مدار: 03 أيلول/ شتنبر 2020
خرجت إلى معترك الدفاع عن حقوق النساء بالمغرب حركة نسائية جديدة تحت مسمى “خميسة”، أعلنت ولادتها من خلال بيان تأسيسي دبج بلغة واضحة وحادة، شنت من خلالها العضوات المؤسسات نقدا لاذعا للسلطات الحكومية المغربية، بدأ باتهام صريح بـ”استغلال النساء في قضايا كيدية ضد عدد من الصحافيين المستقلين والنشطاء الحقوقيين، المعروفين بنشاطهم الحقوقي والسياسي وكتاباتهم المنتقدة والمزعجة لجهات واسعة داخل أجهزة الدولة”.
وعبرت مؤسسات حركة “خميسة”، من خلال البيان التأسيسي، عن اعتزازهن كثيرا كمغربيات “بما حققته نضالات الحركة الحقوقية النسائية في قضايا العنف ضد النساء بجميع أشكاله، وخاصة قضايا الاغتصاب والاستغلال الجنسي والتحرش وجميع صور العنف الجنسي”، موردات أنهن يعتبرنه “مكتسبا لا يجب التنازل عنه، بل يجب النضال من أجل تحقيق القضاء التام على جميع صور وأنماط العنف ضد النساء”، وزدن: “وتؤكد حركتنا على الإدانة المطلقة لجميع جرائم العنف الجنسي التي تتعرض لها النساء في ظروف عديدة، ونطالب دائما بمنع إفلات الأشخاص المتورطين في جرائم الاغتصاب والتحرش والاستغلال الجنسي من العقاب؛ كما ندين جميع صور استغلال قضية المرأة وإقحامها زورا في تصفية حسابات سياسية، ستؤدي حتما إلى مزيد من الإضرار بحقوق النساء وتسهم في تعزيز الأنماط السلبية ضد المرأة، ما يؤدي إلى استفحال ظاهرة العنف ضد النساء في نهاية المطاف”.
وقالت الناشطات النسويات إن “تعريض النساء للتشهير تحت غطاء الدفاع عن حقوقهن، واستباحة حياتهن الخاصة تارة وتارة أخرى بغرض تشويه سمعتهن وقتلهن رمزيا، سيتسبب في تراجعات وفي نتائج وخيمة في ما يخص مكافحة جميع أشكال العنف ضد النساء”، مؤكدات أن “خطورة استغلال الدولة للنساء يفوق بأضعاف مضاعفة جميع صور الاستغلال والعنف الأخرى”، وأردفن: “وانطلاقا من هذا الاستغلال المتزايد لقضايا النساء من طرف الدولة فإننا نعبر عن تخوفنا من أن يؤدي هذا الاستغلال إلى استخفاف المجتمع بقضايا النساء وعدم تصديقه للادعاءات الجدية التي يمكن أن تدعيها امرأة في يوم من الأيام بشأن تعرضها للاغتصاب أو لأي صورة من صور العنف الجنسي”.
وفي السياق ذاته أورد المصدر ذاته: “نستغرب كثيرا الصمت غير المفهوم من طرف عدد من الجهات الحقوقية، خاصة النسوية منها، عن استغلال النساء من طرف بعض الجهات في السلطة، وتمييع قضايا النساء العادلة وإقحامهن في معارك صغيرة بغرض تصفية الخصوم، إذ إن هذا الصمت سيشجع الأجهزة التي تفبرك مثل هذه الملفات على فبركة ملفات أخرى تحت ذريعة الدفاع عن حقوق النساء وتحت مظنة إحراج الحركة النسوية التي لن تستطيع فعل شيء بخلاف التأييد أو الصمت عن هذه الممارسات السلطوية المضرة بالنساء”.
من جهة أخرى أورد البيان: “إننا نؤمن إيماناً راسخا بأن لا أحد فوق المساءلة، وألا أحد يمتلك حصانة تمنع خضوعه للقانون، كما نؤكد على حق النساء ضحايا العنف الجنسي في اللجوء إلى القضاء. لكننا نرفض الانتقائية المفضوحة في بعض الملفات التي يكون أحد أطرافها صحافي مستقل أو مدافع عن حقوق الإنسان، كما نؤكد على حق الجميع في المحاكمة العادلة، وهو المبدأ الذي يجري تغييبه كلما تعلق الأمر بصحافي/ة أو مدافع/ة عن حقوق الإنسان أو بفاعل/ ة سياسي/ ة معارض للسلطة. وقد سجلنا مع العديد من المنظمات الوطنية والدولية العشرات من الخروقات المتعلقة بالتوقيف أو بظروف التحقيق لدى الشرطة أو في الحراسة النظرية أو الاستنطاق لدى وكيل الملك، وصولا إلى الانتهاكات التي ترتكب أثناء المحاكمات”.
وأوردت المدافعات عن حقوق النساء أن “إقحام النساء في الملفات المقترنة بخرق الحق في المحاكمة العادلة سيضر بقضاياهن العادلة، وسيؤدي إلى تراجعات خطيرة وإلى المزيد من العنف ضد النساء”، موردات في هذا الشأن عددا من القضايا التي “تم فيها استغلال النساء من طرف أجهزة الدولة لتصفية الحسابات مع خصوم حقوقيين/ات وصحافيين/ات وسياسيين/ات”، ومنها قضية عمر الراضي، الصحفي والناشط الذي تعرض لعدد من “المضايقات بعد سلسلة من الاستدعاءات من طرف الفرقة الوطنية للتحقيق معه في شبهات تلقي تمويلات من الخارج لها علاقة بجهات استخباراتية، لينتهي به الأمر كمتهم في قضية اغتصاب، يقول إنها كانت علاقة رضائية بينه وبين زميلته في العمل، حيث تم التشهير به وعائلته وأصدقائه من طرف مواقع تابعة للسلطة”.
ومن القضايا الأخرى في السياق ذاته التي أوردها البيان قضية سليمان الريسوني، “الذي بعد أسبوع من اعتقاله خرجت الشابة “أ.ص” لتعلن على صفحتها على فايسبوك أنه يتم الاتصال بها على أساس أنها “ضحية” في ملف رئيس تحرير جريدة “أخبار اليوم”؛ من طرف محامية “المشتكى”، مهددة بمقاضاة مروج إشاعة تعرضها لاعتداء أو تحرش”.
وأوردت حركة “خميسة” أيضا قضية الصحافية السابقة والناشطة الحقوقية فتيحة اعرور، التي “تعرضت لحملة تشهيرية واسعة من طرف مواقع مقربة من السلطة هي وأسرتها لتشويه صورتها، إذ ذهب أحد المواقع التشهيرية إلى بيت والديها، وصور معهما مقطع فيديو عن الحياة الخاصة بفتيحة”، مشيرة أيضا إلى اعتقال هاجر الريسوني، الصحافية في يومية “أخبار اليوم”، سنة 2019، وخطيبها، بعد خروجهما من عيادة طبية وإدانتها بتهم “الإجهاض غير القانوني” و”الفساد”، قبل أن تستفيد من عفو ملكي استثنائي. “وقد شنت صحافة معروفة بقربها من الأجهزة الأمنية حملة تشهير تستهدف الحياة الخاصة لهاجر ومحيطها العائلي والجريدة التي تشتغل فيها. كما أجبرت السلطات الصحافية على الخضوع لفحوص طبي ضد عن إرادتها، وهو ما يدخل في خانة التعذيب وضروب المعاملة القاسية واللإنسانية”، يورد البيان.
“تعرضت المستشارة القانونية والناشطة الحقوقية ليلى السالسي لحملة تشهير واسعة من طرف مواقع قريبة من السلطة بنشر معطياتها الشخصية وتوجيه اتهامات لها بدون دليل؛ وذلك بعد إصدار البيان الأول لمجموعة “هن مستقلات” الذي كانت واحدة من نواته الأولى”، يستطرد البيان التأسيسي، متناولا أيضا ما تعرضت له الزميلة فاطمة الإفريقي، على مدار سنوات، من “حملة تشهير من طرف مواقع قريبة من السلطة بسبب مواقفها الجريئة من القضايا الحقوقية والسياسية”، وتعرض الحقوقية خديجة الرياضي لسنوات “لحملات تشهير تهم حياتها الخاصة والمهنية، فضلا عن استهداف أفراد من أسرتها بسبب مواقفها ونشاطها الحقوقي”.
