صورة: DR
مدار + مواقع: 14 تشرين الأول/ أكتوبر 2020
هاجم رئيس تحرير صحيفة عكاظ المحلية، المقرب من الديوان الملكي السعودي، القادة الفلسطينيين، من خلال وصفهم بأنهم “خائبون”، مع القول إن “زمن المجاملات ولى”، لافتا إلى أن “المملكة دعمت القضية الفلسطينية كثيراً”.
وقبل هجوم الصحيفة السعودية المحلية، سبق لسفير الرياض الأسبق لدى واشنطن والرئيس السابق للاستخبارات السعودية، الأمير بندر بن سلطان، أن أدلى بحديث قال فيه: “إن السلطة قامت بتمزيق فلسطين وتضييع القضية، كما أن قادتها ناكرو جميل”؛ كما شن هجوماً آخر على الفصائل الفلسطينية باختلاف أطيافها؛ بسبب رفضها اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، ملمحا إلى إمكانية قطع الدعم الذي قدمه ملوك السعودية المتعاقبون على مدى عقود للقضية الفلسطينية.
ولوحت السعودية دائما بعصا المال والمساعدات التي تقدمها المملكة للفلسطينيين، في محاولة لإرغام القادة الفلسطينيين على الاصطفاف إلى جانب الموقف الإماراتي والبحريني المطبع مع إسرائيل، رغم أنها لم تعلن رسميا وبشكل واضح موقفها من التطبيع مع الكيان الصهيوني، لاعتبارات سياسة وحسابات شعبية.
وأدانت القوى الفلسطينية دائما كل “ابتزاز تمارسه قوى رجعية عربية، أو الإمبريالية الأمريكية، بالتهديد بقطع المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية أو عن وكالة غوث اللاجئين”، معتبرة أن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني غير قابلة للمساومة، في إشارة إلى “المساعدات المسمومة”، ومؤكدة على قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود رغم الحصار.
من جهة أخرى، اعتبر مراقبون تصريحات المقربين من السلطة السعودية خطوات صامتة ومدروسة تمهيدا لإمكانية قطع هذا الدعم بشكل رسمي.
ومنذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد عام 2017، لاحظ مراقبون ومحللون تغييرا في الموقف السعودي من القضية الفلسطينية، إذ أصبح السعوديون أكثر انفتاحاً على الاحتلال الإسرائيلي من خلال الإعلاميين وشخصيات مقربة من الديوان الملكي.
وقبل ذلك كانت السعودية توقفت، في تشرين الثاني/نونبر 2016، عن تسديد التزاماتها المالية للسلطة، التي تُقدر قيمتها بـ140 مليون دولار، وفق ما أعلنه حينها مدير دائرة الميزانيّة في وزارة الماليّة الفلسطينيّة فريد غنام.
وتظهر الأرقام أن السعودية قدمت للسلطة الفلسطينية 1.8 مليار دولار، وذلك طوال 22 عاماً؛ منذ 1997 حتى عام 2020 الحالي، وفقاً لإحصائية سعودية.
ومنذ العام 2002 بدأت المملكة السعودية تُسهم في دعم ميزانية السلطة الفلسطينية، واستطاعت خلال الفترة 2002-2004 الإيفاء بتعهداتها المالية البالغة 184.8 مليون دولار؛ منها 46.2 مليون دولار تم دفعها على مدار ستة أشهر ابتداءً من 1 أبريل 2004 وحتى نهاية أيلول/شتنبر من العام ذاته.
كما حرصت السعودية على إنشاء صندوق باسم “الأقصى” برأس مال قدره 800 مليون دولار، أودعت فيه 200 مليون دولار، وصندوق آخر باسم “انتفاضة الأقصى” برأس مال 200 مليون دولار، ساهمت هي فيه بـ50 مليون دولار.
وأبقت السعودية الدعم للفلسطينيين عبر المساهمة التي تقدمها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التي أعلنت (الثلاثاء 6 أكتوبر 2020) تلقّيها دعماً مالياً من المملكة بقيمة 25 مليون دولار، ستخصص للاجئين الفلسطينيين.
وبدا تراجع الرياض في دعم الفلسطينيين مالياً واضحاً، حسب خبراء اقتصاديين فلسطينيين، إذ كانت المملكة تدفع للسلطة مبالغ مالية خارجة عن الدعم السنوي، كالتي دفعتها مرة حين احتجزت “إسرائيل” أموال المقاصة، البالغة 100 مليون دولار، لمواجهة الضغوطات الإسرائيلية.
ولا يتوقع خبراء أن يؤثر توقيف المساهمة المالية السعودية كثيرا على السلطة الفلسطينية، التي تلجأ إلى الاقتراض من البنوك والمساعدات الخارجية، خاصة من الاتحاد الأوروبي، فهي “تستطيع العيش بدون تلك المساعدات، رغم أن دخلها الشهري بات 100 مليون دولار، في حين كان يصل قبل أعوام إلى 350 مليون دولار”.
يذكر أن المبادرة العربية في مؤتمر القمة سنة 2002، التي كانت وراءها أساسا السعودية، وحظيت بإجماع عربي، نصت على ربط التطبيع بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، فضلاً عن حل عادل لقضية اللاجئين، وهو ما يفسر موقف الرياض الملتبس من التطبيع الإماراتي البحريني، إذ تفادت إعلان موقف واضح، رغم كونه مخالفة صريحة لمبادرة السلام العربية.