معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي/ مدار: 5 كانون الأول/ ديسمبر 2025
فيجاي براشاد
خلال الجلسات العامة الختامية للدورة الثلاثين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 30) التي عقدت في “بيليم دو بارا” في منطقة الأمازون البرازيلية، ألقى سيمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، خطاباً حماسياً. وصل ستيل، وهو من غرينادا، إلى منصبه بعد مسيرة مهنية طويلة في قطاع الشركات ثم وزيراً للبيئة والقدرة على الصمود المناخي في بلاده في ظل حكومة “الحزب الوطني الجديد” الموالي للشركات. قال في خطابه إن “الإنكار والانقسام والجيوبوليتيك [وجهت] للتعاون الدولي ضربات موجعة هذا العام”. ومع ذلك، أصر على أن “التعاون المناخي لا يزال حياً، ويبقي البشرية في قلب المعركة من أجل كوكب صالح للعيش مع عزم راسخ للحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية في المتناول”. عندما استمعت إلى خطاب ستيل، ظننت أنه يتحدث عن كوكب آخر.

في أيار/ مايو 2025، أصدرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تقريراً يحذر من أن هناك احتمالاً بنسبة 86% أن يتجاوز المتوسط العالمي لدرجة الحرارة القريبة من السطح 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية (1850-1900) -وهي العتبة المحددة في اتفاق باريس لعام 2015- في سنة واحدة على الأقل بين عامي 2025 و2029؛ كما حذرت من احتمال بنسبة 70% أن يتجاوز المتوسط للسنوات الخمس (2025-2029) عتبة 1.5 درجة مئوية فوق ذلك المعدل. وفي أواخر تشرين الأول/ أكتوبر 2025، وقبل أسابيع قليلة من انعقاد “كوب 30″، نشر المعهد الأمريكي للعلوم البيولوجية تقرير “حالة المناخ 2025: كوكب على الحافة”، والذي وجد أن “عام 2024 سجل رقماً قياسياً جديداً لمتوسط درجة حرارة سطح العالم، مما يشير إلى تصعيد في الاضطراب المناخي” وأن “22 من أصل 34 علامة حيوية للكوكب قد بلغت مستويات قياسية”. وإنصافاً لستيل، فهو لم يلمح إلى أنه ينبغي الركون للرضا، فقد قال: “لا أقول إننا نربح المعركة المناخية، لكننا بلا شك ما زلنا منخرطين فيها، ونحن نقاوم”.
على هذا، نحن نتفق.

في الشهر نفسه، نشر برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) تقريراً منذراً بعنوان “تقرير فجوة التكيف لعام 2025: نفاذ الموارد”. لا يرسم التقرير صورة لنقص تمويل المناخ المقدم من الشمال العالمي فحسب، بل يصور تخلياً ممنهجاً عن الجنوب العالمي؛ ويصف عالماً “يتأهب للقدرة على الصمود المناخي – دون امتلاك المال للوصول إلى هناك”. إن قضية المال هي المفتاح. جاءت الوعود بتمويل التحول المناخي أول مرة في مؤتمر الأطراف الثالث (كيوتو، 1997) من خلال “آلية التنمية النظيفة”، ثم في مؤتمر الأطراف السابع (مراكش، 2001) عبر صندوق أقل البلدان نمواً والصندوق الخاص لتغير المناخ. لكن لحظة الاختراق جاءت في مؤتمر الأطراف الخامس عشر (كوبنهاغن، 2009)، حين تعهدت الدول الغنية في الشمال بحشد 100 مليار دولار سنوياً لتمويل المناخ للدول النامية بحلول عام 2020. وحتى وعود كوبنهاغن كانت جوفاء: لم يكن هناك التزام بموجب معاهدة يجبر الدول الأغنى على تلبية هدف الـ 100 مليار دولار هذا، ولا آلية تنفيذ لإجبار أولئك الذين قطعوا وعوداً على متابعة تعهداتهم، وجاءت معظم الأموال الموعودة كقروض وليست منحاً.
تمت إعادة التأكيد على تعهد الـ 100 مليار دولار سنوياً من كوبنهاغن في مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين (باريس، 2015) وتم تمديده لغاية 2025. وفي مؤتمر الأطراف السادس والعشرين (غلاسكو، 2021)، اعترفت الدول الأغنى بأنها لم تحقق أهدافها وجددت التزامها بهدف الـ 100 مليار دولار سنوياً. يقدم تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة سرداً قاسياً للتعهدات الضائعة والبيانات الزائفة. من الضروري استيعاب ثلاث نقاط:
- ستحتاج الدول النامية إلى ما بين 310 مليار دولار و365 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035 من أجل التكيف مع المناخ وحده (بغض النظر عن التخفيف والخسائر والأضرار). وإذا تم احتساب التضخم بنسبة 3% سنوياً، فإن الاحتياجات الحقيقية للتكيف ستصل إلى ما بين 440 مليار دولار و520 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035.
- في عام 2023، بلغت تدفقات تمويل التكيف من الدول المتقدمة إلى الدول النامية 26 مليار دولار فقط، أي أقل مما كانت عليه في عام 2022، وجاءت 58% من هذه الأموال عبر أدوات الدين وليس عبر المنح – وهو نوع من “التقويم الهيكلي الأخضر”. إن الدول الأقل مسؤولية عن الكارثة المناخية هي التي تُدفع للاستدانة من أجل التعامل مع تأثير الكوارث التي تلوح في الأفق.
- بواسطة عملية حسابية بسيطة، نجد أن الاحتياجات أكبر بعشر إلى أربع عشرة مرة من التدفقات الحالية، مما ينتج فجوة تمويل للتكيف تتراوح بين 284 مليار دولار و339 مليار دولار سنوياً.

واحدة من المآسي الكبرى في النقاش الدائر حول الكارثة المناخية هي أن 172 دولة -معظمها من الدول الفقيرة- قد طورت بالفعل خططاً وسياسات واستراتيجيات وطنية للتكيف. ولكن كما يشير تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن خُمس هذه الخطط عفا عليها الزمن بسبب ضعف الأطر المؤسسية، ومحدودية القدرات التقنية، ونقص الوصول إلى البيانات المناخية، والتمويل الذي يتسم بكونه غير قابل للتنبؤ ومتأخر. بالنسبة للدول الفقيرة، العقبة ليست اللامبالاة السياسية بقدر ما هي قيود الموارد. حتى عندما تحاول هذه الدول الاستعداد للأسوأ، فإنها لا تستطيع تأمين الموارد اللازمة للقيام بالعمل بشكل صحيح. هذا النقص المزمن في التمويل يقلص العملية برمتها إلى إجراء أجوف: يتم إنتاج الوثائق فقط لغرض الامتثال الشكلي.
عندما يُطرح دين المناخ على الطاولة، تبرز ادعاءات بأن التمويل الأخضر سيجذب رأس المال الخاص. لكن هذا أيضاً خرافة. يظهر تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن استثمار القطاع الخاص في التكيف أقل من 5 مليارات دولار، وأنه حتى في أفضل السيناريوهات، لن يجمع رأس المال الخاص أكثر من 50 مليار دولار سنوياً للتكيف (أقل بكثير مما هو مطلوب). في الممارسة العملية، يدخل الممولون من القطاع الخاص في مشاريع التكيف فقط حين تُستخدم الأموال العامة لضمان أو دعم عوائدهم – ما يسمى آليات “التمويل المبتكر” أو “التمويل المختلط” المصممة لـ “إزالة المخاطر” عن الاستثمار الخاص. وهكذا، في النهاية، تتحمل التكلفة خزائن الدول الفقيرة، التي تضمن حكوماتها فعلياً الأموال التي تقترضها لتمويل مشاريع تكيف يعتبرها المستثمرون الخواص شديدة الخطورة بدون تلك الضمانات. وكما جادلنا في الملف رقم 93 (تشرين الأول/ أكتوبر 2025)، “الأزمة البيئية أزمة رأسمالية”، فإن نموذج التمويل الأخضر هذا يرسخ ديون المناخ المستحقة للجنوب العالمي بدلاً من حلها.

في هذا العام، ذهب أعضاء من معهدنا إلى بيليم لحضور مؤتمر الأطراف (“كوب 30”). وشاركوا في “قمة الشعوب نحو ‘كوب 30′” -التي عقدت من 12 إلى 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 لمواجهة المؤتمر الرسمي- حيث شاركوا نتائج الملف رقم 93. بعد القمة -التي جمعت أكثر من 25,000 مشارك وأكثر من 1,200 منظمة- طلب مكتبنا “نويسترا أمريكا” (أمريكانا) من باربرا لوريرو، من “حركة العمال الزراعيين بدون أرض” (MST) في البرازيل، كتابة نشرة حول مؤتمر “كوب 30”. كتبت في رسالتها أن “الجنرال الخفي” في الإجراءات كان قطاع الأعمال التجارية الزراعية البرازيلي، الذي سعى لممارسة الغسل الأخضر لممارساته، وتوسيع وصوله للأموال العامة، وتحريف النقاش من التخفيف إلى إعادة تلميع الصورة (Rebranding).
إن مراقبة الإجراءات داخل قاعة المؤتمر الرسمي تثير سؤالاً بسيطاً: هل يستحق الأمر أن نكون جزءاً من هذه العملية، أم ينبغي لنا فقط أن نترك نظام مؤتمر المناخ (كوب) يموت؟ هناك ثلاثة أسباب رئيسية تجعل من المهم الاستمرار في الانخراط مع مسار الـ “كوب”:
- يوفر المؤتمر مسرحاً عالمياً يمكن للجنوب العالمي أن يطالب فيه بالتعويضات، وتمويل الخسائر والأضرار، ودعم التكيف. في الـ”كوب” يمكن تقديم الحجج ضد تمويل ديون المناخ وضد الأهداف الطوعية. المؤتمر ليس موقعاً للخلاص، لكنه لا يزال يمكن أن يكون موقعاً للنضال.
- يسمح مؤتمر المناخ للجنوب العالمي بالحفاظ على مبدأ “المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة” الذي أُرسِي في إعلان ريو في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية (1992).
- يجبر المؤتمر الدول الغنية على التفاوض في العلن بدلاً من التراجع إلى الغرف الخلفية، حيث ستُسلّم حوكمة المناخ بالكامل إلى أيدي رأس المال الخاص وشكليات الأغنياء غير الرسمية. الصراع حول معنى تمويل المناخ (سواء كدين أو كتعويضات) يمكن أن يظل في العلن.
بعد مؤتمر “كوب 30″، سألتُ أسعد رحمان من منظمة “أصدقاء الأرض” عن السبب الذي يجعله يعتقد بأن النضال في الشوارع خارج قاعات المؤتمر يستحق العناء. بالنسبة لأسعد، المعركة الأولى هي إقناع حركة المناخ بقبول أن الصراع ليس حول استخدام الوقود الأحفوري فحسب، بل حول أزمة في اقتصاداتنا ومجتمعاتنا التي يجب تحويلها. في الوقت نفسه، أخبرني: “هناك في الواقع بعض الأمل”. وهذا لأن حركة المناخ باتت تقول إن المشكلة ليست في نقص التمويل بل في نقص الإرادة السياسية. التمويل متاح (كما يجادل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في تقرير جديد بعنوان: “كل الطرق تؤدي إلى الإصلاح: نظام مالي صالح لتعبئة 1.3 تريليون دولار لتمويل المناخ”). بينما كان مؤتمر “كوب 30” منعقداً، كان هناك اجتماع في نيروبي، كينيا، لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتعاون الضريبي الدولي، حيث منعت الدول الأكثر ثراءً التقدم في فرض ضريبة عادلة على الشركات تجعل الملوثين يدفعون ثمن الأضرار البيئية التي يسببونها. إذا تم تطبيق ضريبة كهذه، يمكن أن تجمع 500 مليار دولار سنوياً، وهي بداية جيدة نحو تعويضات المناخ. ورغم ذلك، وكما يصر الشمال العالمي على أنه لا يوجد مال لتمويل المناخ، توافق دول الناتو على زيادة الإنفاق العسكري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي – رغم وجود أدلة واضحة على أن العسكرة محرك رئيسي لانبعاثات الغازات الدفيئة. قال أسعد: “أن نرى حركة المناخ تطالب بإلغاء الديون، وبفرض ضرائب الثروة، وبإصلاح قواعد التجارة، هو تحرك إيجابي. الآن، بدأت حركة المناخ تدرك أن هذه مسألة اقتصادية. هذا تحول في الإطار الفكري”.

في رسالتها لمكتبنا “نويسترا أمريكا”، وصفت لوريرو من حركة “MST” مؤتمر “كوب 30” بأنه مرآة ذات وجهين: “على جانب، الاحتفال بما يسمى ‘حلول السوق’ وإزالة الكربون المالية؛ وعلى الجانب الآخر… القوة المتنامية للحركة الشعبية، التي جعلت من بيليم منطقة للتنديد، وللتضامن الأممي، ولبناء بدائل حقيقية”. وفي ختامها، تدعونا لفهم الكارثة المناخية كموضوع للصراع الطبقي، صراع لا يمكن تجاوزه إلا بتخطي الرأسمالية:
“لا يوجد مخرج حقيقي من أزمة المناخ دون قطيعة مع النموذج الرأسمالي، ولا توجد قطيعة ممكنة دون تنظيم شعبي، ودون نضال جماعي، ودون مواجهة البنيات التي تتربح من الدمار”.
*نشرت هذه المراسلة لأول مرة باللغة الإنجليزية بتاريخ 04 كانون الأول/ ديسمبر 2025.

