مدار + مواقع: 02 أيلول/ سبتمبر 2020
بعد إعلان ما سمي اتفاق أو معاهدة “سلام” بين الإمارات ودولة الاحتلال “إسرائيل”، بوساطة أمريكية، وبقيادة كل من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ توالت ردود الفعل المنددة من كل القوى الحية المناهضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، في مقابل زمرة قليلة من المرحبين.
واعتبرت الفصائل الفلسطينية بمختلف تلاوينها الاتفاقية ذاتها خيانة للقضية الفلسطينية ونضالات شعبها المستلب ودماء شهدائها، كما جاء في تصريحاتها الرسمية، والأمر نفسه بالنسبة إلى القيادة الفلسطينية، إذ اعتبر الناطق الرسمي باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في بيان صادر بتاريخ 13 أغسطس/غشت، أن “الاتفاق خيانة للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية”.
كما عبرت مجموعة من الدول عن موقفها الثابت الرافض للتطبيع كاليمن وتركيا وإيران…بينما اعتبرت بعض الدول العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني أو السائرة نحوه المعاهدة خطوة “جريئة” و”مهمة”، بدعوى إقرار السلام بالمنطقة والاستقرار بالشرق الأوسط، كمصر وعمان والبحرين.
ولم تنتظر دولة الإمارات كثيرا قبل أن تقوم بأجرأة المعاهدة المبرمة التي كان من أهم بنودها “تبادل السفراء بين الدولتين، وفتح المجال في وجه الاتفاقيات التجارية والاستثمارات والتعاون بين البلدين، وفتح الحدود الجوية في وجه الرحلات المباشرة بين البلدين”، كما حطت بتاريخ 31 أغسطس/آب 2020 أول طائرة إسرائيلية تابعة لشركة “العال” الإسرائيلية بمطار أبو ظبي الرئاسي، عابرة الحدود الجوية السعودية؛ كسابقة أيضا بعد أن كان هذا مرفوضا من طرف المملكة سابقا.
وضمت هذه الرحلة التي وصفها كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بـ”الإنجاز التاريخي”، وفدا إسرائيليا أمريكيا تشكل، إضافة إلى جاريد كوشنر، من مستشار الأمن القومي الأمريكي روبرت أوبراين، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن-شبات، وآخرين، وكان في استقبالهم وفد إماراتي ترأسه وزير الدولة المكلف بالشؤون الخارجية أنور قرقاش.
وتأتي هذه الزيارة قصد تدارس مجموعة من الاتفاقيات وعقد لقاءات مع مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد، ومع مسؤولين إماراتيين آخرين، كما جاء في تغريدة أوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، عبر موقع “تويتر”، حيث غرد قائلا: “بعثة إسرائيلية كبيرة ستبحث مع الطرف الإماراتي إطلاق تعاون بين البلدين في العديد من المجالات، ومنها التجارة والسياحة والاقتصاد والطيران والثقافة”.
كما خلف وصول هذه الرحلة إلى مطار أبو ظبي، عابرة الأجواء السعودية، وحاملة العلم الإسرائيلي وعبارة “سلام” باللغات العربية والإنجليزية والعبرية، عاصفة من التنديد والاستهجان في الأوساط السياسية والإعلامية، لهذه “الخطوة المستفزة التي ستبقى وصمة عار على جبين دولة الإمارات العربية بقيادة الشيخ زايد آل نهيان، الذي يعتبر نفسه قائد السلام بالمنطقة العربية والشرق الأوسط، خاصة بعد محاولة الترويج لوهم إيقاف مسلسل ضم الأراضي الفلسطينية من طرف إسرائيل، واعتبار التطبيع خطوة لإقرار “السلام” الذي يخفي داخله خلفية انتهازية تنتصر للبترودولار على حساب قضية الشعب الفلسطيني ونضالاته”.
ويبقى السؤال المطروح من هي الدولة العربية بعد الإمارات التي ستخرج مخططاتها التطبيعية إلى العلن مستقبلا؟.