إفريقيا تكابد ويلات الجائحة.. أمام شح لقاحات كوفيد-19 وتهالك البنيات الصحية

مشاركة المقال

مدار + مواقع: 20 يونيو/ حزيران 2021

تعتبر دول القارة الإفريقية، بحكم البنيات التحتية الصحية غير القادرة على استيعاب الأعداد الهائلة من المرضى، الأكثر تضررا من ويلات الجائحة، خصوصا في ظل أعداد جرعات لقاح كوفيد-19 الهزيلة التي تلقتها إلى حدود الساعة، التي لا يمكن أن تضمن لها تجاوز هذه المرحلة الحاسمة من دون أن يكون لها تأثيرات حادة على مختلف المجتمعات.

وعرفت حالات كوفيد-19 في القارة الإفريقية تجاوز 55 دولة حاجز الخمسة ملايين إصابة الثلاثاء الماضي 15 يونيو/ حزيران، كما أن نسبة التطعيم في القارة التي يبلغ تعداد سكانها 1.3 مليار نسمة، أي ما يعادل 16% من سكان العالم، لم تتجاوز 0.79%، فيما تم إعطاء الجرعة الأولى لـ 2.37% فقط من السكان. بالإضافة إلى هذا فقد استنفد هذا العدد الضعيف من الجرعات 70.13% من إمدادات القارة وفقا لتقرير المركز الإفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC).

لم تتلق كل من تنزانيا، بوروندي، إريتريا أي لقاحات على الإطلاق، في حين تم تزويد بوركينا فاسو بـ 115.200 لقاح، وهو عدد يغطي فقط 0.28% من السكان؛ إلا أنها لم تبدأ في عملية تقديم الجرعة الأولى بعد. كما تفتقر 11 دولة أخرى في القارة، بما فيها نيجيريا، الأكثر كثافة من حيث السكان، إلى الإمدادات الكافية لتغطية ولو 1% من سكانها.

لقد شهدت وتيرة إطلاق اللقاح في إفريقيا ضعفا ومحدودية كبيرة للغاية بسبب الاحتكار من قبل الدول الغنية، والنقص الكبير في العرض مقابل الطلب منذ أواخر مارس، حينما أوقفت الهند إمداداتها، باعتبار وقوفها خلف إنتاج ما يقارب 60% من إمدادات اللقاحات العالمية.

وبالإضافة إلى ضعف ومحدودية الأعداد التي تم توفيرها لهذه الدول فقد فُقدت عشرات الآلاف من الجرعات، لأن العديد من التي تم التبرع بها من قبل الدول الغنية انتهت صلاحيتها، لأن البلدان الإفريقية تعرف محدودية في البنيات التحتية، ما جعلها غير قادرة على إدارة هذه الإمدادات.

وتم توفير الجزء الأكبر من اللقاحات عن طريق منصة كوفاكس التي تم إطلاقها من قبل منظمة الصحة العالمية والمفوضية الأوروبية وفرنسا في أبريل/ نيسان 2020، وهي عبارة عن منصة يقودها الائتلاف المعني بابتكارات التأهب لمواجهة الأوبئة (CEPI) والتحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع (غافي) ومنظمة الصحة العالمية،

لقد كان الغرض من وراء هذه المنصة “ضمان الشراء والتوزيع العادل للقاحات كوفيد-19 في جميع البلدان، وفي هذا السياق تلقت 44 دولة إفريقية اللقاحات من خلال كوفاكس، بحيث تعتبر المصدر الوحيد لإمدادات اللقاحات الخاصة بـ 11 دولة، بما فيها نيجيريا التي لم تستطع هذه المنصة توفير سوى 3.94 مليون من اللقاح لها، وهو العدد الذي يغطي فقط 0.96% من السكان.

وبلغ إجمالي حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19 المسجلة في نيجيريا 167.155 حالة، ما يجعلها سابع أكثر دولة إفريقية تضررا من حيث الأرقام. لكن يبقى مصدر هذه الإحصائيات هو السلطات الرسمية، الأمر الذي دعا مجموعة من الهيئات إلى التشكيك فيها بسبب النقص الحاد في الاختبارات وعدم تناسبها مع الأعداد الكبيرة للسكان في البلد.

وتم اختبار 2.231.409 عينات في 15 يونيو/ حزيران فقط بنسبة 1.05% من سكان نيجيريا، وهذا يعتبر أقل من نصف المعدل القاري البالغ حوالي 3.6%. وغير بعيد سجلت جنوب إفريقيا التي يزيد عدد سكانها بقليل عن ربع سكان نيجيريا 1.752.630 حالة، ما يمثل أكثر من ثلث إجمالي الحالات في القارة، فيما بلغ إجمالي اللقاحات التي حصلت عليها البلاد 3.074.000 لقاح، وهو العدد الذي يكفي لتطعيم 2.59 % فقط.

لقد كان طرح اللقاح في جنوب إفريقيا أبطأ من المتوقع، ففي دجنبر/ كانون الأول كانت البلاد دفعت بالفعل 20.55 مليون دولار أمريكي لكوفاكس، التي كان من المقرر أن تتلقى منها حوالي 2.5 مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا بحلول فبراير/ شباط 2021، لكن ونتيجة لقيود التوريد تم تأجيل التسليم إلى مايو/ أيار.

وفي وقت كان من المنتظر أن تقوم جنوب إفريقيا باستخدام مخزونها من مختلف اللقاحات، أظهرت نتائج الاختبارات على لقاح أسترازينيكا عدم فعاليته على المتغير الجديد والطفرة التي شهدها الوباء في البلاد، الأمر الذي دفع السلطات إلى عدم طرح اللقاح، الذي تم إرساله مرة أخرى عبر كوفاكس إلى بلدان أخرى.

 وفي غضون ذلك طلبت جنوب إفريقيا لقاحا بديلا، ومن المتوقع أن تتسلم 1.392.000 جرعة من شركة فايزر بنهاية يونيو/ حزيران. وفي الوقت نفسه مازالت دولة مانديلا سائرة في تنويع مصادر اللقاحات بين فايزر وجونسون.

وبعد جنوب إفريقيا يحتل المغرب، بإجمالي 526.363 حالة تم اكتشافها، المرتبة الثانية من حيث عدد الإصابات المكتشفة؛ ومن أجل تجاوز هذه الأعداد قام بتنويع مصادر اللقاح أيضا من خلال الاستعانة بكل من أسترازينيكا المصنوع في الهند وكوريا الجنوبية وسينوفارم الصيني؛ وقد نجح بالفعل من اقتناء أعداد كبيرة، الأمر الذي جعله يتمكن من تلقيح ما يتجاوز 19% من السكان إلى حدود الآن.

وفي ما يخص تونس، التي تحتل المرتبة الثالثة بين الدول الأكثر إصابة تجاوز 381 ألف حالة مسجلة، فقد استنفدت أكثر من 92% من إمداداتها من اللقاحات، إذ قامت بتلقيح يناهز 3.2% فقط من سكانها بشكل كامل.

وقالت ماتشيديسو مويتي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لأفريقيا، في مؤتمر صحافي: “إفريقيا في خضم موجة ثالثة…لقد رأينا ما حدث في الهند وفي أماكن أخرى ومدى السرعة التي ينتشر بها الوباء وكيف يقضي على الأنظمة الصحية”.

وأضافت مويتي أن الإصابات الجديدة ارتفعت بنحو 30% في الأسبوع الماضي، كما أن نسبة الوفيات ارتفعت بنسبة 15%، أغلبها في جنوب إفريقيا وتونس وزامبيا وأوغندا وناميبيا.

كما حذرت المسؤولة في منظمة الصحة العالمية من احتمال وقوع كارثة صحية مشابهة لما حدث مؤخرًا في الهند، على الرغم من أن القارة الإفريقية، التي يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار شخص، لم تصل بعد إلى مستوى خطير جدا.

كما حذرت المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها في أبريل/ نيسان من أن الدول الإفريقية تفتقر إلى أعداد كافية من أسرة المستشفيات وإمدادات الأكسجين، مضيفة أن الكارثة قد تكون أصعب من الهند إذا ارتفعت الحالات بطريقة مماثلة.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة