مدار: 16 أيلول/ سبتمبر 2021
أكثر من عام مرّ على كارثة انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس 2020، ومازالت ملابسات القضية غامضة، وسط تقاذف المسؤوليات وممارسة التدخلات السياسية في مجريات تحقيق القضاء والتضييق عليه.
وفي السياق، وجهت 145 جهة، من منظمات حقوقية لبنانية ودولية وناجين وعائلات الضحايا في انفجار بيروت، يوم أمس الأربعاء 15 أيلول / سبتمبر الجاري، رسالة مشتركة إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، دعت فيها إلى “إنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة” للتقصي في هذه الكارثة و”تقاعس الدولة اللبنانية” عن حماية حقوق المعنيين، جرّاء مخاوف من ضغوط سياسية متزايدة على التحقيق المحلي، قد تؤدي إلى عزل المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، على غرار ما حصل مع سلفه القاضي فادي صوان، الذي جرت تنحيته بعد ادعائه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي على رئيس حكومة تصريف الأعمال آنذاك د.حسان الدياب، وثلاثة وزراء سابقين، في خطوة أثارت امتعاضاً سياسياً، ولم يمثل أي منهم أمامه.
واعتبرت الرسالة أنه “بعد مرور أكثر من عام على الانفجار، يستمر المسؤولون اللبنانيون في عرقلة التحقيق المحلي وتأخيره”، مشددة على أن التحقيق الدولي “لن يعرقل التحقيق المحلي بل يدعمه”؛ كما نددت بـ”التشكيك في حيادية” القاضي طارق بيطار الذي يتحرى في هذا الملف، إذ يواجه اتهامات بـ”التسييس” من قوى محلية.
ودعا الموقعون، وبينهم هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، إلى “إنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة، على غرار بعثة لتقصي حقائق لسنة واحدة”.
وقالت الباحثة في هيومن رايتس ووتش آية مجذوب إن عائلات الضحايا والناجين “يناشدون مجدداً مجلس حقوق الإنسان أن ينشئ على الفور بعثة تحقيق في تقاعس الدولة اللبنانية عن حماية حقوقهم”. وذكرت أنه “بعد مرور أكثر من عام على الانفجار يستمر المسؤولون اللبنانيون في عرقلة التحقيق المحلي وتأخيره وتقويضه”.
كما نددت الرسالة المشتركة بمحاولة القادة السياسيين “التشكيك في حيادية” المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، الذي يشتغل على هذا الملف، واتهامه بأنه “مُسيّس”؛ وشدّدت على أن “تقاعُس التحقيق المحلي عن ضمان المحاسبة يبين بوضوح ثقافة إفلات المسؤولين من العقاب التي طالما وُجدت في لبنان”، موضحة أن “عرقلة السلطات المخزية لمسعى الضحايا إلى معرفة الحقيقة وإحقاق العدالة تُعزز الحاجة إلى تحقيق دولي في تقاعس الدولة اللبنانية عن حماية الحق في الحياة؛ كما أن التحقيق الدولي لن يعرقل التحقيق المحلي بل يدعمه”.
تجدر الإشارة إلى أن البرلمان اللبناني رفض في الأشهر الماضية رفع الحصانة عن ثلاثة نواب تولوا سابقاً مناصب وزارية على علاقة بمرفأ بيروت للتحقيق معهم؛ كما رفض وزير الداخلية السابق منح القاضي طارق بيطار الإذن باستجواب المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
وسطر البيطار في 26 آب/أغسطس مذكرة إحضار بحق الرئيس حسان دياب، بعد امتناعه عن الحضور إلى جلسة استجواب، وكلف القوى الأمنية بإحضار دياب إلى دائرته في قصر العدل، قبل 24 ساعة من موعد جلسة الاستجواب المقبلة في 20 أيلول/سبتمبر.
وأعاد بيطار الثلاثاء إصدار مذكرة إحضار جديدة في حق دياب، لكن وسائل إعلام محلية نقلت أن الأخير غادر إلى الولايات المتحدة في زيارة عائلية مدتها 4 أسابيع بعد تشكيل الحكومة الجديدة، ما قد يعني أنه لن يحضر جلسة الاستجواب المقبلة.
يذكر أنه ومنذ وقوع الانفجار رفض لبنان الدعوات إلى تحقيق دولي، وشارك محققون فرنسيون وأمريكيون في التحقيقات الأولية بشكل مستقل؛ كما سبق لـ 115 منظمة وممثلين عن عائلات الضحايا وناجين أن وجهوا في يونيو/ حزيران الماضي رسالة مماثلة.