مدار: 05 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024
لم يشفى العراق بعد من ويلات الحروب المدمرة التي عاشها خلال العقود الماضية. ينضاف إلى الخسارة الإنسانية والمادية المهولة التي أرهقت البلاد، تركة مازالت تؤرق سكان بلاد الرافدين حتى الآن: حقول الألغام المميتة.
تنتشر في مساحات كبيرة من العراق آلاف إن لم يكن عشرات الآلاف من الأجسام المتفجرة التي تتربص بالمدنيين.
خلفت الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، وحرب الخليج في التسعينات، ثم الغزو الأمريكي سنة 2003، حقول ألغام قاتلة، إلى جانب الذخائر العنقودية غير المنفجرة. ما زاد الطين بلة، هو الأعداد المخيفة من العبوات الناسفة التي تركها خلفه تنظيم “داعش” الإرهابي، إبان سيطرته على الكثير من الأراضي العراقية.
حسب تقرير لـ “مرصد الألغام” لسنة 2024، فإن العراق من بين أكثر بلدان العالم التي تعاني من التلوث بالألغام على نطاق “واسع”.
يبين تقرير إعلامي حديث لصحيفة “طريق الشعب” العراقية، كيف تحولت هذه الأجسام إلى “فخاخ مميتة” تحصد أرواح الأبرياء.
وتنتشر الألغام في العديد من المحافظات العراقية، لكن أبرزها يبقى البصرة وميسان وديالى والمناطق الحدودية، يذكر المصدر ذاته.
ولا تسير مخططات تطهير البلاد من هذه الآفة وفق الجدول الزمني المرسوم؛ فبينما كانت الرهانات مرفوعة على سنة 2018، بات على العراقيين الانتظار إلى غاية 2028، حتى يتحقق ذلك وفق ما تصر عليه وزارة البيئة العراقية.
يكشف مدير قسم التوعية في دائرة شؤون الألغام، مصطفى حميد، لجريدة “طريقة الشعب”، أن حجم التلوث بالألغام والذخائر تقلص من 6400 كيلومتر مربع سنة 2003، إلى 2100 كيلومتر مربع هذا العام، بـ “نسبة إزالة تتجاوز 57 في المائة”.
ويُرجع المسؤول العراقي تعثر الالتزام بالاتفاقيات المتعلقة بإزالة التلوث بالألغام إلى “الحرب على الإرهاب وعدم توفر الموارد المالية لعدم إقرار الموازنات في أعوام سابقة”، وزاد “هناك بعض التمويل الذي توفر من خلال الموازنة الثلاثية التي أقرها العراق (2023-2025)، إلا أنه لا يلبي الطموح”، نقلا عن المصدر المذكور.
على إثر هذا الوضع، يوجد في العراق مناطق محرمة ممنوعة على المدنيين والأمنيين على حد سواء.
بالنسبة للخبير الأمني علي البيدر الذي تحدث لـ “طريق الشعب”، فإن وجود المناطق المحرمة “لا يمنع فقط الاستفادة من هذه المساحات، بل يشكل أيضاً تهديدًا واضحًا على حياة الإنسان والكائنات الحية. يمكن أن تتسبب هذه المتفجرات في حوادث مأساوية إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح، ما يزيد من حدة الأزمات الأمنية”.
ويقول البيدر إن وجود هذه المناطق المحرمة يحول دون استغلال هذه الأراضي، مما يسهم في تفاقم المشاكل الاجتماعية.