مدار: 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025
دق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ناقوس الخطر، محذراً من أن الفجوة المتزايدة بين الاحتياجات الهائلة والموارد المتاحة تهدد بإغراق ملايين الأشخاص في مستويات طارئة من الجوع، وتقويض عقود من التقدم، تزامنا مع وصول الجوع العالمي إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، كما يواجه شريان الحياة الذي يعتمد عليه الملايين خطر الانقطاع.
وكشف تقرير جديد للبرنامج بعنوان “شريان حياة في خطر” أن التخفيضات الحادة في المساعدات الغذائية قد تدفع 13.7 مليون مستفيد حالي من حافة الأزمة إلى هوة الطوارئ، وهي المرحلة التي تسبق المجاعة مباشرة.
وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين: “يواجه العالم موجة متصاعدة من الجوع الحاد… في وقت تتقلص فيه الموارد اللازمة للاستجابة. كل تقليص في الحصص الغذائية يعني أن طفلاً سينام جائعاً”.
وحسب التقرير، يواجه 319 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم 44 مليوناً في مستويات الطوارئ، بينما تضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من مستويات كارثية من الجوع أو المجاعة الفعلية (المرحلة الخامسة) خلال عامين فقط، ليصل إلى 1.4 مليون شخص، مع تفشي مجاعتين متزامنتين في السودان وقطاع غزة.
ويتفاقم الوضع مع معاناة البرنامج من النقص في الموارد، إذ يتوقع انخفاضاً في التمويل بنسبة 40% لعام 2025، لتهبط الميزانية المتوقعة إلى 6.4 مليار دولار أمريكي، مقارنة بـ 10 مليارات دولار في عام 2024، وتعقيبا على هذا الوضع، علقت ماكين بالقول: “الفجوة بين ما يحتاج برنامج الأغذية العالمي إلى القيام به وما يمكننا أن نقوم به أصبحت أكبر من أي وقت مضى. نحن معرضون لخطر فقدان عقود من التقدم المحرز في مكافحة الجوع”.
ووفق التقرير الأممي، يتركز الخطر الأكبر في ست عمليات إنسانية حيوية، حيث بدأت الاضطرابات بالفعل ومن المرجح أن تزداد سوءاً بحلول نهاية العام، مما يؤثر على مجتمعات مزقتها النزاعات والصدمات المناخية، خاصة النساء والأطفال واللاجئين.
- السودان: حيث يواجه نصف السكان (25 مليون شخص) الجوع الحاد مع تأكيد المجاعة في بعض المناطق، لا تصل مساعدات البرنامج إلا إلى 4.2 مليون شخص شهرياً. ويحتاج البرنامج بشكل عاجل إلى 600 مليون دولار لستة أشهر فقط لمضاعفة عدد المستفيدين ودرء خطر انتشار المجاعة.
- أفغانستان: مع اقتراب فصل الشتاء القارس، لا يملك البرنامج أي مخزون غذائي مسبق للمرة الأولى منذ 2016. المساعدات الحالية تصل إلى أقل من 10% من المحتاجين، ومن المتوقع أن تنخفض النسبة إلى 8% فقط خلال الشتاء. ويواجه البرنامج نقصاً قدره 622 مليون دولار للأشهر الستة المقبلة.
- جمهورية الكونغو الديمقراطية: في بلد يعاني فيه 28 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، اضطر البرنامج إلى تقليص مساعداته هذا الشهر لتشمل 600 ألف شخص فقط، بعد أن كان يخطط لمساعدة 2.3 مليون. ويواجه خطر انقطاع كامل للإمدادات بحلول شباط/ فبراير 2026، مع فجوة تمويلية تبلغ 351.7 مليون دولار.
- جنوب السودان: الوضع مأساوي، حيث يتلقى جميع المستفيدين البالغ عددهم 2.7 مليون شخص حصصاً مخفضة (50-70%). واعتباراً من تشرين الأول/ أكتوبر، ستفتقر السلال الغذائية إلى مواد أساسية كالبقول والزيت، مع نفاد المخزون داخل البلاد. تبلغ فجوة التمويل 398.9 مليون دولار.
- الصومال: شهدت المساعدات تخفيضات متكررة. فبعد أن كان البرنامج يدعم 2.2 مليون شخص قبل عام، انخفض العدد إلى 1.1 مليون في نيسان/أبريل، ومن المتوقع أن يصل إلى 350 ألف شخص فقط في نوفمبر مع انقطاع وشيك في الإمدادات.
- هايتي: تأثرت العمليات بشكل مباشر، حيث توقفت برامج الوجبات الساخنة للنازحين، وتتلقى الأسر نصف الحصص الغذائية الشهرية المعتادة. ولأول مرة منذ 2016، لا يملك البرنامج مخزونات طوارئ لموسم الأعاصير.
ويحذر برنامج الأغذية العالمي من أن تداعيات هذه التخفيضات تتجاوز الجوع، إذ تشير ماكين إلى أن “الضرر المدمر لا يهدد الأرواح فحسب، بل يهدد أيضاً بتقويض الاستقرار، وزيادة النزوح، وتأجيج الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية على نطاق واسع”. فالمساعدات الغذائية السريعة والفعالة، بحسب قولها، هي “حصن ضروري ضد الفوضى” في الدول الهشة.
ويوضح المصدر نفسه أن المكاسب التي تحققت بشق الأنفس، مثل انتشال نصف مليون شخص في منطقة الساحل من الاعتماد على المساعدات بفضل برامج الصمود، قد تتلاشى قريباً دون دعم مستمر.

