لبنان.. المستشفيات الحكومية تُقفل أمام المرضى!

مشاركة المقال

مدار: 14 تشرين الأول/ أكتوبر 2021

كاترين ضاهر

لم يقف تسونامي الانهيار الشامل في لبنان عند الحدّ الاقتصادي، بل طال كافة القطاعات من تربوية، وبيئية، وخدماتية، وصحية…

ودخل قطاع الصحة في غيبوبة الاحتضار جرّاء غياب السياسات الصحية الرسمية، بعد أن فشلت الحكومات المتعاقبة في تنظيمه، لأن مخططاتها المعتمدة منذ 30 عاماً بقيت مجرّد وعود في برامجها الوزارية، أو تصريحات إعلامية… وأيضاً انعكست تداعيات الأزمة الاقتصادية والنقدية على هذا القطاع الهشّ منذ سنوات وسرّعت من تدهوره.

ومن المتعارف عليه أن سياسات السلطة المتبعة في ضرب المؤسسات العامة على حساب المؤسسات الخاصة طالت أيضاً هذا القطاع الحساس، الذي يتحكّم في حياة ملايين الفقراء في لبنان اليوم، سواء أكانوا من المواطنين اللبنانيين أو اللاجئين والنازحين… إذ كثيراً ما يحرمون من الحصول على العلاج أو إجراء الجراحة اللازمة؛ في حين أن المنظومة الحاكمة عوضاً عن النهوض بهذا القطاع، كانت السبب المباشر في تدميره.

كما طال الاهتراء المؤسسة الصحية العامة، عبر إغلاق المزيد من المستشفيات الحكومية أو تحويلها إلى مستوصفات للمعاينات الطبية أو مراكز علاجية؛ وهي إذ تبلغ 29 مستشفى حكومياً، تتوزع على غالبية المناطق اللبنانية، وبعضها عاطل عن العمل.

وتعاني نصف المستشفيات الحكومية تقريباً من الشح الكبير في مواردها المالية، بسبب عدم صرف مستحقاتها، وتحديداً تلك التي في ذمّة وزارة الصحة العامة، وأيضاً المستحقات المستوجبة من الصناديق الضامنة؛ بالإضافة إلى تفاقم أزمة عدم إنصاف موظفيها بكافة فئاتهم، والمماطلة في دفع مستحقاتهم الزهيدة.

وكأنه لا يكفي أن لبنان يعاني نقصاً حاداً في الأدوية والمستلزمات الطبية منذ أشهر، إلى حد تهديد حياة أصحاب الأمراض الخطيرة والمزمنة، وأولهم مرضى اعتلالات القلب والكبد والكلى والسرطان؛ ها هي الإضرابات المفتوحة تتزايد تباعاً في المستشفيات الحكومية، وسط تجاهل متكرر من المعنيين لها ولأحقية مطالبها، ما يهدد حياة الناس وصحتهم؛ ناهيك، عن موجة الهجرة المتزايدة التي يشهدها قطاع الرعاية الصحية في لبنان، بعدما غادر ما لا يقل عن ثلث الطاقم الطبي البلاد، في أقل من عامين، إلى الخارج بحثاً عن الرزق، ما يعزز من أزمة نقص الأطباء في البلد.

الإضراب المفتوح…

جاء قرار موظّفي “​مستشفى بيروت الحكومي الجامعي​”، و”مستشفى صيدا الحكومي” بتنفيذ إضراب مفتوح ابتداءً من أوائل الشهر الحالي، إلى حين تحقيق مطالبهم، لينذر هذا القطاع بالأسوأ، ويدق ناقوس الخطر، لاسيما بعد تهديدهم بأنه “في حال عدم تجاوب الإدارة والوزارات المعنيّة ستكون لهم خطوات تصعيديّة إلى حين تحقيق المطالب”، وقد بدؤوا تنفيذها فعلياً ومازالت مستمرة في صيدا.

وفي السياق، بعد وصول المفاوضات مع الإدارة إلى حائط مسدود وتلاشي كل الوعود، لجأ موظفو مستشفى بيروت إلى تصعيد خطواتهم الاحتجاجية بإغلاق أقسام الطوارئ ومراكز التلقيح طيلة الأسبوع الماضي، “نتيجة تعنت الإدارة وتجاهلها معاناتهم وعدم قدرتهم على الاستمرار”، ما أجبر إدارة المستشفى على اتخاذ خطوات عملية تتعلق بمطالب الموظفين وحقوقهم.

في المقابل، أقدم الموظفون على تعليق الإضراب، وعاود المستشفى عمله أمس الأربعاء في أقسامه الخارجية كافة، كالأشعة والمختبر والعيادات وغيرها من الأقسام، بخاصة قسم الدخول وقسما طوارئ كورونا والطوارئ العادية ووحدة فحص PCR كورونا للمقيمين والمسافرين.

صيدا…

يواصل موظفو مستشفى صيدا الحكومي إضرابهم، منذ أسبوعين، منفذين عدة اعتصامات أمام مدخل طوارئ المستشفى، احتجاجاً على عدم حصولهم على أدنى مستحقاتهم المالية و قبض رواتبهم المتأخرة، ومعتذرين عن استقبال المرضى باستثناء مرضى الكلى وحالات إنقاذ الحياة؛ وطالبوا وزارة الصحة والدولة بـ”إيجاد حل لمشكلتهم وإنصافهم لدفع مستحقاتهم المالية، والمنح المدرسية والمفعول الرجعي وتعديل بدل النقل، وتأمين ديمومة عملهم”، مؤكدين استمرارهم في تنفيذ الإضراب والتوقف عن العمل باستثناء الحالات الطارئة إلى حين تحقيق مطالبهم.

يُذكر أن أبرز المطالب المرفوعة في كافة المستشفيات الحكومية هي: تصحيح الأجور، دفع الرواتب والمستحقات الأخرى من منح مدرسية ومفعول رجعي، دفع سلفة على الراتب كمساعدة ماديّة لمدّة 3 أشهر قابلة للتجديد، دفع 30% من الرّاتب بالدولار، إنهاء ملف سلسلة الرتب والرواتب والبدء بتطبيقها فوراً، تسديد درجات المتعاقدين، دفع جميع المستحقّات من الأعمال الإضافيّة، وتعديل بدل النقل اليومي…

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة