[مداخلة]. طاحونة الحرب في السودان تواصل إجهاض الديمقراطية بسلاح ديكتاتوريات الجوار وتدفع البلاد إلى شفير المجاعة

مشاركة المقال

مدار: 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2024

نعمات كوكو (السودان)

أدلت المناضلة السودانية القيادية في الحزب الشيوعي السوداني، نعمات كوكو،  بهذه المداخلة في ندوة إعلامية خاصة نظمها “مدار” و”بيبلز ديسباتش” بتاريخ 18 تموز/ يوليو 2024، ونظرا لما تضمنته من تحليل وأفكار بالغة الأهمية، ننشرها لكل غرض مفيد.

تعيش السودان على وقع حرب مشتعلة منذ 15 أبريل/ نيسان 2023، خلفت عشرات آلاف القتلى والجرحى، بالإضافة إلى ملايين النازحين الذين أجبروا على مغادرة منازلهم ومدنهم وفي حالات كثيرة مغادرة البلاد بحثا عن ملجأ آمن يقيهم ويلات الحرب التي ضربت كل مناحي الحياة، بما في ذلك المرافق الصحية وأمور الحياة المعيشية اليومية.

هذا الوضع الكارثي الذي يعيشه السودان كان وراء تنظيم ندوة لتسليط الضوء على مجريات الأحداث، وما الذي تغير داخل البلاد ليجعل الوضع مستعصيا على الحل، ومن هذا المنطلق جاء الحديث مع الرفيقة نعمات كوكو، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني:

السودان بعد “الفترة الانتقالية”..

كل الشكر والتقدير لهذا التضامن مع الشعب السوداني ودعم خط الشيوعي السوداني في الداخل، وأحيي شهداء الثورة السودانية، كما أشكر الرفاق والرفيقات على هذا الاهتمام بالوضع في السودان.

لا بد في البداية أن أتحدث عن الوضع في السودان قبل الحرب وفي الفترة الانتقالية. كانت كل القوى الديمقراطية تعمل على ترتيب مسار الفترة الانتقالية وتنفيذ شعاراته، خاصة شعارات الثورة والسلام والحرية والعدالة، وفي هذا الإطار كانت مجهودات الحزب منصبة في اتجاه تكوين أكبر كتلة جماهيرية لحماية توجهات الثورة، لكن بالمقابل كنا نراقب بعين فاحصة وتحليل ماركسي ما يحدث في الساحة خلال الفترة الانتقالية، وبنهاية السنة الثانية من هذه الفترة اشتد الصراع الاجتماعي الطبقي، وكلما اشتد هذا الصراع إلا وتمايزت الصفوف، وبالتالي حدث هذا التباين وهذا الاختلاف داخل القوى الاجتماعية في السودان، بما في ذلك القوى التي كانت مصطفة حول شعارات الثورة.

للأسف الشديد هذا التباين والاصطفاف أدى إلى إضعاف مؤشرات تنفيذ شعارات الفترة الانتقالية، وأصبحت هناك بوادر لاصطفاف جديد، وهو الأمر الذي جعل الحزب الشيوعي يناقش في جميع دورات اللجنة المركزية بوادر هذا الاصطفاف الجديد للقوى المضادة للثورة من داخل قوى الثورة والتغيير نفسها. وكانت هذه المحاولات مرتبطة بالأساس بالمصالح الاقتصادية والاجتماعية، لأن القوى التي كانت خلف الثورة كانت من جميع الأحزاب السياسية ومن جميع الفئات الاجتماعية – نساء وشباب ولجان مقاومة وحركة عمالية وحركة مزارعين – ما عدا الإسلام السياسي والحركة الإسلامية بجميع توجهاتها ولافتاتها. لكن اشتداد الصراع الاجتماعي الطبقي جعل الفترة الانتقالية في محكات صعبة، ومع ذلك كان الحزب الشيوعي ينادي بضرورة وحدة صفوف القوى ذات المصلحة الحقيقية في التغيير لحماية شعارات الثورة واستمرار الفترة الانتقالية.

التدخل الخارجي واستمرار الأزمة..

كانت ملامح التدخل الخارجي والاستقطاب الإقليمي واضحة، خاصة تدخل الجمهورية المصرية. في دورة اللجنة المركزية للحزب في يناير 2022 كان واضحا للحزب تغول معسكر الانقضاض على الديمقراطية وعلى شعارات الثورة باصطفافات جديدة، ونبه الحزب إلى خطورة انتهاك جدار السيادة الوطنية، لأن هناك تدخلا سافرا في القرار الوطني، وخاصة القرار السياسي والاقتصادي، لأن الصراع الاجتماعي الطبقي بدأ يتمحور حول كيفية الاستحواذ على الموارد من خلال استخدام السلطة الموجودة. ونبه الحزب إلى أهمية أن يتفطن الجميع إلى هذه الانتهاكات، لكن في مقابل ذلك كانت المصالح الاجتماعية الطبقية مستمرة في التكتل أكثر، وتجاوزت كل الخطوط من خلال العمل على الضغط على رئيس الوزراء لحل الحكومة الانتقالية الأولى وتشكيل حكومة انتقالية ثانية بشكل غير دستوري، لأن الدستور يتحدث عن حكومة انتقالية طيلة الفترة الانتقالية وتكون من كفاءات علمية ومهنية.

