في الهند يبني الناس السكن عندما يحتاجونه: (عدد 33. 2022).

مشاركة المقال

معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي/ مدار: 18 غشت/ آب 2022

فيجاي براشاد*

<الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي) يتظاهر في خيلا ورنجال، 10 مايو 2022.>

بدأت القصة بدراسة مسحية، وذلك في شهر نيسان/ أبريل عام 2022، عندما طاف أعضاء الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي)، أو CPI (M)، من بيت إلى بيت في بلدة وارانغال في ولاية تيلانجانا. كان الحزب مدركًا تحديات المجتمع، لكنه أراد جمع البيانات قبل تطوير خطة عمله. ذهب خمسة وثلاثون فريقًا مكون من ثلاثة إلى أربعة أعضاء وأنصار للحزب إلى 45000 منزل لدراسة معاناة الناس وقضاياهم، مثل نقص المعاشات التقاعدية والمواد الغذائية المدعومة. وأعرب كثير من المستطلعين عن قلقهم بشأن عدم وجود سكن دائم، فقال أحدهم إنهم ليسوا من أصحاب المنازل ولا يمكنهم دفع إيجاراتها. وكانت الحكومة وعدت ببناء شقق بغرفتي نوم للفقراء، لكن هذه الوعود تبخرت. ومع تآكل الدخل الضئيل أصلاً بسبب التضخم والبطالة الخطيرة بسبب انهيار صناعة “البيدى” المحلية (السجائر)، كان اليأس بادياً على الناس الذين التقى بهم الشيوعيون.

أعرب الكثير من المستطلعة آرائهم عن استعدادهم للنضال من أجل ظروف معيشية أفضل، وخاصةً من أجل بناء المزيد من الأكواخ (gudiselaporatam). وقال أحد السكان: “مهما كانت العواقب، حتى لو تعرضنا للضرب أو القتل، فسوف ننضم إلى هذا الكفاح”. لقد شكل الحزب لجانًا في ثلاثين ناحية من جاكالودي، وهي جزء من وارانغال، وبدأت في إعداد الناس للمعركة القادمة. كان مركز الصراع هو الأرض التي استولت عليها الحكومة في أواخر السبعينيات من الأرستقراطي القديم معين الدين خادري، وذلك باستخدام قانون الحد من ملكية الأراضي لعام 1975. وبدلاً من توزيع هذه الأرض على من لا يملكونها، قامت الحكومة بإجلاء المزارعين من جزء من أراضيهم؛ ومن ثم أعطت الأرض لزعماء حزب التيلجو ديسام الحاكم عام 1989.

<ساغار، سكرتير الحزب الشيوعي الهندي الماركسي في راغاسايبيتا وزعيم لجنة جاكالودي النضالية، يخاطب الأعضاء في اجتماع الهيئة العامة لحملة جاكالودي في 18 يونيو 2022.>

في 25 مايو 2022، قام 8000 شخص بمسيرة احتجاجية نحو مؤسسة وارانغال البلدية وقدموا 10000 طلب إسكان حكومي، وعندما تحركوا لاحتلال الأرض الفارغة أمرتهم الشرطة بالابتعاد ومنعتهم من الدخول. ورغم ذلك، تمكنت لجنة جاكالودي النضالية، المكونة من أولئك الذين احتلوا الأرض، من بناء 3000 كوخ على الأرض. وفي الساعة الثالثة من صباح يوم 20 يونيو، وصلت الشرطة وأضرمت النيران في العديد من الأكواخ والناس نيام، وضربت شاغليها أثناء خروجهم من منازلهم المؤقتة. وتم القبض على أربعمائة شخص. في اليوم التالي، وضع المسؤولون المحليون لافتة أمام المنطقة تقول: “هذا الموقع مخصص لبناء مجمع محاكم”.

لا يمكن لهذه اللافتة ولا لوحشية الشرطة أن تثني الناس، أولئك الذين عادوا واستمروا في التواجد هناك لمدة ستين يومًا، كما قال ج. ناجياه، عضو الأمانة الوطنية في الحزب، لـ ب. امبدكار من معهد القارات الثلاث. في 26 يونيو، بدؤوا بناء 2000 كوخ جديد. حاولت الشرطة منعهم بمزيد من العنف، لكن الناس قاوموا وأجبروها على التراجع. مازال هناك 4600 كوخ في المكان.

<نساء يتجادلن مع الشرطة التي تحاول إخراجهن من الأرض المشغولة، 22 حزيران 2022.>

كان الدافع وراء هذا الإجراء الذي قاده الحزب الشيوعي هو الفشل المحبط لحكومة الولاية في التخفيف من حدة الجشع لامتلاك الأراضي  في المنطقة. تُظهر أحدث البيانات الحكومية أنه بين 2012-2017، كان هناك نقص قدره 18.8 ملايين منزل في المناطق الحضرية في الهند وحدها. حتى هذا الرقم غير دقيق، لأنه يعتبر المنازل منخفضة الجودة في أحياء المدينة المزدحمة للغاية بمثابة سكن لائق.

 وفي تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2021، أعلن البنك الدولي عن تطوير مؤشر السكن الملائم (AHI)، الذي يعطينا صورة أوضح. تُظهر أرقام الإسكان الخاصة بهم في جيني أنه في الهند تعيش عائلتان من كل ثلاث من الطبقة العاملة في مساكن منخفضة المستوى. بحثت AHI في بيانات من 64 دولة فقيرة ووجدت عجزًا في الإسكان يبلغ 268 مليون وحدة في جميع أنحاء هذه البلدان، ما يؤثر على 1.26 مليار شخص. علاوة على ذلك، من الواضح أن ربع المساكن في الدول الفقيرة غير ملائم. مع وجود مليارات الأشخاص حول العالم بلا سكن أو يعيشون في مساكن رديئة الجودة، وبدون خطة حقيقية لمعالجة هذه المشكلة، فمن غير المرجح أن تحقق أي دولة فقيرة الهدف الحادي عشر للتنمية المستدامة المتمثل في “جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة وآمنة، مرنة ومستدامة”.

إن الصراعات على الأرض في أماكن مثل جاكالودي تشبه تلك التي تقودها منظمة أباهلالي بايس مجوندولو، وحركة سكان الأكواخ في جنوب إفريقيا، وحركة العمال بلا أرض في البرازيل (MST). لقد أصبح قمع وإجلاء الفقراء ومنعهم من استخدام الأراضي المهجورة أمرًا معتادًا في جميع أنحاء العالم. تكررت هجمات مماثلة في غيرنيكا بالأرجنتين، حيث تم إجلاء 1900 عائلة في  29 أكتوبر / تشرين الأول 2020، وفي أوتودو-غبامي بنيجيريا، حيث يعيش أكثر من 30 ألف شخص تم إجلاؤهم بين نوفمبر 2016 وأبريل 2017.

يقود هذه النضالات أناس يريدون إرساء الأساس المادي للعيش بكرامة. في الملف الجديد الذي أعدته زميلتنا من جنوب إفريقيا إيفون فيليس، استخدمت استعارت قول إيزيكسو للإشارة إلى الأرض بالعبارة: “أومهلابا ووهوخو بيثو”، التي تعني “أرض أجدادنا”. تتطلب هذه العبارة، وهي شائعة جدًا في معظم الثقافات، أن يُنظر إلى الأرض على أنها ميراث مشترك، وليس كملكية لشخص واحد. ويستدعي هذا التعبير أيضًا، كما يصفه فيليس، الاعتراف بـ”مسألة الظلم غير المحسومة” الموروثة من “عملية [عمليات] نزع الملكية والخداع الاستعماري التي دفعت تطور الرأسمالية”. تعكس هذه النضالات في جميع أنحاء العالم الجنوبي تلك الموجودة في وارانغال، حيث يقود الحزب الشيوعي الهندي الماركسي آلاف الأشخاص في الكفاح من أجل السكن، ونجح في تأمين ما مجموعه 50000 منزل عام 2008، وهو مستمر في الكفاح من أجل السكن اللائق حتى يومنا هذا.

<بعض الأكواخ والخيام البالغ عددها 10000 في الأرض المستغله، 25 أيار / مايو 2022.>

إن الرغبة في تجاوز أزمة الإسكان العالمية آخذة في الانتشار. فقد أجرى سكان برلين – حوالي 3.6 ملايين نسمة – استفتاء عام 2021 حول تزايد استحالة العثور على سكن في العاصمة الألمانية. دعا الاستفتاء الدولة إلى إعادة شراء الشقق المملوكة لأي شركة عقارية لديها أكثر من 3000 وحدة في المدينة، ما قد يؤثر على 243000 من أصل 1.5 مليون شقة مؤجرة. تم تمرير الاستفتاء رغم أنه غير ملزم. هذا – إلى جانب الثقة المتزايدة للأشخاص الذين يشغلون أراضي شاغرة ويبنون منازلهم – يعبر عن مزاج جديدة في الحركة العالمية من أجل الحق في السكن. هناك فهم متزايد بأن الإسكان يجب ألا يكون أصلًا ماليًا يستخدمه المليارديرات للمضاربة أو لحماية ثرواتهم من الضرائب. هذا المنطق منتشر بين المنظمات التي تناضل من أجل الحق في السكن مثل Despejo Zero (البرازيل) وNdifunaUkwazi (جنوب إفريقيا)، وبين الحركات الجماهيرية مثل MST و Abahlali، وبين الأحزاب السياسية مثل الحزب الشيوعي الهندي الماركسي التي تنظم الناس لتجاوز أزمة السكن باستغلال الأراضي المتروكة.

<النساء الرافضات مغادرة الأرض يغادرن التونيك في البيدي بعد أن هدمت الشرطة أكواخهن وخيامهن، 20 يونيو 2022.>

إن احتلالات الأراضي هذه مليئة بالتوتر والفرح، ومخاطر التعرض للضرب من قبل الشرطة، إلى جانب الوعد بالحياة الجماعية. يتم تمثيل جزء من هذه الحياة الجماعية في الأغاني، وغالبًا ما تتم كتابتها في مجموعات ويتم إصدارها دون الكشف عن هوية الكاتب. ننهي هذه النشرة الإخبارية بأغنية من هذا القبيل لعضو لجنة الولاية في المجموعة الثقافية الشعبية Praja Natya Madali الذي يستخدم الاسم المستعار Sphoorti (بمعنى “الإلهام”) من كتيب يسمى SphoortiPatalu (“الأغاني الملهمة”):

لن نتحرك شبرًا واحدًا

حتى نحصل على أرض لمنازلنا،

لقمة طعام وقطعة من الأرض.

سنقاتل أولئك الذين يوقفوننا.

على هذه الأرض، رفعنا الرايات الحمراء

استعدادا للمعركة.

تعشش الطيور على الأغصان.

الحشرات لها منازل في أوراق الشجر.

نحن الذين ولدنا بشراً

نتعطش لسقف فوق رؤوسنا 

لقطعة أرض من أجل منزل.

النزوح من مكان إلى آخر

في أكواخ مؤقتة،

عار عدم وجود عنوان لأسمائنا.

مثل الأوراق التي تهب في الرياح العاتية،

وألم لعدم وجود منزل لنا. .

الأغنياء

سرقوا آلاف الفدانات 

باسم أبنائهم وطيورهم وحيواناتهم.

وأنا عندما طلبت رقعة أرض صغيرة 

ضربتني العصي حتى الموت.

أنتم يا من أتيتم لطلب تصويتنا:

نحن نطالب بالطعام والمأوى.

نحن مستعدون للمعركة حتى نحصل عليها.

نتحداكم أن توقفونا.

نحن ممتنون لجاكاديش كومار، عضو لجنة الولاية في الحزب الشيوعي الهندي الماركسي ولجنة جاكالودي النضالية، وذلك لجمعه الصور الواردة في هذه المراسلة.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة