مدار: 22 شباط/ فبراير 2022
أبرز تقرير حديث لمنظمة “أوكسفام” أن ثروة 10 أغنى رجال في العالم تضاعفت خلال جائحة كوفيد 19.
وقدّرت الوثيقة التي حملت عنوان “اللامساواة تقتل“ أن 0.027 بالمائة من سكان كوكب الأرض يمتلكون ثروة مجتمعة تقارب 45 تريليون دولار؛ ويزيد هذا الرقم الضخم عن 15 ضعف الناتج المحلي الإجمالي لبلد كبير مثل الهند.
وبينت منظمة “أوكسفام” أن 99 بالمائة من سكان العالم أضحى دخلهم أقل مما كان عليه قبل انتشار وباء كورونا.
ورأت الهيئة ذاتها أن تركز الثروة لدى قلة من الناس، يؤدي إلى حدوث أعلى مستويات اللامساواة، التي لم يسبق للبشرية أن شهدت مثيلا لها.
وسلطت الوثيقة ذاتها الضوء على أنه بينما ضاعف 10 أغنى أشخاص في العالم ثروتهم خلال جائحة كورونا، فإنه من المتوقع أن يهوي 160 مليون شخص إلى هوة الفقر، إضافة إلى وفاة 17 مليون شخص آخرين، جراء مضاعفات الفيروس التاجي، وهو رقم لم يتم تسجيل مقابل له منذ الحرب العالمية الثانية.
وبفعل اللامساواة، أصبح فيروس كوفيد 19 أكثر فتكا وضررا وأطول أمدا، إذ أن غياب المساواة في الدخل أصبح مؤشرا قويا على ما إذا كان الفرد سيموت بسبب الوباء أو بسبب التقدم في السن، وفق “أوكسفام”.
وكان من الممكن الحفاظ على حياة الملايين من الأشخاص لو تم توفير اللقاحات، غير أن مصيرهم كان الموت بعد أن حرموا من الاستفادة مما توصل إليه العلم، بينما تواصل الشركات الصيدلانية الكبرى سيطرتها على هذه التقنيات، يوضح المصدر نفسه.
ورأت منظمة “أوكسفام” أن الممارسات المذكورة، تشكل مظهرا من مظاهر الفصل العنصري في الولوج إلى اللقاحات، ما يمس حياة الناس، ويكرس زيادة التفاوتات في جميع أنحاء العالم.
وتناول التقرير نفسه، الشكل الذي يتحمل من خلاله فقراء العالم العبء الأكبر من الوفيات بسبب الفيروس، إذ أن الفقراء يموتون أربعة أضعاف مقارنة من الأغنياء، وكمثال على ذلك، نال الموت جراء كوفيد 19 من الأشخاص المنحدرين من بنغلاديش خمس مرات أكثر من البريطانيين البيض في إنجلترا، خلال الموجة الثانية من الجائحة.
واعتبرت “أوكسفام” أن هذه التفاوتات، مرتبطة بوثوق بالإرث العنصري والاستعماري والعبودي، وفي السياق ذاته، يتوقع أن أن تزداد بشكل كبير الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة لأول مرة منذ جيل كامل.
ومن المرتقب أن تتبنى 73 دولة على الأقل سياسات تقشفية مدعومة من طرف صندوق النقد الدولي، مما سيفاقم من حجم التفاوتات وعدم المساواة بين البلدان، كما ستتضرر النساء وستضطرن إلى مواجهة المزيد من العنف القائم على النوع، إضافة إلى تحمل جبل من أعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر، التي تدفعهن باستمرار نحو قاع الإقتصاد، تضيف الوثيقة نفسها.
وبصدد موضوع اللقاحات، استرجعت المنظمة نفسها الوعود التي قدمها السياسيون خلال بداية الجائحة، بأن اللقاحات ستكون ضمن المنفعة العامة، غير أنها ومنذ اليوم الأول، بقيت حبيسة جدران الربح والاحتكار، وبدلا من تلقيح ملايير الأشخاص في البلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل، تم إحداث “مليارديرات اللقاحات”، إذ أصبحت الشركات الصيدلانية تقرر من يعيش ومن يموت.
وبالنسبة لـ “أوكسفام” ستبقى سنة 2021، وصمة عار على تاريخ الجنس البشري، جراء “الفصل العنصري المخزي” فيما يخص الولوج للقاحات، ووفاة ملايين الأشخاص، خصوصا من البلدان التي تعاني من قلة فرص الحصول على اللقاحات المضادة لكوفيد 19.
ونسب التقرير التفاوتات القائمة حاليا، إلى مستوى اللامساواة بين البلدان، خصوصا وأن البلدان الغنية قادرة على تطعيم مواطنيها والعودة إلى المستوى الطبيعي للحياة، وبذلك تجاوز التأثيرات الإقتصادية التي أحدثتها الجائحة.
وأماط التقرير الدولي نفسه اللثام عن أرقام مرعبة، إذ أن عدم المساواة تساهم في وفاة ما لا يقل عن 21300 شخص كل يوم، بمعدل يقارب شخصا كل كل أربع ثوان.
ويموت ما يقارب من 5.6 مليون شخص كل عام بسبب عدم الحصول على الرعاية الصحية في البلدان الفقيرة، وكمثال على ذلك، يمكن للناس في المناطق الأكثر ثراءا أن يعيشوا أكثر من أولئك في المناطق الأكثر فقرا بحوالي 14 عاما، في ساو باولو في بالبرازيل.
وفي السياق نفسه، تموت على الأقل 67 ألف امرأة كل عام بسبب تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية أو القتل على يد الشريك، وهو ما يجعل العنف القائم على النوع الاجتماعي متجذرا في الأنظمة الاقتصادية الأبوية والجنسية، وبالإضافة إلى ذلك، تشير التقديرات إلى أن حوالي 143 مليون امرأة تعاني سواء من الوفيات الزائدة بين الإناث أو الإجهاض الانتقائي بسبب الجنس (تفضيل الأبناء) أو مختلف الظواهر الأخرى التي تستهدف النساء دون غيرهن، ففي عام 2020 كان هناك حوالي 1.7 مليون حالة وفاة بين الإناث لأسباب متعلقة بالعنف القائم على النوع و1.5 مليون حالة إجهاض انتقائي، يبرز التقرير نفسه.
وفي المستوى ذاته، لا زال الجوع يقتل ما يزيد عن 2.1 مليون شخص على الأقل كل عام، إذ يواجه مئات ملايين الناس الويلات الناتجة عن وضعهم كفقراء، كما يعانون من الوفاة المبكرة بالمقارنة مع من لهم الإمكانيات المادية، حسب المصدر ذاته.
ووفق تقديرات نسبية، من الممكن أن يموت 231.000 شخص كل عام في البلدان الفقيرة بسبب أزمة المناخ، ويمكن أن ترتفع أعداد الوفيات بحلول 2030 إلى الملايين، وأشارت “أوكسفام” إلى أنه وفقا لإحدى الدراسات فإن غازات الاحتباس الحراري التي تسبب فيها كل 273 أمريكي في عام 2020 سيقابلها مقتل شخص واحد في الفترة المتبقية من هذا القرن من خلال موجات الحرارة، وفي السياق نفسه، تبقى الانبعاثات التي يقف وراءها الأغنياء هي السبب الأساس في الوفيات الناتجة عن تغير المناخ.