لكن هذا الضغط من أجل الوصول إلى السلطة واستخدام ذلك في ما بعد للاستحواذ على الموارد خدمة لهؤلاء المستقطبين الإقليميين، وعلى رأسهم مصر التي لديها مصالح اقتصادية معروفة في السودان، لينضاف إليها فاعل جديد هو دولة الإمارات، لأن لها مصالح في ما يخص الأراضي. وقد تحدث الحزب الشيوعي من قبل حول هذا الصراع حول الأراضي، وأكد أن هذه الأراضي هي مورد أساسي للشعب السوداني ولا يمكن لأي قوة أن تتصرف فيها دون التشاور مع أصحابها. إن أساس النزاع في السودان هو الصراع حول الأرض.

في الحقيقة ملامح الحرب كانت أكثر وضوحا في ظل هذا الاستقطاب السياسي الاقتصادي، وبالتالي يصبح استخدام الحرب والسلاح لمزيد من الاستحواذ على القوة والوصول إلى السلطة، وهذا ما يفسر الصراع ما بين هذين الجنرالين، إذ إنه ليس صراعا عسكريا خالصا بين قوات نظامية وميليشيات خارجية، بل هو صراع بين قوتين رضختا لاستقطابات إقليمية وعندهما أجنداتهما السياسية، والقوى الاجتماعية التي تعتمدان عليها، سواء كانت الإمارات أو مصر. ومن هنا اشتدت الصراع العسكري في السودان، وسيقضي على الأخضر واليابس مثلما قال الطرفان، إذ أصبح كل طرف يهدد الآخر ويستنفر القوى الاجتماعية التي يعتمد عليها.

في تلك اللحظة ظهر الإسلام السياسي في الساحة، وبدأ ينشط وينظم مواكبه ومطالبه بالضغط على المؤسسة العسكرية، على اعتبار أنه لم يتم تفكيكه وقياداته من داخل هذه المؤسسة. وفي المقابل بدأت قوى الميليشيات (الجنجويد) الاصطفاف مرة أخرى مع قوى اجتماعية لها مصلحة في استمرار المرحلة الانتقالية، وخاصة بعد توقيع اتفاقية جوبا التي أعطت القوات المسلحة بعض الحقوق، وتم عن طريقها تغيير الأساس في الوثيقة الدستورية التي وضعت في 2019. هذا يؤكد تماما أن الصراع السياسي الاجتماعي الطبقي في السودان بدأ يشتد من خلال المسارات الاقتصادية والاجتماعية والتفكير العملي في استخدام السلاح من أجل حسم الصراع، لأنه في تلك اللحظة كانت لدى القوتين قوى اجتماعية خاصة بهما، ولا بد أن يصفي أحدهما الآخر لكي يستفرد بالسلطة وبقوى الثورة والتغيير الحقيقية في الساحة التي لا تمتلك إلا النضال السلمي.

المؤسف أن بعض قوى الثورة والتغيير بدأت الاصطفاف، بل بدأت تخريب القاعدة الأساسية للثورة، وهي لجان المقاومة والعمل النسائي والعمل الشبابي واستخدام الإعلام بكثافة. هذا الصراع واستخدام القوى العسكرية والاجتماعية والاقتصادية من القوى المضادة للتغير والديمقراطية كان بمثابة مؤشر واضح على أن الفترة الانتقالية مهددة. للأسف أن الحكومة الانتقالية الأولى والثانية لم تستند إلى جماهير الثورة لحماية شرعيتها، ونحن نعلم تماما كسودانيين أن هناك دولا من حولنا، سواء كانت عربية أو إفريقية، ليست لها مصلحة في قيام نظام وطني ديمقراطي في السودان يتيح الفرصة لنهوض جماهيري لرسم مشهد سياسي في المنطقة. ومن هنا جاء التدخل المصري السافر بدعم واستقبال قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة وتحريضه على استعمال القوة من أجل تغيير موازين القوة في الساحة، في وقت لجأ الطرف الآخر إلى دولة الإمارات العربية وبعض الدول الإفريقية من حولنا من أجل دعمه وإمداده بالسلاح.

سبل مجابهة الوضع الحالي

إن السلاح الموجود في السودان هو فوق قدرة الجيش السوداني، وفوق قدرة حتى هذه الميليشيا التي فتحت الحدود الغربية بعلم جميع الدول الإفريقية وبعلم الاتحاد الإفريقي، وبذلك تدفق المرتزقة من خلال الدول من حولنا، سواء من تشاد أو النيجر أو مالي، علما أن خطورة هذه القوات تتمثل في كونها بقايا الإسلام السياسي المتطرف، القوى الإرهابية التي كانت موجودة في السودان أصلا. والملاحظ في هذه النقطة أن المصريين كانوا ضد هذا التدخل من قبل المليشيات الإرهابية المتطرفة، لكن دافعهم كان أن يحوزوا السلطة العسكرية في السودان، لأنه ليست لديهم مصلحة حقيقية ويخشون تماما قيام نظام ديمقراطي في البلاد.

 هذه كانت الملامح واضحة بالنسبة لنا في الحزب الشيوعي السوداني، وكانت مرصودة، فيما كان العامل الجماهيري مستمرا في سبيل حماية الفترة الانتقالية وحماية الثورة، لأننا كنا نعلم تماما أنه من دون الجماهير لا يمكن حماية الفترة الانتقالية وحماية الثورة. ومن هنا ابتعد الحزب عن كل الصراعات حول السلطة وابتعد عن دعم الحكومة الانتقالية. نقولها بكل صراحة: رفضنا الحكومة الانتقالية الثانية ورفضنا البرنامج الاقتصادي للحكومة الانتقالية الأولى لأنه كان لا يتسق ومشروع التغيير الاقتصادي في السودان في حده الأدنى الذي توافقت عليه كل قوى الثورة والتغيير، بما فيها الأحزاب السياسية الأخرى ضمن البرنامج الاقتصادي، الذي تركه رئيس الوزراء جانبا وبدأ ترتيب المشهد الاقتصادي من أجل أن يرتبط السودان وسوق السودان بالسوق الرأسمالية العالمية. وكانت هناك قوتان ضد هذا التيار، الشعب السوداني وقوته الثورية والجماهيرية وفي الوقت ذاته الرأسمالية الطفيلية التي عمرت في السودان حوالي 30 عاما بعد أن زرعها وبناها الإسلام السياسي.

من هنا كانت مجهودات الحزب وخطه الواضح في أن هذا الصراع هو حول السلطة والموارد الاقتصادية والبرنامج الاقتصادي والاجتماعي للفترة الانتقالية، وهو الأمر الذي جعلنا نرفض جميع هذه السياسيات حتى من داخل الحكومة الانتقالية، ونرفض مشروع الدكتور عبد الله حمدوك الاقتصادي.

هناك أيضا نقطة أخرى تتمثل في ضرورة فتح المجال للصعود والنهوض الجماهيري، الذي يعتبر السلاح الوحيد لحماية الثورة، وهو ما بدأ الحزب الانخراط فيه بشكل كبير من خلال استعادة النقابات واستعادة الحركة العمالية مواقعها وتنظيم المزارعين من أجل الدفاع عن أرضهم، وهو الأمر الذي أطلق معركة الموانئ شرق السودان، ومعركة الدفاع عن مشروع الجزيرة كأكبر مشروع في المنطقة الإفريقية والعربية. هذه التحركات أزعجت القوى المضادة للثورة والدول من حولنا، ومن هنا قامت الحرب؛ حرب نعلم تماما أن جذورها الأساسية هي الصراع على السلطة والاستحواذ على الموارد ورهن السودان كدولة ذات موارد كاملة – أراضي، معادن، مياه – بيد دول أخرى.

الوضع الإنساني المخيف وإمكانية تجاوزه..

استمر نهب الموارد على مرأى ومسمع من الحكومة الانتقالية، وكان لا بد للعسكر أن يحسم هذه المعركة، التي تم حسمها بدخول الطرفين في هذه الحرب الكارثية على الشعب السوداني وعلى الوطن وعلى مستقبل البلاد، التي تهدد بأن لا تكون هناك دولة اسمها السودان في الخريطة المنطقة العربية والإفريقية. هذا الأمر أدى إلى ظهور شبح تقسيم السودان، وهو الأمر الوارد حسب الموارد الاقتصادية. وللعلم هذا هو المشروع الاقتصادي للحكومة الانتقالية بقيادة الدكتور حمدوك، إذ قام بتقسيم السودان إلى خمسة قطاعات اقتصادية تنموية في إطار النمو الاقتصادي بدل التنمية الاقتصادية التي تزيح عن كاهل الشعب السوداني تبعات 30 عاما من الفقر والجوع والقهر والذل. لكن الحكومة الانتقالية اختارت مزيدا من ربط السودان عبر إمكانياته وموارده بالسوق الرأسمالية. هذا المشهد أنتج هذه الحرب الكارثية، هذا المشهد الاجتماعي الطبقي هو الذي وضعنا في هذه المرحلة الحرجة.

النقطة الأولى هي أن الوضع الحالي كارثي ومأساوي وفوق تصور الشعب السوداني قبل أن يكون فوق تصور المنظمات الدولية والأمم المتحدة من حولنا، لأن التقارير الأخيرة تتحدث عن أن السودان أكبر منطقة للنزوح الداخلي. السودان خرج منه خلال أقل من سنتين أزيد من 2 مليون لاجئ، من بينهم مهنيون ونساء وأطفال تشتتوا في ملاجئ لا توصف.

النقطة الثانية أن دولة مثل السودان، دولة زراعية ذات موارد متكاملة للتنمية، لا يعقل أن يكون فيها أكثر من نصف السكان تحت رحمة المجاعة. الشعب السوداني يواجه المجاعة تماما، في حين لا تستطيع الدولة أن تعلن المجاعة، وهو حال المنظمات الدولية كذلك. لكن كل المؤشرات تؤكد أن حوالي 25 مليون سوداني هم تحت الخط الحرج للأمن الغذائي في دولة زراعية مثل السودان.

للأسف الشديد أشير إلى أن هيئة المحامين في دارفور قبل ستة أشهر أعلنت أن دارفور بكاملها منطقة مجاعة، لكن وزير المالية تحدث عن فجوة غذائية. الحكومة رفضت الاعتراف بأن هناك مجاعة، والمنظمات الدولية لم تعلن دارفور منطقة مجاعة. كان الممكن أن يتم تقديم العون الإنساني ولو من خلال الطائرات داخل معسكرات النازحين في دارفور، وهو ما تسبب في أنه على كل رأس ساعة يموت طفلان في السودان. أغلق المجتمع الدولي أعينه عن هذه الكارثة الإنسانية لتوازنات سياسية إقليمية عالمية، ولفشل المنظمات العالمية الحقوقية الإنسانية في أن تخترق هذا الملف وأن تفرض على الحكومة الأمر الواقع. هذه الحكومة التي لا يهمها حقيقة أي من هذه الإشكالات، لأننا نعلم تماما الطبيعة العسكرية وطبيعة الحركة الإسلامية في السودان. هذا الإسلام السياسي الذي قال أحد قياداته (الإخوان المسلمون) إنه من الأفضل موت ثلثي الشعب السوداني وبقاء الثلث لحكمه. ويكفي أن القائد العسكري ياسر العطا يتحدث عن 100 عام من القتال من أجل أن تحكم المنظومة العسكرية بقواها الاجتماعية المكونة من الإسلام السياسي.

ما هي رؤية الحزب الشيوعي السوداني؟

ما نطالب به في الحزب الشيوعي السوداني، وخطنا وخطابنا السياسي واضح، هو أن يعلن المجتمع الدولي أن السودان منطقة كوارث ومجاعة، سواء رضيت الحكومة أو لم ترضى. وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في ذلك. ثانيا العمل على فرض المسارات الآمنة لإدخال المعونات الإنسانية. ثالثا إيقاف هذه الحرب حتى يستعيد الشعب السوداني قراره الوطني. نريد أن نستعيد قرارنا الوطني وأن نرسم المشهد السياسي بقوانا الاجتماعية التي بدأت النهوض، سواء كانت في النقابات أو الحركات النسائية أو لجان المقاومة أو حتى في لجان الطوارئ التي انتشرت في جميع أنحاء السودان لحماية النسيج الاجتماعي وإنقاذ الموقف الإنساني. رابعا يرى الحزب الشيوعي السوداني أنه لا بديل لهذه الحرب إلا من خلال النهوض الجماهيري والإرادة الجماهيرية للشعب السوداني في أن يرسم طريقه لاستعادة مسار الثورة والمسار الديمقراطي.

هذا ويرفض الحزب رفضا تاما هذه المؤتمرات التي تقام من عاصمة إلى أخرى وكلها قائمة على الاستقطابات الإقليمية. لا يمكن للحركة السياسية والمدنية في السودان أن تكون أجندتها مرحلة بين أديس أبابا والقاهرة وجنيف وباريس، وعلينا أن نتعظ من التجارب التي حولنا، سواء في سوريا أو ليبيا أو اليمن أو العراق. هذا ما أدى إلى انقسامات داخلية، والطرفان ليست لهما مصلحة في وحدة السودان أرضا وشعبا؛ وهذا هو الشعار الأساسي للحزب الشيوعي السوداني: لا يمكن التنازل عن وحدة السودان أرضا وشعبا، مع مراجعة كافة القرارات العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية انطلاقا من إرادة الشعب السوداني.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة