مصر..مفاوضات سد النهضة تتعثر والخيارات تتقلص

مشاركة المقال

مدار + مواقع: 27 تموز/يوليوز 2020

تخوض مصر، السودان وإثيوبيا، مفاوضات شاقة بخصوص صد النهضة. ورغم عدم التوصل إلى أي اتفاق إلى حدود الساعة فإن إثيوبيا بدأت ملء بحيرة السد بالفعل. وأظهرت صور للأقمار الاصطناعية أن حوض السد يحتوي على مياه تقدر بأكثر من 100 مليون متر مكعب، حسب خبراء.

وتعتمد مصر على مياه النيل بنسبة 97 في المائة من احتياجاتها المائية، ورغم التخوفات والاعتراضات التي عبرت عنها، تكرارا، فإن إثيوبيا أعلنت أنه ليس هناك ما سيمنعها من بدء عملية ملء السد هذا الشهر.

ويبعد سد النهضة عن الحدود السودانية نحو 30 كيلومترا؛ وتبلغ قدرته الاستيعابية نحو 74 مليون متر مكعب.

وتنذر مباشرة عملية ملء السد، في حالة عدم التوصل إلى اتفاق، بكارثة حقيقية بالنسبة لمصر إذا باشرت إثيوبيا ملء السد كخطوة أحادية.

 ومن أبرز النقاط الخلافية بين الدول المتفاوضة مدة ملء السد، فحسب خبراء إذا تم الملء خلال ثلاث سنوات، وهو السيناريو الأسوأ، فإن ذلك سيؤدي إلى فقدان مصر لنحو 27 مليار متر مكعب من المياه، أي نحو النصف من موازنتها المائية السنوية، وهو ما سيؤدي إلى فقدانها نحو 67 بالمائة من مساحاتها الزراعية، وبالتالي إلى ارتفاع معدلات البطالة، التي تواجه أصلا أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية جمة. وستصل البطالة إلى ما يناهز 34 بالمائة، وستفقد مصر 21 بالمائة على أقل تقدير من الطبقة العاملة، خصوصا في المجال الزراعي.

وتبقى الخيارات المطروحة على الطاولة الاتفاق على ملء السد خلال سبع سنوات؛ ورغم ذلك سيتسبب الأمر في فقدان مصر نحو 30 بالمائة من مساحاتها الزراعية، و9 بالمائة على أقل تقدير من الطبقة العاملة؛ وسترتفع البطالة بنسبة 20 بالمائة إضافية، أخذا بعين الاعتبار الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي ستتضاعف بفعل ذلك. وتتأسس هذه الأرقام، حسب خبراء، على أن ملء السد خلال مدة سبع سنوات يعني تراجع حصة مصر من مياه النيل بنسبة 12 مليار مكعب سنويا، أي ما يناهز 22 بالمائة من إجمالي الموازنة الإجمالية السنوية من المياه بها.

وستفقد مصر 6 بالمائة من مساحاتها الزراعية في حال ملء السد خلال عشر سنوات، وهو ما يعني فقدان 6 بالمائة من الطبقة العاملة، وارتفاع نسبة البطالة بما يقارب 17 بالمائة إضافية.

وتظهر الأرقام أن مصر ستتضر في جميع الأحوال من بناء سد النهضة. وتبقى شدة الضرر متعلقة بالسنوات التي ستعتمدها إثيوبيا في ملء السد.

وسبق لمصر أن طالبت باعتماد مدة 15 سنة لملء السد للحد من الآثار السلبية للعملية، وهو ما رفضته إثيوبيا، فهي تريد الانتهاء من الملء خلال ثلاث سنوات، من أجل توليد الطاقة الكهربائية التي تحتاجها بشكل ماس.

وسبق لمصر وإثيوبيا والسودان أن وقعت اتفاقية في 23 آذار/مارس 2015 في الخرطوم، بمثابة إعلان مبادئ بشأن سد النهضة. واعترفت مصر بموجب الاتفاقية بحق إثيوبيا في بناء سد النهضة على مياه النيل الأزرق.

واشترطت الاتفاقية ألا يضر السد بمصالح دول المصب (مصر والسودان)، غير أنها لم تنصص على حصة كل بلد، ولم تحدد طرق حل الخلافات المتعلقة بالموضوع.

ولم يقم السيسي، الرئيس الذي وصل إلى الحكم إثر انقلاب عسكري، بعرض الاتفاقية على البرلمان قصد المصادقة عليها. وأدى هذا التوقيع إلى إبطال اتفاقية سنة 1993 بين مصر وإثيوبيا تمنع بناء السدود.

 وتعالت أصوات مصرية مطالبة السلطات بشن غارة عسكرية استباقية على سد النهضة، غير أن الدولة لم يسبق أن لوحت بالخيار العسكري رسميا. بيد أن خبراء عسكريين يرون أن البداية المبكرة لفيضان النيل الأزرق، وتشكل ملايين الأمتار المكعبة من المياه التي يتضمنها السد، معرقل يستحيل معه الخيار العسكري، لأنه يهدد سلامة السدود السودانية (الرصيريص، وسنار، ومروي)، إذ سيؤدي تفجير السد إلى تخريبها. وسبق للجيش الإثيوبي أن أعلن أنه حريص على حماية السد من أي اعتداءات خارجية.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة