تقرير يكشف الفظاعات التي حصلت عند سقوط مخيم زمزم للاجئين في يد قوات الدعم السريع

مشاركة المقال

Share on facebook
Share on twitter
Share on email

مدار: 18 كانون الأول/ أكتوبر 2025

كشف تقرير صدر اليوم عن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والذي يستند إلى شهادات 155 ناجياً وشاهداً، تفاصيل مروعة عن ما حدث بين 11 و13 نيسان/أبريل الماضي، عند سقوط مخيم “زمزم” للنازحين في شمال دارفور السودانية، في يد قوات الدعم السريع، واصفاً إياه بنمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة التي قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في ظل غياب كامل لأي “ملاذ آمن”.

وقد أودى هذا الهجوم المروع بحياة 1,013 مدنياً على الأقل، تلا فرض قوات الدعم السريع طوقاً خانقاً على المخيم، مانعةً دخول الغذاء والدواء والوقود، من خلال اتباع استراتيجية “تجويع” دفعت السكان إلى استهلاك أعلاف الحيوانات، بما فيها قشور الفول السوداني.

كما جرى إعدام ما لا يقل عن 26 تاجراً ونازحاً حاولوا تهريب الطعام ليلاً على ظهور الدواب، وتُركت جثثهم على الطريق كرسالة ترهيب، مما يؤكد نية مبيتة تتجاوز السيطرة العسكرية إلى كسر إرادة الحاضنة الاجتماعية للسكان، الذين ينحدر معظمهم من قبيلة الزغاوة، التي يُنظر إليها كحاضنة للقوة المشتركة والحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني.

وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان: “إن مثل هذا القتل المتعمد للمدنيين أو الأشخاص غير مشارك في الأعمال العدائية قد يشكل القتل كجريمة حرب”. وأضاف: “يجب إجراء تحقيق نزيه وشامل وفعال في الهجوم على مخيم زمزم للنازحين، ويجب معاقبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي”.
وخلال أيام الهجوم الثلاثة انسحبت “القوة المشتركة” (المتحالفة مع الجيش) بحلول صباح 12 نيسان/أبريل، بينما استمر الهجوم بضراوة أشد، مما أسقط “الضرورة العسكرية” حيث حدث استهداف المدنيين لذاتهم. 

وفي هذا السياق، وثق التقرير الأممي إعدام 319 شخصاً بشكل ميداني وموجز.

ونفّذت قوات الدعم السريع عمليات “تفتيش وتمشيط” دقيقة للمنازل، حيث كان المسلحون يبحثون عن ضحاياهم بناءً على الانتماء القبلي أو “القرابة” المفترضة مع مقاتلي الحركات المسلحة. 

وتروي إحدى الشهادات كيف أدخل مقاتلون بنادقهم عبر ثقوب نافذة غرفة لجأ إليها رجال للاحتماء، وقتلوا ثمانية منهم بدم بارد.

وفي حادثة أخرى في قرية “سلوما”، تم فصل الرجال عن النساء، واختيار شباب تتراوح أعمارهم بين 10 و15 عاماً لإعدامهم جماعياً لـ”إضعاف المعنويات”.

وتقول الوثيقة إن عمليات القتل طالت كبار السن داخل المساجد (7 قتلى في مسجد جافالو) والمدارس القرآنية، وحتى العاملين في المجال الطبي، حيث تمت تصفية 9 من الكوادر الطبية داخل مركز الرعاية الصحية بعد اتهامهم بعلاج “الأعداء”. 


ويوثق التقرير كيف تم استخدام العنف الجنسي كسلاح في الحرب، إذ رصد المكتب الأممي 66 حادثة عنف جنسي طالت 104 ضحايا، بينهم فتيات وأطفال ذكور، والأغلبية الساحقة من نساء الزغاوة.

وقد تمت العديد من عمليات الاغتصاب أمام أفراد الأسرة، وغالباً ما قُتل الرجال الذين حاولوا الدفاع عن نسائهم. 

وكان المسلحون يبحثون عن زوجات قادة القوات المشتركة بالاسم (نساء القيادات)، ووقع اغتصاب 17 امرأة بشكل جماعي بعد احتجازهن في منزل واحد لثلاثة أيام، في حادث مروع يهدف إلى “الإذلال” وبث الرعب الدائم.

وعندما قرر مئات الآلاف الفرار، وجدوا أن طرق النجاة المفترضة (خاصة الطريق إلى “طويلة”) قد تحولت إلى ممرات للموت والابتزاز، حيث نصبت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها أكثر من 20 حاجزاً تفتيشياً.

وفي هذه النقاط، تم تجريد النازحين من ممتلكاتهم القليلة، وخضعت النساء لعمليات تفتيش مهينة وتجريد من الملابس، واختُطف العشرات من الشباب والرجال الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً. 

“تتطابق هذه الأنماط المروعة من الانتهاكات التي ارتُكبت في ظل إفلات من العقاب مع ما وثّقه مكتبي مرارًا وتكرارًا، بما في ذلك خلال استيلاء قوات الدعم السريع على الفاشر في أواخر تشرين الأول/أكتوبر”، قال تورك.

ويشير التقرير إلى أن الهوية الإثنية حددت مسارات الهروب، حيث اضطر الزغاوة للفرار نحو تشاد، بينما تشتتت القبائل الأخرى نحو مناطق سيطرة ذويهم، مما يعزز فرضية “الفرز الإثني” القسري للسكان في دارفور.

ويخلص التقرير إلى أن المخيم أصبح أثراً بعد عين، حيث طال الدمار 1.7 كيلومتر مربع من البنية التحتية، بما في ذلك السوق الرئيسي والمرافق المائية التي دُمرت عمداً. 

وحسب الوثيقة، فإن مكتب حقوق الإنسان يرى “أسباباً معقولة للاعتقاد” بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وصرّح المفوض السامي: “إن هذه النتائج الواردة في هذا التقرير تُذكّرنا مجدداً بضرورة التحرك الفوري لإنهاء دوامة الفظائع والعنف، وضمان المساءلة والتعويضات للضحايا. لا يجوز للعالم أن يقف مكتوف الأيدي بينما تتجذر هذه القسوة يوما بعد يوم في السودان. يجب على جميع الدول، ولا سيما تلك التي لها نفوذ على الوضع الراهن، بذل قصارى جهدها لمنع ارتكاب الفظائع”.

مشاركة المقال

Share on facebook
Share on twitter
Share on email

مقالات ذات صلة