مدار: 07 شباط/ فبراير 2024
قامت إدارة سجن الدامون بتحويل ماء الشرب إلى وسيلة عقابية ضد الأسيرات الفلسطينيات من خلال تلويثه بالأتربة والأوساخ، بالإضافة إلى إضافة نسب عالية من مادة الكلور، حسب ما كشفته هيئة شؤون الأسرى والمحررين.
ووثَّق محامي الهيئة خلال زيارته للسجن يوم الأحد شهادات حية حول كيفية استخدام الماء لمحاربة الأسيرات، حيث قالت إحداهن أن الماء يُقدَّم فاقدًا للونه ونقائه، إذ يتعمد السجانون تلويثه بالأتربة والأوساخ، لدرجة أنه يصبح غير صالح للشرب والاستخدام، مما يجبر الأسيرات على سكبه في أوعية وتركه لفترة من الزمن حتى تترسب الأوساخ والأتربة، ثم يقمن بجمع الماء الطافي على السطح بحذر دون تحريكه تمامًا ليتمكن من شربه.
وأكدت الهيئة في تقرير لها أن هذا الإجراء ليس جديدًا على الأسيرات والأسرى، فغالبًا ما يتعمد الاحتلال إضافة الكلور بنسب عالية لمياه الشرب، مما يكون واضحًا من رائحته ومذاقه، مما يجعل قضية تناول كأس من ماء الشرب موضع تفكير للأسرى، وأن ذلك يتطلب قرارًا نظرًا لضرورة الحصول على الماء وخطورتها الحقيقية على الجسد.
وأشار المصدر ذاته إلى أن هذا الماء يهدد حياة الأسيرات والأسرى فعليًا، حيث ستظهر تداعياته على الجسم من خلال الأمراض والمشاكل في المستقبل القريب.
في غضون ذلك ناشدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين المؤسسات الحقوقية والإنسانية والاتحادات والجمعيات النسوية بالتحرك فورًا من خلال الحكومات والبرلمانات للضغط على حكومة الاحتلال للتراجع عن هذا الأسلوب الذي وصفته بـ “الدنيئ”، ووقف جميع العقوبات التي فُرضت على الأسرى والأسيرات خلال السنوات السابقة، والتي زادت بشكل ملحوظ وغير مسبوق بعد السابع من أكتوبر الماضي، و”وضع حد لحياة الجحيم التي يُفرضونها عليهم في السجون ومراكز الاحتجاز”.
إجراءات التنكيل تتواصل
تواصل إدارة سجون الاحتلال إجراءات التنكيل بحق الأسيرات والأسرى. وقد نشرت هيئة الأسرى في بيان لها تفاصيل الاعتقال والتنكيل اللذين تعرضت لهما المعتقلة فاطمة فضل الشمالي (53 عاما) من مدينة الخليل، والوضع المأساوي للمعتقلات القابعات في سجن الدامون. إذ قام عدد من الجنود باقتحام منزلها في بلدة إذنا غرب الخليل، وكبلوها وعصبوها، بعد الاعتداء على زوجها بالضرب بطريقة “وحشية”، وتحطيم محتويات المنزل، ثم اقتيادها إلى معسكر قريب بقيت فيه حتى الصباح، وبعدها نقلت إلى التحقيق في سجن “هشارون”.
وأشار المصدر إلى أن فاطمة فضل الشمالي خضعت للتفتيش العاري، ووضعت في زنزانة متسخة جدًا وشديدة البرودة بقيت فيها لمدة ثلاثة أيام، كما أن الطعام المقدم لها سيئ، ثم نُقلت بعدها إلى سجن الدامون.
وقالت الشمالي إن القسم الذي وُضعت فيه هي ومجموعة من المعتقلات قديم وغير مستخدم لفترة طويلة، وأبوابه تالفة، ورائحته كريهة ولا تدخله الشمس، كما أن الرطوبة فيه عالية، والبرد لا يطاق، أما ساعات الخروج للفورة فهي قصيرة، ووقتها مخصص للاستحمام أيضًا، لكن الحمامات موجودة خارج الغرف، ومعظم الوقت لا توجد مياه دافئة، بل باردة جدًا، ما يجعل الاستحمام أمرًا مستحيلًا في هذا الطقس البارد.
يُذكر أن المعتقلة، متزوجة وأم لثلاث بنات وثلاثة أولاد، وهي والدة الشهيد عدي أبو جحيشة الذي استُشهد مؤخرًا.
على صعيد منفصل، قالت الهيئة ذاتها في بيان آخر، إنه “في سابقة جديدة منذ البدء بالحرب على قطاع غزة، والهجمة الشرسة من قبل الاحتلال على أبناء الشعب الفلسطيني، سواءً بالاعتقال أو بفرض عقوبات انتقامية على أسرانا داخل السجون، فقد تعرض الأسير ح. ص. لمحاولة إعدام حقيقية بعد دهس الجنود له على أحد الحواجز واعتقاله”، و “جرى أخذه إلى مكان مجهول لمدة يومين، بقي مشبوحًا طوال الوقت، يتعرض للضرب الوحشي والصعق بالكهرباء، إلى جانب التهديد المستمر بإعدامه بالسلاح، خلافًا لمعاناة الشتم والإهانات من قبل الجنود، وحرمانه حتى من الماء”.
وأكّدت هيئة شؤون الأسرى على أن “ما هذه إلّا إحدى الشهادات البسيطة التي تمكنا من الحصول عليها”، وذلك بسبب التعتيم الكبير من قبل إدارة السجون وتعمّد عزل الأسرى عن العالم، بالإضافة إلى تخوّف الأسرى من عواقب الإدلاء بشهاداتهم، لما يتعرضون له بعدها من ضرب وعزل وتهديدات.