مدار + مواقع: 12 تموز/ يوليو 2024
على سرير المستشفى، بدا معزّز عبيات نحيلا جدا بشعره الطويل الأشعث ولحيته السوداء وعينيه الغائرتين… لكنه كان يتحدّث من دون توقّف عن اعتقاله في سجن النقب الذي وصفه بـ “غوانتانامو”.
وقال لمجموعة من الصحافيين “الحمد لله أنه أحياني بعد أن أماتني… أنا عدت من الموت”.
وأضاف “كان الاعتقال صعبا جدا، جدا. هناك صورة لي قبل الاعتقال وصورة لي بعد الاعتقال… هاتان الصورتان كافيتان لشرح ما حصل لي. كنت مفتول العضلات وعدت هكذا”.
وكان الأسير المحرر، عبيات، صرّح إن وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير “شارك في تعذيبه شخصيا، حيثما كان محتجزا في سجن عوفر في الضفة الغربية”، حسب ما ذكرته “القدس العربي“.
وتسبّب ظهور عبيات بعد الإفراج عنه في التاسع من تموز/يوليو من سجن النقب حيث أمضى تسعة أشهر، بصدمة. كان يتكىء على شخص آخر وغير قادر على المشي بشكل مستقيم، وبدت يده اليمنى متيبسة كأنها مصابة بشلل.
في المستشفى، طلب عبيات من ممرّض أن يساعده على النزول من سريره والوقوف على ميزان في الغرفة ليظهر أن وزنه 54 كيلوغراما.
وقال والده خليل عبيات “معزز هذا ليس ابني الذي كان قبل الاعتقال. كان رجلا يصل وزنه إلى مئة، 110 كلغ.. اليوم، منظره منظر إنسان ميت، ما عدا الروح”.
ثم أضاف بحزن بالغ وقد بدت عليه علامات عدم التصديق، “ابني لم يعد يعرفني. إنه مصاب بحالة من التشوّش والارتباك ووضعه الصحي تحت الصفر”.
لكنه أشار إلى أن الأطباء يقولون إنه “سيعود الى طبيعته في الأيام المقبلة، وخصوصا انه بدأ بتناول الطعام”.
في المستشفى في بيت لحم، كان معزز عبيات يصل الجمل بعضها ببعض وينتقل من موضوع إلى آخر بانفعال. وقال في حديثه إنه فعلا “نسي أمورا كثيرا”، مكرّرا أكثر من مرة “الذاكرة، الذاكرة…”.
ثم قال “اعتقالي كان ظالما ومجحفا. ضرب مبرح بالهراوات والسلاسل الحديدية، عذاب”، مضيفا “خرجت من سجن غوانتانامو النقب، سجن يمارس أبشع وأشد أنواع العذاب على وجه الأرض في حقّ أسرى عزّل مقيدين ومرضى”.
ثم كشف عن بطنه ليدلّ على أثر إصابة قال إن سببها تعرّضه لضرب خلال فترة اعتقال سابقة. وأكد أن الحرّاس كانوا يستهدفون هذه الإصابة بالضرب.
وتابع “من يفعل هذا؟ لماذا استهداف بطني؟”.
ثم كشف عن ساقيه مشيرا الى أنه يشعر بالوجع في كل مكان.
كما تحدّث عن سوء معاملة لجهة تقديم الطعام في السجن. “كانوا يعطوننا من عشر إلى 12 حبة فاصوليا مع قطع من الملفوف ونبقى عليها من السابعة صباحا حتى وقت العشاء”.
اعتقل معزز عبيات (37 عاما) الذي يعمل قصّابا في 26 تشرين الأول/أكتوبر بعد أكثر من أسبوعين من اندلاع “طوفان الأقصى”. وأحيل على الاعتقال الاداري “بدون تقديم لائحة اتهام ضده”، وفق ما يقول والده.
وقال عبيات من جهته “اقتادوني من بيتي، ليس من جبهة قتال، بل من بيتي، من بين أطفالي وزوجتي الحامل”.
وبحسب نادي الأسير الفلسطيني، يبلغ عدد المعتقلين في السجون الإسرائيلية حاليا نحو 9700، مئات منهم موقوفون إداريا، أي من دون توجيه تهم إليهم.
وحسب مصادر فلسطينية، بلغت حصيلة الاعتقالات منذ بدء معركة “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أكثر من 9625.
وتشمل هذه الحصيلة من جرى اعتقالهم من المنازل، وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن احتجزوا كرهائن.
ويشار إلى أن هذه المعطيات تضم من أبقى الاحتلال على اعتقالهم، أو من تم الإفراج عنهم لاحقا.
المصادر: أ ف ب + مدار + مواقع