مدار + مواقع: 13 أغسطس/ غشت 2021
أعلنت الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ عن تقريرها الذي دقت من خلاله ناقوس إنذار في ما يخص مستقبل التغيرات المناخية وتأثيرها على الوضع البيئي العالمي.
وشهدت الأيام القليلة الماضية إماطة الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ اللثام عن تقريرها الأول من سلسلة تقارير تتناول الوضع البيئي الحالي، الذي من المقرر أن يتم تقييمه على شكل ثلاثة تقارير سيكون آخرها في مارس 2022.
وتم تأسيس الهيئة عام 1988 في إطار برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، قصد توفير تحديثات تخص حجم حالة الطوارئ المناخية وآثارها ومخاطرها، وطرح إستراتيجيات التكيف والتخفيف؛ وتتكون من علماء مقسمين على ثلاثة فرق: فريق أول يتعامل مع أساس العلوم الفيزيائية لتغير المناخ، وفريق ثان يتعامل مع الآثار والتكيف والقابلية للتأثر، فيما يقوم الفريق الثالث بتقييم سبل التخفيف من تغير المناخ.
مضمون تقرير الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ
أبرز عملاء الهيئة من خلال تقريرهم أن العامل البشري كان له التأثير الكبير في رفع مستوى حرارة نظام المناخ العالمي، الأمر الذي أصبح بارزا من خلال الأحداث التي أصبحت تعرفها مختلف البلدان، واصفين في الآن نفسه التغيرات المناخية الحالية بغير المسبوقة، في حين أن الارتفاع المستمر لمستوى سطح البحر كان متوقعا منذ مئات السنين.
وأوضح المصدر ذاته أن الانبعاثات الغازية الدفيئة الناتجة عن الأنشطة البشرية كانت السبب المباشر في ارتفاع درجة الاحترار بـ1.1 درجة مئوية، متوقعين في الآن نفسه أن تتجاوز 1.5 درجة مئوية على مدار العشرين عاما المقبلة.
وتحدثت الهيئة التابعة للأمم المتحدة عن أن من شأن التخفيضات القوية والمستمرة لانبعاثات الكربون وغازات الدفيئة الأخرى أن تحد من تغير المناخ، مضيفة أن من شأنها أيضا أن تؤثر بشكل مباشر وسريع على تحسين جودة الهواء، في حين أن استقرار درجات الحرارة من المفترض أن يستغرق من 20 إلى 30 عاما.
ولم يفت الهيئة ذاتها التنصيص على أن تغير المناخ من شأنه أن ينتج تغيرات مختلفة في مناطق مختلفة – وكلها ستزداد مع زيادة الاحتباس الحراري – وتشمل هذه التغيرات هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات المرتبطة بها، وأسوأ سنوات الجفاف في العديد من المناطق، والارتفاع المستمر لمستوى سطح البحر الذي سيؤثر على المناطق الساحلية، وتضخيم ذوبان التربة الصقيعية، وتحمض المحيطات، بالإضافة إلى كوارث أخرى.
وكانت الجهة ذاتها عبرت في تقارير سابقة عن أن الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية “يمكن أن يسير جنبا إلى جنب مع ضمان مجتمع أكثر استدامة وإنصافا”، مع فوائد واضحة لكل من البشر والنظم البيئية الطبيعية.
ومع ذلك، وجدت الهيئة في تحليل للأمم المتحدة نُشر في وقت سابق من العام أن التعهدات التي قطعتها البلدان في جميع أنحاء العالم للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مازال “بعيدة جدا” عن الإجراءات العميقة المطلوبة لتجنب الآثار الأكثر تدميرا للانهيار المناخي.
حرائق غير مسبوقة ووضع جديد بالقارة الأوروبية
شهدت الأشهر القليلة الماضية اشتعال حرائق الغابات في أنحاء مختلفة من أوروبا على غير العادة، وزادت من وطأة الأمر درجات الحرارة الحارقة والظروف الجافة التي أودت بحياة الناس ودمرت سبل العيش.
وتعاني أجزاء مختلفة في أوروبا من موجات حارة شديدة، من بينها اليونان التي تكافح واحدا من أسوأ الحرائق في أوروبا، وسط درجات حرارة شديدة الارتفاع، بحيث اندلعت الحرائق في جميع أنحاء البلاد منذ ما يقرب من أسبوعين، ما ترك العشرات في حاجة إلى العلاج في المستشفى.
وتعرضت إيفيا، ثاني أكبر جزر اليونان، لتهديد شديد خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، اضطر معه آلاف السكان إلى حزم أمتعتهم وترك منازلهم. ففي الأيام العشرة السابقة لـ 7 أغشت/ آب التهمت النيران ما يقرب من 57000 هكتار (140،000 فدان، وفقا لنظام معلومات حرائق الغابات الأوروبي.
وهو الوضع نفسه الذي عانته تركيا، التي اجتاحت الحرائق مساحات من ساحلها الجنوبي خلال الأسابيع الماضية، ما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل، وهو الأمر الذي اضطر السلطات إلى إجلاء عشرات الآلاف من منازلهم، إذ دمرت الحرائق مساحات شاسعة من غابات الصنوبر والأراضي الزراعية، لكن الأمور انفرجت بعض الشيء بعد التساقطات المطرية الأخيرة.
وغير بعيد عن تركيا، وبالضبط بإيطاليا، اجتاحت النيران 10000 هكتار (24710 فدانا) من الغابات وأجبرت 800 شخص على إجلاء منازلهم في جنوب غرب سردينيا؛ وهو الوضع نفسه الذي عانت منه روسيا، حيث تحركت السلطات في سيبيريا لإخلاء عدة قرى، حيث اشتعل 155 حريقا بسبب الارتفاع المهول في درجات الحرارة.
كما اجتاحت هذه الحرائق غير المسبوقة مناطق ودولا أخرى أيضا مخلفة وراءها دمارا هائلا.
الحرائق في القارة الإفريقية تنذر بوضع كارثي
تعتبر غابة حوض الكونغو “الرئة الخضراء الثانية” للأرض بعد منطقة الأمازون، حيث تغطي الغابات المطيرة مساحة 3.3 ملايين كيلومتر مربع عبر عدة بلدان، ثلثها تقريبا في جمهورية الكونغو الديمقراطية والباقي في الغابون وجمهورية الكونغو والكاميرون وجمهورية إفريقيا الوسطى. كما يعتقد الخبراء أن غابات حوض الكونغو، مثل الأمازون، تمتص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون، ما يجعلها لاعبا رئيسيا في مكافحة تغير المناخ.
لكن خلال الأسابيع الماضية، ووفقًا لـ Global Forest Watch Fires، شهدت الكونغو ما يقرب من مليون مصدر للنيران. ورغم أن النيران اجتاحت قرى ومنازل السكان وخلفت وراءها دمارا، إلا أن علماء البيئة عبروا عن نوع من الاطمئنان، خصوصا أن العديد من الحرائق المبلغ عنها تقع خارج مناطق الغابات المطيرة الحساسة في حوض الكونغو.
وهو الوضع نفسه الذي تعانيه دول كالموزمبيق وأنغولا، التي تعاني في هذه المرحلة من حرائق كبيرة في خضم ضعف القدرات على مجابهة هذه الكوارث.
وبالجزائر، خلفت الحرائق التي اجتاحت منطقة القبايل الجبلية شرقي العاصمة مقتل 42 شخصا يوم الثلاثاء، بينهم 25 جنديا تم نشرهم للمساعدة في إخماد الحريق؛ فيما غطت سحب كثيفة من الدخان معظم المنطقة حسب السلطات الرسمية.
واندلعت عشرات الحرائق المنفصلة في مناطق غابات شمال الجزائر منذ ليلة الإثنين، الأمر الذي دعا وزير الداخلية، كمال بلجود، إلى اتهام “مثيري الحرائق” بإشعال النيران، دون تقديم مزيد من التفاصيل بشأن هذه المزاعم، قائلا: “الأيدي الإجرامية فقط هي التي يمكن أن تكون وراء اندلاع حوالي 50 حريقا في وقت واحد في عدة مناطق”.
واستخدم سكان منطقة تيزي وزو في منطقة القبايل أغصان الأشجار في محاولة لإخماد حرائق في بقع من الغابات، أو إلقاء المياه من الحاويات البلاستيكية في محاولة يائسة لإخماد النيران. وقال سكان القبايل إن معظم القتلى لقوا حتفهم إما أثناء محاولتهم إطفاء النيران أو بسبب تقطع سبلهم بسبب الدخان الكثيف. وفي ما يخص الجنود الذين لقوا حتفهم عبرت وزارة الدفاع أن هناك عدد ليس بالهين أصيبوا بحروق بالغة.