انتخابات تاريخية في غانا: التصويت من أجل التغيير

مشاركة المقال

مدار+ بيبلز ديسباتسش: 17 كانون الأول/ ديسمبر 2024

نيكولاس موانغي

أعلنت اللجنة الانتخابية في غانا يوم التاسع من كانون الأول/ ديسمبر أن الرئيس السابق وزعيم المعارضة جون دراماني ماهاما هو الفائز في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في السابع من هذا الشهر، بعد أن حصل على 56.55٪ من الأصوات، وفقا للنتائج الأولية. 

وشكلت الانتخابات عودة سياسية للزعيم البالغ من العمر 66 عاما، والذي شغل منصب رئيس غانا من 2012 إلى 2016. واعترف منافسه، نائب الرئيس الحالي محمدو باوميا، بالهزيمة يوم الأحد ، مما وضع حدا لحكم الحزب الوطني الجديد (NPP) الذي استمر ثماني سنوات في عهدة الرئيس نانا أكوفو أدو. 

ويمكن أن تمثل نتائج الانتخابات تحولا في السياسة بغانا، والتي يطغى عليها اليوم الوضع الاقتصادي المتردي.

ويعتقد العديد من المحللين أن الهزيمة الانتخابية للحزب الوطني الجديد كانت نتيجة مباشرة للأزمة الاقتصادية العميقة التي تكشفت في ظل حكمه.

ومن أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجه غانا هي التخلف عن سداد الديون بشكل كارثي، مما أثر بشدة على الطبقة الوسطى والمتقاعدين، وترك العديد من المواطنين في حالة من اليأس المالي، بينما يتحمل الشباب، الذين يواجهون بالفعل شبح غياب فرص العمل، العبء الأكبر من السياسات الحكومية التي أعطت الأولوية للاقتراض المفرط والضرائب. 

وسط هذه الأزمة، سعت حكومة نانا أدو إلى الحصول على خطة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي من صندوق النقد الدولي، وهي ثاني خطة إنقاذ من نوعها في غضون ثلاث سنوات فقط. وقد تم توقيع اتفاقية الإنقاذ أخيرا في أيار/ مايو 2023.

في نهاية عام 2022، تضخم الدين العام لغانا إلى 63.3 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 88.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وقد استهلك عبء الديون المتصاعد ما يتراوح بين 70 و100٪ من الإيرادات الحكومية، ولم يترك سوى القليل من الحيز المالي لتدابير التنمية أو الإعانات. كما خسرت العملة المحلية الغانية (السيدي) أكثر من نصف قيمتها مقابل الدولار الأمريكي.

في خضم ذلك، لم تقدم الحكومة أي حلول للظروف الاقتصادية التي يواجهها السكان. وخلال السنوات العديدة الماضية، ارتفع التضخم إلى مستويات غير مسبوقة، بعد أن وصل إلى 54.1٪ في أيلول/ ديسمبر 2022. وتفاقم ضغط التضخم بسبب الارتفاع الصاروخي في أسعار المواد الغذائية، والتي ارتفعت بنسبة مذهلة بلغت 122٪. ومن المتوقع الآن أن يرتفع معدل الفقر في غانا إلى 31.5٪ بحلول عام 2025.

كانت هذه الخلفية الاقتصادية عاملا رئيسيا مؤثرا في معنويات الناخبين مما دفعهم نحو السعي إلى تغيير القيادة. 

هذا وكان حجم الهزيمة مذهلا، إذ خسر نائب الرئيس بنحو 1.7 مليون صوت، وعانى الحزب من انهيار برلماني هائل، إذ حصلت المعارضة على أغلبية بأكثر من الثلثين، مما يمنحها السيطرة على التشريعات دون معارضة كبيرة. ويأمل الغانيون في التغيير متوقعين من إدارة ماهاما القادمة الدخول في حقبة جديدة من الاستقرار والتقدم.

ومع توجه البلاد إلى صناديق الاقتراع  قدمت الحركة الاشتراكية في غانا (SMG) صورة حول سير العملية الانتخابية. وحث الأمين العام لهذه المنظمة، كويسي برات، الغانيين على النظر إلى التصويت على أنه مكسب تم تحقيقه بشق الأنفس بعد قرون من النضال في سبيل سلطة شعبية لكنه حذر من التعامل مع الانتخابات على أنها غاية في حد ذاتها.

وجاء في بيان الحركة الاشتراكية في غانا: “التصويت وحده لا يمكن أن ينهي المصاعب والعجز والصراع الذي نعيشه يوميا”، مشددة على الحاجة إلى بذل جهود متواصلة لتوسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار والدفاع عن نزاهة العملية الانتخابية، كما دعت إلى المهنية والحياد من جانب مؤسسات الدولة، بما في ذلك اللجنة الانتخابية والشرطة والقضاء، لضمان إجراء انتخابات شفافة وذات مصداقية.

كما شكلت الانتخابات لحظة تاريخية أخرى مع انتخاب أول امرأة نائبة لرئيس غانا، نانا جين أوبوكو-أغيمانغ. وجرى الترحيب بفوزها، الذي اعتبرته الرابطة النسائية للحركة الاشتراكية في غانا خطوة إلى الأمام للقيادة النسائية في البلاد. وفي بيان تهنئة، ذكرت الرابطة التحديات المنهجية التي واجهتها النساء الغانيات في ظل الإدارة السابقة، بما في ذلك السياسات التي فرضت ضرائب على المنتجات الصحية كسلع باهظة والقرارات التي أثرت سلبا على صحة المرأة ورفاهها. وأعربت الرابطة عن أملها في أن تدافع قيادة أوبوكو-أغيمانغ عن السياسات التي تلبي الاحتياجات الفريدة لنساء الطبقة العاملة وتعزز الإجراءات المندمجة.

ويبدو أن عودة ماهاما إلى الرئاسة جددت الآمال والتوقعات، ولكن لا تزال هناك تحديات كبيرة في المستقبل. وبينما يستعد لتولي منصبه، ستنصب الأضواء على قدرة إدارته على معالجة المشاكل الاقتصادية في غانا، والحد من البطالة، وتنفيذ السياسات التي من شأنها تعزيز العدالة الاجتماعية؛ وقد كشف الآن النقاب عن برنامجه الرئاسي، والذي يتضمن أجندة لأول 120 يوما له في منصبه. ومن بين المجالات الرئيسية لما يسميه العقد الاجتماعي مع شعب غانا خطط لحوار وطني لمناقشة الوضع الحقيقي لاقتصاد غانا وإعداد برنامج ضبط مالي محلي لتوجيه الميزانية. كما أنه يعتزم إلغاء الضرائب الصارمة مثل الضريبة الإلكترونية للتخفيف من المصاعب وتخفيف التكلفة المرتفعة لممارسة الأعمال التجارية والتعليم من بين أمور أخرى أثارت حماسة الغانيين.

وأظهرت انتخابات غانا مرة أخرى مرونة المشاركة السياسية لشعبها. ومع ذلك، وكما أوضح بيان ما قبل الانتخابات الصادر عن الـ “SMG”، فإن العمل على بناء مجتمع عادل ومنصف يمتد إلى ما هو أبعد من صناديق الاقتراع. ويظل النضال من أجل السلطة الشعبية، وتوسيع الرقابة الشعبية، والتحول الاجتماعي الحقيقي نضالا مستمرا يتطلب اليقظة والمشاركة النشطة من الغانيين.

نيكولاس موانغي عضو في مكتبة أوكومبوزي في كينيا.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة