مدار: 16 أيلول/ سبتمبر 2021
يُصادف اليوم الذكرى التاسعة والثلاثين على إحدى أفظع مجازر دولة الاحتلال الصهيونية في تاريخ العالم العربي والقضية الفلسطينية، ارتُكبت بحق اللاجئين الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا بلبنان، على يد الجيش الإسرائيلي ومليشيات لبنانية وجيش لبنان الجنوبي…
وتعتبر هذه المذبحة من أسوأ ما شهده العالم من مذابح، إذ عرفت جرائم ذبح وقتل واغتصاب للنساء، وأحداثا دموية استمرت 3 أيام (16- 17-18 أيلول/ سبتمبر 1982).
ولا يعرف عدد القتلى في المذبحة بالضبط، فيما تشير التقديرات إلى حوالي 4000 قتيل من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين العزل من السلاح، أغلبيتهم من الفلسطينيين، لكن من بينهم لبنانيون أيضًا.
في ذلك الوقت، كان المخيم مطوَّقًا بالكامل من قبل جيش لبنان الجنوبي والجيش الصهيوني الذي كان تحت قيادة أرئيل شارون ورفائيل إيتان، أما قيادة القوات المحتلة فكانت تحت إمرة المدعو إيلي حبيقة، المسؤول الكتائبي المتنفّذ.
ونفذت القوات الانعزالية المجزرة التي هزت العالم، بعيداً عن الإعلام، مُستخدمةً السلاح الأبيض وغيره في عمليات تصفية سكان المخيم العُزَّل. وكانت مهمة جيش الاحتلال الصهيوني محاصرة المخيمين وإنارتهما ليلاً بالقنابل المضيئة، ومنع هروب أي شخص بعد عزل المخيَّمَيْن عن العالم، وبهذا تسهل إسرائيل المهمة على القوّات اللبنانية، وتقتل الأبرياء الفلسطينيين دون خسارة رصاصة واحدة، وبوحشية لم يشهد العالم نظيرًا لها منذ مئات السنين.
عدد الضحايا
هناك عدة تقارير تشير إلى عدد ضحايا مذبحة صبرا وشاتيلا، لكن لا يوجد تلاؤم بينها، فالفارق بين المعطيات الواردة في كلٍ منها كبير.
في رسالةٍ من مُمثّلِي الصليب الأحمر إلى وزير الدفاع اللبناني يقال إن تعداد الجثث بلغ 328 جثة، لكن لجنة التحقيق الإسرائيلية برئاسة إسحاق كاهان تلقت وثائق أخرى تشير إلى تعداد 460 جثة في موقع المذبحة.
وفي تقريرها النهائي استنتجت لجنة التحقيق الصهيونية من مصادر لبنانية وإسرائيلية أن عدد القتلى بلغ ما بين 700 و800 نسمة. وفي تقرير إخباري لهيئة الإذاعة البريطانية BBC يشار إلى 800 قتيل في المذبحة.
وقدرت بيان نويهض الحوت، في كتابها “صبرا وشتيلا – سبتمبر 1982″، عدد القتلى بـ1300 على الأقل، حسب مقارنة بين 17 قائمة تفصل أسماء الضحايا ومصادر أخرى.
وأفاد الصحافي البريطاني روبرت فيسك بأن أحد ضباط الميليشيا اللبنانية أخبره بأن أفراد الميليشيا قتلوا 2000 فلسطيني.
أما الصحفي الإسرائيلي الفرنسي أمنون كابليوك فقال في كتاب نشر عن المذبحة إن الصليب الأحمر جمع 3000 جثة.
تجدر الإشارة إلى أن قرار المذبحة صدر برئاسة رفائيل ايتان، رئيس أركان الجيش الصهيوني، وآرييل شارون، “وزير الدفاع” آنذاك.
ودخلت ثلاثة فرق إلى المخيم، كل منها يتكون من خمسين مسلحًا، بحجة وجود 1500 مسلح فلسطيني. وقامت مجموعات الميليشيات اللبنانية بمحاصرة سكان المخيم، وأخذت تقتل المدنيين من كافة الأعمار والفئات، وضمنهم أطفال أيضاً في سن الثالثة والرابعة وُجدوا غرقى في دمائهم، وحواملُ بُقِرت بُطونهن، ونساءٌ تم اغتصابهنّ قبل قتلهن، ورجالٌ وشيوخ ذُبحوا وقُتلوا؛ وكل من حاول الهرب كان القتل مصيرُه.
بدورها، أحكمت الآليات الصهيونية إغلاقَ كافة مداخل النجاة إلى المخيم، فلم يُسمح للصحافيين ولا وكالات الأنباء بالدخول إلّا بعد انتهاء المجزرة.
لجنة تحقيق…
أمرت الحكومة الصهيونية المحكمة العليا في 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 1982 بتشكيل لجنة تحقيق خاصة، فقرر رئيس المحكمة، إسحاق كاهان، أن يرأس اللجنة بنفسه، وسميت “لجنة كاهان”.
في 7 شباط/ فبراير1983 أعلنت اللجنة نتائج البحث، وقررت أن “وزير الدفاع” الصهيوني آرييل شارون آنذاك يتحمل مسؤولية مباشرة عن المذبحة…كما انتقدت رئيس الوزراء مناحيم بيغن، ووزير الخارجية إسحاق شامير، ورئيس أركان الجيش رفائيل ايتان، وقادة المخابرات، مشيرة إلى أنهم لم يقوموا بما يكفي للحيلولة دون المذبحة أو لإيقافها حينما بدأت.
ورفض أريئيل شارون قرار اللجنة، لكنه استقال من منصب الوزارة بعدما كثفت الضغوط عليه؛ وبعد استقالته عُيِّن وزيرًا بلا حقيبة وزاريّة (أي عضو في مجلس الوزراء دون وزارة معينة لإسرائيل)، إلّا أنه بعد ذلك انتخب رئيسًا للحكومة، وقام بمجازر غيرها في الأراضي الفلسطينية، ولم تتم محاكمته رغم ثبوت التهم عليه.