مدار: 04 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024
تنصب أنظار العالم نحو أكثر الانتخابات الرئاسية حضورا في المشهد الإعلامي الدولي والعربي، إذ يتوجه الناخبون الأمريكيون لاختيار رئيس أو رئيسة لبلدهم. القوة الاقتصادية والعسكرية الأكثر سطوة على وجه البسيطة.
وإذا كانت تقاليد هذه الاستحقاقات السياسية تقول بأن الشأن الداخلي هو الحاسم في وضع توجهات الناخبين، إلا أن منطقتنا العربية تهتم أكثر بالسياسة الخارجية الأمريكية المبنية على التدخل، وبالتالي تمس حياة مئات الملايين من سكان المنطقة؛ زادها تأكيدا الدعم الأمريكي المتواصل لحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين في قطاع غزة ثم في لبنان.
وفق المشهد الذي تصوره الشركات الإعلامية المهيمنة، فإن السباق محسوم بين كامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، ودونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري.
تدفع الآلة الإعلامية الأمريكية والغربية نحو إغلاق الصورة أمام المتتبعين، وحصرها في ثنائية “الحمار” و”الفيل”، حتى بات النزر الكبير يعتقد أن القواعد الانتخابية الأمريكية تسمح للحزبين المهيمنين وحدهما بخوض هذا السباق، في حين أن المرشحين الرئاسيين لهذه السنة يبلغ ستة وليس إثنين.
وإذا كانت كمالا هاريس ودونالد ترامب قد عبرا عن دعم لا مشروط لحرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، مدفوعين بتأثير اللوبيات الصهيونية المتغلغلة في الاقتصاد والسياسية والإعلام الأمريكي، فإن هناك مرشحين آخرين يتظاهرون في شوارع الولايات المتحدة جنبا إلى جنب مع داعمي القضية الفلسطينية.
كلوديا دي لا كروز ونائبتها كارينا غارسيا، خاضتا السباق الانتخابي عن حزب الاشتراكية والتحرير، بشعارات واضحة، أبرزها تقويض الإمبريالية الأمريكية؛ إذ أكدت كلوديا أنها إذا فازت برئاسة البلد، فإنها ستقوم بتخفيض الميزانية العسكرية الأميركية بنسبة 90 في المائة، واحترام سيادة الدول من خلال سحب وجودها العسكري المترامي الأطراف في الخارج، بالإضافة إلى إلغاء العقوبات الأحادية الجانب التي تفرضها واشنطن على عشرات الدول.
وتؤكد المرشحة المعروفة بخطاباتها القوية في ساحات الاحتجاج الداعم لفلسطين أنها تسعى إلى وقف الحرب على فلسطين ولبنان، وستقوم بالدفع نحو إقامة الدولة الفلسطينية.
وتقول حملة كلوديا-كارينا، إن برنامجها قائم على تغيير النظام السياسي والاجتماعي الأمريكي القائم على حكم الأثرياء، وتكسير الصورة النمطية التي تضع الأمريكيين أمام خياري السياسات المحافظة أو الليبرالية دون غيرها من البرامج البديلة، خصوصا التي تضع السياسات الاجتماعية كالصحة والتعليم المجانيين على رأس قائمة أجندتها.
وتشدد المرشحة اليسارية التي تربط قاعدتها الاجتماعية بالطبقة العاملة، على أن برنامجها يتجاوز يوم الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني، وتروم المساهمة في بناء حركة قوية تهدف إلى تحقيق تغيير راديكالي في البلاد، وتوحيد الطبقة العاملة حول هذا البرنامج.
كما تدخل جيل ستاين، هذا السباق الانتخابي برؤية تتمحور حول البيئة والسلام. ممثلة لحزب الخضر، فإن المرشحة اليهودية الأمريكية تعبر عن دعمها القوي لفلسطين، وتدعو لوقف دائم لإطلاق النار، كما تدعو إلى قطع المساعدات العسكرية الأمريكية عن الكيان المحتل.
بالنسبة لها، فقد آن الأوان لاعتبار المشاكل المناخية أساسية ضمن السياسات الأمريكية، مع ضرورة وقف الحروب وسن إجراءات تحسن أوضاع العمال. كما تبدي معارضة شديدة لنظام الحزبين الذي اصطنعته الشركات العملاقة والآلات الإعلامية الموضوعة تحت إمرتها.
على المنوال نفسه، فإن المرشح الرئاسي الغير منتمي حزبيا، كورنيل ويست، يبدي دعما دائما للقضية الفلسطينية، ويخرج باستمرار في المظاهرات المؤيدة لها.
الفيلسوف والأكاديمي ذي الأصول الأفريقية، استقال سنة 2021 من جامعة هارفارد، حيث كان مدرسا للفلسفة العامة، احتجاجا على تحيزها للإسرائيليين.
إذا كانت الكفة تميل بالتأكيد لمرشحي الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بسبب الدعم السخي الذي يتلقيانه من كبريات الشركات واللوبي الصهيوني، إلا أن حركة المرشحين الآخرين بالغة التأثير على مسار الاقتراع.
في الولايات المتأرجحة، تلعب الجالية العربية والإسلامية دورا هاما في ترجيح كفة على حساب أخرى، وهو ما أبرزته بقوة مبادرة “لست ملتزما”.
والآن، تدعو مجتمعات الجالية العربية والإسلامية إلى التصويت لصالح المرشحين المؤيدين لفلسطين وعدم الانحصار في ثنائية هاريس-ترامب.