عبد الحميد أمين: الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب
مدار: 07 تشرين الأول/ أكتوبر 2020
نحن في الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب، المشكّلة من تنظيمات تقدمية، سياسية ونقابية وحقوقية وشباببية ونسائية وثقافية وجمعوية أخرى، نسعى منذ تشكيل الشبكة، قبل حوالي 10 سنوات، مع انطلاق الثورة الشعبية في تونس ومصر، إلى تعزيز روح التضامن مع سائر شعوب العالم في نضالها من أجل حقها في تقرير المصير السياسي والاقتصادي والثقافي؛ [وهو المعترف به في المادة الأولى لكل من العهدين الدوليين حول الحقوق السياسية والمدنية وحول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية].
ونحن ندرك جيدا أن الإمبريالية العالمية ومختلف أدواتها، من صهيونية وقوى رجعية وعنصرية وفاشية، هي العدو اللدود لحقوق الإنسان ولحقوق الشعوب، والعرقلة الأساسية أمام تطلعها للتحرر الوطني والبناء الديمقراطي والتخلص من الاستغلال الرأسمالي المتوحش والسير نحو الاشتراكية.
وكان من الطبيعي كشبكة مغربية أن نركز اهتمامنا أكثر على التضامن مع شعوب المنطقة العربية والمغاربية، باعتبار انتماء بلادنا إلى هذه المنطقة، وباعتبار كذلك أن الإمبريالية الحديثة، كأعلى مراحل التطور الرأسمالي، ومنذ حوالي قرنين من الزمن، وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى، ما فتئت تركز جبروتها على هذه المنطقة، باعتبار:
أولا، الموقع الإستراتيجي جغرافيا للمنطقة العربية والمغاربية، بدءا بالقرب من أوروبا، مركز ترعرع الإمبريالية الحديثة، وكملتقى للقارات الثلاث.
ثانيا، المنطقة تزخر بالعديد من الخيرات الطبيعية وخاصة الموارد النفطية والغازية، التي تشكل إلى حد الآن المصدر الأول للطاقة عبر العالم.
ثالثا، الخطر السياسي والاقتصادي الذي تشكله المنطقة بالنسبة للإمبريالية في حالة تشكلها كوحدة سياسية واقتصادية منافسة للغرب الإمبريالي.
لهذه الأسباب الرئيسية وغيرها سعت الإمبريالية الغربية إلى إحكام قبضتها على المنطقة بمختلف الوسائل، أبرزها:
أولا، الاستعمار المباشر من طرف الدول الإمبريالية (فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، إسبانيا) التي نزلت بثقلها العسكري والإداري والاقتصادي والثقافي لاستعباد شعوب المنطقة طيلة قرن ونصف، من مطلع القرن 19 إلى منتصف القرن العشرين.
ثانيا، زرع الكيان الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني، ابتداء من وعد بلفور المشؤوم في 02 نونبر/ تشرين الثاني 1917 إلى صفقة القرن الحالية، مرورا بتأسيس هذا الكيان الصهيوني اللقيط منذ 1948، بمباركة الأمم المتحدة؛ وقد تم دعمه بجميع الوسائل العسكرية الفتاكة، بما فيها السلاح النووي، والاقتصادية والسياسية، لتشكل الأداة الضاربة الأساسية لأي طموح لشعوب المنطقة نحو التحرر والديمقراطية والنماء الاقتصادي والوحدة.
ثالثا، زرع القواعد العسكرية على امتداد المنطقة، وخاصة في الشرق الأوسط، وتطويقها بالأساطيل العسكرية، وخاصة الأسطول السادس في البحر الأبيض المتوسط والخامس في الخليج. كل هذا مع إدخال دول المنطقة في أحلاف مع الإمبريالية لخدمة مصالحها.
رابعا، شن الحروب على بلدان المنطقة لتكسير طموحها نحو التخلص من الهيمنة الإمبريالية، والاستعمار الصهيوني: العدوان الثلاثي على مصر في 1956، الحرب العدوانية الصهيونية لـ 05 يونيه/ حزيران 1967، الحربان ضد العراق في 1991 و 2003، العدوان العسكري لحلف الناتو ضد ليبيا في 2011، الحرب بالوكالة على اليمن منذ مارس/ آذار 2015، الدعم العسكري للمجموعات الإرهابية بسوريا لتفكيك وحدتها، الحروب الصهيونية ضد لبنان وغزة.
خامسا، تشجيع المجموعات الإرهابية، بل ورعايتها لدفعها نحو تفتيت وحدة الدول المغضوب عليها، وإشغال دول أخرى بقضايا محاربة الإرهاب وما يرافقها من تقوية للاستبداد. إن الإمبريالية الأمريكية أصبحت اليوم أكبر راعية للإرهاب الداعشي وأمثاله، وعندما تتشدق بمحاربة الإرهاب فذلك فقط لأنها تعادي مقاومة الإمبريالية والصهيونية، باعتبارها أن المقاومة من أجل التحرر الوطني تساوي الإرهاب !!.
سادسا، دعم الأنظمة السياسية الاستبدادية والفاسدة بالمنطقة، من المغرب إلى البحرين، والتصدي لطموح شعوب المنطقة إلى إقرار الديمقراطية وحقوق الإنسان، مع دفع هذه الأنظمة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، كما وقع مع مصر والأردن والإمارات والبحرين والبقية آتية.
سابعا، النهب الاقتصادي عبر الاستحواذ على الثروات الطبيعية، خاصة النفط والغاز، والاستغلال الاقتصادي المباشر من خلال الشركات متعددة الاستيطان، ومن خلال التبادل التجاري غير المتكافئ، وإغراق دول المنطقة في المديونية وفي نزيف تأدية خدماتها دون انقطاع.
ثامنا، الهيمنة الثقافية من خلال نشر الثقافة الغربية الرجعية المعادية للقيم التحررية ولحقوق الإنسان، التي كان الغرب في فترة معينة ينادي باحترامها، فأصبح يتجاهلها، بل يعاديها في كثير من الأحيان.
تلك هي أهم الأدوات التي تشتغل بها الإمبريالية لتأبيد هيمنتها. وقد نضيف إلى ذلك مسألة في غاية الأهمية، هي مهارة الإمبريالية وخدامها، بكل ما لهم من خبرة وإمكانيات، في تشجيع وبث التفرقة وسط القوى المعادية للإمبريالية والصهيونية والرجعية.
لذا علينا كقوى يسارية ووطنية معادية للإمبريالية والصهيونية والرجعية العميلة توحيد صفوفنا في إطار جبهة موحدة على مستوى المنطقة لمواجهة هذا الثالوث اللعين، بل علينا أكثر من ذلك توحيد كافة القوى المناهضة للإمبريالية وتوابعها عبر العالم للسير نحو عالم يسوده السلم والازدهار والأخوة بين البشر، عالم يريح الإنسانية من جبروت الإمبريالية والرأسمالية المتوحشة.