مدار + مواقع: 06 كانون الثاني/ يناير 2021
قام الرئيس الأمريكي دونالب ترامب بإطلاق رصاصة جديدة في صدر القضية الفلسطينية يوم 11 أيلول/ سبتمبر 2020 في تغريدة عبر حسابه على تويتر، وذلك حين أعلن موافقة دولة البحرين على إقامة اتفاق تطبيع للعلاقات مع إسرائيل.
هذا وسعى الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جاهدا قبل تسليم مفاتيح السلطة للرئيس الجديد، مستغلا صلاحياته، إلى عقد اتفاقات تطبيع بين مجموعة من الدول العربية وإسرائيل؛ وكانت البحرين ثاني دولة عربية وخليجية بعد الإمارات العربية تعلن بشكل رسمي إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي تحت إشرافه.
ويبدو أن سنة 2020 لم تكن سيئة جدا بالنسبة للإسرائيليين، على عكس باقي الدول، فنهايتها حملت العديد من الاتفاقيات التي يعتبرونها إنجازات تاريخية كما جاء في بيان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو، الذي صرح قائلا: “مواطنو إسرائيل، يسرّني أن أبلغكم بأنّنا في هذا المساء توصلنا إلى اتفاق سلام آخر مع دولة عربية أخرى، إنها البحرين. هذا الاتفاق يضاف إلى السلام التاريخي مع دولة الإمارات العربية المتحدة”.
هذا الإنجاز التاريخي كما تراه إسرائيل والوسيط الأمريكي ليس في واقعه حسب المنظمات الفلسطينية إلا خيانة تاريخية وقعت عليها البحرين تحت ذريعة إقرار السلام في الشرق الأوسط، الذي بات مسألة استثمارية كانت تتطلب فقط الوقت والسعر المناسبين. وبات ذلك واضحا بعد أن قال نتنياهو في البيان السابق نفسه: “لقد استثمرنا في السلام على مدار سنوات طويلة، والآن يستثمر السلام فينا، وسيجلب استثمارات كبيرة حقاً إلى اقتصاد إسرائيل، وهذا مهم للغاية”.
ويبدو أن الأطماع الاستثمارية والأرباح الاقتصادية والمصالح الذاتية هي المحرك الحقيقي والفعلي لكل هذه الاتفاقيات التطبيعية من الأطراف الثلاثة؛ الأمريكي والإسرائيلي والبحريني.
ووضح تصريح نتنياهو السابق بخصوص الاستثمار في السلام بشكل جلي أطماعه في إنعاش الاقتصاد الإسرائيلي عبر شفط المليارات الخليجية وعقد صفقات مربحة للجانب الإسرائيلي مع لوبيات البترودولار وجعل البحرين وغيرها من الدول العربية أسواقا مفتوحة في وجه السلع الإسرائيلية.
كما تسعى إسرائيل من خلال هذه الاتفاقيات إلى فتح واجهات سياحية جديدة من شأنها أن تنعش القطاع السياحي الإسرائيلي، كما أنها متعطشة لعملات السائح البحريني والخليجي عامة.
أما من الجانب البحريني فإن الوضع الاقتصادي للمملكة تدهور، خاصة بعد مخلفات أزمة كورونا وانخفاض سعر البترول والمديونية التي فاقت الناتج الخام للبلاد، إذ من المُتوقَّع أن يبلغ العجز في ميزانيتها مع نهاية عام 2020 2.2 مليار دينار بحريني، أي ما يعادل 5.8 مليارات دولار، ما جعل البلاد رهينة الديون الخارجية والمساعدات المالية، خاصة من السعودية والإمارات، ما أفقدها السيادة على قراراتها؛ وبالتالي دفعتها تبعيتها وأطماعها كذلك إلى أن تكون ثاني دولة خليجية مطبعة بعد الإمارات التي سبقتها لذلك بشهر فقط.
ورغم محاولات ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة تغليف تطبيع بلاده مع الكيان الصهيوني بشعارات من قبيل إقرار السلام والتعايش والتسامح الديني وضمان استقرار شعوب المنطقة…إلا أن الدافع الاقتصادي والانتفاعي والمصالح المشتركة هي محركه الحقيقي، حسب محللين، خاصة أن البحرين تنتظر منه أن يحول اقتصادها من “الريادة إقليمياً إلى المنافسة عالمياً”، خدمة لرؤيتها الإستراتيجية لـ2030، حسب مزاعم الحكومة البحرينية.
وتم تدشين أول خطوة في اتفاق التطبيع البحريني-الإسرائيلي عبر توقيع اتفاق بين الطرفين في المنامة بحضور وفد إسرائيلي ترأسه مائير بن شبات، رئيس مجلس الأمن القومي؛ في حين ترأس الوفد الأميركي الوزير ستيفن منوتشين.
ووصل الوفدان إلى المنامة عبر رحلة جوية مباشرة هي الأولى من نوعها على متن طائرة تابعة لشركة طيران “العال” الإسرائيلية، انطلقت من مطار بن غوريون، عابرة الأجواء السعودية قبل وصولها إلى البحرين.
ويسمح هذا الاتفاق بتبادل السفراء والسفارات، مع عقد اتفاقات تعاون تجاري في مجالات مختلفة، إضافة إلى تدشين رحلات ركاب.
يشار إلى أن هذه الخطوة التي أقدمت عليها البحرين قوبلت باستهجان شعبي عبر عنه البحرينيون عب هاشتاغ “التطبيع خيانة” الذي اكتسح مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى تغريدات رافضة للخطوة التي اعتبروها “خيانة وطعنة للقضية الفلسطينية ولشعبها”؛ كما نظموا مظاهرات رافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني في المنامة تزامنا مع توقيع اتفاق التطبيع ووصول الوفد الإسرائيلي-الأمريكي، معبرين عن وفاء الشعوب العربية للقضية الفلسطينية في ظل خيانة الأنظمة واسترزاقها بها.