“تم اعتقال مدير تحرير يومية أخبار اليوم توفيق بوعشرين المحكوم بعقوبة 15 سنة سجنا بعد مداهمة مقر الجريدة بناء على شكايات متعلقة باعتداءات جنسية، دون توجيه استدعاء إليه. وتعرضت عدد من الصحافيات والعاملات في المؤسسة للمضيقات والتشهير بهن من طرف مواقع تابعة للسلطة لأنهن رفضن إقحام أسمائهن في هذه القضية كـ”ضحايا مفترضات”، تورد الوثيقة التأسيسية، وزادت: “تم استدعاء عفاف برناني هاتفيا من طرف الضابطة القضائية للاستماع إليها كشاهدة تحت طلب مشتكية على خلفية قضية الصحفي توفيق بوعشرين، لتفاجأ بعد صدور اللوائح بتنصيبها كضحية وتزوير محضرها، ما دفعها لتقديم شكاية بالطعن بالزور أمام محكمة النقض، لكن تم حفظها، وبالمقابل قبول شكاية الضابط ضدها ومتابعتها بتهمة السب والقذف والتبليغ عن جريمة تعلم بعدم وقوعها من طرف الوكيل العام في ندوة صحافية بحضور مكثف من المنابر الإعلامية، وعرض فيديو صور لها داخل مقر الفرقة الوطنية دون علمها، وبعد أسابيع تمت إدانتها بالسجن النافذ”.
كما أشارت الحركة الجديدة إلى “نشر موقع مقرب من السلطة يديره عامل سابق في الداخلية، صورا للقيادية في حزب العدالة والتنمية أمينة ماء العينين، في باريس وهي لا ترتدي الحجاب، إذ شنت عليها عدد من المواقع حملة تشهير واسعة، تهمتها فيها بالازدواجية، وتم تدال معطيات متعلقة بحياتها الخاصة، كما كانت بعض المواقع تتبع خطواتها لتصورها أينما حلت، بغرض التشهير بها وأسرتها”، مضيفة: “في عز التحضير لانتخابات 2016، والصراع بين الأحزاب الإدارية وحزب العدالة والتنمية، انفجرت قضية ما كان يطلق عليه إعلاميا “كوبل الحركة” نسبة إلى الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية، حيث تم توقيف النجار وبنحماد وهما في السيارة وقيل إنهما كان يمارسان ”الجنس”، وفي اليوم التالي لتوقيفهما تم تسريب المحاضر التي كانت تحتوي على كلمات خادشة للحياء، وشنت على النجار حملة شرسة من قبل مواقع مقربة من السلطة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وتم نشر معلومات عنها وعن أبنائها وحياتهم الخاصة”.
كما نبه البيان إلى عدد من قضايا الاغتصاب التي تم تداولها إعلاميا، وكان طرفا فيها مسؤولون قريبون من السلطة، “طمس البحث فيها قبل انطلاقه، وأحيانا أخرى تكون الأحكام مخففة مع المتابعة في حالة سراح”، مثل قضية سليم الشيخ، المدير العام للقناة الثانية، الذي اتهمته صحافية متدربة بالقناة الثانية بداية سنة 2017، بالتحرش والاغتصاب، إذ نشرت مكالمة هاتفية ورسائل نصية دارت بينهما تثير شبة الاغتصاب، “وبعدما فتح الوكيل العام بالدار البيضاء تحقيقا في ادعاءات الصحافية تم طمس القضية، بعدما رفع الشيخ على المدعية شكاية بالسب والقذف والتشهير والابتزاز”.
ملف “محامي الدولة” في قضية حراك الريف محمد الحسيني كروط، أثارته الوثيقة ذاتها، مشيرة كونه متهما “في ملف اغتصاب خادمته التي ذهبت إلى مخفر الشرطة بغطاء السرير لونه أبيض وعليه بقع دم، لكن النيابة العامة لم تفتح تحقيق في الشبهات التي تحوم حول محامي الدولة”.