أ ف ب: 28 كانون الثاني/ يناير 2025
لا يزال صوت إطلاق النار يتردد الثلاثاء في بعض أحياء غوما، المدينة الكبيرة في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية التي تدور فيها معارك بين القوات المسلحة الكونغولية ومقاتلين من حركة “ام 23” المتحالفة مع القوات الرواندية، فيما يُرتقب عقد اجتماع جديد لمجلس الأمن الدولي.
دخل مقاتلو حركة “إم23” والجنود الروانديون مساء الأحد المدينة التي يقطنها أكثر من مليون نسمة مع عدد مواز تقريبا من النازحين، في نهاية عملية تقدم خاطفة استمرت بضعة أسابيع، بدأت بعد فشل الوساطة بين الكونغو الديموقراطية ورواندا في منتصف كانون الأول/ديسمبر تحت رعاية أنغولا.
وأعلن جيش جنوب إفريقيا أيضا عن مقتل أربعة جنود إضافيين في الكونغو الديموقراطية، ما يرفع إلى 17 عدد أفراد القوة الإقليمية لجنوب إفريقيا “SAMIDRC” وبعثة الأمم المتحدة (مونوسكو) الذين لقوا حتفهم في الأيام الأخيرة في القتال ضد حركة “إم23”.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعا بشأن جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد ظهر الثلاثاء. بعد اجتماع سابق الأحد، انتقدت حكومة الكونغو الديموقراطية بيانا “غامضا” للأمم المتحدة لا يتضمن طلبا واضحا لرواندا بمغادرة الأراضي الكونغولية. وبحسب الأمم المتحدة، يتواجد في المنطقة آلاف العناصر من القوات الرواندية.
في غوما، الواقعة بين بحيرة كيفو والحدود مع رواندا، يتحرك العشرات من مقاتلي حركة “إم 23” الذين يمكن التعرف عليهم من خلال زيهم العسكري ومعداتهم، على أحد الأحياء الرئيسية في المدينة.
وفي الصباح، تحدى بعض السكان في غوما الخوف ونزلوا إلى البحيرة لجلب المياه، بحسب ما شاهد مراسلو وكالة فرانس برس. ورغم أن مواقع إطلاق النار ليست بعيدة، ولكن لمدة ثلاثة أيام، بقي السكان معزولين وحُرموا الماء أو الكهرباء.
ويقول كثر منهم إنهم تعرضوا للسرقة على أيدي عناصر مليشيات أو جنود كونغوليين. وبحسب جوسبان نيوليمواكا الذي فر من حيه، فإن المسلحين “سرقوا كل شيء منا، هواتفنا، وحتى أحذيتنا. رأيناهم يخلعون ملابسهم ويرمونها وأسلحتهم”.
وقال أحد سكان منطقة سوق كيتوكو لوكالة فرانس برس “بدأنا نخرج، لكن أعمال نهب وقعت بالأمس. رأينا جثثا على الطريق”.
“تجنب المذبحة”
ولا يزال من الصعب تحديد أجزاء المدينة التي سقطت بالفعل في أيدي حركة “إم23” والجيش الرواندي.
ومن المتوقع أن يوجه الرئيس فيليكس تشيسكيدي الذي لم يتحدث منذ بداية الأزمة، كلمة للأمة في وقت لاحق الثلاثاء. وأكدت الحكومة الكونغولية الاثنين أنها تريد “تجنب وقوع مذبحة”، بحسب الناطق باسمها باتريك مويايا.
ومن المقرر بأن يعقد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي “جلسة طارئة” بشأن هذه الأزمة في منتصف النهار.
كما دفع التقدم السريع لحركة “إم23” نحو غوما، إلى جانب التصعيد الدبلوماسي بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، بنيروبي للدعوة إلى عقد اجتماع الأربعاء بين رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي ونظيره الرواندي بول كاغامي.
وقُتل ما لا يقل عن 17 شخصا وأصيب 367 آخرون في المعارك خلال اليومين الماضيين، وفق تقارير صادرة عن العديد من المستشفيات المكتظة في المدينة.
وأدت موجة العنف الجديدة أيضا إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المزمنة في المنطقة. وفي شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية، الغنية بالموارد الطبيعية، تستمر الصراعات والتمردات منذ أكثر من ثلاثين عاما.
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الثلاثاء “لقد نزح نصف مليون شخص إضافي هذا الشهر وحده”.
حذرت الأمم المتحدة التي تركز حاليا مهامها على حماية المدنيين الذين “يدفعون الثمن الأغلى”، من أن الوضع الإنساني في غوما “مقلق للغاية”.
كذلك، قالت الناطقة باسم برنامج الأغذية العالمي في جمهورية الكونغو الديمقراطية شيلي ثاكرال لصحافيين في جنيف عبر رابط فيديو من كينشاسا “توقفت موقتا المساعدات الغذائية في غوما ومحيطها. يشعر برنامج الأغذية العالمي بالقلق إزاء ندرة الغذاء في غوما”.
في نهاية عام 2012، احتلت حركة “إم23″، التي نشأت في ذلك العام وهُزمت عسكريا في العام التالي، مدينة غوما لفترة وجيزة.
إلى ذلك، حذّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الثلاثاء من خطر انتشار فيروسات بما فيها إيبولا من مختبر في غوما بسبب القتال العنيف في المدينة.
وقال المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر باتريك يوسف في مؤتمر صحافي في جنيف إن الهيئة “تشعر بقلق بالغ إزاء الوضع في مختبر المعهد الوطني للبحوث الطبية الحيوية” وتدعو إلى “الحفاظ على العينات التي قد تتضرر جراء الاشتباكات والتي قد تسبب عواقب لا يمكن تصورها إذا انتشرت السلالات البكتريولوجية التي تؤويها، بما في ذلك فيروس إيبولا”.
على صعيد متصل، هاجم متظاهرون سفارات عدة في كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، بما فيها سفارة رواندا، خلال تظاهرات الثلاثاء مناهضة لتصاعد الصراع في شرق البلاد، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية.
واستُهدفت سفارات رواندا وفرنسا وبلجيكا والولايات المتحدة، في حين تصاعد الدخان من مبنى السفارة الفرنسية، وفق ما شاهدت مراسلة وكالة فرانس برس. ونددت الخارجية الفرنسية بما وصفتها بالهجمات “غير المقبولة” على سفارتها في كينشاسا.