جوليان أسانج يسترجع حريته

مشاركة المقال

مدار + وكالات: 25 حزيران/ يونيو 2024

أُطلق سراح جوليان أسانج من السجن في بريطانيا ومن المقرر بأن يمثل أمام محكمة للمرة الأخيرة بعدما توصل إلى اتفاق تاريخي مع سلطات الولايات المتحدة أقر فيه بذنبه ليطوي صفحة مسلسل قانوني استمر سنوات طويلة.

وأعلن موقع ويكيليكس الذي أسّسه أنه تم إطلاق سراح جوليان أسانج بكفالة من السجن في لندن حيث بقي موقوفا خمس سنوات وهو يحاول مقاومة تسليمه إلى الولايات المتحدة التي سعت لملاحقته قانونيا بتهمة الكشف عن أسرار عسكرية.

وغادر لندن الاثنين متوجّها إلى جزر ماريانا الشمالية في المحيط الهادئ التابعة للولايات المتحدة حيث سيقر بتهمة واحدة هي التآمر للحصول على معلومات تتعلق بالدفاع الوطني ونشرها، وفق وثيقة للمحكمة.

وهبطت طائرة مستأجرة تقل أسانج (52 عاما) في بانكوك للتزوّد بالوقود قرابة الساعة 12,30 (05,30 ت غ) الثلاثاء.

ومن المقرر أن تتوجّه من هناك إلى سايبان، عاصمة جزر ماريانا الشمالية حيث سيمثل أسانج أمام محكمة صباح الأربعاء.

ويتوقّع بأن يُحكم عليه بالسجن مدة خمس سنوات وشهرين، وهي فترة تعادل تلك التي قضاها خلف القضبان في بريطانيا.

وأكّدت زوجته ستيلا أنه سيكون “حرا” بعد توقيع القاضي الأميركي على صفقة الإقرار بالذنب، فيما وجّهت الشكر لأنصاره الذين دافعوا عن إطلاق سراحه على مدى سنوات.

اختيرت المحكمة الواقعة في جزر ماريانا الشمالية نظرا إلى عدم رغبة أسانج في التوجّه إلى الولايات المتحدة القاريّة وبسبب قربها من بلده أستراليا، وفق وثيقة للمحكمة.

وبموجب الاتفاق، سيعود إلى وطنه أستراليا.

وبمناسبة هذا الحدث، قال موقع “ويكليكس” على منصة “إكس”، “بعد أكثر من خمس سنوات قضاها أسانج في زنزانة مساحتها 2 × 3 أمتار، معزولاً 23 ساعة يومياً، سيلتقي قريباً بزوجته ستيلا أسانج وأطفالهما الذين لم يعرفوا والدهم إلا من وراء القضبان”، وزاد: “نشر موقع ويكيليكس قصصاً رائدة عن الفساد الحكومي وانتهاكات حقوق الإنسان، محملاً الأقوياء مسؤولية أفعالهم. وبصفته رئيس التحرير، دفع جوليان ثمناً باهظاً من أجل هذه المبادئ، ومن أجل حق الناس في المعرفة”.

“مع عودته إلى أستراليا، نشكر كل من وقف إلى جانبنا، وناضل من أجلنا، وظل ملتزمًا تمامًا في الكفاح من أجل حريته”، تقول المنصة الإعلامية الذائعة الصيت.

-“حق الجمهور في المعرفة”-

وكان “مدار” نشر البرقية الحمراء رقم 13، الصادر عن معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي، تستعرض خلفيات المحنة التي يتعرض لها جوليان أسانج وهو صحفي وناشر أسترالي، شارك في تأسيس “ويكيليكس” سنة 2006، والذي تم إنشاؤه من أجل نشر الوثائق التي يتم تسريبها من قبل مسؤولين في حكومات وشركات، ولكن في نفس الوقت يرغب هؤلاء المسؤولون أن لا يتم كشف هوياتهم.

استلهمت “ويكيليكس” أسلوب اشتغالها من قيام دانييل إلسبرغ سنة 1971 بتسريب أوراق تخص البنتاغون، وهي وثائق داخلية للحكومة الأمريكية أظهرت تلاعبا وخداعا في ما يخص مجريات الحرب في فيتنام.

خلال الفترة ما بين 2006 و2009، قام موقع “ويكيليكس” بنشر سلسلة من الوثائق المهمة، تضمنت معلومات حساسة، مثل قائمة أعضاء الحزب الوطني البريطاني الفاشي (2008) وفضيحة “بتروغيت” حول فساد في قطاع النفط في البيرو (2009)، وتقرير عن الهجوم السيبراني الأمريكي-الإسرائيلي على منشآت الطاقة النووية الإيرانية (2009).

سنة 2013، وصف الاتحاد الدولي للصحفيين “ويكيليكس” بـ”سلالة جديدة من المؤسسات الإعلامية القائمة على حق الجمهور في المعرفة”.

في 2010، وفي الفترة التي كانت تشيلسي مانينغ، محللة استخبارات الجيش الأمريكي، متواجدة في العراق، قامت بتنزيل مئات الآلاف من المستندات بما في ذلك مقاطع فيديو من خوادم الحكومة الأمريكية، وقامت بإرسالها إلى “ويكيليكس” مع إرفاقها بملاحظة تقول: “ربما تكون هذه المستندات واحدة من أكثر الوثائق أهمية في عصرنا، وتهدف إلى تسليط الضوء على الحرب والكشف عن الطبيعة الحقيقية للحرب غير المتكافئة في القرن الواحد والعشرين”.

وفي نونبر/ تشرين الثاني من السنة نفسها، تعاون “ويكيليكس ” مع مجموعة من الصحف الكبرى (دير شبيغل، إل باييس، ذي غارديان، لوموند، نيويورك تايمز) من أجل نشر الوثائق الدبلوماسية (كابل غيت) والتي كانت من ضمن الوثائق التي أرسلتها مانينغ، كما قام الموقع أيضا بنشر سجلات تخص حرب العراق ومذكرات الحرب الأفغانية والتي تضمنت مواد تشير إلى ارتكاب الولايات المتحدة جرائم حرب في كلا البلدين.

ومن ضمن هذه الوثائق كان هناك فيديو سري تعود أحداثه إلى عام 2007، يوثق قيام القوات الأمريكية بقتل مدنيين، بما في ذلك موظفو وكالة “رويترز” للأنباء، وكان لهذا الفيديو تأثير هائل على الرأي العام حول طبيعة الحرب الأمريكية.

في نونبر/ تشرين الثاني، وبعد هذه التسريبات، أعلن المدعي العام الأمريكي إريك هولدر، أن مكتبه فتح “تحقيقا جنائيا مستمرا” ضد “ويكيليكس”.

إيداع جوليان أسانج في سجن بيلمارش شديد الحراسة

مع حلول الأول من ديسمبر/ كانون الأول 2010، دعا كبار السياسيين الأمريكيين في حكومة الولايات المتحدة إلى محاكمة أسانج بموجب قانون التجسس (1917)؛ وكانت ادعاءات الاعتداء الجنسي في السويد حلقة في سلسلة طويلة من المتابعات القانونية، وبالرغم من ذلك كان أسانج مستعدا للعودة إلى السويد من أجل مواجهة هذه الادعاءات، شريطة أن تقدم له ضمانات بعدم تسليمه إلى الولايات المتحدة، حيث يمكن أن يواجه هناك عقوبة السجن مدى الحياة بتهم التجسس، لكن السويد ونظرا للعلاقات الوثيقة التي تربطها بالولايات المتحدة، رفضت تقديم هذا الالتزام.

سنة 2012، حصل أسانج على حق اللجوء في سفارة الإكوادور في لندن، لكن وبعد سبع سنين، ومع حلول أبريل/ نيسان 2019 قامت الحكومة الإكوادورية – مقابل ما اعتبر صفقة تفضيلية مع صندوق النقد الدولي – بتسليم أسانج إلى السلطات البريطانية، ليتم بعد ذلك نقله إلى سجن بيلمارش شديد الحراسة في انتظار الانتهاء من الإجراءات القانونية ليس من أجل تسليمه إلى السويد، التي أسقطت تحقيقها، وإنما إلى الولايات المتحدة.

وجهت الحكومة الأمريكية لأسانج 18 تهمة متعلقة بالحصول على وثائق سرية ونشرها، مما قد يؤدي به إلى عقوبة تصل إلى 175 عام في السجن في حال تسليمه، ويبقى أن 17 من هذه التهم وجهت لأسانج مباشرة بعد دخوله الحجز البريطاني.

في البداية، كانت التهمة الوحيدة ضد أسانج هي التآمر مع مانينغ لتجاوز كلمة المرور واختراق النظام المعلوماتي في البنتاغون، والتي تصل عقوبتها إلى 5 سنوات. لكن من الواضح أن الحكومة الأمريكية ليس لديها أدلة كافية على أن أسانج تواطأ مع مانينغ من أجل اختراق الخوادم الأمريكية، خصوصا وأن مانينغ سبق وقالت إنها تصرفت بشكل فردي من أجل الحصول على الوثائق وتسليمها إلى “ويكيليكس”.

وكانت حكومة الولايات المتحدة تسعى إلى إحضار أسانج إلى الولايات المتحدة قصد محاكمته بموجب قانون التجسس نظير حصوله على معلومات سرية ونشرها – بعبارة أخرى، بسبب عمله كصحفي استقصائي.

“مدار” والعديد من المنصات الإعلامية، أن اعتبروا في بيان، أن الاضطهاد الذي تعرض له مؤسس موقع “ويكيليكس” هو “اعتداء أساسي على الصحافة وحرية الصحافة وحرية التعبير”، وبأن “حرية الصحافة ستبقى شعارا أجوف” طالما استمرت ملاحقته.

وسبق أن كشفت تحقيقات صحفية نشرت في 2021، أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية خططت لاختطاف واغتيال أسانج، كما تعرض للمراقبة والعزل والمضايقة المنهجية.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة