[ملف]. رغم كل شيء: المقاومة الثقافية من أجل فلسطين حرة

مشاركة المقال

Share on facebook
Share on twitter
Share on email

معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي/ مدار: 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025

إذا كان لا بد أن أموت،
فعليك أن تحيا
لتروي حكايتي
لتبيع أشيائي
‏وتشتري قطعة قماش
‏وخيوطاً
‏(فلتكن بيضاء وبذيلٍ طويل)
‏كي يُبصر طفلٌ في مكان ما من غزّة
‏وهو يحدّق في السماء
‏منتظراً أباه الذي رحل فجأة
دون أن يودّع أحداً
‏ولا حتى لحمه
‏أو ذاته
‏يبصر الطائرة الورقية
‏طائرتي الورقية التي صنعتَها أنت
‏تحلّق في الأعالي
‏ويظنّ للحظة أن هناك ملاكاً
‏يعيد الحب
‏إذا كان لا بد أن أموت
‏فليأتِ موتي بالأمل
‏فليصبح حكاية.

– رفعت العرعير، “إذا كان لا بد أن أموت” (2023)

نشر الكاتب والأستاذ الفلسطيني رفعت العرعير قصيدته “إذا كان لا بد أن أموت” على وسائل التواصل الاجتماعي، في 14 أكتوبر 2023، بعد أيام من إطلاق إسرائيل العنان لإبادتها الجماعية في غزة1. بعد أكثر من شهر بقليل، استُشهد العرعير في غارة جوية إسرائيلية على منزل شقيقته في حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة، مع شقيقه وشقيقته وأطفالها الأربعة. رغم أن أصدقاءه وزملاءه حثوه على مغادرة غزة، إلاّ أنه قرر البقاء. كان هذا آخر فعله من صمود، وهو المفهوم الفلسطيني المعبّر عن الثبات والعزيمة على البقاء في الأرض.

قال العرعير في حديث له عام 2015، “أنا الرجل الذي أنا عليه اليوم بفضل القصص التي روتها لي أمي وجدتي”، وأضاف: “القصص مهمة أيضًا في حياتنا كفلسطينيين، كشعب تحت الاحتلال، كشعوب أصلية على هذه الأرض، ليس فقط لأنها… تشكلنا و[تجعلنا] ما نحن عليه، بل لأنها تربطنا بماضينا وحاضرنا، وتعدّنا للمستقبل2“. بالإضافة إلى كتاباته الخاصة، قام العرعير بتحرير ونشر عدة مجلدات لكتاب فلسطينيين آخرين. وفي عام 2015، أسس مشروع “لسنا أرقامًا”، الذي يربط بين الكتاب الشباب في غزة وموجهين في الخارج حتى يتمكنوا من رواية قصصهم ومواجهة طمس التاريخ والهوية والمقاومة الفلسطينية؛ إنه مثال لافت للمقاومة الثقافية الفلسطينية وتحدّيها أمام احتلال مستمر.

منذ عملية طوفان الأقصى (هجوم حماس المسلح ضد إسرائيل في 7 أكتوبر 2023)، بُثت الإبادة الجماعية في غزة على الهواء مباشرة ليراها العالم. حتى أكتوبر 2025، قتل أكثر من 67,000 فلسطيني، وهُجّر أزيد من 730,000، وشُوّه وجُرح وجُوّع عدد لا يحصى من الناس، كل ذلك بدعم كامل من الولايات المتحدة3. أدت الأشهر الثلاثة الأولى من القصف وحدها إلى انخفاض متوسط العمر المتوقع للفلسطينيين بمقدار 11.5 عامًا، من 76.7 عامًا في 2022 إلى 65.2 عامًا فقط في 20234. وبحلول أبريل 2025، قدّرت الأمم المتحدة أن 92% من جميع المباني السكنية قد تضررت أو دُمرت، مخلفة وراءها 50 مليون طن من الركام الذي سيستغرق إزالته عقودًا5. لقد دفع هذا الحجم الهائل من الموت والدمار والتجويع المتعمد بالفلسطينيين إلى تسمية ما يحدث بـ”النكبة الثانية” – “نكبة غزة”. كانت النكبة الأولى (الكارثة)، عام 1948، فعلا من أفعال التطهير العرقي، حيث تم الإستيلاء على 78% من الأراضي الفلسطينية، ودُمّر أكثر من خمسمائة بلدة وقرية، وهُجّر أكثر من نصف السكان – حوالي 800,000 فلسطيني – وأدى إلى قيام “دولة إسرائيل”. منذ نكبة 1948 وحتى الإبادة الجماعية المتصاعدة اليوم، اعتمد تأسيس “دولة إسرائيل6” واستمرار وجودها على تقاطع المشروع الصهيوني مع الإمبريالية الغربية.

ومع ذلك، فإن الرعاية الإمبريالية لا تضمن، بحد ذاتها، القبول والإفلات من العقاب؛ فهذه الأمور ينبغي تحقيقها بوسائل أخرى. إذن، كيف تقوم الصهيونية، بصفتها مشروعًا استعماريًا-استيطانيًا، باختلاق الشرعية اللازمة لتنفيذ برنامج بهذا الحجم من العنف والهمجية؟ قبل ما يقرب من ستة عقود، سعى غسان كنفاني، الأديب والعضو في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إلى الإجابة على هذا السؤال بعينه. ففي كتابه “في الأدب الصهيوني” (1967)، درس ما عرّفه بأنه “كل ما كُتب لخدمة حركة استعمار فلسطين اليهودية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر7“. بالنسبة لكنفاني، كي “تعرف عدوك”، يجب عليك أن تدرس إنتاجه الثقافي. يستكشف كنفاني، في الكتاب، كيف أن الأدب الصهيوني الخيالي زوّر التاريخ للقراء الغربيين؛ ولماذا كافأت المؤسسات الثقافية – بما في ذلك لجنة نوبل – مؤلفين رجعيين مثل شموئيل يوسف عجنون في عام 1966؛ وكيف أصبح الخطاب الغربي يردد الروايات الصهيونية؛ وما إذا كانت التغطية الغربية لحرب 1967 نتيجة متوقعة لحملة طويلة من التزوير الثقافي8.

بالنسبة لكنفاني، احتاجت الصهيونية السياسية – وهي الحركة من أجل إنشاء دولة استعمارية استيطانية يهودية في فلسطين التاريخية – لجبهة ثقافية لنشر أيديولوجيتها من خلال الإنتاج الأدبي والفني. فليس صدفة أن مهندس الصهيونية، ثيودور هرتزل، كان روائيًا في المقام الأول؛ فكتابه “الأرض القديمة الجديدة” (1902)، كما يقول كنفاني، يمثل بداية “الشخصية الأدبية الصهيونية [التي تسير] بخطى متناغمة مع البرنامج السياسي الصهيوني9“. في الواقع، كانت إحدى المهام المركزية للجهاز الثقافي الصهيوني هي نزع الإنسانية عن الشعب الفلسطيني لتبرير تهجيره10. وقد وثق كنفاني كيف كانت الرواية الصهيونية، على وجه الخصوص، مفتاحًا لهذا العمل، حيث صورت العرب على أنهم متخلفون وهمجيون وغير مرتبطين بالأرض11. وكتب عن كيفية اختلاق الأدب الصهيوني وترسيخه لروايات لا يزال صداها يتردد اليوم، من بينها الادعاء بـ “التخلف العقلي والحضاري للعرب كمرض عضال”، وفكرة أن “العرب لا يستحقون وطنًا”، وفكرة أن حياة الأطفال العرب “عديمة الجدوى مقارنة بمعنويات الأطفال اليهود”، و”الربط السخيف” الذي نقل جرائم النازيين سياسيًا وعاطفيًا إلى العرب في فلسطين12. وهكذا، صاغت الأيديولوجيا والإنتاج الثقافي الصهيوني المشروع الصهيوني في “دور حضاري” ضد “الهمجية” المزعومة للعرب والفلسطينيين13.

أُعيد تدوير هذه الروايات اللاإنسانية نفسها، في العقود التي تلت ذلك، واستُخدمت مرارًا وتكرارًا من قبل الدولة الإسرائيلية واجترّتها وسائل الإعلام الغربية السائدة. في الأشهر التي أعقبت 7 أكتوبر، جمعت منظمة “القانون من أجل فلسطين” قاعدة بيانات تضم أكثر من 500 حالة تحريض إسرائيلي على الإبادة الجماعية14. وكان أدلى وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، في 9 أكتوبر 2023، بما أصبح تصريحًا مميزًا للإبادة الجماعية: “نحن نقاتل حيوانات بشرية، ونتصرف وفقًا لذلك”. وبعد أربعة أيام من ذلك، قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ: “هناك أمة بأكملها مسؤولة”. ودعت غاليت ديستل أتباريان، عضو الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، إلى “محو غزة من على وجه الأرض” وموت “وحوش غزة”. ودعا وزير الزراعة والتنمية الريفية الإسرائيلي آفي ديختر بشكل صريح إلى التطهير العرقي بقوله: “نحن نقوم بنكبة غزة 2023”. واستحضر ديفيد أزولاي، رئيس بلدية المطلة، صراحة إعادة إنتاج الهولوكوست بقوله: “يجب إفراغ قطاع غزة بالكامل. تسويته بالأرض. تمامًا كما في أوشفيتز”. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الفلسطينيين مرارًا بأنهم “وحوش”. هذه القائمة التي لا تنتهي من التحريض على التطهير العرقي تسبق 7 أكتوبر بزمن طويل؛ فنزع الإنسانية عن الفلسطينيين هو رواية تاريخية-ثقافية استُخدمت لأكثر من قرن لتبرير إبادتهم بإفلات تام من العقاب على الأصعدة الأخلاقية والسياسية والعسكرية15.

لقد بُني المشروع الصهيوني أيضًا على المحو الثقافي المنهجي. فخلال النكبة الأولى، وُثّق على نطاق واسع نهب وسلب اللوحات والصور الفوتوغرافية والأفلام والتسجيلات الموسيقية والآلات وغيرها من المنتجات الثقافية16. ويُقدر أنه سُرق حوالي 70,000 كتاب، يحتفظ بالكثير منها الآن في الأرشيفات الإسرائيلية، بما في ذلك المكتبة الوطنية الإسرائيلية17. وقد استمر هذا السطو والتدمير على مدى العقود الثمانية الماضية. واستهدفت إسرائيل، منذ 7 أكتوبر،  المراكز الثقافية والعاملين في المجال الثقافي بشكل أكبر، وهو مكون أساسي في مشروع الإبادة الجماعية الثقافية. ومن بين القتلى العديد من الرسامين والشعراء والكتاب والنحاتين الفلسطينيين، مما يجعل مسألة الثقافة أكثر إلحاحًا بالنسبة للطموحات غير المكتملة للتحرر الفلسطيني18.

أخذا لذلك بعين الاعتبار، كيف يمكن مقاومة البرنامج الثقافي الاستعماري-الاستيطاني الصهيوني على الجبهة الثقافية؟ ما هو دور الفنانين في أزمنة الإبادة الجماعية؟ هل يمكن للإنتاج الثقافي أن يُعيد إنسانية شعب ما، وينقذ تاريخه، ويدفع بنضاله إلى الأمام؟ لاستكشاف هذه الأسئلة وإلقاء الضوء على ثقافة التحرر الفلسطينية الغنية وجذورها التاريخية، أجرى معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي مقابلات مع فنانين وعاملين ثقافيين معاصرين في فلسطين والشتات. هذا الملف ليس مسحًا شاملاً للفن الفلسطيني، بل يفتح أبواب الحوار حول مكانة المقاومة الثقافية في التحرر الفلسطيني. إنه يبحث في كيفية توظيف الفن والثقافة لمقاومة الصهيونية الثقافية ونزع الإنسانية من خلال تذكر ماضي فلسطين، والشهادة على حاضرها، وتصوّر مستقبلها – مستقبل يكون فيه شعبها حرًا وقادرا على العودة إلى وطنه. وكما أكد إبراهيم مهنّا، الفنان الغزي ذو الثمانية عشر عامًا والذي بلغ سن الرشد في خضم الإبادة الجماعية: “لقد بدأوا الحرب ليقتلوا آمالنا، لكننا لن نسمح بحدوث ذلك19“.

أود أبو نصر (لبنان)، غزة، 2023. بإذن من فنانون ضد الفصل العنصري.

على امتداد نضالات مناهضة الاستعمار والتحرر الوطني، اعتُبرت الثقافة سلاحًا جوهريًا في معركة الأفكار والمشاعر. لقد برز مناضلون ثوريون من طينة أميلكار كابرال وماو تسي تونغ ليس كاستراتيجيين عسكريين وقادة أحزاب فحسب، بل أيضًا كشعراء ومنظرين ثقافيين. كجزء من التراث الماركسي المتعلق بالتحرر الوطني، طور ماو وكابرال – بشكل مستقل ولكن متقارب – نظريات متطورة حول الثقافة كجبهة أساسية، ولا غنى عنها، في النضال من أجل التحرر الوطني20. لقد كانت الثقافة، بالنسبة لهما، الميدان الذي تحسم فيه معركة التحرر بالنصر أو الهزيمة.

بالنسبة لكابرال، الذي قاد الحزب الأفريقي لاستقلال غينيا بيساو والرأس الأخضر، فإن “التحرر الوطني هو بالضرورة فعل ثقافي21“. كان منطقه واضحًا: لأن الهيمنة الإمبريالية ليست سياسية واقتصادية فحسب، بل “لديها حاجة حيوية لممارسة القمع الثقافي”، فإنها تسعى إلى إيقاف التطور التاريخي والثقافي للمستعمَرين. لذلك، يجب أن تكون مقاومة الهيمنة الإمبريالية فعلاََ ثقافيًا – جماعيًا وليس فرديًا. وقد حاجج بأن حركة التحرر ليست أقل من “التعبير السياسي المنظم لثقافة الشعب الذي يخوض النضال22“.

لم تكن المقاومة الثقافية، عند كل من كابرال وماو، أقل أهمية من المقاومة المسلحة. في منتدى يانآن للفن والأدب عام 1942 (مؤتمر استمر ثلاثة أسابيع وجمع كبار الكتاب والفنانين والمثقفين والجنود والكوادر الحزبية في الصين)، أعلن ماو: “في نضالنا من أجل تحرير الشعب الصيني هناك جبهات مختلفة، من بينها جبهات القلم والبندقية، الجبهتين الثقافية والعسكرية23“. وبالمثل، في سلسلة من الخطابات التي ألقاها أمام أعضاء الحزب الأفريقي لاستقلال غينيا بيساو والرأس الأخضر في عام 1969 حول “تحليل أنواع المقاومة المختلفة”، أبرز كابرال “المقاومة الثقافية” كواحدة من أربع جبهات رئيسية للنضال، إلى جانب المقاومة السياسية والاقتصادية والمسلحة. بالنسبة لكل من كابرال وماو، كانت الثقافة ساحة معركة أساسية وحاسمة، ولم يكن الجيش الثقافي أقل أهمية عن جيش الشعب.

وبالمثل، كانت نظرية وممارسة الثقافة من أجل التحرر الوطني جزءًا لا يتجزأ من النضال الفلسطيني، وخاصة بالنسبة لكنفاني. في كتابه “أدب المقاومة في فلسطين المحتلة 1948-1968″، وهو تحليل تأسيسي للأعمال الأدبية التي أنتجها العرب الفلسطينيون تحت الاحتلال الإسرائيلي في العقدين التاليين للنكبة الأولى، يكتب كنفاني: “إن الشكل الثقافي في المقاومة يطرح أهمية قصوى ليست أبدا أقل قيمة من المقاومة المسلحة ذاتها”؛ إذ تشكل “الأرض الخصبة” لأي نضال مسلح ناجح24. في مقال بعنوان “أدب المقاومة في فلسطين المحتلة” نُشر في “كتابات أفرو-آسيوية” في العام نفسه، حدد خصائص أدب المقاومة الفلسطيني، الذي أسماه أيضًا “أدب الكفاح” وأدب فلسطين المحتلة. وأشار إلى أن الأمر استغرق حوالي خمس سنوات بعد النكبة الأولى حتى يدرك الفلسطينيون أنهم “لم يفقدوا عائلاتهم وأصدقائهم فحسب، بل بلدهم أيضًا25“. ولاستعادة بلدهم المفقود، كان لا بد من خوض النضال على الجبهتين المسلحة والثقافية. وقد حملت هذه الراية أجيال من الفنانين الفلسطينيين في وطنهم وفي جميع أنحاء العالم.

توثق بدقة الفنانة والباحثة الفلسطينية-الأمريكية سامية حلبي، في كتاب “فن التحرير في فلسطين” (2001)، تطور هوية فنية فلسطينية مميزة في سياق الاحتلال والتهجير والمقاومة. وتجادل بأن هذا “الفن التحرري” مرتبط ارتباطًا جوهريًا بنضال الفلسطينيين من أجل تقرير المصير، مع أيقونات فريدة تشمل رموز الصمود مثل الصبار والحصان، بالإضافة إلى مواضيع الاستشهاد وحق العودة. بالنسبة لها، فإن أي “فن جيد” هو “فن سياسي”، والفن التحرري هو “فن عملي يحتاج إلى أن يكون واضحًا ومفيدًا كملصق أو منشور أو لافتة26“. وتناقش الرابط الذي لا ينفصم بين الفن والتحرر:

يقوم الفن في فلسطين على أساس النضال الفلسطيني من أجل التحرر. وبدون هذا الأساس، سيكون الفنانون الفلسطينيون مجموعة مشتتة من مقلدي الأساليب الدولية الرائجة، وكثير منهم كذلك. يدرك فنانو التحرر في فلسطين أنهم محظوظون بأن يكون لديهم قضية، وفي أداء واجبهم في خدمتها، يكتسب فنهم أهمية تاريخية كمدرسة ذات خصائص محددة27.

لقد تميز تاريخ المقاومة وثقافة التحرر الفلسطينية بقطائع سياسية، يُسمّيها  المؤرخ رشيد خالدي في كتابه “حرب المئة عام على فلسطين” (2020) بـ “إعلانات الحرب الستة” على الشعب الفلسطيني، وهي:

  1. وعد بلفور عام 1917، الذي تعهد بالدعم البريطاني لإنشاء “وطن قومي للشعب اليهودي” في فلسطين، مما مهد الطريق للانتداب البريطاني والاستعمار الصهيوني.
  2. قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 عام 1947، الذي أدى إلى النكبة الأولى.
  3. حرب الأيام الستة عام 1967 – المعروفة في فلسطين باسم “النكسة” – عندما احتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان.
  4. الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، مما أدى إلى طرد منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت.
  5. الانتفاضة الأولى (1987-1993)، الانتفاضة الفلسطينية الجماهيرية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
  6. الانتفاضة الثانية، التي بدأت عام 2000 ومهدت الطريق للإبادة الجماعية المستمرة في غزة.

عند كل قطيعة، استجاب الفنانون والعاملون في المجال الثقافي الفلسطيني بحرفتهم وإنتاجهم. بالنسبة لحلبي، فإن تاريخ الفن التحرري هذا “صعد مع الانتفاضة وتراجع مع انحسارها”. نسلط الضوء أدناه على بعض تعبيرات المقاومة الثقافية الفلسطينية من خلال هذه القطائع الست28.

أولفر ليوناردو (بيرو)، صبرا وشاتيلا، 2021. بإذن من يوتوبكس (Utopix). 

جذوري
قبلَ ميلادِ الزمانِ رستْ
وقبلَ تفتّحِ الحقبِ
وقبلَ السّروِ والزيتونِ
.. وقبلَ ترعرعِ العشبِ

– محمود درويش29، مقتطف من “بطاقة هوية” (1964).

يستحضر الممثل والمخرج البارز محمد بكري، الذي مثل في ما يقرب من خمسين فيلمًا وأخرج أربعة أفلام وثائقية خلال مسيرته الممتدة لأربعين عامًا، لقاءه بالسينما ووقوعه في حبها عندما كان طفلاً في بلدته، البعنة. يتذكر كيف كانوا في قريته “بدون كهرباء – لكن كانت هناك سينما30“. ينتمي بكري إلى الأقلية الفلسطينية داخل إسرائيل، وهو واحد من مليونيّ نسمة من أحفاد الـ159 ألف فلسطيني الذين لم يُهجَّروا خلال نكبة عام 1948. يقتفي “الفصول الخمسة” لتسييسه وعمله الإبداعي – على غرار تقسيم خالدي للمراحل – رجوعًا إلى النكبة الأولى، واصفًا كيف شكّل ذلك الحدث الأساسي والحكايات اللاحقة التي سمعها من والده وجده وعيه السياسي. كما قال: “أن أروي قصة شعبي، في الخيال والوثائقي… هي طريقتي في القتال. لحماية ثقافتي وهويتي وإنسانيتي. لا [شيء] أكثر”.

لا يقتصر وصف بشير مخول وغوردون هون، في كتاب “أصول الفن الفلسطيني” (2013)، للنكبة الأولى على أنها لحظة تاريخية منفردة، بل كحدث مستمر من التهجير والموت والفقدان – “زمن حاضر دائم لا تزال فيه الأحداث التاريخية جارية31“. بالنسبة لبكري والعديد من العاملين في المجال الثقافي الفلسطيني، فإن تحديد “أصل” المقاومة الثقافية الفلسطينية في النكبة الأولى ليس مجرد فعل شخصي، بل سياسي للغاية – طريقة لدحض الادعاءات الصهيونية بـ “أرض الميعاد” وكذلك سياسات المحو الثقافي والتاريخي.

يستخدم المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه، في كتاب “التطهير العرقي لفلسطين” (2006)، مصطلح “إبادة الذاكرة” (memoricide) لوصف المحو المنهجي للنكبة الأولى من المشهد التاريخي والمادي لإسرائيل. بهذا الشكل، تُستخدم الثقافة كسلاح لترسيخ الفعل المادي للتطهير العرقي، وإنكار الجرائم المرتكبة واستبدال تاريخ الضحايا بتاريخ الجناة. وقد كانت الهيئات التي ترعاها الدولة، وخاصة الصندوق القومي اليهودي، أدوات أساسية لتنفيذ هذا البرنامج – من إعادة تسمية البلدات والقرى والشوارع والمعالم بأسماء عبرية وفرض خرائط “إسرائيل القديمة” إلى زراعة الغابات التي تخفي أنقاض القرى الفلسطينية المدمرة32. تهدف هذه الجهود إلى تبرير الأسطورة التأسيسية الصهيونية القائلة بـ “أرض بلا شعب، وشعب بلا أرض”.

يعد الحفاظ على الفن والتاريخ الثقافي الفلسطيني، في سياق إبادة الذاكرة، شكلاً من أشكال المقاومة. بالنسبة لشعب تم تقسيمه وتشتيته جغرافيًا، فإن للأصول دور مركزي في تشكيل ما يسميه المنظر ما بعد الكولونيالي الفلسطيني إدوارد سعيد “التماسك”،إذ أن هذا التماسك الثقافي ممكن لأن الفلسطينيين “ظلوا موحدين كشعب إلى حد كبير بسبب الفكرة الفلسطينية (التي صغناها من تجربتنا الخاصة مع السلب والقمع الإقصائي33)”.

يسلط كنفاني، في “أدب المقاومة”، الضوء على سياسة “التجهيل المتعمد” الإسرائيلية، التي فصلت أجيالًا من الفلسطينيين عن تراثهم العربي وهويتهم الوطنية34. وقد تم تحقيق هذا البرنامج من التغريب الثقافي عن طريق تخفيض جودة التعليم الذي يمكن للفلسطينيين الحصول عليه – من تقييد الموارد المتاحة للطلاب العرب إلى تعيين معلمين عرب غير مؤهلين أو “متعاونين” – وعبر الترويج لـ “ثقافة هجينة وتافهة”. ترك هذا الوضع العرب الفلسطينيين أمام خيارين: الهجرة أو الاندماج35.

وُلد بكري داخل دولة إسرائيل بعد سنوات قليلة من النكبة، وتدرب في جامعة تل أبيب على التمثيل المسرحي والأدب العربي، وقد اضطر إلى التنقل بين الصناعات الثقافية الفلسطينية والإسرائيلية والدولية لصناعة أفلامه، خلال ذلك، واجه اضطهادًا سياسيًا وقانونيًا شديدًا. فمنذ إصدار فيلم “جنين، جنين” (2002)، وهو فيلم وثائقي عن الهجوم الإسرائيلي الواسع على مخيم جنين للاجئين خلال الانتفاضة الثانية، وهو عرضة للملاحقة في معارك قانونية. وكما أوضح: “حُظر الفيلم في إسرائيل. لقد كنت أدفع 1000 دولار شهريًا لجندي إسرائيلي ادعى أنه يَظهر في فيلمي – لمدة ثلاث ثوان ونصف. وسأستمر في دفعها في السنوات القادمة… إن الأمر أشبه بالعصور الوسطى – عندما كانوا يحرقون الكتب36“. يواصل بكري صناعة الأفلام، على الرغم من الاضطهاد الذي يواجهه، متحديًا الثنائية المفروضة بين الهجرة والاندماج، ومصرََّا على توثيق والشهادة على مقاومة الشعب الفلسطيني المستمرة وتطلعاته للتحرر.

بابلو كالاكا (تشيلي وفنزويلا)، تحت شجرة الزيتون، 2023. بإذن من يوتوبكس (Utopix) وفنانون ضد الفصل العنصري.

قصائدنا بلا لون، بلا طعم، بلا صوت
إن لم تحمل المصباح من بيت إلى بيت
– محمود درويش37 “عن الشعر”.

يتذكر بكري: “الفصل الثاني [من تسييسي] كان عام 1967″، خلال “حرب الأيام الستة بين إسرائيل والعالم العربي، عندما احتلت إسرائيل غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية”. كان حينها فتى في الرابعة عشرة من عمره، يتذكر رؤية والده يبكي؛ وفيما بعد، فهم أن دموعه كانت من أجل “الكارثة الجديدة التي حلّت بالعالم العربي والشعب الفلسطيني – [بـ] الجيل الأول من اللاجئين [الذي] نشأ في عام 1948 والجيل الثاني [الذي] نشأ في عام 196738“.

كان ينتمي رسام الكاريكاتير السياسي الذائع الصيت ناجي العلي إلى ذلك الجيل الأول، حيث طُرد من قريته الشجرة خلال النكبة الأولى. في عام 1961، نشر كنفاني لأول مرة أعمال العلي في مجلة حركة القوميين العرب “الحرية”، التي كان يحررها. وبعد سنوات قليلة، أثناء عمله في صحيفة كويتية، بدأ العلي برسم حنظلة، الشخصية التي ستميّز مسيرته الفنيّة39. حنظلة، الذي بقي دائمًا صبيا في العاشرة من عمره – السن الذي أُجبر فيه العلي على المنفى – حافي القدمين، وملابس ممزقة، ويُرسم دائمًا وهو يدير ظهره للعالم. وذراعاه معقودتان خلف ظهره، يشهد على الفظائع المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني، ولكن أيضًا على مقاومتهم التي لا تتزعزع، ووعد العودة، وفلسطين الحرة. سُمي حنظلة على اسم نبات صحراوي متجذر وصامد، ويجسد الصمود. الرسوم الكاريكاتورية التي تزيد عن أربعين ألفًا، التي رسمها العلي في حياته شهادة على هذا الثبات.

ألهمت أحداث عام 1967، وفشل القومية البرجوازية العربية في مواجهة التوسع الصهيوني، موجة من المقاومة الثقافية الجماهيرية وإحياء للثقافة الفلسطينية. كما يلاحظ رشيد خالدي: “لعب الكتّاب والشعراء في الشتات الفلسطيني وداخل فلسطين – غسان كنفاني، محمود درويش، إميل حبيبي، فدوى طوقان، وتوفيق زياد، إلى جانب فنانين ومثقفين موهوبين وملتزمين آخرين – دورًا حيويًا في هذه النهضة، ثقافيًا وسياسيًا40“. حوّل الاحتلال الثقافة إلى جبهة رئيسية في النضال، مفتتحًا حقبة جديدة من المسرح النضالي.

يقول عامر خليل، الشريك المؤسس ومدير مسرح الحكواتي (الذي عُرف لاحقًا باسم المسرح الوطني الفلسطيني) في القدس: “المسرح في فلسطين جديد، بشكل عام”. وأوضح خلال مقابلة مع معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي: “في عشرينيات وثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، كان الناس يقدمون مسرحًا يتعلق بالعمل الاجتماعي. ولكن بعد حرب 67، بدأت حركة كاملة من المثقفين والفنانين والمدرّسين وطلاب الجامعات حركة مسرحية من أجل تحرير فلسطين… وأصبحت الحركة المسرحية حقًا نضالية41“. بدءًا من أواخر الستينيات، أصبح المسرح الفلسطيني احترافيًا أيضًا وبنى القدرة على تدريب المخرجين والممثلين – حتى في معمعان القمع الشديد. وكما كتب أحد النقاد المسرحيين سنة 1976: “لم تقدم أي فرقة مسرحية عرضًا دون أن يكون واحد أو اثنان من أعضائها في السجن42“.

في سياق الرقابة المتزايدة والتقويض من قبل سلطات الاحتلال، التي كانت مصممة على طمس أي شيء يعتبر “وطنيًا” (أي فلسطينيًا)، تولى المسرح دورًا مهمًا. فمن خلال الاستخدام الذكي للرموز والاستعارات التي تسمح بتفسيرات متعددة، طور كتاب المسرح الفلسطينيون “لغة خاصة… كانت بمثابة شفرة فنية بين المسرح وجمهوره… لنقل رسائل بناء الأمة43“. وأضاف خليل أثناء المقابلة: “لطالما كانت الثقافة مستهدفة، والفضاءات المسرحية تُهاجم، والفنانون يُهددون. لماذا الثقافة خطيرة إلى هذا الحد؟ لأن الكلمات تغير الناس. القصص تدفع الناس إلى التفكير. وعندما يفكر الناس، يبدأون في طرح الأسئلة – عن كيف يعيشون، ولماذا يعيشون بهذه الطريقة، وما يمكن أن تكون عليه الحياة. لهذا السبب الثقافة خطيرة – إنها تحرك الناس44“.

تأسست فرقة الحكواتي في عام 1977 للقيام بذلك بالضبط – لرواية القصص، وتحريك الناس، وتغيير الواقع. جمعت الفرقة طلابًا فلسطينيين من أراضي 48 المحتلة مع فنانين ومثقفين من القدس الشرقية المحتلة في تحدٍ للتشتيت الصهيوني للشعب الفلسطيني. خلال سنواتها الست الأولى، نقلت فرقة الحكواتي المسرح إلى الناس، متنقلة إلى المدارس وقاعات السينما وساحات القرى ومخيمات اللاجئين قبل أن تجد مقرًا دائمًا في سينما مهجورة عام 1983، حيث تعمل حتى يومنا هذا. لعبت دورا الفرقة أساسيا في رواية قصص الحياة والمقاومة الفلسطينية، حتى أنها أصبحت أول فرقة مسرحية فلسطينية تقدم عروضًا على الصعيد الدولي45.

انتهت حقبة الثمانينيات بقطيعتين مهمتين: الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 والانتفاضة الأولى (1987-1993). كان لهذه القطائع، إلى جانب تراجع الدعم للنضال المسلح كمسار أساسي للتحرير، تأثير كبير على المقاومة الثقافية. وفي هذه البيئة أسست الناشطة الإسرائيلية اليهودية آرنا مير خميس مسرح الحجر في مخيم جنين للاجئين عام 1987، في إشارة إلى أطفال الحجارة خلال الانتفاضة الأولى. وفي عام 2002، في ذروة الانتفاضة الثانية، دُمر مسرح الحجر خلال اجتياح إسرائيلي واسع للمخيم. ومن بين الأنقاض، نهض مسرح الحرية، الذي أسسه ابن آرنا، جوليانو، والذي يستأنف أسلوب مسرح الحجر في توظيف المسرح لعلاج الصدمات، وترسيخ الهوية، والانخراط في المقاومة. اليوم، يدير المسرح مصطفى شتا، الذي شارك في مسرح الحجر عندما كان طفلاً. في مقابلة مع معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي في يوليو 2025، بعد وقت قصير من إطلاق سراحه بعد اعتقال دام خمسة عشر شهرًا في سجن إسرائيلي، أوضح أن “الفن ليس منفصلاً عن الحركة الوطنية؛ عملنا هو امتداد لتلك الحركة – متجذر في الكرامة ورواية القصص والمقاومة”، وأخبرنا أن مسرح الحرية يرى دوره في تكوين ممثلين هم أيضًا منظمون مجتمعيون: “خريجونا ليسوا مجرد فنانين – إنهم عوامل تغيير46“.

أُطلق على جوليانو، في 4 أبريل 2011، خمس رصاصات من طرف مسلح لا يزال مجهول الهوية. ردّت الفرقة بمسرحية “بينما ننتظر” (2011)، وهي إعادة إنتاج لمسرحية صمويل بيكيت “في انتظار غودو” (1953) التي عكست التوق إلى الحرية والدولة، وعدم الاستسلام أبدًا47. قبل وقت قصير من مقتله، دعا جوليانو إلى “انتفاضة ثقافية”، وهو ما تبناه مسرح الحرية: “نعتقد أن الانتفاضة الثالثة، الانتفاضة القادمة، يجب أن تكون ثقافية، بالشعر والموسيقى والمسرح والكاميرات والمجلات48“.

تينغس تشاك (الصين)، فلسطين ستكون حرّة، 2024. بإذن من يوتوبكس (Utopix) وفنانون ضد الفصل العنصري.

فنحن الذين لا وجود لنا على «الأرض الموعودة»، صرنا شبح القتيل الذي يطارد القاتل في النوم وفي اليقظة وفي ما بينهما، فيضطرب ويكتئب ويشكو من الأرق ويصرخ: «ألم يموتوا بعد؟» كلا… فقد بلغ الشَّبَحُ سنَّ الفطام وسنَّ الرشد وسنَّ المقاومة وسنَّ العودة. الطائرات تطارد الشبح في الهواء. الدبابات تطارد الشبح في البر. والغواصات تطارد الشبح في البحر. والشبح يكبر ويحتل وعي القاتل حتى يصيبه بالجنون.

– محمود درويش49.

تغيرت طبيعة العمل الثقافي الفلسطيني في التسعينيات مع اتفاقيات أوسلو50. وكما أوضح عامر خليل، مع “الحلول السياسية” المزعومة التي قدمتها الاتفاقيات، بدأ عالم المسرح – مثله مثل المجالات الثقافية الأخرى – بالابتعاد عن النضالية التي ميزت الفترة السابقة. وأوضح كليم حوا، وهو شاعر وباحث أدبي ومنظم في حركة الشباب الفلسطيني، في مقابلة مع معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي: “بعد اتفاقيات أوسلو، تم إضعاف العديد من المؤسسات الاجتماعية والثقافية الفلسطينية من طرف الصهيونية وأُفرغت من محتواها عبر تحول البرجوازية الفلسطينية إلى برجوازية كمبرادورية، فلم تعد صالحة للغرض”. وفي هذا السياق، أكد حوا على الحاجة إلى ثقافة ثورية باعتبارها “أهم رابط” بين الأجيال، “لقد لجأ الشباب الفلسطيني إلى إنتاج الفيديو واليوميات المصغرة على وسائل التواصل الاجتماعي لرواية تجربتهم الاجتماعية الجماعية، والتي تشمل الاغتراب والصمود. وكان على كبارنا أن يناضلوا ضد حملة منسقة، من حكوماتهم العربية نفسها، لجعلهم ينسون كل ما يعرفونه وما تعلموه51“.

دشنت الفترة التي أعقبت أوسلو، بالنسبة للفنانين والعاملين في المجال الثقافي الفلسطيني، أزمة تتعلق بمفهوم ثقافة المقاومة ذاته. فمع تزايد الاعتراف العالمي جاءت تحديات جديدة: التعامل مع مسارات المأسسة؛ واحتواء الإنتاج الثقافي من قبل المانحين الدوليين والاعتماد عليهم؛ وفصل الفن والثقافة الفلسطينية عن واقع الناس الملموس؛ ووهم “عملية سلام” تلوح في الأفق. كما ولّدت حقبة ما بعد أوسلو خيبة أمل عميقة من القيادة السياسية التقليدية، مما دفع الفنانين والمجموعات الثقافية الفلسطينية المعاصرة نحو موقف نقدي ومستقل، والذي عكس بدوره تشتّتا أوسع للمشروع الوطني.

في هذا السياق، تصبح السخرية والفكاهة أدوات للمقاومة. وكما أوضح سامر عساقلة، كاتب الأغاني وعازف العود في فرقة “ضربة شمس” الفلسطينية، لمعهد القارات الثلاث: “في بعض الأحيان، تكون الموضوعات السياسية حساسة للغاية – مثل اتفاقيات السلام أو صفقات التطبيع الإقليمية. تصبح السخرية وسيلة للحديث عنها دون رقابة أو قمع فوري وفتح نقاشات كانت ستُغلق لولا ذلك”. وفي إشارة إلى أغنيته “هل تدين حماس؟”، التي كتبها في أعقاب 7 أكتوبر، قال عساقلة: “الكلمات ساخرة – [السؤال مجازي] يسأل عما إذا كان لديك مشاعر فقط إذا كنت تدين حماس. ضحك الجمهور، لكنهم بعد ذلك فكروا. جاء إليّ البعض لاحقًا وقالوا: ‘لقد ضحكنا على أنفسنا، وبدأنا نفكر بعمق أكبر في السؤال52‘”.

مثل العديد من المجموعات الثقافية في جيلها، تعكس الفرقة منعطفًا سياسيًا مختلفًا تمامًا عن ذلك الذي واجهته الفرق الموسيقية في حقبة سابقة. تضيف المطربة الرئيسية حنان واكيم: “في وقتٍ من الأوقات، كانت الأحزاب السياسية في فلسطين تمتلك فِرَقًا خاصةً بها. في الستينيات والسبعينيات، كانت مجموعات مثل فتح لديها أجنحة ثقافية كاملة مع مطربين وراقصين، غالبًا ما تكون مرتبطة مباشرة بالحركة. لقد اختفى ذلك في الغالب الآن. لا يزال بعض الفنانين منتسبين بشكل غير رسمي إلى الأحزاب، لكن الأمر ليس كما كان من قبل – لم تعد هناك بنية تحتية ثقافية قوية بنتها الحركات السياسية53“.

كايل أبيّلو (فنزويلا)، رموز المقاومة، 2024. بإذن من يوتوبكس (Utopix). 

يعتمد الفنانون بشكل متزايد على الدعم المالي من المنظمات الدولية، في سياق إزالة التسييس، والتسليع، والتشتت، مما يعرضهم لخطر المزيد من الاحتواء السياسي. والترياق لهذا الاتجاه العالمي هو إحياء الأممية والمخيلة الثورية – ولا يوجد مكان تتجلى فيه الدعوة إلى الأممية بوضوح أكثر من الرد الثقافي على الإبادة الجماعية المستمرة في غزة.

تأسست شبكة “فنانون ضد الفصل العنصري”، وهي شبكة تضم أكثر من خمسة عشر ألف فنان من جميع أنحاء العالم، في أكتوبر 2023 على يد فنانين وعاملين في المجال الثقافي رأوا حاجة ماسة للتعبئة من أجل تحرير فلسطين. تصف العضوتان هانا كريغ وتاهية إسلام الشبكة: “مستلهمين من الفنانين الثوريين الذين وظفوا أعمالهم في النضال ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، بنينا هذه الشبكة ونحن نعلم أنه كفنانين لدينا مسؤولية خاصة لاستعمال صوتنا وأعمالنا الفنية للاحتجاج على الفصل العنصري وتقوية القضية العادلة للشعب الفلسطيني ومقاومته ضد الاحتلال والاضطهاد54“.

وبالمثل، جمعت “يوتوبيكس” (Utopix)، وهي مجموعة أممية للتصميم والتواصل تتمركز أساسا في أمريكا اللاتينية والكاريبي، أكثر من ثمانين فنانًا من عشرين دولة لإنتاج أكثر من مئة ملصق عن فلسطين خلال العام الماضي، وهي متاحة للتنزيل مجانًا وتُعرض في جميع أنحاء العالم55. يرى ديفيد جاكوب كارمونا (“رزان أبو عبارة”)، وهو مصمم غرافيك تشيلي-فلسطيني وعضو في يوتوبيكس، أن تحرير فلسطين “يمثل نضالًا أوسع مع شعوب العالم، من شعوب أفريقيا التي تخضع للاستعمار الغربي الجديد أو شعب الوالمابو في تشيلي. يجب على الفن أن يكسر الصمت ويثقف بالحقيقة… إنه خندق، سلاح للنضال. بتعبير آخر، يجب على الفن أن يخاطب العالم الحقيقي ويسعى إلى تغييره56“.

الفن والثقافة الثوريان يقومان بأكثر من مجرد كسر الصمت أو الشهادة على فظائع الإمبريالية والاستعمار: فهما يتحملان المسؤولية – ولديهما القدرة – على تصور مستقبل لم يولد بعد. وقد لعبت المعارض دورًا مهمًا في تعزيز هذه المخيلة الأممية. ففي عام 1978، نظم قسم الفنون التشكيلية في مكتب الإعلام الموحد لمنظمة التحرير الفلسطينية المعرض التشكيلي العالمي من أجل فلسطين في جامعة بيروت العربية. وكما وثقت كريستين خوري ورشا السلطي في “ذكر قلق” (2018)، كان هذا المشروع الطموح جزءًا من جهود منظمة التحرير الفلسطينية “لطلب وتمويل وتشجيع إنتاج الملصقات والفن والسينما والمسرح والرقص والموسيقى والمطبوعات؛ ولتنظيم وحفظ وعرض الفولكلور والتقاليد الثقافية؛ ولحشد الدعم الدولي للنضال الفلسطيني في عالم الفنون والثقافة57“. كان الهدف أيضًا هو صياغة شعور بالهوية الوطنية بين الفلسطينيين وتعبئة التضامن الدولي. وكما كتبت خوري والسلطي: “إذا اغتُصبت المنازل، فإن سجل امتلاك منزل سيبقى حيًا في قصيدة وأغنية؛ وإذا أُبعدت الأرض عن الأنظار بسبب المسافة، فإن تصويرها سيحتفظ بوضوحه في أشكال لا تعد ولا تحصى58“.

وبهذه الروح، طُلبت تبرعات بالأعمال الفنية للمعرض من جميع أنحاء العالم. كانت الفكرة هي تصور متحف مستقبلي في الدولة الفلسطينية المستقبلية، حيث ستصبح أعمال التضامن هي اللبنات الأساسية للمؤسسة. على الرغم من توغل الدبابات الإسرائيلية في جنوب لبنان في عملية شملت حوالي خمسة وعشرين ألف جندي، افتُتح المعرض في 21 مارس 1978 بمساهمات من كلود لازار (فرنسا)، وغونتران غوانايس نيتو (البرازيل)، وبرونو كاروزو وباولو غانا (إيطاليا)، من بين آخرين59. وفي يونيو 1982، عندما بدأت إسرائيل غزوها الشامل للبنان لطرد منظمة التحرير الفلسطينية، دُمرت أرشيفات المنظمة – بما في ذلك وثائق ومخططات المتحف60.

كان الفنان التشيلي الشهير روبرتو ماتا، الذي ساهم في معرض منظمة التحرير الفلسطينية، قد تبرع لمشروع مماثل في تشيلي قبل بضع سنوات. هذا المشروع المسمى متحف التضامن بدأه الرئيس التشيلي سلفادور أليندي في عام 1972 – قبل عام من الانقلاب الذي دبرته الولايات المتحدة والذي أطاح بحكومته – ودعا الفنانين الأمميين إلى التبرع بأعمال لدعم “الطريق التشيلي نحو الاشتراكية”. أُجبرت العديد من الأعمال البالغ عددها 674 على النفي، وحُفظ بعضها في كوبا إلى جانب الفنانين والمثقفين والمناضلين اليساريين. في عام 1975، عاد المشروع للظهور باسم متحف المقاومة الدولي سلفادور أليندي، وهي شبكة متفرقة تعمل عبر أمريكا اللاتينية وأوروبا وآسيا وأفريقيا، قبل أن يعود إلى تشيلي في عام 1991 باسم متحف التضامن سلفادور أليندي61.

من فلسطين إلى تشيلي، تعد هذه المتاحف جزءا من الجهود الأممية العديدة التي لعبت دورًا أساسيًا في المقاومة الثقافية، والدفاع عن النضالات الاشتراكية والثورية وتخيل أمة مستقبلية لشعب حُرم من الدولة. إن النضال من أجل فلسطين حرة ليس نضال الفلسطينيين وحدهم؛ إنه جزء من نضال عالمي ضد الإمبريالية والاستعمار. وكما كتب كنفاني في “ثورة 1936-1939 في فلسطين”: “إن الإمبريالية هي بمثابة جسد بشع يتمدد فوق العالم، رأسه في شرق آسيا، وقلبه في الشرق الأوسط، ودورته الدموية تصل إلى إفريقيا وأمريكا اللاتينية، أينما ضربته توجعه وتخدم الثورة العالمية62.

إلغا (فلسطين وتشيلي)، فلسطين تُقاوِم، 2016. بإذن من يوتوبكس (Utopix).

يعتبر محمد بكري الإبادة الجماعية المستمرة في غزة هي الفصل الخامس من تسييسه. وبالرغم من أنها بُثت على الهواتف المحمولة وشاشات الحواسيب في جميع أنحاء العالم، يصر بكري “أن هذه ليست سينما”. بالنسبة له، “يجب أن تجعلك السينما تسأل وتفكر وتفهم وتستخلص نتيجة”. ويتأمل سؤالًا طرحه عليه أحد سكان مخيم اللاجئين في فيلمه الوثائقي “جنين، جنين”: “ماذا يمكن أن تفعل كاميرتك عندما لا يفعل العالم كله شيئًا لمساعدتي؟” وبالتفكير في اليوم، يقول: “نفس الشيء يحدث في غزة. ماذا يمكن أن تفعل الكاميرا للناس الجائعين؟ كاميرتي لا تستطيع أن تحضر لهم الخبز63“. هذا السؤال حول ما يمكن أن يفعله الفن في مواجهة مثل هذه الفظائع يواجه كل فنان وعامل في المجال الثقافي.

تتذكر واكيم من فرقة “ضربة شمس” تأثير الإبادة الجماعية على الفنانين الفلسطينيين: “تميزت الأشهر الأولى بصدمة تامة. لم يتمكن العديد من الفنانين من الغناء أو التحرك أو الإبداع”. لم يكن هذا بسبب القمع المتزايد فحسب – بل لم يعد الكثيرون يعرفون ما الذي يمكن أو يجب أن يفعله الفن. وتابعت المتحدثة: “كانت هناك قضية مستمرة حول دور الفن في زمن الإبادة الجماعية. هل من المناسب صنع الموسيقى على الإطلاق؟ إذا لم تكن الأغنية عن الحرب، فهل يجب مشاركتها64؟”. في ظل هذه الظروف، ما هي مسؤوليات الفنان، وما هي حدود الفن والثقافة، وكيف تبدو المقاومة الثقافية؟

تذكرنا كلمات بكري الرصينة، في هذا الفصل الخامس من التسييس، بأن الثقافة سلاح قوي وضروري للتحرير وتعبير متحدٍ عن الحياة نفسها. إنها تدعونا إلى مواصلة رفع راية التحرر الفلسطيني وأنسنة الشعب الفلسطيني ونضاله بكل أغنية، وكل لوحة، وكل فيلم، وكل رقصة، وكل قصيدة، وكل رواية، وكل سلاح ثقافي تحت تصرفنا – رغم كل شيء:

الثقافة هي الحياة. الثقافة هي الجذور، والتاريخ. الثقافة هي الإنسانية. إذا فقدنا الثقافة، فقدنا هويتنا. نفقد حياتنا. لا يوجد معنى بدون ثقافة. لا معنى للحياة بدون حب. الثقافة هي الحب. لن أسمح لهم بأن يأخذوا حبي من نفسي. ثقافتي. هذا هو قلبي. هؤلاء هم أهلي. هذه هي ذكرياتي. هذه هي طفولتي، عندما كنت أمشي بدون كهرباء وبدون ماء. الأغاني التي سمعتها. الطعام الذي أكلته. الهواء الذي استنشقته. الجبل الذي تسلقته. البحر الذي سبحت فيه. هذه هي ثقافتي، وجودي. لن يأخذ أحد ذلك مني. لذا سأستمر في صناعة الأفلام. رغم كل شيء65.

شينبي ج. (الولايات المتحدة)، العالم يقف مع فلسطين!، 2023. بإذن من يوتوبكس (Utopix) وفنانون ضد الفصل العنصري. 
  1. Alareer, ‘If I Must Die’. ↩︎
  2. Alareer, ‘Stories Make Us’. ↩︎
  3. UNRWA, ‘UNRWA Situation Report’. ↩︎
  4. Prashad, ‘Life Expectancy Falls in Gaza’. ↩︎
  5. UN Web TV, ‘Searching Gaza’s Missing’. ↩︎
  6. Prashad, ‘The Palestinian People Are Already Free’. ↩︎
  7. Kanafani, On Zionist Literature, 1. ↩︎
  8. Kanafani, On Zionist Literature, 4. ↩︎
  9. Kanafani, On Zionist Literature, 53. ↩︎
  10. Kanafani, On Zionist Literature, 83. ↩︎
  11. Kanafani, On Zionist Literature, 69. ↩︎
  12. Kanafani, On Zionist Literature, 69, 83, 84, 90, 99. ↩︎
  13. Kanafani, On Zionist Literature, 69, 91. ↩︎
  14. Law for Palestine and Al-Haq Investigates. ↩︎
  15. Law for Palestine. ↩︎
  16. See Adam Raz, Loot. ↩︎
  17. Hatuqa, ‘Israel’s “Great Book Robbery” Unravelled’. ↩︎
  18. Sheehan, ‘These Are the Poets and Writers’. ↩︎
  19. Chak, ‘War to Kill Our Hopes’. ↩︎
  20. Tricontinental, Dawn: Marxism and National Liberation. ↩︎
  21. Cabral, ‘National Liberation and Culture’, 6. ↩︎
  22. Cabral, ‘National Liberation and Culture’, 6. ↩︎
  23. Mao, ‘Talks at the Yan’an Forum’. ↩︎
  24. Kanafani, Resistance Literature, 9–10. ↩︎
  25. Kanafani, ‘Resistance Literature’, 69. ↩︎
  26. Halaby, Liberation Art, 45. ↩︎
  27. Halaby, Liberation Art, 54. ↩︎
  28. Halaby, Liberation Art, 32. ↩︎
  29. Darwish, Select Poems, 96. ↩︎
  30.  بكري، مقابلة. ↩︎
  31. Makhoul and Hon, The Origins of Palestinian Art, 10–11. ↩︎
  32. Pappé, Ethnic Cleansing, 226–229. ↩︎
  33. Said, The Question of Palestine, x, 42. ↩︎
  34. Kanafani, Resistance Literature, 19. ↩︎
  35. Kanafani, Resistance Literature, 22–25. ↩︎
  36.  بكري، مقابلة. ↩︎
  37. Kanafani, Resistance Literature, 74. ↩︎
  38. بكري، مقابلة. ↩︎
  39. Totry and Medzini, ‘The Use of Cartoons’, 25. ↩︎
  40. Khalidi, The Hundred Years’ War on Palestine, 107. ↩︎
  41. خليل، مقابلة. ↩︎
  42. Snir, ‘Palestinian Professional Theatre’, 11. ↩︎
  43. Snir, ‘Palestinian Professional Theatre’, 11. ↩︎
  44. خليل، مقابلة. ↩︎
  45. Founders of El-Hakawati Theatre’. ↩︎
  46.  شتا، مقابلة. ↩︎
  47. Mee, ‘The Cultural Intifada’, 174–175. ↩︎
  48. Mee, ‘The Cultural Intifada’, 168. ↩︎
  49. درويش، “في حضرة الغياب”، ص. 70. ↩︎
  50. اتفاقيات أوسلو كانت سلسلة من الاتفاقيات التي وُقعت بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في منتصف التسعينيات، وأنشأت السلطة الفلسطينية ومنحتها حُكمًا ذاتيًا محدودًا في أجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما احتفظت إسرائيل بسيطرة فعّالة على الحدود والمجال الجوي والتجارة الخارجية والتنقّل والأمن، وبالسيطرة الكاملة على أكثر من 60% من الضفة الغربية. وبالاقتران مع بروتوكول باريس، دمج هذا الإطار الاقتصاد الفلسطيني في النظام الجمركي والمالي الإسرائيلي. ↩︎
  51. حوا، مقابلة. ↩︎
  52. عساقلة، مقابلة. ↩︎
  53. واكيم، مقابلة. ↩︎
  54. كريغ وإسلام. لمشاهدة معرض البوسترات التي أنتجتها “فنانون ضد الفصل العنصري”، يمكنكم زيارة موقعهم الإلكتروني: https://againstapartheid.art/downloads. ↩︎
  55.  لتحميل البوسترات الخاصة بهم، يمكنكم زيارة موقعهم الالكتروني: https://utopix.cc/bitacora/eyes-on-palestine/. ↩︎
  56. كارمونا، مقابلة. ↩︎
  57. Khouri and Salti, Past Disquiet, 28. ↩︎
  58. Khouri and Salti, Past Disquiet, 30. ↩︎
  59. Khouri and Salti, Past Disquiet, 31. ↩︎
  60. Khouri and Salti, Past Disquiet, 34. ↩︎
  61. Khouri and Salti, Past Disquiet, 46. ↩︎
  62. مقدمة لفيلم “النهر البارد”. أورده س. مروان في مجلة الهدف، عدد 161، السنة الثالثة، 22 يوليو 1972، ص. 12. ↩︎
  63. بكري، مقابلة. ↩︎
  64. بكري، مقابلة. ↩︎
  65. بكري، مقابلة. ↩︎

بكري، محمد. مقابلة أجرتها تينغس تشاك عبر تطبيق «زووم»، في 31 تموز/يوليو 2025.

درويش، محمود. في حضرة الغياب. عمان، الأردن. الأهلية للنشر والتوزيع. ص. 70.

خليل، عامر. مقابلة أجرتها تينغس تشاك عبر تطبيق «زووم»، في 31 تموز/يوليو 2026.

شتا، مصطفى. مقابلة أجرتها تينغس تشاك عبر تطبيق «زووم»، في 29 تموز/يوليو 2025.

س، مروان. مجلة الهدف، عدد 161، السنة الثالثة، 22 يوليو 1972. ص. 12.

عساقلة، سامر. مقابلة أجرتها تينغس تشاك عبر تطبيق «زووم»، في 29 تموز/يوليو 2025.

كارمونا، ديفيد جاكوب. مقابلة أجرتها تينغس تشاك عبر البريد الإلكتروني، في 2 آب/أغسطس 2025.

كريغ، هانا، وتاهية إسلام. مقابلة أجرتها تينغس تشاك عبر البريد الإلكتروني، في 10 آب/أغسطس 2025.

حوا، كليم. مقابلة أجرتها تينغس تشاك عبر البريد الإلكتروني، في 10 آب/أغسطس 2025.

Alareer, Refaat. ‘If I Must Die’. Instagram, 14 October 2023. https://www.instagram.com/p/CyWiTgerMXT/ .

Alareer, Refaat. ‘Stories Make Us’. TEDxShujaiya. 15 November 2015. Video, 5.54 min. https://www.youtube.com/watch?v=YsbEjldJjOw

Al-Haq Investigates. ‘A Registry of Israeli Genocidal Statements on Gaza’. Al-Haq Investigates. Accessed 12 September 2025. https://www.alhaq.org/FAI-Unit/26257.html

Cabral, Amílcar. ‘National Liberation and Culture’. Eduardo Mondlane Memorial Lecture, 20 February 1970, Syracuse University, United States. 

Cabral, Amílcar. ‘Analysis of Different Types of Resistance’. In Unity and Struggle: Speeches and Writings, edited by Basil Davidson. New York: Monthly Review Press, 1979 [1969]. 

Chak, Tings. ‘They Started the War to Kill Our Hopes, but We Won’t Let That Happen’. Tricontinental: Institute for Social Research, 1 December 2024. https:// thetricontinental.org/triconart-bulletin-ibraheem-mohana/

Darwish, Mahmoud. Mahmoud Darwish: Select Poems, edited by Daoud Ya’qoub. Beirut: Al-Manhal, 2011. E

l-Hakawati Theatre. ‘Founders of El-Hakawati Theatre’. Accessed 12 August 2025. https://el-hakawati.org/el-hakawati/el-hakawati-history/founders-of-el-hakawati-theatre/ .

Halaby, Samia A. Liberation Art of Palestine: Palestinian Painting and Sculpture in the Second Half of the 20th Century. New York: H.T.T.B. Publications, 2001. 

Abu Hashhash, Arwa, quoted in ‘The Palestinian People Are Already Free: The Forty-Second Newsletter (2023)’. Tricontinental: Institute for Social Research, 19 October 2023. https://thetricontinental.org/newsletterissue/palestine-2/

Hatuqa, Dalia. ‘Israel’s “Great Book Robbery” Unravelled’. Al Jazeera, 29 January 2013. https://aje.io/el4k2

Kanafani, Ghassan. On Zionist Literature. Translated by Mahmoud Najib. Oxford: Ebb Books, 2022 [1967]. 

Kanafani, Ghassan. Resistance Literature in Occupied Palestine. Beirut: Dar al-Adab, 2013 [1968]. 

Kanafani, Ghassan. ‘Resistance Literature in Occupied Palestine’. Afro-Asian Writings, 1968: 65–79. 

Kanafani, Ghassan. The 1936-39 Revolt in Palestine. New York: Committee for a Democratic Palestine, 1980 [1972]. 

Kanafani, Ghassan. The Revolution of 1936–1939 in Palestine. New York: 1804 Books, 2023 [1972]. 

Khalidi, Rashid. The Hundred Years’ War on Palestine: A History of Settler-Colonial Conquest and Resistance, 1917–2017. New York: Metropolitan Books, Henry Holt and Company, 2020. 

Khouri, Kristine and Rasha Salti. Past Disquiet: Artists, International Solidarity and Museums in Exile. Warsaw: Museum of Modern Art in Warsaw, 2018.

Law for Palestine. ‘Law for Palestine Releases Database with 500+ Instances of Israeli Incitement to Genocide – Continuously Updated’. 4 January 2024. Accessed 18 August 2025: https://law4palestine.org/law-for-palestine-releases-database-with500-instances-of-israeli-incitement-to-genocide-continuously-updated/ .

Makhoul, Bashir and Gordon Hon. The Origins of Palestinian Art. Liverpool: Liverpool University Press, 2013. 

Mao, Zedong. ‘Talks at the Yan’an Forum on Literature and Art’. In Selected Works of Mao Tse-tung. Peking: Foreign Languages Press, 1967. https://www.marxists.org/reference/archive/mao/selected-works/volume-3/mswv3_08.htm

Mer-Khamis, Juliano, and Danniel Danniel, dirs. Arna’s Children. Israel: Trabelsi Productions, 2004. Film. 

Mee, Erin B. ‘The Cultural Intifada: Palestinian Theatre in the West Bank’. TDR/ T he Drama Review 56, no. 3 (2012): 167–77. http://www.jstor.org/stable/23262940

Mitwasi, Faten. Reflections on Palestinian Art: Art of Resistance or Aesthetics. Bethlehem: Diyar Publisher, 2015. 

Pappé, Ilan. The Ethnic Cleansing of Palestine. Oxford: Oneworld, 2006. 

Prashad, Vijay. ‘The Palestinian People Are Already Free: The Forty-Fourth Newsletter (2023)’. Tricontinental Institute for Social Research, 19 October 2023. https://thetricontinental.org/newsletterissue/palestine-2/

Prashad, Vijay. ‘The Life Expectancy of Palestinians Fell by 11.5 Years in the First T hree Months of the Genocide: The Fifth Newsletter (2025)’. Tricontinental Institute for Social Research, 30 January 2025. Accessed 18 August 2025. https:// thetricontinental.org/newsletterissue/life-expectancy-falls-in-gaza/

Said, Edward W. The Question of Palestine. New York: Vintage Books, 1992. 

Sheehan, Dan. ‘These Are the Poets and Writers Who Have Been Killed in Gaza’. Literary Hub, 21 December 2023. https://lithub.com/these-are-the-poets-and-writers-who-have-been-killed-in-gaza/ .

Snir, Reuven. ‘The Emergence of Palestinian Professional Theatre After 1967: al-Balalin’s Self-Referential Play al-[ayin]Atma (The Darkness)’. Theatre Survey 46, no. 1 (2005): 5–29. DOI:10.1017/S0040557405000025. 

Raz, Adam. Loot: How Israel Stole Palestinian Property. New York: Verso, 2024. Totry, Mary and Arnon Medzini. ‘The Use of Cartoons in Popular Protests That Focus on Geographic, Social, Economic, and Political Issues’. European Journal of Geography 4, no. 1 (2013): 22–35. 

Tricontinental: Institute for Social Research, Dawn: Marxism and National Liberation, 8 February 2021. Accessed 16 October 2025. https://thetricontinental.org/dossier-37-marxism-and-national-liberation/

United Nations Relief and Works Agency for Palestine Refugees in the Near East. ‘UNRWA Situation Report #193 on the Humanitarian Crisis in the Gaza Strip and the Occupied West Bank, Including East Jerusalem’. 13–19 October 2025. https://www.unrwa.org/resources/reports/unrwa-situation-repor-193-situation-gaza-strip-and-west-bank-including-east-jerusalem . United Nations Web TV. ‘Searching Gaza’s Missing under the Rubble’. 25 April 2025. https://webtv.un.org/en/asset/k18/k185yu5ul2 .

مشاركة المقال

Share on facebook
Share on twitter
Share on email

مقالات ذات صلة