أ ف ب: 02 شباط/ فبراير 2025
تقدّمت حركة “إم23” المتمردة المدعومة من رواندا الجمعة جنوبا في الكونغو الديموقراطية بعد سيطرتها على أكبر مدن شرق البلاد، في معارك أوقعت وفق الأمم المتحدة ما لا يقلّ عن 700 قتيل في أسبوع.
وكانت الحركة سيطرت على غالبية أراضي غوما، عاصمة إقليم شمال كيفو في وقت سابق من الأسبوع الحالي، وتعهّدت بمواصلة الزحف إلى العاصمة كينشاسا.
وأعلنت الأمم المتّحدة الجمعة أنّ ما لا يقلّ عن 700 قتيل و2800 جريح سقطوا في المعارك التي دارت بين الأحد والخميس في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية للسيطرة على مدينة غوما.
وشكّل الهجوم الذي استمر أسابيع تصعيدا دراماتيكيا في منطقة تشهد نزاعا منخرطة فيه عشرات الحركات المسلّحة وأودى بحياة نحو ستة ملايين شخص على مدى ثلاثة عقود.
وتقول رواندا إنها تسعى للقضاء على مقاتلين مرتبطين بالإبادة الجماعية التي وقعت في العام 1994، لكنّها متّهمة بالسعي للاستفادة من موارد المنطقة، لا سيما المعادن المستخدمة في الإلكترونيات العالمية.
وتثير الأزمة قلقا على مستوى القارة وخشية مراقبين دوليين، وتعقد “الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي” قمة استثنائية الجمعة في هراري، عاصمة زيمبابوي، لمناقشة الوضع “المقلق” في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية.
وجاء في البيان الختامي للقمة أن قادة دول التكتل يؤكدون “التزامهم الراسخ مواصلة دعم جمهورية الكونغو الديموقراطية في سعيها لحماية استقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها”.
وأدى حاكم عسكري جديد لشمال كيفو اليمين الدستورية الجمعة في مدينة بيني التي أعلنت عاصمة جديدة للإقليم بعد سقوط غوما. وقضى الحاكم السابق لشمال كيفو الأسبوع الماضي بعد إصابته بالرصاص بالقرب من خط المواجهة.
ميدانيا، واصل مقاتلو حركة “إم 23” تقدّمهمم جنوبا، حيث قالت مصادر محلية يوم الخميس إن القتال يتركز على بعد نحو 30 كيلومترا من مدينة كافومو.
وتحوي المدينة مطارا عسكريا استراتيجيا، وقد أنشأت فيها القوات المسلّحة الكونغولية خط دفاعها الرئيسي على بُعد 40 كلم إلى الشمال من بوكافو، عاصمة إقليم جنوب كيفو.
وأعربت الأمم المتّحدة الخميس عن “قلقها البالغ” إزاء معلومات “موثوق بها” تفيد بأنّ متمرّدي حركة “إم 23” يتقدمّون نحو بوكافو بعدما سيطروا على غوما.
وقال المتحدّث باسم المنظمة الأممية ستيفان دوجاريك “نشعر بقلق بالغ” بعد “ورود معلومات موثوق بها عن تقدم سريع لحركة إم23 باتجاه مدينة بوكافو”.
نداء للتطوّع
وفي بوكافو البالغ عدد سكانها مليوني نسمة والتي تعدّ ثاني أكبر مدينة في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية بعد غوما، شوهدت طوابير طويلة من المتطوّعين يصطفون للانضمام إلى ميليشيا كونغولية تقاتل إلى جانب الجيش.
وانخرط عشرات الشبّان في تدريبات ميدانية داخل إستاد رياضي، غداة نداء وجّهه وزير الداخلية الإقليمي للتطوّع من أجل صدّ حركة “إم23”.
وقال المتطوّع جوفينال باهاتي موهيغيروا، “أنا مستعدّ للموت من أجل بلدي”.
ولم يعلّق الجيش بعد على التقدّم الذي أحرزته الحركة المتمردة مؤخرا، لكنّ الرئيس فيليكس تشيسكيدي قال في وقت سابق من هذا الأسبوع إنّ جيشه ينفّذ “ردا قويا ومنسّقا ضد هؤلاء الارهابيين”.
ولم ترشح بعد معلومات واضحة تتّصل بالهجوم السريع لـ”إم23″، لكن إلى الآن ما زال محدودا تصدّي القوات الكونغولية التي تفتقر إلى التجهيز والمنخفضة الأجور، للحركة المتمردة.
في غوما، باشر سكان إحصاء القتلى والبحث عن الطعام، في حين غصّت المستشفيات بالجرحى.
وقال أحد السكان طالبا عدم كشف هويته “لا نريد أن نعيش تحت نير هؤلاء”.
وحضّت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين وبريطانيا وفرنسا والوسيط أنغولا، رواندا على سحب قواتها.
وقالت بريطانيا الخميس إنها تدرس إعادة النظر بالمساعدات لرواندا.
ويرفض الرئيس الرواندي بول كاغامي بشدة الاتهامات الموجّهة لبلاده بدعم الحركة المتمردة، قائلا إن “حركة إم23 ليست رواندية بل كونغولية”.
وشارك تشيسكيدي عبر الإنترنت في قمة “الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي”.
ويأتي الاجتماع عقب تصاعد التوترات بين كاغامي والرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامابوزا على خلفية مقتل 13 من جنود جنوب إفريقيا في شرق الكونغو الديموقراطية.
وكان الجنود ضمن بعثة “الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي” المنتشرة في الكونغو الديموقراطية منذ العام 2023 والتي تضم 2900 عنصرا من مالاوي وجنوب إفريقيا وتنزانيا.
زحف إلى كينشاسا
ودخلت قوات رواندية وحركة “إم23” غوما الأحد. وخلال اشتباكات عنيفة استمرت أياما عدة وأسفرت عن أكثر من مئة قتيل، سيطرت الحركة على غالبية أنحاء المدينة حيث استسلم كثر من الجنود الكونغوليين أو فروا.
والخميس قال كورنيل نانغا، وهو قائد ائتلاف مجموعات تضمّ “إم23″، لصحافيين في غوما “نحن في غوما ولن نغادر”.
وأضاف “سنواصل مسيرة التحرير وصولا إلى كينشاسا”.
وتقول الأمم المتحدة إنها وثّقت مقتل “12 شخصا على الأقل على يد إم23″ في الأسبوع الماضي وإنها بصدد التحقق من تقارير تفيد بـ”اغتصاب قوات كونغولية” لـ52 امرأة في جنوب كيفو.
وفاقم الهجوم أزمة إنسانية مزمنة في المنطقة حيث نزح أكثر من 500 ألف شخص منذ كانون الثاني/يناير، بحسب بيانات الأمم المتحدة.
وأعربت المنظمة الدولية للهجرة الجمعة عن “قلقها البالغ إزاء نزوح مئات الآلاف من المدنيين خلال الأيام القليلة الماضية في غوما”.
وتتّهم الكونغو الديموقراطية رواندا بشن هجوم لاستغلال الثروة المعدنية للمنطقة.
وأيّد تقرير أعده خبراء أمميون في تموز/يوليو هذه الادعاءات، وخلص إلى أن رواندا لديها آلاف الجنود في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية وأنها “تسيطر بحكم الأمر الواقع” على حركة “إم23″، وهو ما نفته رواندا.