مدار: 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025
ألقت الشرطة الفيدرالية البرازيلية القبض على الرئيس اليميني المتطرف السابق جايير بولسونارو صباح السبت 22 تشرين الثاني/ نوفمبر.
وكان بولسونارو يخضع للإقامة الجبرية، لكن إيداعه السجن جرى “احترازيا” لمنع ما وصفته المحكمة العليا بمحاولة هروب محتملة.
وجاء قرار الاعتقال، الصادر عن قاضي المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس، مدفوعاً بحدثين متزامنين أثارا قلق السلطات. الأول هو دعوة أطلقها نجل الرئيس السابق، فلافيو بولسونارو، لتنظيم “وقفة احتجاجية” أمام مقر إقامة والده، وهو ما اعتبرته المحكمة محاولة لإثارة الفوضى لتسهيل عملية الهروب. أما الثاني، فكان أكثر خطورة، حيث رُصدت “محاولة انتهاك لمعدات المراقبة الإلكترونية للمدعى عليه” عند الساعة 12:08 صباحاً (بالتوقيت المحلي) من اليوم نفسه، في دلالة على محاولة بولسونارو كسر سوار الكاحل الخاص به.
وأشار القاضي مورايس إلى أن بولسونارو سبق له التخطيط “للفرار إلى السفارة الأرجنتينية” لطلب اللجوء السياسي، مما عزز من فرضية وجود خطر حقيقي للهروب.
وكانت المحكمة العليا البرازيلية، أدانت في أيلول/ سبتمبر 2025 بولسونارو بالسجن 27 عاماً وثلاثة أشهر بتهم قيادة منظمة إجرامية مسلحة، ومحاولة الانقلاب، وإلغاء سيادة القانون بالعنف، وتخريب الممتلكات العامة.
وقد أدين معه سبعة من كبار مساعديه، بينهم وزراء وقادة عسكريون، بعقوبات تتراوح بين 16 و27 عاماً، فيما وُصف بأنه “النواة الحاسمة” للمؤامرة الانقلابية.
وبدأت فصول هذه المؤامرة تتكشف منذ أذار/ مارس 2021، عندما استعاد الرئيس المنافس لولا دا سيلفا حقوقه السياسية، ومنذ تلك اللحظة، أطلق بولسونارو، الذي كان لا يزال في السلطة، حملة ممنهجة للتشكيك في نزاهة نظام التصويت الإلكتروني في البرازيل، ووصل به الأمر إلى حد إعلان أنه لن يمتثل لقرارات المحكمة العليا.
وتصاعدت الأحداث بشكل كبير في تموز/ يوليو 2022، خلال اجتماع وزاري تم تسجيله سراً، حث فيه بولسونارو وزراءه على التحرك لمواجهة استطلاعات الرأي غير المواتية، وقال لهم: “لا يمكننا أن نصل إلى الانتخابات ونسمح بحدوث ما يتم رسمه… علينا أن نفعل شيئاً مسبقاً”، مشيراً إلى وجود “خطة ب”. وفي نفس الاجتماع، تحدث الجنرال أوغوستو هيلينو، رئيس ديوان الأمن المؤسسي آنذاك، صراحة عن “قلب الطاولة” قبل الانتخابات.
بعد هزيمته في انتخابات أكتوبر 2022، رفض بولسونارو الاعتراف بالنتيجة، بينما أقام أنصاره معسكرات أمام الثكنات العسكرية للمطالبة بتدخل الجيش.
وقبيل تنصيب لولا رئيسا للبلاد، غادر السياسي اليميني المتطرف البلاد إلى الولايات المتحدة. وبلغت الأزمة ذروتها في 8 كانون الثاني/ يناير 2023، مع اقتحام وتخريب مقرات السلطات الثلاث في العاصمة برازيليا من قبل أنصاره.
كانت نقطة التحول القضائية في أيلول/ سبتمبر 2023، عندما وقع مساعد بولسونارو السابق، المقدم ماورو سيد، على صفقة إقرار بالذنب، كاشفاً للسلطات عن تفاصيل الجرائم التي ارتكبها الرئيس السابق وأعضاء حكومته، بما في ذلك خطة عُرفت باسم “الخنجر الأخضر والأصفر” كانت تتضمن مقترحات جذرية مثل إلغاء نتائج الانتخابات واعتقال المعارضين.
وفي حزيران/ يونيو 2023، أعلن عدم أهلية بولسونارو للترشح لمدة ثماني سنوات. وفي شباط/ فبراير 2025، وجه له المدعي العام رسمياً تهمة قيادة منظمة إجرامية مسلحة. وفي آب/ أغسطس 2025، وُضع قيد الإقامة الجبرية بعد أن حاول ابنه إدواردو حشد دعم في الولايات المتحدة لفرض عقوبات على السلطات البرازيلية.
يغلق اعتقال بولسونارو يوم السبت فصلاً مضطرباً من تاريخ البرازيل، حاول فيه رئيس البلاد السابق تقويض أسس الديمقراطية من الداخل، وتحريك انقلاب على قيادة منتخبة ديمقراطيا.

