطني الجزائرية. عُرف باسم “العربي الحكيم”، وكان قائد المنطقة العسكرية الخامسة في منطقة وهران، ثم قاد جبهة التحرير الوطني في معركة الجزائر. قُبض عليه في شباط/ فبراير 1957، وعُذّب بوحشية، وأُعدم بعد شهر عن عمر يناهز ثلاثة وثلاثين عامًا. لم تكن فرنسا لتتسامح مع هذا الجزائري المستقيم.
قاد فيليكس-رولاند مومي (1925–1960) اتحاد شعوب الكاميرون طوال نضال البلاد من أجل الاستقلال، الذي اندلع عام 1955. وكما في الجزائر، كان القمع الفرنسي في الكاميرون شيطانيًا، مما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص في هجمات وحشية على المراكز المدنية. وقد تم نسيان هذا التاريخ إلى حد كبير. اغتيل مومي في جنيف على يد عضو في أجهزة الأمن الفرنسية، الذي سممه بالثاليوم. كان في الخامسة والثلاثين من عمره.
أبرزت وفيات بن مهيدي ومومي ولومومبا – الذين عرفهم فانون جميعًا شخصيًا – وحشية الإمبريالية. إذا ظهر راديكالي في الأفق ليقود شعبًا إلى السيادة، فلا يمكن السماح لهذا الراديكالي بالبقاء. كان لومومبا راديكاليًا، رجلاً “مباعًا لأفريقيا”، كما كتب فانون، مما يعني أن قلبه كان مع شعوب أفريقيا ولم يُبع للإمبريالية. لهذا السبب قُتل.

رفضت بلجيكا وبريطانيا وفرنسا والبرتغال الانسحاب سلميًا من مستعمراتها الأفريقية. استخدمت كل التكتيكات، بما في ذلك تلك التي استخدمها النازيون واليابانيون في الحرب العالمية الثانية والتي أُعلنت فيما بعد جرائم حرب خلال محاكم نورمبرغ وطوكيو، على التوالي. لو طبّق التعريف المستخدم في هذه المحاكمات على الحروب الاستعمارية من الجزائر إلى الكاميرون، لشنق القادة العسكريين والمدنيين لهذه الدول الأوروبية.
شُنق الجنرال تومويوكي ياماشيتا من الجيش الإمبراطوري الياباني، على سبيل المثال، في عام 1946 بعد أن أدانته محكمة طوكيو بموجب مبدأ مسؤولية القيادة (المعروف لاحقًا بمعيار ياماشيتا) عن الفظائع التي ارتكبتها قواته ضد المدنيين في الفلبين. لو تم تطبيق هذا المعيار بشكل منهجي، لكان المشير البريطاني جيرالد والتر روبرت تيمبلر قد شُنق لدوره في حالة الطوارئ الملاوية (1948–1960)، بما في ذلك استخدام البريطانيين لمعسكرات الاعتقال والحرب بمبيدات الأعشاب ضد السكان عمومًا، والتي سبقت الاستخدام اللاحق لـ “العامل البرتقالي” من قبل الولايات المتحدة في فيتنام.
كان الجنرالان الفرنسيان جان-ماري لامبرتون وماكس بريان، بنفس المقياس، سيشنقان لدورهما في حرب الكاميرون (1955–1964)، حيث استخدمت القوات الفرنسية وحشية مفرطة ضد المتمردين والمدنيين على حد سواء، بما في ذلك مذابح موثقة وتقارير عن استخدام قطع الرؤوس كحرب نفسية.
ماتوا جميعًا، بالطبع، والأوسمة ملفوفة حول صدورهم.
تجدر الإشارة إلى أن فرنسا، عندما أوشكت الحرب على النهاية، اختبرت قنبلتها النووية في رقان الجزائرية، في الصحراء الكبرى، في 13 شباط/ فبراير 1960، مما جعل فرنسا رابع دولة في العالم تمتلك أسلحة نووية. رفضت فرنسا الانضمام إلى معاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية لعام 1963. نالت الجزائر استقلالها عام 1962، لكن فرنسا احتفظت بعقد إيجار لمدة خمس سنوات لمواصلة اختبارات الأسلحة النووية في رقان، وهو ما فعلته حتى عام 1966. بعد ذلك، نقلت فرنسا اختباراتها إلى جزيرتي فانغاتوفا وموروروا المرجانية في المحيط الهادئ، حيث أجرت 193 تجربة نووية على مدى الثلاثين عامًا التالية.
كتب فانون في معذبو الأرض بينما كانت فرنسا تختبر قنابلها الذرية في رقان: “تلك المبالغ الفلكية حرفيًا من الأموال التي تُستثمر في البحوث العسكرية، أولئك المهندسون الذين يتحولون إلى فنيين في الحرب النووية، يمكنهم في غضون خمسة عشر عامًا رفع مستوى معيشة البلدان المتخلفة بنسبة 60 في المائة”. بينما كتب عن الاختبارات من الناحية الاقتصادية، كان يمكنه أن يكتب عنها من حيث التهديدات السياسية: إذا لم تنجح الاغتيالات، كانت القنبلة الذرية متاحة أيضًا لفرنسا لاستخدامها ضد مستعمراتها المتمردة.

التقى فانون لومومبا ومومي نيابة عن الحكومة الجزائرية المؤقتة في مؤتمر شعوب عموم أفريقيا عام 1958 الذي نظمه رئيس وزراء غانا كوامي نكروما في أكرا. تحدثوا عن ضرورة نضالات التحرر الوطني، وكيفية حماية أنفسهم على أفضل وجه من وحشية القوة الإمبريالية، وكيفية التقدم أبعد من مخالب البنية الاستعمارية الجديدة. كان فانون مهتمًا بإنشاء فيلق أفريقي، وهو قوة عسكرية لحروب تحرير القارة يتم تدريبها من قبل الجزائريين وحلفائهم. كتب فانون في مذكراته من هذه الاجتماعات عن وفاة مومي:
موت مجرد يضرب الرجل الأكثر واقعية، الأكثر حيوية، الأكثر اندفاعًا. كانت نبرة فيليكس عالية باستمرار. عدواني، عنيف، مليء بالغضب، عاشق لوطنه، كاره للجبناء والمناورين. متقشف، صلب، لا يفسد. شعلة من الروح الثورية معبأة في ستين كيلوغرامًا من العضلات والعظام.
يمكن لهذه الجمل عن مومي أن تصف فانون خير وصف.
يفيد السجل الرسمي لوفاة فانون بأنها كانت بسبب الالتهاب الرئوي القصبي، لكن هذا مجرد ما هو مدون في الشهادة. كان هناك رجل من وكالة المخابرات المركزية، سي. أوليفر إيزلين، حاضرًا عندما توفي.