مدار + مواقع: 23 حزيران/ يونيو 2021
يعاني حزب الشعوب الديمقراطي التركي من تضييق كبير وصل إلى حدود الدعوة إلى حله، ما جعل توالي الاعتداءات على أعضائه مسألة وقت، وهو ما تجلى في الأيام الماضية من خلال الاعتداء الذي تعرض له مقر التنظيم في أزمير، والذي أدى إلى وفاة إحدى الموظفات فيه.
وشهد الحزب اليساري محاولات لتدميره من قبل النظام في تركيا، وبالخصوص بعد الأحداث التي واكبت ما سميت “المحاولة الانقلابية على الرئيس أردوغان”، إذ جرى إسقاط عضوية البرلمان عن قرابة 15 نائبا لـ”حزب الشعوب” منذ ذلك الحين، كما تم مؤخرا إسقاط العضوية البرلمانية عن النائب فاروق جرجالي أوغلو، بسبب صدور حكم قضائي في حقه بالحبس بسبب تغريدة اعتبرت بمثابة دعم لتنظيم “حزب العمال الكردستاني”.
لقد استغل النظام التركي ورقة تصنيف حزب العمال الكردستاني ضمن التنظيمات الإرهابية من أجل تصفية قيادات وأعضاء حزب الشعوب، وهذا ما تجلى من خلال الدعوة إلى حل التنظيم بسبب مواقفه المؤيدة للأكراد؛ كما تضم لائحة الاتهام المطالبة بفرض حظر سياسي على نحو 500 عضو فيه بدعوى الارتباط السياسي بالحزب الكردستاني.
ولم تعد قضية حل “حزب الشعوب” مجرد مطلب يتداوله سياسيون من أجل إضعاف الطرف الآخر، بل تحولت إلى أمر واقع بعد مصادقة المحكمة الدستورية العليا في البلاد، الإثنين الماضي، على لائحة الاتهام التي قدمها المدعي العام، بكير شاهين، قبل أشهر.
وفي تغطية وسائل الإعلام للدعوة تناولت أن القضية تتألف من قرابة 850 صفحة، بعد أن كانت في المرة الأولى قبل أشهر تبلغ 609 صفحات.
وتجدر الإشارة إلى أن مصادقة المحكمة الدستورية على اللائحة حسب القانون التركي لا تعني أن حل الحزب بالكامل سيكون قريبا، بل هناك خطوات لاحقة يجب أن يسلكها القضاء في البلاد، وسيكون لـ”حزب الشعوب” دور فيها، إذ سيطلب منه في الأيام المقبلة الدفاع المسبق، على أن يتم التوجه في ما بعد إلى التصويت على القرار النهائي.
وبموجب الدستور التركي فإن قرار إغلاق حزب سياسي يحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء المحكمة الدستورية المكونة من 15 عضوا، وبالتالي فإنه في حال حضور كافة أعضاء المحكمة يتوجب تصويت 10 من أعضائها على القرار، أو ثلثي عدد الحاضرين.
أحداث اعتداء إزمير
شهد الأسبوع الماضي حلقة من حلقات الاعتداءات المتكررة التي يتعرض لها حزب الشعوب ومقراته، وهذه المرة جاء الدور على مقره في أزمير.
وحسب بيان صادر عن حزب الشعوب الديمقراطي فقد كان وراء الاعتداء مسلح قام باقتحام مبنى الحزب المكون من 7 طوابق في أزمير، قبل أن يقوم بإضرام النار فيه ويطلق النار بواسطة بندقية في الشوارع المحيطة.
وأسفر الهجوم عن مقتل موظفة تعمل في مقر الحزب، الذي اعتبر أن هذه الهجومات والتضييق والاعتداءات المتكررة عليه لن تزيده إلا ارتباطا وتمسكا بأفكاره ومبادئه.
ولاقى الحادث تضامنا واسعا. ومن ضمن الداعمين كان حزب العمال التونسي، الذي وصف من خلال بيان له الواقعة بأنها “اعتداء إجرامي جبان راحت ضحيته موظفة في مقر حزب الشعوب”.
كما عبر البيان عن التضامن مع الحزب اليساري التركي في وجه الاعتداءات المتكررة التي يلاقيها من قبل نظام أردوغان، “الذي يسعى إلى استعادة الماضي الإمبراطوري”، وفق التعبير الوارد فيه.
وفي الوقت نفسه دعا حزب العمال التونسي كل القوى الديمقراطية في المنطقة وفي العالم إلى شد أزر الشعوب التركية والقوى التقدمية التي تتعرض للاستهداف والقمع بإيقاف أعداد كبيرة من المعارضين وطردهم من الشغل والدراسة، والتنكيل بكل القوى والأحزاب المناهضة للاستبداد، ومنها “حزب الشعوب الديمقراطي” الذي تعمل السلط على حله، كما يتعرض قادته ومناضلوه لشتى أشكال التضييق والقمع.