فشل تمرير التطبيع مع إسرائيل عبر الدراما الرمضانية الخليجية

مشاركة المقال

مدار: 10 ماي/ أيار 2021

رغم أن الدراما الخليجية الرمضانية هذه السنة تفادت السقوط من جديد في ورطة “التطبيع الثقافي والفني” مع الاحتلال الإسرائيلي، التي أثارت الجدل والاحتجاج السنة الماضية، خاصة مع مسلسلي “أم هارون” الكويتي و”مخرج 7″ السعودي، اللذين بثا على قنوات “إم بي سي” السعودية، كمقدمة لترسيم العلاقات مع الدولة الصهيونية؛ إلا أن تغييب قضية الشعب الفلسطيني في كافة البرامج الرمضانية الخليجية يستمر، رغم ما تعرفه من انعطافات حاسمة، خاصة مع الطبخة السياسية التي باتت تعرف بصفقة القرن؛ وذلك بعدما كان زعماء وأمراء المنطقة يرددون أن قضية فلسطين هي “قضية العرب الأولى”؛ وفي حين مرت الإمارات والبحرين إلى ترسيم وتسريع ما كان يجري في الخفاء من عمليات تطبيع على كافة المستويات.

وكان مسلسلا “أم هارون” الكويتي، و”مخرج 7″ جوبها بردود فعل غاضبة من شعوب الخليج التي تفطنت لما تحاول أنظمتها تمريره من تحت طاولة الفن والدراما، وخاصة في شهر الصوم عند المسلمين، الذي يعرف منسوب مشاهدة مرتفعا للقنوات الوطنية، وبالخصوص مع اجتماع الأسر على طاولات الفطور الذي يتزامن مع  وقت غروب الشمس؛ وكان الغالبية أدانوا إساءة العملين الدراميين إلى القضية الفلسطينية عن طريق التلميح إلى إمكانية التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، ما يعدونه خطًّا أحمر لا مجال لإثارته ولو تحت “مظلة الفن”.

وكان الصحافي الفلسطيني البارز عبد الباري عطوان قال في “تدوينة” له على “فيسبوك” تعليقا على ما جاء به مسلسل أم هارون: “هو أحد أخطر حلقات التطبيع والتشريع لعودة اليهود إلى الجزيرة العربية وخيبر بالذات، ومن يقول بغير ذلك لا يعرف التاريخ”. ويسرد المسلسل قصة امرأة من ديانة يهودية في أربعينيات القرن العشرين، وجاء بتزييف تاريخي جسيم أهمه جملة: “لقد أقيمت دولة إسرائيل عند انتهاء الانتداب البريطاني على أراض إسرائيلية”.

أما المسلسل السعودي “مخرج 7” فذهب أبعد من ذلك، إذ حاول تأليب الشعب السعودي على الفلسطينيين وتجميل صورة المستوطنين الإسرائيليين عبر عقد مقارنة بين الطرفين، وذلك من خلال حوار بين فنانين معروفين، إذ قال أحدهما: “تريد تعمل بزنس مع الإسرائيليين؟” ليرد الآخر: “إن العدو هو الذي لا يقدّر وقفتك معاه، ويسبّك ليل نهار أكثر من الإسرائيليين.. كل تضحياتنا لأجل فلسطين، دخلنا حروب لأجل فلسطين، قطعنا النفط لأجل فلسطين، وعندما أصبح عندهم سلطة ندفع تكاليفهم ورواتبهم وإحنا أحق بالفلوس، وما يصدقون أن يلاقوا فرصة حتى يهاجمون السعودية”.

وكانت فصائل وشخصيات فلسطينية استنكرت بشدة ما جاء به المسلسلان الخليجيان مع مستهل شهر رمضان من إساءات إلى الشعب الفلسطيني المحتل والمحاصر، ومن دعوات صريحة إلى التطبيع مع الكيان المحتل. في حين كشف الكاتب السعودي عبد الحميد الغبين، المعروف بدعوته إلى التطبيع مع إسرائيل والتحالف معها ضد إيران، والذي سحبت منه جنسيته السعودية في ما بعد لأسباب غامضة، رغم أنه كان معروفا بقربه من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، (كشف) في مقابلة مع bbc عربي عن “مسلسل خليجي-إسرائيلي يعدّ له، ويشارك فيه ممثلون من الخليج والكيان المحتل، ويتناول العلاقة مع إسرائيل؛ على أن تصوّر أجزاء منه في القدس و«تل أبيب» وتعرضه لاحقاً قنوات خليجية”، على حد قوله في تصريحه للقناة.

وإذا كانت السعودية لم تنجح بعد على ما يبدو في إحداث اختراق للوجدان الشعبي العام يؤهلها لترسيم علاقاتها مع دولة الاحتلال وإخراجها إلى دائرة الضوء، فإن حليفتها الخليجية الإمارات العربية المتحدة ذهبت بعيدا في التطبيع مع إسرائيل، إذ أخرجته إلى العلن في شتى المجالات، وسرعت من وتيرته، غبر آبهة بردود الفعل الرافضة؛ فإلى جانب ترسيم العلاقات وتوطيدها في المجال السياسي والدبلوماسي أبرمت اتفاقية لـ”تعزيز التعاون الفني والثقافي في مجالات السينما والتلفزيون”.

وحسب صحيفة “البيان” الرسمية فقد أعلنت لجنة أبوظبي للأفلام، وصندوق السينما الإسرائيلي، ومدرسة سام شبيغل للإنتاج السينمائي في القدس، “توقيع اتفاقية إطار للتعاون الثقافي المشترك في مجالات السينما والتلفزيون، ستعمل اللجنتان بموجبها في مجال الأفلام على بناء تعاون ثقافي في مجالات صناعة المحتوى، بهدف تعزيز ثقافة التسامح والتعلم وبناء تفاهم ثقافي مشترك يُرسي دعائم التعاون بين الشعبين الإماراتي والإسرائيلي”، وفق المصدر ذاته. وهذا فيما أصدر مغنيان إمارتي وإسرائيلي أغنية حملت اسم “أهلا بيك” بالعربية، و”مرحبا صديقي” بالعبرية…

وفي الأردن، الدولة الخليجية الأخرى، وصاحبة قصب السبق في التطبيع مع دولة الاحتلال في الخليج العربي، إذ يعود توقيعها اتفاق سلام مع إسرائيل إلى سنة 1994،  لا تنعدم مظاهر “التطبيع الفني”، ومنها ما تداوله نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي سنة 2018 من صور لمشاهد تمثيلية لمسلسل  “القصة القديمة”، الذي رخصت له السلطات بالتصوير، و”نقل تل أبيب إلى عمّان”، وفق تعبيرهم، ما أثار سخطهم؛ بينما نظم تجمع “أتحرك لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع” مسيرة شارك فيها العشرات في أحد مواقع التصوير غرب العاصمة.

وعرف تصوير المسلسل في العاصمة عمان وبعض المدن الأردنية تعليق لوحات إرشادية كتبت باللغة العبرية، مع لوحات السيارات وزي الجنود الإسرائيليين، ما خلف موجة سخط من غالبية الأردنيين، الذين ظلوا ضد تطبيع العلاقات مع إسرائيل رغم مضي سنوات من التطبيع الرسمي الفوقي.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة