مدار + مواقع: 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2020
أصدر وزراء المالية في الاتحاد الأوربي لائحة للفراديس الضريبية، بعد أن جرى تحيينها، إذ قرروا سحب كل من جزر الكايمان وسلطنة عمان. واعتبر الاتحاد الأوربي الدول الواردة ضمن اللائحة “قد أجرت إصلاحات ضرورية لتحسين أنظمتها الضريبية”. لكن ملاحظين اقتصاديون سجلوا أن جزر الكايمان لا تفرض ضرائب على الشركات، بل إن هذه الجزر، حسب صندوق النقد الدولي، هي ضمن عشر بلدان تحتضن 85 في المائة من الاستثمارات الوهمية في العالم، إضافة إلى كل من اللوكسمبورغ وهولندا وهونغ كونغ، والجزر العذراء في بريطانيا، وبيرمودا، وسنغافورة وسويسرا وايرلندا وجزيرة موريس.
وزيادة على الأنغويلا ولابارباد، تتكون اللائحة السوداء من اثني عشر بلدا صغيرا، ما يجعل العقوبات الاقتصادية محدودة الأثر، ما دامت الدول الأوربية لا تجمد الرساميل الموجهة إليها. واعتبر مراقبون أن الاتحاد الأوربي لم يمتلك الشجاعة السياسية اللازمة بهذه اللائحة التي تقدم تفويضا مطلقا لأكبر الفراديس الضريبية في العالم، حيث لم ترد على اللائحة بلدان معروفة في المجال، مثل الجزر العذراء في بريطانيا، ومالطا وقبرص وإيرلندا وغيرها.
كما تبين هذه المعطيات إلى أي حد أن لائحة الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي هي مجرد كذبة كبيرة، حسب مراقبين، ما دامت الدول الواردة في اللائحة لا تمثل غير 7 في المائة من التهرب الضريبي في العالم.
وعلقت كارولين إفان، الناطقة الرسمية باسم أوكسفام، إحدى أكبر المنظمات الخيرية الدولية المستقلة في مجالي الإغاثة والتنمية، والتي تناضل تحت شعار “قوة الناس لمحاربة الفقر”، بالقول:” إذ كان الاتحاد الأوربي يسعى إلى أن تكون لهذه اللائحة مصداقية فعليه تعزيز معاييره، لإدراج البلدان التي تنخفض فيها الإجراءات الضريبية إلى الصفر، والبلدان حيث تتجاوز استثمارات الشركات كثيرا مستوى نشاطها الفعلي”.
من جانب آخر نشرت “لومانيتي”، جريدة الحزب الشيوعي الفرنسي، في عددها الصادر يوم 7 تشرين/ أكتوبر، مقالا بعنوان ساخر: نكتة اليوم: جزر الكايمان لم تعد ضمن لائحة الاتحاد الأوروبي.
وسبق لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن عممت سنة 2014 معايير تتيح تبادلا سنويا تلقائيا للمعلومات الخاصة بالحسابات المالية بين الحكومات. وتشمل هذه المعايير ميزانيات الدول، وفوائد الودائع وتوزيعات الأرباح، وعائدات عمليات بيع الأصول المالية، لكي تقدمها المؤسسات المالية للحكومات؛ كما تشمل حسابات الأفراد والمؤسسات وصناديق الاستثمار.
وكان أليكس كوبهام، المدير العام لشبكة العدالة الضريبية، علق على هذه الأرقام المهولة في نيسان/أبريل الماضي بالقول: “إنها أكبر سرقة للمال العام في تاريخنا الحديث، لكن ما يثلج الصدر أننا نمتلك الآن أفضل منظومات الإنذار، ولا ينقصنا غير أن تشغله الحكومات”.
وحسب تقارير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية فإن خسارة الاقتصاد العالمي تتجاوز سنويا 300 مليار أورو نتيجة التهرب الضريبي الذي يستفيد منه أثرياء العالم، بينما يُخرب اقتصاد البلدان المتخلفة، الذي يتميز بالهشاشة ويحكم على الفقراء بمزيد من الفقر.
وتطالب المنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، منذ ثلاث سنوات، الأربعة آلاف شركة متعددة الجنسية في البلدان الأعضاء، التي تتجاوز أرقام معاملاتها 700 مليون أورو، بتقديم تقارير للإدارة الضريبية حول منشآتها وعدد العاملين والمداخيل ونشاطها في كل بلد، لكن خمس عشرة دولة فقط تلتزم الشفافية، وتتيح تتبع آثار الأربع مائة مليار أورو من الفوائد، بينما تنتقل 1150 مليار أورو من الفوائد عبر الفراديس الضريبية.
وتعرف القوانين الدولية التهرب الضريبي بأنه قيام المكلف الخاضع للضريبة فردا أو شركة بعدم دفع الضرائب المستحقة للدولة المترتبة على أي نشاط مدر للدخل أو ثروته، أو على أي فعل منشئ للضريبة سواء تعلق بالاستهلاك أو الاستيراد، وذلك من خلال استعمال طرق وأساليب غير مشروعة بحكم القانون، وتنطوي على سوء النية. كما يعد التهرب الضريبي جرما يعاقب عليه القانون في معظم بلدان العالم، ويُعرِّض الضالعين فيه للمساءلة أمام القضاء وعقوبات مدنية وجنائية، قد تصل إلى السجن.