الإرث المبكر للثورة البلشفية

مشاركة المقال

نيوز كليك/ مدار: 15 نونبر/ تشرين الثاني 2022

عندما استولى البلاشفة على السلطة في روسيا بقيادة لينين في أكتوبر/ تشرين الأول كانت الرسالة بسيطة: أن الوديع يمكنه أن يرث العالم. على عكس الثورتين الفرنسية والإنجليزية، كانت الثورة البلشفية محاولة واعية ومدروسة من الطبقة العاملة المنظمة بدعم من الفلاحين الفقراء للاستيلاء على السلطة.

لقد كان أكبر حدث سياسي في القرن العشرين، ويرجع ذلك بالأساس إلى الصدى الذي خلفه عبر خلخلة كل مظاهر الاستغلال، سواء كانت طبقية أو عرقية أو جنسية أو إمبريالية رأسمالية. لم يكن لأي حدث تاريخي آخر مثل هذا المقدار من التأثير بعيد المدى، الذي انفردت به الثورة البلشفية.

الثورة الفرنسية على سبيل المثال تطرقت للحديث عن حقوق الإنسان، لكنها في الآن ذاته فشلت في إعطاء النساء حق التصويت، كما أنها تناولت المساواة بين الجميع، لكن فرنسا النابليونية استمرت في امتلاك مستعمرات العبيد في منطقة البحر الكاريبي، وهو الأمر الذي انعكس على الإصرار بالتشبث بالعبودية، ما أفضى إلى العديد من عمليات القتل البشعة، مثلما حدث لتوسان لوفرتور – زعيم ثورة العبيد في هايتي.

من ناحية أخرى، ظلت الثورة البلشفية ثابتة على وعودها؛ ففي ظل غياب العبودية أصبح اليهود أكثر اطمئنانا، لاسيما أنه في فترة الحكم القيصري ولمدة طويلة كان يتم الترويج للمشاعر المعادية لهم لتوجيه غضب الفقراء نحو المذابح. لقد فهم لينين والبلاشفة هذا الأمر جيدا.

في محاضرة عن ثورة 1905 في زيورخ، قال لينين: “لقد عرفت القيصرية جيدا كيف تتعامل مع أكثر الأحكام المسبقة دناءة التي مورست ضد اليهود بتهليل من أكثر الفئات جهلا، من خلال تنظيم هذه المذابح، بل والقيادة المباشرة لها. تلك المذابح الفظيعة التي راح ضحيتها اليهود المسالمون وزوجات وأطفال، والتي أثارت اشمئزازا كبيرا في جميع أنحاء العالم المتحضر”.

يجب على كل اشتراكي وشيوعي أن يتذكر بفخر، في وقت أصبحت فيه معاداة السامية المزيفة سلاحا متجددا لمهاجمة اليسار في العالم، أنه عام 1914 اقترح الحزب الشيوعي في الدوما القيصرية مشروع قانون يهدف إلى “إزالة جميع القيود المفروضة على الحقوق التي يتمتع بها اليهود وجميع القيود ذات الصلة بالنسب أو الانتماء إلى أي جنسية معينة”.

لقد كانت التقدمية الراديكالية للبلاشفة هي السبب في أن أصبح يهودي هو الرجل الثاني في قيادة الدولة الثورية، وهو الأمر الذي دفع اليهودي الماركسي الأمريكي ريموند روبينز لوصفه بأنه “ابن العاهرة، لكنه أعظم يهودي منذ يسوع المسيح”. كان ليون تروتسكي الذي خطط للاستيلاء الثوري على السلطة في أكتوبر/ تشرين الأول 1917 وأصبح القائد العام للجيش الأحمر.

بصرف النظر عن تروتسكي، شكل اليهود عددا مهما من كبار أعضاء الحزب البلشفي، مثل زينزفيف وكامينيف وياكوف سفيردلوف ومكسيم ليتفينوف ومويزي أوريتسكي. يمكنكم مقارنة هذا بما حدث في الولايات المتحدة، حيث احتاجت إلى ما يقرب 232 عاما حتى يصبح أمريكي أسود رئيسا للبلاد.

سؤال الجنس

في ما يتعلق بمسألة الجنس، تضمن برنامج الحزب الشيوعي الذي تمت صياغته عام 1903 المطالبة بـ”المساواة الكاملة في الحقوق بين الرجال والنساء”. كتبت ناديا كروبسكايا، زوجة لينين والعضو القديم في الحزب البلشفي، كتيبا عام 1902 بعنوان “المرأة العاملة”، مسجلة فيه كم البؤس المدقع الذي تعيشه النساء في ظل المجاعات والأجور المنخفضة للغاية التي تصل إلى ما يقارب أربعة أخماس أجر الذكور على الرغم من عملهن لمدة 11 ساعة ونصف في اليوم.

ربط الكتيب تحرر الطبقة العاملة ككل بتحرر المرأة. خلال المؤتمر الاشتراكي الشهير للأممية الثانية عام 1907، أدان لينين الأفعال الانتهازية للاشتراكيين الديمقراطيين النمساويين نظير قيامهم أثناء الترويج للحقوق الانتخابية للرجال بإرجاء النضال من أجل الحقوق الانتخابية للمرأة إلى “تاريخ لاحق”.

عشية الثورة البلشفية، قادت ألكسندرا كولونتاي مسيرة ضمت 15000 امرأة، معظمهن زوجات الجنود الروس الذين خاضوا الحرب العالمية الأولى. في وقت كان الرجال يقاتلون في الجبهة، انضمت النساء إلى المصانع بأعداد هائلة.

ألزم لينين الحزب البلشفي – بشكل رسمي – بتوفير التعليم المجاني للفتيات وتلبية مطالبهن الاقتصادية، مثل الحضانة في مكان العمل وإجازة للرضاعة الطبيعية وإجازة أمومة مدفوعة الأجر. كتبت جودي كوكس في مقالتها بعنوان “خارج الظل: إناث اللينينية والاشتراكية الروسية” أن “البلاشفة أصبحوا البيت السياسي للنساء العاملات اللواتي فهمن بشكل متزايد أن معارضة الحرب تستلزم معارضة الرأسمالية نفسها”.

في غضون أسابيع قليلة من الثورة، أصبحت الخدمات الطبية مجانية لجميع النساء، وحصل الأطباء على أجر من الدولة، وأصبحت جميع مؤسسات رعاية الأطفال تحت سيطرة الحكومة. لأول مرة تم إقرار الحق في المساواة في الأجر بين الرجل والمرأة مع ساعات عمل يومية مدتها ثماني ساعات على النحو الذي ضبطته التشريعات، كما تم تنفيذ التعهدات البلشفية الخاصة بإجازة الأمومة مدفوعة الأجر وإجازة الرضاعة الطبيعية. أزال قانون دجنبر/ كانون الأول جميع العقبات التي تحول دون الطلاق، كما جعل قانون الأسرة الجديد الصادر في أكتوبر/ تشرين الأول 1918 جميع عقود الزواج علمانية، وهكذا لم يعد الزواج أمرا مقدسا للغاية بوساطة الكنيسة الأرثودكسية؛ بالإضافة إلى تنصيص القانون على الاستقلال الاقتصادي والمساواة بين الرجل والمرأة في الزواج وفرض المسؤولية الأبوية على جميع الأطفال، سواء كانوا مولودين في إطار الزوجية أو لا.

كانت روسيا البلشفية أيضًا أول دولة تبطل تجريم المثلية الجنسية منذ عام 1917.

تم في نونبر/ تشرين الثاني 1920 تشريع الإجهاض، ما جعل الاتحاد السوفيتي أول دولة تفعل ذلك، ومن المفارقات أنه في العام نفسه، سنت فرنسا الرأسمالية الإمبريالية قانونا يحظر جميع أشكال الوسائل المستعملة في منع الحمل. هذا وأعطى قانون الأرض لعام 1922 المرأة ملكية مزرعة أسرتها، وسمح لها بالحصول على حصتها من الممتلكات حتى عند الطلاق.

كل هذه الوقائع والقوانين تمت في وقت لم تكن للقوى الإمبريالية الأوروبية، مثل بريطانيا وفرنسا، تعترف بحقوق الاقتراع العامة للمرأة. في بريطانيا تم انتزاع هذا الحق في 1928، فيما تأخر في فرنسا إلى غاية 1944؛ هذا في وقت لم تعترف سويسرا بحق المرأة في التصويت إلا بحلول 1971-1972. ومن المفارقات أن كانتون أبنزل السويسري منح المرأة حق التصويت في أواخر عام 1991 – وهو العام الذي انهار فيه الاتحاد السوفيتي!.

أشارت ناديا كروبسكايا إلى أن عدد النساء الأعضاء في الحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي ارتفع من 40000 في 1922 إلى 500000 بحلول أكتوبر/ تشرين الأول 1932، كما أنه في احتفالات الذكرى الخامسة عشرة لثورة أكتوبر كان عدد النساء الممثلات كنائبات سوفييتات القرى واللجان التنفيذية للمقاطعات وسفييتات المدينة يتراوح بين 20 و25%.

الجنسيات المضطهدة

يضل إرث الثورة البلشفية في ما يتعلق بمسألة القوميات المضطهدة لا مثيل له. يمكن إرجاع صمود لينين والبلاشفة ضد الاستعمار إلى المؤتمر الاشتراكي الدولي  لعام 1907، وقد حاولت عديد الدراسات المناهضة للشيوعية تفسير موقف لينين الراديكالي من التحرر السياسي للمستعمرات بطريقتين.

أولا، أتاحت الهزيمة النهائية لألكسندر كولتشاك وأنتون دينيكين، وهما زعيمان معترف بهما دوليا بأنهما من الثورة البيضاء المضادة، للينين والبلاشفة السيطرة على الأراضي الحدودية الشرقية التي أعلنت الاستقلال مباشرة بعد عام 1917. تذهب الحجة إلى أن هذا سمح للاتحاد السوفيتي بإيصال خطوط التماس مع آسيا كان في أمس الحاجة إليها في سبيل تسهيل الطريق لجذب الجماهير المحرضة إلى دوامة الثورة البلشفية.

ثانيا، دفع المد المتصاعد للقومية المناهضة للاستعمار في الدول الآسيوية المستعمرة لينين نحو تبني قضية المستعمرات بالجملة. كلتا الحجتين يمكن تنحيتهما من مكانتهما في القبول الأكاديمي إذا نظر المرء بعمق في التاريخ.

خلال المؤتمر الاشتراكي الدولي لعام 1907 في شتوتغارت ألمانيا، كانت مسألة المستعمرات مطروحة بشدة على الطاولة. في هذا المؤتمر بالذات، قام القومي الهندي بيكاجي كاما برفع “علم الاستقلال الهندي” مع نقش فاندي ماتارام عليه، ومع ذلك حظيت مسألة المستعمرات باهتمام فاتر في أحسن الأحوال وتذبذب انتهازي في أسوئها.

جادل هنري هوبر فان كول، عضو اشتراكي بارز في البرلمان الهولندي، في الماضي بأن “المطلب الأخلاقي للحكومة (الإمبريالية) هو أولا الاهتمام باحتياجات السكان الأصليين، وبعد ذلك فقط يأتي تعزيز الاستغلال الرأسمالي”، وقد حاول السيطرة على المؤتمر بهذا القول؛ لقد صاغ مسودة قرار مفادها أن مؤتمر شتوتغارت لم يعارض من حيث المبدأ الاستعمار “لأن حتى في ظل الاشتراكية كان للاستعمار دور حضاري يلعبه” وفق توصيفه. كان لينين جنبا إلى جنب مع روزا لوكسمبورغ وألمان آخرين من اليسار الاشتراكي الديمقراطي هم من قاموا بهزم قرار مشروع قرار فان كول الانتهازي وغير المبدئي.

كتب لينين في العام التالي كتيبا بعنوان المواد القابلة للاشتعال في السياسة العالمية، حيث تطرق إلى أنه “لا يمكن أن يكون هناك شك في أن البريطانيين نهبوا الهند منذ زمن بعيد، والنضال المعاصر لكل هؤلاء الأوروبيين “المتقدمين” ضد الديمقراطية الفارسية والهندية، سوف ينتشل ملايين وعشرات الملايين من البروليتاريين في آسيا لشن نضال ضد مضطهديهم”.

كان البلاشفة، بعد الثورة، الحكومة الأولى والوحيدة التي طالبت بالتحرير غير المشروط لجميع المستعمرات من براثن القوى الإمبريالية الرأسمالية، وقد كان إنشاء الأممية الشيوعية (COMINTERN) عام 1919 خدمة لهذا الغرض، كما أنه في تاريخ العالم إلى حدود اللحظة لم يتم إنشاء أي منظمة من هذا القبيل، سواء في النطاق أو الأهداف أو الرؤية أو الأممية الراديكالية.

هناك جانب آخر مهم لا تتم مناقشته في كثير من الأحيان، وهو القوميات العرقية الإسلامية في آسيا الوسطى، لاسيما وأن هذه الجمهوريات في آسيا الوسطى كانت تشكل حوالي 13% من سكان روسيا السوفيتية، وكانت واحدة من أكثر المناطق تخلفا في العالم، مع إرث الاضطهاد المزدوج للطفيليين خان والقيصر. عانى السكان المسلمون من محن مروعة، كان آخرها القمع العنيف لثورة عام 1916 ضد التجنيد الإجباري في الحرب العالمية الأولى، حيث فقد ما يقرب من 83000 مسلم أرواحهم، وقد أدى هذا إلى تمرد المسلمين على وضعهم وانضمامهم إلى البلاشفة. إعلان: إلى جميع العمال المسلمين في روسيا والشرق، الصادر عن الحكومة السوفيتية في 24 نوفمبر 1917، جاء فيه: “مسلمو روسيا… كل من هدمت مساجدهم ودور صلاتهم وتم الدوس على معتقداتهم وعاداتهم من قبل قياصرة ومضطهدي روسيا: معتقداتكم وممارساتكم ومؤسساتكم الوطنية والثقافية حرّة ومصونة إلى الأبد. اعلم أن حقوقك، مثل حقوق جميع شعوب روسيا، تحت حماية الثورة الجبارة”.

أعطى ديفيد كراوتش في مقالته الرائعة، البلاشفة والإسلام، لمحة عن المواقف السائدة في ذلك الوقت، وقد كان بإمكانك أن تجد هذه المقالة مع أستاذ في اليابان أو مستشار لملك أفغانستان، مع كتيب محمد بركات “الله البلشفية وسياسة الجسد الإسلامي” الذي كان يوزع في تركستان، وسقطت نسخة منه في أيدي المخابرات البريطانية في الهند ترجمت من الفارسية.

يجدر بنا أن نقول بشيء من التفصيل: “بعد ليالي طويلة مظلمة من الاستبداد القيصري، ظهر فجر حرية الإنسانية في الأفق الروسي مع لينين، كالشمس الساطعة التي تعطي الضوء والروعة لهذا اليوم من السعادة البشرية… تم وضع إدارة الأراضي الممتدة من روسيا وتركستان في أيدي العمال والمزارعين والجنود، كما اختفى التمييز على أساس العرق والدين والطبقة … لكن عدو هذه الجمهورية النقية الفريدة هو الإمبريالية البريطانية، التي تأمل في إبقاء الدول الآسيوية في حالة عبودية أبدية … لقد حان الوقت لمحمديي العالم والأمم الآسيوية لفهم المبادئ النبيلة للاشتراكية الروسية واحتضانها بجدية وحماس … يجب عليهم، دون ضياع الوقت، إرسال أطفالهم إلى المدارس الروسية لتعلم العلوم الحديثة والفنون النبيلة والفيزياء العملية والكيمياء والميكانيكا، إلخ. أيها المحمديون! استمعوا إلى هذه الصرخة الإلهية.. استجيبوا لنداء الحرية والمساواة والأخوة التي يقدمها لكم الأخ لينين والحكومة السوفيتية لروسيا”.

لاحظ تروتسكي في كتابه الصادر عام 1923 بعنوان “مشاكل الحياة اليومية: إنشاء أسس مجتمع جديد في روسيا الثورية”، أنه في تركستان وفي بعض الجمهوريات الوطنية الأخرى، كانت نسبة ملحوظة من أعضاء الحزب الشيوعي، حوالي 15 ٪، من معتنقي الإسلام.

تلخيصا لمواقف القيادة البلشفية تجاه الدين، كتب تروتسكي: “بالطبع، سيكون من الأفضل أن يكون لدينا بروليتاريا هناك (في آسيا الوسطى)، لديها بالفعل خبرة في الإضرابات، ويجب على الكنيسة رفض التحيزات القديمة، وبعد ذلك يمكن أن تتبنى الشيوعية. هذا هو الحال في أوروبا، وإلى حد ما، كان ومازال هكذا وسط بلدنا. لكن الشرق يفتقر إلى كل هذا التعليم السابق، هناك حزبنا هو المدرسة الابتدائية وعليه أن يقوم بمسؤوليته بناء على ذلك. سوف نقبل في صفوفنا أولئك الرفاق الذين لم يقطعوا بعد مع الدين، ليس من أجل التوفيق بين الماركسية والإسلام، بل بلباقة، ولكن بإصرار، لتحرير وعي الأعضاء المتخلفين بالخرافات، والتي في جوهرها هي العدو اللدود للشيوعية”.

سرعان ما تم تقديم برنامج ضخم لما يسمى العمل الإيجابي، يُعرف باسم “korenizatsiia” أو “التوطين”. وبدأ الأمر بطرد المستعمرين الروس والقوزاق ومنظريهم في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية. توقفت اللغة الروسية عن الهيمنة وعادت اللغات الأصلية إلى المدارس والحكومة والنشر، كما تمت ترقية السكان الأصليين إلى مناصب قيادية في الدولة والأحزاب الشيوعية، ومنحهم الأفضلية على الروس في التوظيف. ظهرت مؤسسات التعليم الابتدائي والجامعات بعد فترة وجيزة من انتهاء الحرب الأهلية.

لنأخذ طاجيكستان كمثال، فقد حكمها أمير بخارى، وأصبحت طاجيكستان جمهورية تتمتع بالحكم الذاتي عام 1925، وعام 1929 دخلت اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية كجمهورية فدرالية مستقلة. في الهند الاستعمارية، عام 1911، تم الإعلان عن أن من يعرفون القراءة والكتابة هم 6% فقط، أما في طاجيكستان قبل الثورة كان 0.5% فقط من السكان يجيدون القراءة والكتابة. وعام 1931، ارتفع الرقم الهندي لمحو الأمية بنسبة 2% فقط لتصل إلى 8%، في حين وصل العدد بحلول عام 1933 في طاجيكستان إلى 63% ممن يعرفون القراءة والكتابة. وعام 1914 لم يكن هناك سوى مائة طالب طاجيكي في المدرسة، ليصل بحلول 1939 إلى 328000 طالب. بحلول عام 1936، أصبح لدى الجمهورية مدرسة واحدة لكل 500 من السكان، وخمس مؤسسات تعليمية عليا وأكثر من 30 مدرسة فنية.

كان التقدم في الصحة العامة هائلاً أيضًا، ففي عام 1914، كان هناك 13 طبيباً فقط في طاجيكستان وقد تم استدعاؤهم لتلبية احتياجات الطبقة الأرستقراطية الإقطاعية فقط. وعام 1939، أصبح هناك 440 طبيبا جاهزين للخدمة في كل منزل. وعام 1914، لم تكن هناك أسرة للولادة في المستشفيات سيئة التجهيز، في وقت أصبحت الدولة تتوفر على 240 بحلول عام 1937. وعام 1914، لم يكن هناك ما يسمى مركز رعاية الأمومة والرضع، لكن وبعد ثلاثة وعشرين عاما كان هناك 36 مركزا من هذا القبيل.

وتجدر الإشارة أيضا إلى العمل الذي قامت به اللجنة المركزية للتحريض والدعاية بين النساء العاملات (Zhenotdel). بعد انتهاء الحرب الأهلية، سافرت عمالات شركة Zhenotdel إلى آسيا الوسطى، ونظمن “القوارب الحمراء” للوصول إلى النساء المسلمات. في خريف عام 1918، اجتمعت أكثر من 1000 امرأة في أول مؤتمر نسائي لعموم روسيا، وبعد مناقشات مطولة، صوت المؤتمر على مدة ثماني ساعات يوم عمل وإلغاء ملكية الأراضي الخاصة ومصادرة الممتلكات الكبيرة دون تعويض، والمساواة في الحقوق السياسية للمرأة ووضع حد لتعدد الزوجات. كان المؤتمر يعني أن مسلمات روسيا كُنَ أول من حرر النساء في العالم من القيود التي كانت تفرضها المجتمعات الإسلامية في تلك الفترة.

في الختام ، حاول المقال إظهار بعض الجوانب التحررية للثورة البلشفية. يمكن قول الكثير، ويمكن كتابة رزم كبيرة عن الإرث المجيد للثورة. ومع ذلك، في غياب الزمان والمكان، فإن أفضل طريقة للاحتفال بالثورة هي التخطيط لواحدة في الهند!.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة