مدار: 18 تموز/ يوليوز 2020
ترزح لبنان تحت وطأة أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية شاملة، أوصلت البلاد إلى سكتة قلبية شلت عموم مناحي الحياة، وفي المقابل تتصاعد وتيرة الاحتجاجات ضد السلطة الحاكمة والأوضاع المزرية.
وتحركت الحكومة اللبنانية في اتجاه إقرار برنامج وصفته بـ”الإنقاذي”، مدعية أنه “أول وثيقة من نوعها تصارح اللبنانيين بشكل مباشر وشفّاف حول حقيقة الفجوة المالية”. واعتبر الحزب الشيوعي اللبناني أن “الحكومة التي جاءت من داخل المنظومة الحاكمة ومن دون صلاحيات استثنائية ــ بل تشريعية ــ تبقى في المطاف الأخير الإبنة الشرعية للنظام السياسي الطائفي القائم الذي يتحمّل مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي غير المسبوق، الذي ينبغي أن يحتلّ تفكيكه صدارة الأولويات”.
وصرح الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، لإذاعة صوت الشعب، يوم أمس 17 تموز/يوليوز 2020، بأن النظام السياسي القائم في لبنان يعجز عن إعادة إنتاج نفسه، وبأنه هناك نظام جديد يجب أن يولد لتجاوز الأزمة العميقة التي تعيشها لبنان، وأضاف: “الجديد الذي نتحدث عنه من المفترض أنه مازال يتبلور، نحن في صلب هذا الصراع، حيث هناك نموذج ينهار ولدينا بديل جديد لم يولد حتى الآن.. ونحن بهذا الوضع الآن”. في إشارة منه إلى وضعية الانتفاضة اللبنانية في المرحلة الراهنة.
وأكد الحزب الشيوعي اللبناني، في بيان أصدره سابقا (13 أيار/ ماي 2020)، أن “السلطة السياسية الحاكمة والمتنفذة باتت مكشوفة بفسادها وعاجزة عن تجديد سلطتها، وهو يتمسّك بوجوب محاسبتها عبر تثوير الانتفاضة وتعبئة كل أطياف الحركة الشعبية وقوى الانتفاضة عبر أوسع ائتلاف سياسي وطني من أجل تغيير موازين القوى لفرض انتقال سلمي للسلطة وبناء الدولة العلمانية المدنية والديمقراطية، التي تؤمّن مصالح الشعب وتحقّق تطلعاته المشروعة نحو التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والتحرّر من الطائفية”.
ويعتبر الحزب الشيوعي اللبناني أن الخروج من الأزمة، التي تعيشها لبنان، يقتضي التغيير السياسي وبناء الدولة العلمانية، انطلاقا من إقرار قانون انتخابات نيابية يعتمد النسبية على أساس لبنان دائرة واحدة وخارج القيد الطائفي؛ وإجراء انتخابات نيابية مبكرة تعيد تشكيل السلطة السياسية. كما دعا الحزب إلى استحداث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع الطوائف وتختصر صلاحياته في القضايا المصيرية؛ بالإضافة إلى إحداث قانون جديد للأحوال الشخصية ووضع قانون جديد للأحزاب.
وأكد الحزب في “مشروع البرنامج السياسي والاقتصادي-الاجتماعي حول الانتفاضة والمرحلة الانتقالية”، الذي أصدره بداية السنة الجارية، أن الخروج من الأزمة يقتضي أيضا محاربة الفساد باعتباره كامنا في نظام المحاصصة الطائفية والصناديق المتفرعة عنه، وطالب بإسقاطها واستعادة الأموال العامة المنهوبة.
وطالب الشيوعي اللبناني برفع الضريبة على شركات الأموال إلى 30 بالمائة، ووضع ضريبة تصاعدية على الفوائد المصرفية، وفرض ضريبة على الثروة الصافية للأفراد فوق المليون دولار بقيمة 2 بالمائة.
أما بخصوص سياسات المصرف المركزي الذي يحمله المنتفضون جزءا من مسؤولية الأوضاع التي تعيشها لبنان، فدعا الحزب الشيوعي اللبناني إلى إقالة حاكم مصرف لبنان، وطالب بالشفافية وإلزام هذه المؤسسة بنشر الحسابات النظامية المفصلة لأرباحها وخسائرها للإحاطة بانعكاساتها على الحجم الحقيقي للدين العام، كما طالب باسترداد دور الدولة في جميع القطاعات الأساسية العامة.
واندلعت انتفاضة عارمة بلبنان منذ 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، أدت إلى فرز واقع سياسي جديد. ونزل إلى الشارع مئات الآلاف من المواطنين من كل المناطق والانتماءات للمطالبة بتغيير شامل للنظام الطائفي والريعي، والاحتجاج ضد إفقار اللبنانيين وتهجير الشباب والبطالة والتهميش.
وتعرف لبنان تضخما في ثروة الطبقات الغنية، التي تستحوذ على ما يناهز نصف الثروة الوطنية البنانية، في حين تراجعت مداخيل الطبقة العاملة وانهارت الطبقة الوسطى، مع تدهور الخدمات العامة والكهرباء والماء والنقل العام وطرق الاتصالات وغيرها؛ وانهيار شامل لليرة اللبنانية.