صورة: DR*
مدار: الإثنين 28 سبتمبر/أيلول 2020
قالت منظمة العفو الدولية (أمنيستي)، في تقرير حديث لها، إن السلطات الأردنية نقلت في 10 أغسطس/آب، قسرياً، ما لا يقل عن 16 لاجئاً سورياً، بينهم ثمانية أطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و14 عاماً، إلى مخيم غير رسمي في منطقة حدودية واقعة في الصحراء بين سوريا والأردن.
ويقع مخيم الركبان غير الرسمي، حسب المصدر ذاته، في منطقة حدودية معزولة وغير مؤهلة للحياة تُعرف باسم “الساتر الترابي”، يفتقر سكانها البالغ عددهم 10 آلاف نسمة إلى إمكانية الحصول على الغذاء الكافي، والمياه النظيفة، والرعاية الطبية، والصرف الصحي بأسعار معقولة، مشيرا إلى أن هذا الوضع “دفع إحدى العائلات إلى العودة بيأس إلى سوريا، بعدما نقلتها السلطات الأردنية إلى هذه المنطقة. كما تعرّض لاجئ عمره 21 عاماً مبعدٌ من الأردن للنقل قسراً من منطقة الساتر الترابي إلى منطقة تسيطر عليها الحكومة السورية”.
وأورد التقرير تصريحا لماري فورستيي، الباحثة المعنية بحقوق اللاجئين والمهاجرين في منظمة العفو الدولية، جاء فيه أن “الاحتجاز القسري للاجئين ونقلهم قسراً يشكل انتهاكاً واضحاً لحقوقهم في الحرية وحرية التنقل، كما أن إرسالهم إلى منطقة الساتر الترابي ينتهك حقوقهم في مستوى معيشي لائق وفي الصحة”، مضيفة: “إن الظروف في المخيم غير الرسمي في الركبان مزرية إلى حدّ جعل بعض اللاجئين الذين أرسلوا إلى هناك يفضّلون العودة إلى سوريا حيث تتعرّض حياتهم للخطر على البقاء فيه”.
وتحدثت منظمة العفو الدولية، في رصدها للأوضاع في المخيم، مع رجلين تم ترحيلهما إليه مع عائلاتهما، اختارت لهما اسمين مستعارين هما حسام وبسام؛ فضلاً عن قياديين في المجتمع المحلي في المخيم، وممرضة، ومريضة، وموظفة في إحدى المنظمات الإنسانية الدولية.
وفي السياق قال “حسام”، وهو رجل في التاسعة والأربعين من العمر من محافظة درعا، و”بسام”، وهو أب من حماة، نُقلا إلى المخيم في 10 أغسطس/آب مع زوجتيهما وأطفالهما، وعددهم خمسة وثلاثة على التوالي، في حديثهما مع “أمنيستي”، إن قوات الأمن العام الأردنية اعتقلتهما ليلاً في مخيم الأزرق، وهو مخيم للاجئين السوريين في محافظة الأزرق، حيث كانا يقيمان منذ حوالي خمس سنوات، دون إخطارهما بالسبب أو السماح لهما بأخذ أي متعلقات لهما معهما.
وتضيف المنظمة ذاتها أن رجال الأمن العام أخذوا، في 10 أغسطس/آب، ابن حسام من السجن، حيث احتجز لمدة أسبوعين بتهمة السرقة، ثم رحّلوه هو وأسرته، مع بسام وأسرته ورجلين آخرين، إلى “الساتر الترابي”، عبر حافلة. كما أخبر حسام وبسام منظمة العفو الدولية بأنه لم يتح لهما الحصول على مساعدة قانونية، ما يعني أنهما لم يتمكّنا من الطعن في عملية نقلهما، ولا يعرفان حتى الآن سبب النقل.
وقال بسام في تصريح لأمنستي: “إما أن تذهب إلى منطقة يسيطر عليها النظام [تحت سيطرة الحكومة السورية]، أو أن تموت هنا من الجوع لأن الوضع سيء جداً”، في حين قال حسام: “نحن فعلياً نجلس على الأرض. ليست لدينا بطانية تغطيتنا ليلاً، ولا وسادة، ولا ملابس دافئة..كل شيء مكلف للغاية، ومن الصعب جداً الحصول على الطعام”.
وبالإضافة إلى الأشخاص الـ 16 الذين نقلوا قسراً في 10 آب/أغسطس، نُقلت أيضاً عائلتان سوريتان إلى الساتر الترابي في أواخر يوليو/تموز، ولكن منظمة العفو الدولية لم تتمكن من إثبات ما إذا كانت هذه الرحلة طوعية أو غير طوعية.
وقال اثنان من قادة المجتمع المحلي في الساتر الترابي لمنظمة العفو الدولية إن إحدى العائلتين السوريتين اللتين أُرسلتا إلى الساتر الترابي في يوليو/تموز عادت على الفور إلى منطقة تسيطر عليها الحكومة في سوريا، على الرغم من المخاوف من التعرض لانتهاكات لحقوق الإنسان، بسبب ظروف المخيم المزرية.
واختتمت ماري فورستيي قائلة: “إن نقل اللاجئين قسراً إلى مكان يتعرضون فيه لخطر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو الإساءات يصل إلى حد الإعادة القسرية، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي.. فضلاً عن ذلك فإن حقيقة أن عمليات النقل هذه دفعت الناس لاحقًا إلى العودة إلى سوريا، من حيث فروا، تؤكد مدى سوء ظروف الحياة في الساتر الترابي..يجب على الحكومة الأردنية أن تفي بالتزاماتها الدولية، بما في ذلك واجب الالتزام بمبدأ عدم الإعادة القسرية”.
وأشار تقرير “العفو الدولية” أيضا إلى أن ترحيل الأشخاص أثناء وباء عالمي قد يؤدي إلى المخاطرة بتفشي فيروس كوفيد-19، لاسيما أنه لا يوجد مكان للحجر الصحي في مخيم الركبان غير الرسمي الذي يضم 10 آلاف شخص.
وبينما قال لاجئون سوريون للمنظمة إن ضباط الأمن الأردنيين أخذوا درجات حرارتهم قبل نقلهم، فإن هذا الإجراء غير كاف حسب “أمنستي” لاحتواء انتشار الفيروس؛ وفي الوقت نفسه فإن المرافق الطبية في منطقة الساتر الترابي غير كافية بتاتاً.
وكانت منظمة العفو الدولية طالبت في مايو/أيار الماضي السلطات الأردنية بالسماح لسكان الساتر الترابي بالوصول إلى المرافق الطبية في الأردن؛ لكنهم حتى الآن يُمنعون من ذلك، ما يعرض صحتهم، وأحيانًا حياتهم، للخطر، وفق تقريرها.
كما تواصل منظمة العفو الدولية دعوة المجتمع الدولي إلى زيادة التزامه بإعادة توطين اللاجئين السوريين من الأردن بشكل ملموس، وتقديم المساعدات المادية اللازمة للسلطات الأردنية لدعم جهودها في استضافة اللاجئين.
وأنهت المنظمة تقريرها بالإشارة إلى أن عشرات الآلاف الذين يبحثون عن الأمن والأمان من النزاع في سوريا انتهى بهم المطاف في أوائل 2015 إلى الأرض الحدودية الصحراوية المعروفة باسم “الساتر الترابي”، بين الحدود الأردنية والسورية، بالقرب من معبري الركبان والحدلات. وفي حين عاد ما تقدر نسبتهم بنحو 75 في المائة إلى سوريا منذ منتصف 2015، وفقاً للأمم المتحدة، لفتت “أمنستي” إلى أنه في وقت كتابة هذا التقرير يتبقّى ما لا يقل عن 10 آلاف شخص في المنطقة.
كما ذكر المصدر ذاته أن الأردن أعلن في مارس/آذار 2020 أنه لن يسمح لقافلات الإغاثة بالمرور عبر أراضيه لإيصال المساعدات والمعدات الطبية إلى المخيم، مشيراً إلى مخاوف متعلّقة بوباء فيروس كوفيد؛ وهو وضع مازال على ما هو عليه بعد مرور ستة أشهر؛ بينما يعود تاريخ دخول آخر قافلة إنسانية سمحت الحكومة السورية بدخولها إلى منطقة الساتر الترابي إلى سبتمبر/أيلول 2019.