بيبلز ديسباتش/ مدار: 24 تشرين الأول/ أكتوبر 2025
بابلو ميريجيت
تتوقع استطلاعات الرأي سباقًا نهائيًا متقاربًا بين حزب خافيير ميلي الحاكم والبيرونيين المجتمعين في تحالف “قوة الوطن”. وسيسعى ميلي لتجنب هزيمته الثانية على التوالي وسط التراجع الحاد في شعبيته.
سيتوجه الناخبون في الأرجنتين، يوم الأحد 26 أكتوبر، إلى صناديق الاقتراع لتجديد جزء من هيئتهم التشريعية. حيث سيشمل التصويت انتخاب نصف أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، وبذلك، سيُحدد هذا اليوم جزءًا كبيرًا من التركيبة السياسية للبلد الجنوب أمريكي.
يأمل خافيير ميلي، رئيس الأرجنتين اليميني المتطرف، أن تتجاوز هذه الانتخابات أزمة الشعبية التي كشفت عنها انتخابات 7 أيلول/ سبتمبر في مقاطعة بوينس آيرس. في تلك الانتخابات، مني الحزب الحاكم، “الحرية تتقدم” (LLA)، بهزيمة ساحقة على يد عدوه اللدود، التيار “البيروني”، الذي اتهمه ميلي بمقاطعة إدارته. ويشار إلى أن “البيرونية” هي تيار سياسي واجتماعي أرجنتيني مستمدّ من أفكار وسياسات الرئيس خوان دومينغو بيرون وزوجته إيفيتا بيرون، اللذين حكما الأرجنتين في منتصف القرن العشرين.
في الواقع، وفي مقابلة حديثة، اتهم ميلي البيرونين مباشرة بمقاطعة خطة الضبط المالي عبر صياغة قوانين تجيز زيادة الإنفاق لمعالجة القضايا الاجتماعية، والبرامج العامة، وزيادة المزايا للفئات الاجتماعية الهشة، وغيرها.
وبهذا المعنى، تكتسب الانتخابات التشريعية أهمية محورية لمشروع ميلي النيوليبرالي، الذي يهدف إلى تقليص دور الدولة إلى أدنى حد ممكن، على حساب إلغاء المزايا الاجتماعية التي حافظت عليها البنية السياسية الأرجنتينية تقليدياً.
ومع ذلك، فإن هزيمتين متتاليتين قد تبشران أيضًا بكارثة يريد الرئيس نفسه تجنبها بأي ثمن. ففي ظل شح الدولار نتيجة للأزمة الاقتصادية الأخيرة في الأرجنتين، قامت إدارة ترامب بعملية إنقاذ مالي لمنع الاقتصاد الأرجنتيني من الانهيار. بالإضافة إلى ذلك، أعلن الرئيس الأمريكي أن المساعدات المستقبلية ستكون مشروطة بمن سيفوز في انتخابات 26 تشرين الأول/ أكتوبر. وقال ترامب: “إذا فاز اشتراكي، فلن تكون هناك مساعدات أخرى”.
حملة انتخابية متقاربة
يبدو أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن المنافسة بين البيرونين وحزب “الحرية تتقدم” ستكون متقاربة. فقد ذكرت مؤسسة “روبيكون إنتل” لاستطلاعات الرأي أن الحزب الحاكم يتمتع بتقدم طفيف (34.6%) على خصمه الرئيسي (32.2%). وبالمثل، تمنح مؤسسة “مانجمنت آند فيت” حزب ميلي الليبرتاري 39.6%، بينما ستحصل الكتلة البيرونية، المجتمعة تحت مظلة تحالف “قوة الوطن” (FP)، على 34%.
ولكن، هناك استطلاعات أخرى قد تثير القلق في “كاسا روسادا” (القصر الرئاسي). فوفقًا لمؤسسة “زينتريكس”، سيحصل تحالف “قوة الوطن” على 43.5%، بينما بالكاد سيصل حزب ميلي إلى 36.5%. وتتفق مع هذا التقييم مؤسسة “تريسبونتوزيرو“، التي تمنح البيرونيين تقدمًا بفارق ست نقاط على اليمين المتطرف (46.2% مقابل 40%).
لماذا تدهورت شعبية ميلي بهذا الشكل الحاد؟
في حين تظهر استطلاعات الرأي اختلافات في أرقامها النهائية، إلا أنها تُظهر بوضوح تراجعًا في شعبية ميلي، التي بلغت أدنى مستوى لها منذ توليه منصبه. تحدثت بيلين ديل هويرتو، وهي صحفية نسوية من موقع “إل غريتو ديل سور”، إلى “بيبلز دسباتش” حول أزمة شعبية ميلي ودوافعها. بالنسبة لديل هويرتو، يُعزى تراجع الشعبية إلى حد كبير إلى الفضائح المختلفة التي عصفت بالحكومة. “من بينها فضيحة ليبرا التي احتالت على الكثير من الناس، بالإضافة إلى ارتباط خوسيه لويس إسبرت بتهريب المخدرات. يُضاف إلى ذلك، خضوع ميلي لحكومة دونالد ترامب من خلال شراء البيزو الأرجنتيني مقابل الدولارات، مما يعني التدخل الفظيع للسوق الأمريكية في السوق الأرجنتينية”.
تعتقد ديل هويرتو أيضًا أن الأزمة الاقتصادية الحالية قد تؤدي إلى هزيمة ميلي في الانتخابات المقبلة. “على الرغم من ضخ الدولارات من جانب الحكومة الأمريكية، فإن هذا الأمر غير ملحوظ في الاقتصاد الأرجنتيني، حيث تتراجع القوة الشرائية باطراد. كما أن الانخفاض في استهلاك اللحوم والأغذية الأخرى كبير جدًا”.
وأضافت المتحدثة نفسها أنه إذا خسر ميلي الانتخابات، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم أزمة حكم. “وفقًا لعدة مصادر، سيطلب حلفاء ميلي في الهيئة التشريعية منه إبرام ميثاق للحكم إذا خسر”.
تُعد مواثيق الحكم ممارسة شائعة في أمريكا اللاتينية وحول العالم، عندما يفتقر الرئيس إلى أغلبية تشريعية. وهي تتضمن عادةً تقديم تنازلات للمعارضة، أو إلغاء الإصلاحات التي لا تحظى بشعبية، أو تخفيف حدة الخطاب لتجنب أزمة سياسية كبرى والحفاظ على استمرارية عمل الحكومة.
“يظهر هذا أن حكم ميلي هش”.
وتشير ديل هويرتو أيضًا إلى أنه يجب على الكتلة “البيرونية” أن تكون قادرة على استقطاب القطاعات الشعبية مجددًا حتى تتمكن من استئناف مشروعها بقوة: “يجب على ‘البيرونية’ أن تقدم مقترحًا يستعيد تأييد الطبقات الشعبية. إنها بحاجة إلى برنامج سياسي حتى لا يصاب الأرجنتينيون بخيبة أمل من السياسة، لأن ما يحدث عادةً عندما تفشل حكومة ما، كما هو الحال الآن، هو أن الناس يفقدون ثقتهم بالسياسة”.

