بعد عقد.. حركة 20 فبراير تلهم الحركات الاحتجاجية بالمغرب

مشاركة المقال

مدار: 17 آذار/ مارس 2021

خلد الشعب المغربي في فبراير/ شباط  ذكرى انطلاق حركة 20 فبراير التي أطفأت شمعتها العاشرة بعد مرور عقد على انطلاقها يوم 20 فبراير/ شباط سنة 2011، والتي جاءت انعكاسا لموجات الربيع العربي الذي أطاح برموز الفساد بعدة دول عربية ومغاربية كتونس ومصر…

انطلاق الحركة

بعد اندلاع ثورة البوعزيزي بتونس وخروج الشعب التونسي للشارع مطالبا بإسقاط نظام بنعلي، تلته الثورة المصرية على نظام مبارك والليبية على حكم القذافي. وكان الشعب المغربي على موعد مع التاريخ بعد وصول رياح حركة التغيير إليه.

تلبية لنداء شباب حركة 20 فبراير عبر منصات التواصل الاجتماعي، وبانضمام قوى سياسية وحقوقية، تم تسطير أرضية تأسيسية ضمت المطالب العشرة للحركة، وكان ضمنها دستور ديمقراطي، وحل الحكومة والبرلمان، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي…حجت حشود من الشعب المغربي إلى شوارع وساحات المدن والقرى يوم 20 فبراير 2011، رافعة شعار حرية كرامة عدالة اجتماعية، والشعب يريد إسقاط الاستبداد، بشكل سلمي وحضاري.

  09 مارس ..بداية الانعطاف

 لم ينتظر المحتجون كثيرا قبل أن يأتي الرد الرسمي على شكل خطاب ملكي توجه به ملك البلاد محمد السادس إلى الشعب يوم 09 مارس/آذار 2011، وعد فيه بإجراء تغييرات دستورية تم إقرارها في دستور يوليوز\تموز 2011، كما تم إجراء انتخابات حكومية مبكرة في نوفمبر\تشرين الثاني من السنة نفسها، أسفرت عن تشكيل حكومة جديدة ترأسها حزب العدالة والتنمية الإسلامي لأول مرة في تاريخه، وأعلن الأمين العام للحزب آنذاك، عبد الإله بنكيران، رئيسا للحكومة المغربية.

لقد شكل خطاب 09 مارس بداية انعطافة مهمة في مسار حركة 20 فبراير، إذ سيتصاعد التدخل لقمع الاحتجاجات واعتقال المتظاهرين بعدما اعتبرت هذه الإصلاحات مجرد محاولة للالتفاف على مطالبها والنيل من زخمها وجماهيريتها، كما وصفت الدستور المعدل بأنه دستور ممنوح لا يمثل الإرادة الشعبية، ولم يحقق تغييرات جذرية، باستثناء بعض الجزئيات، كالاعتراف الرسمي بالأمازيغية لغة وثقافة؛ داعية إلى استمرار الاحتجاجات ورافعة المطالب والشعارات نفسها في أفق تحقيق التغيير المنشود.

غير أن هذه العوامل، إضافة إلى انسحاب جماعة العدل والإحسان الإسلامية التي تعتبر أكبر قوة سياسية معارضة بالمغرب من الحركة، ساهم بالفعل في تراجع زخمها جماهيريا رغم حضورها السياسي القوي.

10 سنوات من الاستمرارية

بعد مضي عشر سنوات على انطلاق حركة 20 فبراير بالمغرب لا يمكن القول إن شمعتها قد انطفأت، لكن وميضها استمر ينير احتجاجات اجتماعية أخرى وحركات شعبية، وإن لم تحمل الاسم نفسه، إلا أنها حملت الشعارات نفسها ورددت الهتافات نفسها، واستلهمت روح الحركة في كل خطواتها؛ كما أنها احتلت الساحات والشارع الذي حررته حركة 20 فبراير من الخوف الذي قيد الشعب المغربي لسنوات.

 وكان واضحا استمرار روح حركة عشرين فبراير في حركات شعبية انفجرت في عدة مناطق مغربية في فترات مختلفة طيلة السنوات العشر الماضية، تسبب فيها الاحتقان الشعبي والظروف الاجتماعية المزرية للمواطن المغربي. ومن أهم هذه الاحتجاجات حراك منطقة الريف شمالي المغرب، الذي انطلق في أكتوبر\تشرين الأول 2016 احتجاجا على الطريقة الوحشية التي لقي بها بائع السمك محسن فكري حتفه بعد أن تم طحنه في شاحنة للنفايات حاول استنقاذ أسماكه المحجوزة منها.

 وخرجت ساكنة المناطق الريفية رافعة مطالب اجتماعية بشكل سلمي، قبل أن تلتجئ الدولة المغربية إلى المقاربة الأمنية لوقف هذا المد الجماهيري باعتقال العشرات من نشطاء وقياديي الحراك (ناصر الزفزافي، جلول احمجيق…) الذين يقبعون خلف القضبان مثقلين بتهم ثقيلة، ووزعت في حقهم قرون من السجن.

وللأسباب نفسها تقريبا، وبعد شهور من “حراك الريف”، اندلع حراك مدينة جرادة شرقي البلاد، بعد مصرع الشقيقين الدعيوي، حسين وجدوان، في قلب منجم مهجور للفحم، معيدين بذلك الأوضاع والظروف المزرية التي يعيشها العمال المنجميين بالمغرب إلى الواجهة.

ومرة أخرى تدخلت الدولة المغربية عبر الزج بمجموعة من نشطاء هذا الحراك أيضا في السجن، كحل لإخماد تنامي الاحتجاجات التي توسعت لتشمل الساكنة المحلية التي نادت برفع التهميش عنها، ما أثار موجة استنكار حقوقية.

كل هذه الحركات الشعبية، إضافة إلى احتجاجات أخرى  خرجت على شكل تنسيقيات فئوية (تلاميذية، وطلابية  أساتذة، ممرضين، أطباء، عمال…) رفعت شعارات حركة 20 فبراير وصدحت بهتافاتها.

الذكرى العاشرة لشهداء الحركة

رغم اختلاف الأسباب إلا أن النتيجة واحدة وهي سقوط عدة شهداء في فترات مختلفة منذ انطلاق الحركة فبحلول الذكرى العاشرة لانطلاقها، يعود مجددا نقاش ملف شهداء الحركة ومال التحقيقات ومحاسبة المسؤولين عن ذلك للواجهة.

كانت البداية بقتل كمال الحساني من بني بوعياش (شمال المغرب) ، الناشط في حركة 20 فبراير والجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، على يد أحد “البلطجية” المسخرة الذي ألقي القبض عليه غير أن القضاء صرح أن السبب راجع ل “تصفية حسابات”.

و أثناء تدخل أمني استهدف مسيرة لحركة 20 فبراير بمدينة اسفي (غرب المغرب) أصيب كمال العماري بإصابات بليغة نقل على إثرها للمستشفى لتلقي العلاج المطلوب قبل أن يرتقي شهيدا.

وقد سارع حينها المجلس الوطني لحقوق الانسان لفتح تحقيق في وفاته إلا أن هذا التحقيق لم يفضي لأي نتيجة ولم يصدر أي تقرير في هذا الصدد أو محاسبة أي طرف أو تحملت أي جهة مسؤولية استشهاده رغم مرور عشر سنوات على ذلك.

وهو نفس المصير في قضية الخمس شباب الذين وجدوا جثثا متفحمة في إحدى الوكالات البنكية بمدينة الحسيمة (شمال البلاد) ولازال لغز هذه القضية لم يحل كما تم منع الإطلاع على كاميرات المراقبة المتواجدة بالوكالة مما يزيد من غموض هذه الحادثة.

فبالرغم من جهود الجمعيات والهيئات الحقوقية  بالمغرب التي تطالب بكشف الحقائق ومحاسبة المسؤولين إلا أن سياسة الإفلات من العقاب لا تزال سارية.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة