معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي + مدار: 30 تموز/ يوليو 2025*
فيجاي براشاد
تخيّم إحصائية مروّعة على الأمم الفقيرة: يعيش 3.4 مليار شخص الآن في بلدان تنفق على سداد فوائد الديون العامة أكثر مما تنفق على التعليم أو الصحة. في عام 2024، وفقًا لتقرير جديد صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، بلغت الديون العامة العالمية 102 تريليون دولار – تدين البلدان النامية بثلثها. التأثير على هذه البلدان شديد بشكل خاص: تفرض أسواق الائتمان على الدول الفقيرة أسعار فائدة أعلى بكثير من تلك التي تفرضها على الدول الأكثر ثراءً، مما يجعل مدفوعات خدمة الديون أعلى نسبيًا بالنسبة للجنوب العالمي. على سبيل المثال، تدفع الولايات المتحدة أسعار فائدة أقل بمعدل مرتين إلى أربع مرات من تلك التي تواجهها الدول الفقيرة.
دفعت الدول الفقيرة، في عام 2023، وفقًا لتحليل الأونكتاد “25 مليار دولار إضافية لدائنيها الخارجيين في خدمة الديون مقارنةً بما تلقته من دفعات جديدة، مما أدى إلى تحويل صافي موارد سلبي”. بتعبير أبسط: تُستنزَف الثروات الاجتماعية للدول النامية من قبل الدائنين الأثرياء – الذين يقع معظمهم في الشمال العالمي.
نهب الثروات الاجتماعية من الجنوب إلى الشمال هي التي أطرت عمل معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي على مدى العقد الماضي. في أعقاب المؤتمر الثاني حول معضلات الإنسانية (المُنعقد في البرازيل سنة 2015)، تأسّس معهدنا لتقديم الدعم الفكري للحركات السياسية والاجتماعية ومساندتها في النضال من أجل التحرر. في السنوات التي تلت ذلك، ركز عملنا على أربعة مجالات رئيسية:
- تسليط الضوء على عمل الحركات، كما في ملفنا لعام 2024 بعنوان “التنظيم السياسي لحركة الفلاحين بدون أرض في البرازيل (MST)”.
- تقديم نقد مفصل للنظام الحالي من وجهة نظر الحركات نفسها، كما في كرّاسنا لعام 2023 بعنوان “العالم في حالة كساد اقتصادي: تحليل ماركسي للأزمة”، الذي يبحث في التداعيات المستمرة للكساد الكبير الثالث الذي تسببت فيه أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة عام 2008.
- بناء إطار بديل للتنمية يتجاوز نظام التقشف والديون الذي يفرضه صندوق النقد الدولي، كما هو موضح في ملفنا لعام 2025 بعنوان “نحو نظرية تنمية جديدة للجنوب العالمي”.
- تقديم تحليل واضح وسهل الفهم للتطورات العالمية والصراعات السياسية من خلال نشراتنا – التي تصدر من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا – والتي تهدف إلى تحفيز النقاش وزيادة الوضوح السياسي وتعزيز الوعي الأممي.
بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لتأسيسنا، أصدرنا الملف رقم 90، “كيف يبدو العالم من منظور معهد القارات الثلاث” (يوليو 2025)، الذي يعرض رؤيتنا العامة للوضع الراهن. يستند تقييمنا إلى خمسة حجج رئيسية:
- مكنت العولمة والنيوليبرالية الطبقة الرأسمالية في الشمال العالمي من الانسحاب من الاستثمار الإنتاجي في بلدانها، مما أدى إلى الركود والتقشف. وترسخ هذا الاتجاه مع بداية الكساد الكبير الثالث.
- أدى إدراك الشمال العالمي أنه لم يعد المشتري الأخير إلى قيام العديد من بلدان الجنوب العالمي الكبرى بإحياء فكرة التعاون بين بلدان الجنوب من أجل التجارة والتنمية، وبلغ ذلك ذروته بإنشاء مجموعة بريكس في عام 2009، والتي توسعت منذ ذلك الحين لتصبح بريكس+.
- تحول مركز الثقل الاقتصادي العالمي من شمال الأطلسي إلى شرق وجنوب شرق آسيا، حيث توجد الآن المراكز الرئيسية للتصنيع والابتكار التكنولوجي.
- يواجه الشمال العالمي صعوبات متزايدة في فرض سيطرته السياسية على النظام الدولي بسبب تراجعه الاقتصادي النسبي، حتى مع استمرار هيمنته العسكرية والبنية التحتية للاتصالات.
- بدلاً من التنافس اقتصاديًا مع الاقتصادات الآسيوية الصاعدة (بقيادة الصين)، يدفع الشمال العالمي، بزعامة الولايات المتحدة، نحو حرب باردة جديدة ضد الصين، مستخدمًا الضغط العسكري والاقتصادي لاحتواء تقدمها التكنولوجي والصناعي.
يختم ملفنا بملاحظة قصيرة حول حالة الصراع الطبقي في خضم هذه التغييرات:
أعداد متزايدة من دول العالم في حالة حركة، تسعى إلى التحرر من النيوليبرالية والإمبريالية وتأكيد سيادتها ومساراتها التنموية. يبدو أن المزيد من الناس في جميع أنحاء العالم يدركون عدم جدوى التقشف الدائم. لكن هذه المشاريع ما زالت هشة، وقد لا تتجلى دائمًا في صور تقدمية. حتى الآن، فإن عدد المناطق التي تسعى إلى التحرر من النظام العالمي الحالي ليس كبيرا أو قويًا بما يكفي لتغيير طبيعة النظام العالمي. ومع ذلك، فإن ملامح التغيير تلوح في الأفق، وهو ما يشكل جوهر الصراع الطبقي العالمي. لا بد أن يحدث شيء ما.
مسألة الكم والكيف هي المفتاح هنا. هناك عدد كبير من الاحتجاجات التي تندلع في جميع أنحاء العالم، وهناك أجزاء من العالم تمتلك حكوماتها الإرادة السياسية للانفصال عن نظام الاستعمار الجديد، غير أن موجة التمرد هذه لم تُحدث بعد تغييرًا جذريًا في النظام العالمي الذي لا تزال تهيمن عليه الكتلة الغربية بقيادة الولايات المتحدة.
اجتاحت في أوائل عقد 2010 موجة من الاحتجاجات ضد نظام التقشف المفروض من قبل صندوق النقد الدولي الجنوب العالمي. في ذلك الوقت، بدا أنه لا يوجد حل ممكن لهذه المعاناة. وقد أصبحت الاحتجاجات نفسها السمة المميزة لحقبة ما بعد الكساد الكبير. ولكن بعد ذلك، بدأ يظهر تحول: بروز جنوب أكثر ثقة – ما نسميه “المزاج الجديد” في الجنوب العالمي. هذا المزاج الجديد لم ينشأ عن النضالات الجماهيرية للطبقة العاملة والفلاحين، بل عن تزايد المطالبات بالسيادة السياسية والاقتصادية لحكومات دول الجنوب. كان تشكيل مجموعة بريكس (BRICS) أحد مؤشرات هذا المزاج الجديد؛ ومؤشر آخر هو الإصرار المتزايد على نظرية تنمية جديدة وبناء مؤسسات بديلة تخدم مصالح دول الجنوب، مثل بنك التنمية الجديد، الذي أنشأته دول بريكس في عام 2014.
بدأت هذه التحركات تنقلنا من فترة الاحتجاج إلى فترة البناء. هل يمكن للدول الفقيرة أن تبني هندسة جديدة للتنمية والسيادة؟ هل يمكن لهذه البنية الجديدة أن تحل محل القديمة؟ هذه هي أسئلة عصرنا.
كجزء من مساهمتنا في هذه البنية الجديدة، يسعدني أن أعلن أن معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي قد عيّن رئيسًا جديدًا لقسم الاقتصاد، وهو إميليانو لوبيز، الذي كان عمله رائدًا في مؤشر التبعية والجغرافية السياسية لعدم المساواة. سيقود فريقنا في صياغة مساهمتنا في نظرية التنمية الجديدة.
لا توجد طريقة للتنبؤ بدقة بما إذا كان أسلوب صندوق النقد الدولي سيسود أم أن نظرية تنمية جديدة – مع هندسة جديدة للتنمية – ستفرض نفسها.
*نشرت هذه المراسلة لأول مرة باللغة بالإنجليزية بتاريخ 24 تموز/ يوليو 2025.