مدار + بيبل ديسباتش: 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2023
في اليوم الثالث للمؤتمر الدولي لمعضلات الإنسانية ناقش المشاركون سبل معالجة الأزمة البيئية من منظور اشتراكي، كما تطرقوا لقضايا الكرامة الإنسانية
يجتمع سنويا المسؤولون الحكوميون، مؤسسات الفكر والرأي، المنظمات غير الحكومية وممثلو “القطاع الخاص” في مؤتمر الأطراف (COP) لمناقشة الإجراءات التي ينبغي لزعماء العالم اتخاذها فيما يتعلق بأزمة المناخ. ويحظى هذا الاجتماع المرموق برعاية أكبر الشركات العابرة للقارات في العالم، مثل يونيليفر، دانون، باير، نستله وغيرها، وهي الشركات المسؤولة عن جزء كبير من الدمار البيئي الذي دفع عالمنا إلى حافة الهاوية.
لكن على الرغم من المناقشات التي يشهدها هذا الفضاء، إلا أنه نادرا ما تتم الإشارة إلى الجاني الحقيقي، ناهيك عن المطالبة بالتغييرات الضرورية لإنقاذ الحياة على هذا الكوكب. إن القرارات الأكثر راديكالية، التي ناضلت من أجلها بكل ما أوتيت من قوة البلدان الأكثر تضررا بالدمار المناخي، نادرا ما تحترم.
لقد أصبحت مساحات مثل المؤتمر الدولي الثالث لمعضلات الإنسانية، أكثر أهمية وراهنية في السياق الحالي، حيث يجتمع الخبراء وأعضاء الحركات الشعبية والناشطون من جميع أنحاء الجنوب العالمي لمناقشة الأسئلة الأساسية التي تواجه الإنسانية، مثل: أزمة المناخ. ركز النقاش في اليوم الثالث من المؤتمر بشكل أقل على تأثيرات تغير المناخ المعروفة اليوم، وبشكل أكبر على الحلول الضرورية لإنقاذ الحياة على هذا الكوكب، كما فضح المتحدثون الحلول التي صاغتها النخب الحاكمة والشركات الكبرى لمعالجة أزمة المناخ، مسلطين الضوء على الرأسمالية التي لا تتوافق مع الحياة.
كان من بين المتحدثين في لجنة الأزمات البيئية، كل من ثيودورا بيوس من الشبكة الوطنية لمجموعات المزارعين الصغار في تنزانيا (MVIWATA)، الباحث والناشط السياسي تيكيندر سينغ بانوار من الهند، حسين الرحيلي من جمعية نوماد في تونس وكارلوس بارينتوس من لجنة وحدة الفلاحين في غواتيمالا.
تحدث ثيودورا عن نضال الفلاحين في تنزانيا وفي جميع أنحاء العالم، الذين ما زالوا يشكلون نسبة كبيرة من الطبقة العاملة. وتطرقت إلى أن الفلاحين يمثلون في كينيا 70% من الطبقة العاملة وهم في الخطوط الأمامية للنضال ضد تغير المناخ، وعبرت على أن: “يحاول الناس الدفاع عن حقوقهم في استخدام الأراضي والوصول إليها. يدافع الناس عن الغابات وحقوقهم في استخدام المياه والبذور. إننا ندافع عن الحياة على الأرض، عن البشر والحيوانات وكل ما هو موجود”.
وأدانت بشدة أن الحلول التي يقترحها الرأسماليون والشركات لمعالجة الأزمة البيئية، معتبرة أنه هذه الحلول هي حلول مناهضة للشعوب وتزيد من تدمير المناخ، وقالت: “لقد خلق الرأسماليون أزمة، وقد أتوا بحل متمثل في الكائنات المعدلة وراثيا. إنهم يجبرون الجميع على الاعتقاد بأنه ينبغي استخدام الكائنات المعدلة وراثيا كاستراتيجية لحل ما يواجهه الأفارقة مع تغير المناخ”.
صرختها المدوية هي “استعادة حقوق استخدام المشاعات”.
وأشار الباحث اليساري الهندي سينغ بانوار في حديثه إلى أنه حتى كبار العلماء في العالم يدركون أن النظام الحالي يقود البشرية إلى طريق الدمار، وتطرق إلى أن: “يشير تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى ضرورة حدوث تحول منهجي”، لكنه أكد: “إنهم ليسوا شيوعيين… لا يمكنهم تجاوز هذه المفردات”.
وأضاف: “نحن نعرف ماذا يعني التحول المنهجي الذي يجب أن يحدث: نهاية الرأسمالية وولادة الاشتراكية”.
في حين عبر حسين الرحيلي، الذي عانت بلاده تونس في السنوات الأخيرة من موجات الجفاف المتكررة وموجات الحر، إن معركة الخطاب أساسية لمكافحة الدمار المناخي. وأضاف: “على سبيل المثال، تُعَد المؤسسة العسكرية الأمريكية واحدة من أكبر الملوثين على هذا الكوكب، أي أكثر من 140 دولة مجتمعة، ومع ذلك غالبا ما يُشار إلى البلدان الفقيرة في الجنوب العالمي، والفقراء أنفسهم، على أنهم المسؤولون عن ذلك. علينا أن نحارب ونقوض سردية النظام الرأسمالي ونحارب هذه الفكرة التي تتهم الفقراء بالمسؤولية عن ظاهرة الاحتباس الحراري”.
كما أشار الرحيلي إلى بعض الحلول الزائفة التي تقترحها الرأسمالية للأزمة مثل بدائل الطاقة الخضراء التي تستنزف الموارد الطبيعية من الجنوب لتزويد الشمال بالطاقة. وأعلن أن “مصر وليبيا وتونس وجميع بلدان أفريقيا جنوب الصحراء ستشهد استنزافا هائلا للموارد من أراضيها وحتى فقدان الأراضي. إن استخراج الهيدروجين الأخضر يتطلب كميات هائلة من الماء”.
وأضاف: “يمكنني أن أؤكد لكم أن هذه الشركات العابرة للحدود ستستخدم مياه وغازات بحرنا ومحيطاتنا من أجل توفير طاقات بديلة لنفسها ولن نتمكن من توفير أقل كمية من المياه للحفاظ على كرامتنا. فلا كرامة بدون الماء، الماء هو الحياة”.
أشارت نتيما ماخيثا، من اتحاد UNITE في ليسوتو، أيضًا إلى التناقضات التي تحدث عندما يتعين على الجنوب إنتاج الطاقة الخضراء للشمال، “لقد باعت بلادنا المياه … ولكن في بلدنا لا يستطيع 70% من شعبنا الحصول على المياه والآن تشرع البلاد في صفقة الهيدروجين لتصدير الطاقة إلى بلدان أخرى، لكنها لا تستطيع حتى إطعام نفسها. يقال إن الطاقة النظيفة ستساعد في مكافحة تغير المناخ، ولكن ماذا عنا نحن، الأشخاص الذين يعيشون هناك، كيف يمكننا البقاء على قيد الحياة؟”.
تطرق كارلوس بارينتوس، الثوري من السكان الأصليين والفلاحين، بأن الأزمة البيئية يجب ألا يُنظر إليها على أنها منفصلة عن بقاء البشرية، ولكن النضال من أجل بقاء كل من شعوب العالم والكوكب هو شيء واحد، “عليهم أن يفهموا أننا أبناء وبنات الأرض الأم، وما يناسبنا هو النضال من أجل الحياة ومن أجل الاشتراكية”.