مدار: 18 آذار/ مارس 2021
قبل عشر سنوات من الآن كانت البحرين الدولة الخليجية الوحيدة التي اهتزت أوراقها متأثرة برياح “الربيع العربي” التي هبت من تونس ومصر وغيرهما، بعد أن خرجت الشعوب مطلع سنة 2011 مطالبة بإسقاط أنظمة عاثت فسادا وتجذرت في الحكم استبدادا.
فالفتيل الذي أشعله البوعزيزي بتونس سرعان ما انتشر متجاوزا الحدود الجغرافية، ليوقد نيران الاحتجاج في أغلب الدول العربية والمغاربية، من مصر إلى ليبيا وسوريا والمغرب والبحرين واليمن…فامتلأت الشوارع والساحات والميادين بالمحتجين المطالبين بإسقاط رموز الفساد والاستبداد وتحسين الظروف الاجتماعية، والطامعين في ديمقراطية حقيقية.
أفضت هذه الاحتجاجات إلى إسقاط زين العابدين بنعلي بتونس وحسني مبارك بمصر ومعمر القذافي بليبيا، بينما تم الالتفاف على مطالب حركة 20 فبراير بالمغرب، وأخذت الثورة مآلات مختلفة في كل من سوريا واليمن. فماذا عن البحرين؟.
مسار الثورة البحرينية
في نفس يوم سقوط حسني مبارك في مصر يوم 14 فبراير 2011 خرج مئات البحرينيين للشوارع مطالبين بإسقاط نظام حمد بن عيسى آل خليفة الخليفي، والمساواة في الحقوق السياسية بين الشيعيين الذين يشكلون الأغلبية والسنيين.
لم ينتظر النظام سوى خمسة أيام ليشن أول غارة ليلية دامية يوم 17 فبراير 2011 في حق المحتجين في دوار اللؤلؤة بالمنامة، ليتوالى الترهيب والتعنيف والقمع الذي أسفر عنه سقوط مئات الشهداء وحملة اعتقالات راح ضحيتها أزيد من ثلاثين ألف معتقل من مختلف الأعمار، من ضمنهم نساء وتلميذات، منهم من تم إطلاق سراحه بينما مازال أزيد من 5 آلاف معتقل داخل السجون البحرينية يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب والتنكيل، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، حسب ما جاء في بيان لحركة أنصار ثورة شباب 14 فبراير الصادر بمناسبة حلول الذكرى العاشرة لانطلاق الثورة.
هذه الانتفاضة تكالب عليها النظام البحريني الحاكم بتواطؤ مع دول التعاون الخليجي، خاصة الإمارات والسعودية اللتين سارعتا إلى إرسال تعزيزات عسكرية للبحرين دعما للنظام القائم، وحماية لمصالحهما بعد أن لعبا بالورقة المذهبية وأشعلا فيتل الصراع السني-الشيعي.
بحلول الذكرى العاشرة للثورة البحرينية مازالت الأوضاع بالبلاد كما هي عليه، ومازال النظام متغولا، خاصة بعد تعيين ولي العهد سلمان بن حمد رئيسا للوزراء؛ إذ دشن عهده بحملة من الاعتقالات والانتهاكات، كان آخرها حملة رعناء راح ضحيتها أطفال أيضا صدرت في حقهم أحكام جائرة وصلت حد المؤبد والإعدام تحت اسم خلية سليماني، كما أوضح بيان حركة أنصار ثورة شباب 14 فبراير.
عشر سنوات من التراجعات والحصار
نظام حمد بن عيسى يسعى إلى المزيد من التغلغل في الحكم بعد استنجاده بالولايات المتحدة الأمريكية وسيره نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، بإيعاز من الجارتين السعودية والإماراتية، اللتين أغرقتا البحرين بالديون والمساعدات المالية.
وسجلت البحرين خلال السنوات العشر الأخيرة تراجعات “مخيفة” في مجال حقوق الإنسان والحريات، وفرضت المزيد من الحصار والرقابة على المواطنين البحرينيين، كما توضح ذلك منظمة العفو الدولية (أمنستي) التي صرحت قائلة “اشتداد وطأة الظلم الممنهج في البحرين، والقمع السياسي الذي استهدف المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ورجال الدين وجمعيات المجتمع المدني المستقلة، قدأغلق فعليّاً أيّ مجال أمام الممارسة السلميّة للحق في حرية التعبير أو مُباشرة النضال السلمي”.
وفي السياق نفسه سجل التقرير السنوي لسنة 2021 للمنظمة الدولية “هيومن رايتس ووتش” وجود 27 شخصاً في انتظار تنفيذ حكم الإعدام في البحرين، ومازال 13 من المعارضين البارزين قابعين في السجن لفترات طويلة، ومازال حوالي 300 شخص بلا جنسيّة بعد سحبها من السلطات، كما تم منع جميع وسائل الإعلام المستقلة من العمل، وحلّ جميع جماعات المعارضة والتضييق على الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبالرغم من تأزم الوضع إلا أن نشطاء الثورة مازالوا متمسكين بمطالب ثورتهم رغم مرور عشر سنوات عن انطلاقها، وهذا ما عبروا عنه بإطلاق هاشتاغ ثبات_حتى_النصر_10 الذي اكتسح مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى صور شهداء الثورة ومعتقليها، إذ كان حلول الذكرى العاشرة لـ”الثورة المنسيّة” مناسبة لإعادة المطالبة بإطلاق سراحهم والدعوة إلى المزيد من النضال حتى تحقيق النصر المنشود، والتأكيد على ضرورة الاستمرار في الحراك، رغم التعتيم الإعلامي المفروض من المملكة البحرينية.