صورة: DR*
مدار + مواقع: 26 أيلول/ سبتمبر 2020
قبل إعلان الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل، وصلت رسالة نصية إلى المواطنين والمقيمين في الدولة الخليجية تحذرهم من الخوض “في قرار سيادي سيصدر قريبا”، في خطوة استباقية الغرض منها لجم كل صوت معارض لخطوة التطبيع بين البلدين.
وبعد الاتفاق الذي وقع في عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية، أطلقت الإمارات العربية المتحدة حملة إعلامية للترويج لـ”القرار التاريخي” الذي سيحقق السلام في الشرق الأوسط، توجتها بأغنية تحمل “إمارات السلام”؛ غير أن “رعايا” الإمارات لم يتجاوبوا بالكامل مع مقطع الأغنية، الذي يقول “خذني إلى تل أبيب”، إذ دعا معارضون خليجيون التفوا في إطار “خليجيون ضد التطبيع” إلى عقد ندوة افتراضية يوم الإثنين الماضي، تابعها أزيد من 800 ناشط، من السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والكويت وقطر والبحرين.
وخلال الندوة دعا الكاتب سعيد الهاشمي من سلطنة عمان إلى استثمار اليقظة الشعبية تجاه القضية الفلسطينية لإبقائها حية، وصياغة خطاب يتجاوز الشعاراتية، ويكشف ويعري ما يفعله الاحتلال الصهيوني في فلسطين.
وتساءلت الناشطة البحرينية سمية المجذوب: “كيف يمكن في ظل وضع دولي مؤيد لحقوق الشعب الفلسطيني أن يجري التخلي عربياً عن الشعب الفلسطيني وقضيته؟”، وتطرقت لجهود الشارع البحريني في مقاومة التطبيع، عبر سنوات طويلة، مؤكدة أن القضية الفلسطينية والإجماع عليها يتجاوز التيارات والطوائف، وأن الأرضية الخصبة تتوفر لدى جميع الشعوب العربية لمقاومة التطبيع التي هي مهمة الشعوب وليست مهمة جمعيات مناهضة التطبيع فقط.
بدوره، لفت الباحث السعودي سلطان العامر إلى أن هذه الموجة الجديدة من التطبيع تختلف عن الموجة السابقة التي بدأت بتوقيع منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق أوسلو عام 1993، حين تداعى ناشطون ومثقفون في دول الخليج العربية، وخاصة بعد زيارة رئيس دولة الاحتلال السابق شمعون بيريز إلى سلطنة عمان، لمواجهة التطبيع وتأسيس جمعيات لمناهضته، موضحا أن جهود المقاطعة ورفض التطبيع، خاصة بعد انطلاق الانتفاضة الفلسطينية، نجحت في إجهاض هذه الموجة من التطبيع.
من جهة أخرى، اعتبر متدخلون في الندوة، إعلان تطبيع العلاقات بين الإمارات ودولة الاحتلال لحظة مشؤومة في تاريخ منطقة الخليج، إذ تدخل دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى منطقة الخليج للمرة الأولى، في وقت تتوحش ضد الشعب الفلسطيني، وسجلوا أن هذا الاتفاق يأتي في ظل اتفاقات سابقة أكد التاريخ عدم جدواها، ودعوا مقاومي التطبيع إلى توحيد الصفوف وتجميع الجهود لمواجهة هذه الموجة والتواصل مع نشطاء في العالم العربي، وخصوصا في مصر والأردن، اللتين تربطهما علاقات رسمية مع دولة الاحتلال، للاستفادة من تجاربهم في مقاومة التطبيع في ظل وجود علاقات رسمية لبلادهم مع دولة الاحتلال.
كما التأم مثقفون وأكاديميون إماراتيون في هيئة باسم “الرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع”، هي الأولى من نوعها لمناهضة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، في رد سريع على ما وصف بـ”اتفاق السلام” بين بلادهم وإسرائيل، وأعلنوا رفضهم فتح سفارة لإسرائيل في أبو ظبي. وجاء في البيان الأول للرابطة الإماراتية، عبر “تويتر”، أن “اتفاق التطبيع يعتبر بمثابة انحراف قومي وإسلامي عن مسار الإمارات الأصيل، وخيانة للأمة باعتبارها أعطت شرعية لاحتلال فلسطين”، مؤكدة أنها ترفض التطبيع مع الاحتلال في مختلف المجالات.
والحاصل أن خطوة التطبيع التي قام بها النظام الحاكم في الإمارات لم تحقق الاختراق للموقف الشعبي من التطبيع، المطلوب من أكثر من جهة عربية ومن الولايات المتحدة الأمريكية، رغم أنه منذ التسعينيات كانت هناك محاولات تطبيع وتعزيز للعلاقات الإماراتية مع الكيان الصهيوني، حيث لم تظهر على السطح إلا مطلع عام 2000.
من جهة أخرى، وعلى الجانب الرسمي، ليس هناك إجماع خليجي على تأييد الموقف الإماراتي، فقد أكد أمير قطر، اللاعبة على حبلين في موضوع التطبيع، “الموقف الثابت والراسخ لقطر من قضية فلسطين”، كما أعلن حاكم الشارقة، سلطان بن محمد القاسمي، رفضه إقامة علاقات مع إسرائيل، أما الكويت فقد ألقى رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد، يوم الجمعة، كلمة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الخامسة والسبعين، أكد خلالها على موقف الكويت الثابت في دعم الشعب الفلسطيني من اجل الحصول على حقوقه المشروعة وقيام دولته على حدود 67، وعاصمتها القدس الشرقية.
وكان 41 نائبا من أصل 50 وقعوا خلال جلسة برلمانية الثلاثاء الماضي بيانا يؤكد مناهضة الكويت للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وشددوا على أن موقف الكويت ثابت ولن تتراجع حكومة بلادهم عن التزامها بقضية العرب والمسلمين الأولى.