ما هي الدوافع الحقيقية خلف التصعيد العسكري الأمريكي ضد فنزويلا وكولومبيا؟

مشاركة المقال

Share on facebook
Share on twitter
Share on email

مدار: 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2025

تحوّلت مياه الكاريبي إلى مسرح لحشد عسكري أمريكي غير مسبوق، في ظل ما تصفه واشنطن بأنه عملية ضرورية لمكافحة المخدرات، بينما تراه عاصمتان في أمريكا اللاتينية “فبركة لحرب” دوافعها الحقيقية هي النفط والهيمنة السياسية. فما القصة؟

في خطوة وصفت بأنها تصعيد عسكري كبير، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نشر حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد آر فورد”، وهي أضخم منصة هجومية في العالم، للانضمام إلى أسطول ضخم يضم ثماني بوارج حربية وعشرة آلاف جندي وطائرات استطلاع ومقاتلات من طراز “F-35”. 

وتزعم واشنطن أن هذه التعبئة تهدف لمكافحة تهريب المخدرات، وكانت شنت سلسلة من الضربات ضد قوارب صغيرة في المنطقة، أسفرت عن مقتل 43 شخصاً على الأقل منذ سبتمبر/أيلول.

وقد تجندت الأوساط السياسية الأمريكية للدفاع عن هذا التصعيد، إذ اعتبر السيناتور ليندسي غراهام، في منشور له بتاريخ 24 تشرين الأول/ أكتوبر، أن فنزويلا “مرشحة لعمل عسكري حاسم براً أو بحراً أو جواً” لأنها أصبحت “ملاذاً آمناً لكارتيلات المخدرات التي تسمم أمريكا”. 

وألمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إمكانية شن هجوم بري بقوله: “أخبرتهم أن البر سيكون التالي”، مضيفاً أنه لا يتوقع أي معارضة من الكونغرس لمثل هذه الخطوة.

لكن هذه الرواية تواجه رفضاً وتحدياً مباشراً من فنزويلا وكولومبيا، ووصف الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو الضربات الأمريكية بأنها “عمليات إعدام خارج نطاق القضاء” وانتهاك لسيادة بلاده، خاصة بعد استهداف قاربين قبالة سواحل كولومبيا على المحيط الهادئ، في توسع لافت لنطاق العمليات الأمريكية.

ويشكك بيترو بشكل جذري في نوايا الإدارة الأمريكية، مؤكداً أن “جشع النفط يقف وراء الاستراتيجية التي تطلق الصواريخ على الصيادين”، متهما واشنطن صراحة بأن هدفها الحقيقي هو نفط فنزويلا، وليس مكافحة المخدرات. 

وأثار الرئيس الكولومبي قصة صياد من بلده اسمه أليخاندرو كارانزا، وقال إنه قُتل في ضربة أمريكية بينما كان قاربه معطلاً ويرفع إشارة استغاثة، مشدداً على أنه “لا علاقة له بتجارة المخدرات”.

وتزايدت حدة التوترات الدبلوماسية بين كولومبيا والولايات المتحدة، في ظل موقف كولومبيا الرافض للإبادة الجماعية في فلسطين، والتصعيد العسكري في الكاريبي. وأوقفت واشنطن جميع المساعدات المالية لكولومبيا، وفرض وزير الخزانة سكوت بيسينت عقوبات على الرئيس بيترو وأفراد من عائلته. 

وفي المقابل، استدعت كولومبيا سفيرها من واشنطن وأعلن بيترو أنه سيلجأ إلى القضاء الأمريكي للدفاع عن نفسه ضد “الافتراءات”.

في خضم هذا التوتر، تصرّ فنزويلا على أنها ضحية مؤامرة أمريكية متكاملة، واتهم الرئيس نيكولاس مادورو ترامب بـ “فبركة حرب” بهدف تغيير النظام. 

ويرى العديد من المراقبين الإقليميين، أن الأهداف من وراء هذه العمليات ليس مكافحة المخدرات، بل هو السيطرة على أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم الموجودة في فنزويلا، وإسقاط حكومة يسارية تعتبرها واشنطن مركزاً للسياسات المناهضة للإمبريالية في أمريكا الجنوبية. 

وأعلنت كاراكاس إحباط مؤامرة “بتمويل من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)” كانت تهدف لتنفيذ هجوم “بعلم كاذب” على المدمرة الأمريكية “يو إس إس غريفلي” الراسية في ترينيداد وتوباغو، ثم اتهام كاراكاس بالهجوم لتبرير رد عسكري. 

ويتزامن ذلك مع تحليق قاذفات “B-1B” الأمريكية بشكل متكرر بالقرب من الساحل الفنزويلي.

ويرى الرئيس بيترو، وهو أول رئيس يساري في تاريخ البلاد، أن تصعيد واشنطن ضد حكومة بلده يهدف إلى التأثير على الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة في كولومبيا، مضيفا أن تصوير إدارته على أنها “متساهلة” أمنياً أو غير متعاونة في مكافحة المخدرات يخدم روايات المعارضة اليمينية المتطرفة. 

ويمكن أن تؤدي التهديدات الأمريكية وتخفيض المساعدات إلى إضعاف الدولة، مما سيفتح الباب أمام خصومه السياسيين، خصوصا من اليمين المتطرف، إلى تقديم أنفسهم كبديل قادر على “تحسين” العلاقات مع واشنطن.

ومع ذلك، يمكن أن يؤدي العدوان الأمريكي المحتمل إلى نتيجة عكسية، فيوحد قاعدة بيترو الشعبية ويعزز المشاعر المناهضة للإمبريالية والداعمة للسيادة الوطنية، خاصة وأن الرئيس الكولومبي ينجح في تأطير القضية كدفاع عن كرامة البلاد وسيادتها.

وفي هذا السياق، تتزايد التعبئة الشعبية المناهضة للإمبريالية في المنطقة، و أصدر “التحالف البوليفاري لشعوب أمريكتنا (ألبا)” بياناً ندد فيه بـ “سلسلة الأكاذيب والمغالطات” التي أطلقها الرئيس الأمريكي ضد بيترو، واعتبر التهديدات الأمريكية انتهاكاً صارخاً لسيادة كولومبيا. 

وأعلن وزير الدفاع الفنزويلي فلاديمير بادرينو لوبيز عن الدعم الكامل من القوات المسلحة الفنزويلية لكولومبيا، معتبراً أن تهمة “الاتجار بالمخدرات” أصبحت السلاح الذي يشهره “الإمبرياليون” في وجه كل من يرفض الركوع.

مشاركة المقال

Share on facebook
Share on twitter
Share on email

مقالات ذات صلة

فلسطين

الأقوياء الذين يقفون مع إسرائيل

غلوب تروتر/ مدار: 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2025 فيجاي براشاد* تمكنت إسرائيل من تنفيذ إبادتها الجماعية، المنقولة على الهواء مباشرة، في غزة بسبب حلفائها الغربيين